عواصم - (وكالات): على وقع التظاهرات والاحتجاجات المطالبة بالإصلاح والتغيير، التي تشهدها مختلف المدن العراقية، تستمر اجتماعات الكتل السياسية من أجل التوصل إلى اتفاق تولد بموجبه حكومة الكفاءات أو التكنوقراط التي يبشر بها رئيس الوزراء حيدر العبادي منذ أسابيع، فيما تظاهر عشرات آلاف من أبناء التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، عند مدخل المنطقة الخضراء وسط بغداد لمطالبة الحكومة بإصلاحات تشمل تغيير مسؤولين.
وفي خطوة استباقية، استقبل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم في منزله رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس البرلمان سليم الجبوري، وأعلن المجتمعون تأييدهم الخطوات التي سيقدم عليها العبادي في الأيام المقبلة، التي تشمل حزمة إصلاحات عاجلة، من بينها تقليص المقاعد الوزارية.
ورغم بيان الرئاسيات الثلاث المؤيد للإصلاح، فقد حشد التيار الصدري الآلاف من أنصاره في بغداد ومدن أخرى، كما انتشرت مجاميع مسلحة من سرايا السلام التابعة للتيار الصدري مساء الخميس من أجل تأمين المظاهرات اليوم الجمعة أمام المنطقة الخضراء.
وحسب تسريبات من مصادر برلمانية، فإن عدد الوزراء سيتم تقليصهم إلى 16 وزيراً، تتم تسميتهم وفقاً للكفاءة والاستحقاق الانتخابي، إلا أن كتلاً سياسية تبدي تحفظاتها على الخطوة لأسباب عدة.
النائب عن التحالف الوطني حبيب الطرفي قال إن «اجتماعات الكتل السياسية ستستمر لتفعيل الإصلاحات ووضع إستراتيجيات وخطط للتعامل مع المستجدات السياسية والأمنية».
وأكد أن العراق بحاجة إلى حكومة قائمة على الكفاءة لتقديم إنجاز ملموس على أرض الواقع، مضيفاً أنه لا يتمنى أن تكون الحكومة القادمة مبنية على المحاصّة، لأنها كانت «وبالاً» على العراق.
وشدد الطرفي على أن العراق بحاجة ماسة لإنشاء حكومة وكذلك كتل سياسية عابرة للطائفية لوضع العراق على الطريق الصحيح، داعياً السياسيين لأن يتعاملوا مع احتجاجات الشارع بشكل أكثر إيجابية من أجل تجنيب الوضع مزيداً من التدهور.
من جانبها، توقعت النائبة عن التحالف الكردستاني نجيبة نجيب ألا تكون التغييرات الحكومية المرتقبة كبيرة كما يصورها البعض، مشيرة إلى أن العراق يحتاج إلى إرادة جادة في اتخاذ القرارات وبرامج حقيقية وزرع للثقة بين الأطراف السياسية، وهذا كله -بحسب نجيب- غير موجود حالياً.
وأضافت أن هناك تفرداً في اتخاذ القرار بيد رئيس الوزراء، حتى أن وزراء الدفاع والتجارة والمالية على سبيل المثال ليست لديهم حتى الآن الحرية الكاملة في اتخاذ القرارات.
وأوضحت نجيب أن الأكراد يعانون من انعدام التفاهم مع الحكومة الاتحادية التي تطالبهم بواجباتهم تجاه المركز دون أن تمنحهم حقوقهم. وتابعت «لقد دعمت الكتل الكردية العبادي وتنازلت عن حقائب وزارية ومناصب ومواقع في الحكومة، لكن الوضع لم يتغير بل سار نحو الأسوأ».
في المقابل، رأى الكاتب والمحلل السياسي حيدر الكرخي أن التعويل على النقمة الشعبية المتصاعدة تجاه الأداء الحكومي لا يكفي للاعتقاد بأن إصلاحاً حقيقياً سيحدث.
وأضاف أن هذه التظاهرات يمكن أن تحقق نتائج محدودة، مشيراً إلى أن أي تغيير حقيقي في العراق لا يتم دون توافقات «أمريكية إيرانية خليجية تركية».
وتوقع الكرخي أن العبادي لن يقوم بأكثر من عملية إعادة تدوير وجوه بين الوزراء، حيث ستضم حكومته المقبلة معظم الوجوه القديمة مع تغييرات طفيفة، وحتى إن استطاع العبادي أن يتجاوز البرلمان في تشكيلته الجديدة فإنه سيعود مضطراً إليه من أجل نيل الثقة في الحكومة الجديدة وفقاً للدستور العراقي.
وشدد على أن زعماء الكتل السياسية لن يسمحوا للعبادي بأن يتجاوزهم دون توافق، لذا فلن يتمكن من إجراء تغيير جذري إلا بالتنسيق معهم.
وتظاهر عشرات آلاف من أبناء التيار الصدري الذي يتزعمه الصدر، عند مدخل المنطقة الخضراء وسط بغداد لمطالبة الحكومة بإصلاحات تشمل تغيير مسؤولين.
ورغم الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها القوات الأمنية وتضمنت انتشاراً أمنياً واسعاً وغلق طرق وجسور رئيسية تؤدي إلى المنطقة الخضراء، توافد عشرات آلاف المتظاهرين على الأقدام تلبية لدعوة الصدر.
وحملت غالبية المتظاهرين الذين احتشدوا عند أحد المداخل الرئيسية للمنطقة الخضراء أعلاماً عراقية ورددوا هتافات بينها «كلا كلا للفساد نعم نعم للعراق». وفي المنطقة الخضراء، الشديدة التحصين، المقر الرئيسي للحكومة العراقية وسفارات دول أجنبية بينها الأمريكية والبريطانية.
وقال الصدر في كلمة مسجلة بثت خلال التظاهرة «أدعو كل الأطراف السياسية لاسيما البرلمانيين، إلى التحاور مع الشعب وممثليه لإزاحة هذا الكابوس، أعني حكومة الفساد».
وأضاف أن الحكومة «فشلت فشلاً ذريعاً في ترميم الوضع برمته» وتابع «لابد من إعطاء فرصة لأناس أكفاء مختصين وأن يتنحى كل الذين أوصلوا العراق إلى الهاوية».
كما طالب بإصلاح حقيقي قائلاً «لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن نزيح فاسداً ونأتي بآخر».
وفي تظاهرات مماثلة، خرج آلاف من أبناء التيار في مدن أخرى بينها الحلة والنجف والكوت، جميعها جنوب بغداد، تأييداً لهذه المطالب.
وتشهد المدن العراقية تظاهرات للمطالبة بإجراء إصلاحات ومعالجة البطالة ومحاربة الفساد وتحسين جميع قطاعات الخدمات في البلاد خصوصاً الكهرباء.
من جهته، طالب رئيس الوزراء حيدر العبادي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الكتل السياسية بإجراء إصلاحات بشكل دستوري.
970x90
970x90