أكد المدير التنفيذي لمعهد البحرين للتنمية السياسية د.ياسر العلوي أن المجالس البلدية تشكل أحد روافد المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، التي تلعب دوراً مؤثراً في تعزيز مسيرة النهضة الحضارية والتنموية في المملكة، فضلاً عن كونها صورة من صور المشاركة الشعبية في صنع القرار التي ترسخت في ظل العهد الزاهر لجلالته.
وقال، خلال ورشة عمل نظمها المعهد بعنوان «العلاقة بين المجالس البلدية والمجلس الوطني» بمشاركة عدد من أعضاء المجالس البلدية وأمانة العاصمة، ضمن برنامج «مهارات بلدية للمجالس البلدية»،إن تجربة العمل البلدي تكتسب أهميتها من طبيعة المهام والاختصاصات المناطة بها والتي ترتبط بشكل مباشر بخدمة ورفاهية المواطنين، باعتبارها حلقة الوصل الأكثر التصاقاً واحتكاكاً بالمواطنين، والأكثر قدرة على معرفة احتياجاتهم ومتطلباتهم من برامج ومشروعات التنمية في مناطقهم ورفعها إلى الحكومة لتضمينها في برامجها المختلفة.
وشملت أهم محاور الورشة، التي قدمها أستاذ القانون بجامعة البحرين د.مروان المدرس تعريف اختصاصات المجالس البلدية مع مقارنتها مع اختصاصات البرلمان، وعوامل التقارب والتباعد بين اختصاصات المجالس البلدية والبرلمان، كيفية التغلب على مشكلة تضارب الاختصاصات بين عضو المجلس البلدي وعضو البرلمان.
وأشار د.العلوي إلى أن تكامل عمل السلطات في الدولة من شأنه ترسيخ النهج الديمقراطي ودفع المسيرة التنموية لتحقيق معدلات أعلى من التقدم والإنجاز.
وأكد أن تعزيز التعاون بين السلطة التشريعية والمجالس البلدية وتعزيز آليات التواصل فيما بينهما للإطلاع على المشاريع التنموية ومشاريع القوانين التي تقع ضمن اختصاصاتهم المنوطة بهم، يمكنه أن يضاعف المخرجات الإيجابية للعمل التشريعي والبلدي معاً تحقيقاً للأهداف والبرامج التنموية.
ونوه إلى أن ورشة العمل التي ينظمها المعهد تأتي بهدف إلقاء الضوء على أهمية تعزيز التعاون والتكامل بين عمل السلطة التشريعية والمجالس البلدية من خلال تنمية ثقافة العضو البلدي باختصاصات المجالس البلدية اختصاصات البرلمان، وآليات التعاون فيما بينهما، ورفع مهارته في تفسير وصياغة القرار الإداري، وتمكين عضو المجلس البلدي من الاستخدام الصحيح لاختصاصات المجلس.
من جانب آخر، استعرضت الورشة مهام المجلس البلدي وفق ما وردت في دستور المملكة وتعديلاته، وأكدت أنها ذات طابع خدمي بخلاف مهام المجلس الوطني (البرلمان)، الذي يتولى مهمة التشريع ومراقبة أعمال الحكومة من خلال الأدوات الدستورية التي نص عليها الدستور. وأوضحت أن وظائف المجلس الوطني تتضمن الوظائف التشريعية والسياسية (الرقابية) والمالية، بينما المجالس البلدية تتولى القيام بالمهام ذات الطابع المحلي التي هي بالأساس من اختصاص السلطة المركزية (التنفيذية).
وأكدت الورشة أن العلاقة بين المجالس البلدية والمجلس الوطني يحكمها دستور مملكة البحرين، وأن من شأن التكامل والتعاون بين الجهتين أن يسهم في تطوير البنية التحتية للمناطق واستثمار الموارد البلدية بالصورة الافضل، وجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتوفير فرص العمل للشباب، وتنشيط السياحة، وتوفير الخدمة والرفاهية للمواطن والمقيم وغيرها من النتائج الإيجابية الأخرى.
ولفتت الورشة إلى أن التنسيق بين العضو البلدي وأعضاء المجلس الوطني يجري من خلال تفعيل الادوات القانونية التي يملكها عضو المجلس الوطني، وعلى رأسها تفعيل الأدوات التشريعية كالحاجة إلى قانون جديد بأي مسألة تمس العمل البلدي، أو تعديل القوانين النافذة التي تعرقل العمل البلدي، أو إقرار أو عدم إقرار المراسيم بقوانين التي تصدرها السلطة التنفيذية التي تخص العمل البلدي.
وتناولت الورشة تفعيل الادوات السياسية (الرقابية) للمجلس الوطني كأحد أوجه التنسيق بين الجهتين، ومنها توجيه اسئلة او استجوابات للوزراء إذا كان هناك تصرف من السلطة التنفيذية قد عرقل العمل البلدي، وتشكيل لجان تحقيق لتحقيق بالأمور التي تمس العمل البلدي، وطرح موضوع عام للمناقشة لأمور تمس العمل البلدي.
وأشارت الورشة إلى تفعيل الأدوات المالية، كملمح ثالث من آليات التنسيق بين الجهتين، والذي يحقق أهداف حماية المال العام المملوك للبلدية، ويتيح مناقشة قانون الميزانية وخصوصاً الفقرات التي تتعلق بميزانية البلديات ويتم بالتنسيق مع المجالس البلدية، وكذلك التنسيق في مجال فرض الضرائب والرسوم التي تدعم العمل البلدي.
وشددت الورشة على أن النائب ممثل للشعب بأسره، وبالتالي فإن عضو المجلس البلدي لا يتقيد بالتنسيق مع النائب الذي يمثل دائرته، وإنما يستطيع التنسيق مع أي نائب أو عضو مجلس شورى.
وتطرقت إلى المشاكل التي تعرقل التعاون بين الجهتين، ومنها عدم فهم الطرفين لاختصاصاتهما، وتركيز بعض النواب على الجانب البلدي وتقديم الطلبات والرغبات والتي أنشأت ما يعرف بـ (نائب خدمات)، إضافة إلى قلة صلاحيات المجالس البلدية.
وأكدت الورشة أن عدم التعاون بين الجهتين يؤدي إلى هدر في المال العام من خلال عمل مشاريع لا تلبي الاحتياجات المحلية، أو تنفيذ مشاريع إسكانية تؤدي إلى حل مشكلة وخلق مشاكل أخرى، وعدم الاستفادة من الموارد المحلية، وانعدام الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى ازدياد المشاكل ذات الطابع المحلي إلى أن تصل لدرجة تهدد أمن وسلامة الدولة.
وطرحت الورشة أمام البلديين عدة خيارات لحل المشاكل بين الجهتين منها تعديل قانون البلديات من خلال التنسيق مع اعضاء المجلسين، واعادة النظر بآلية تقديم طلبات ورغبات مكتوبة (ما هي اقتراحك بالموضوع)، وكذلك تفعيل دور الجمعيات السياسية في هذا المجال ( إعادة النظر في البرامج الانتخابية للجمعيات)، وإلزام الجهتين بالاستعانة بمستشارين قانونيين، فضلاً عن زيادة الوعي والتثقيف للطرفين.
ويهدف معهد البحرين للتنمية السياسية في المقام الأول إلى نشر ثقافة الديمقراطية ودعم وترسيخ مفهوم المبادئ الديمقراطية السليمة، وقد تأسس بموجب المرسوم رقم (39) لسنة 2005 وهو يعمل على رفع مستوى الوعي السياسي والتنموي والنهوض بالمسيرة السياسية في البحرين، وزيادة المعرفة بين جميع أفراد المجتمع وتوعيتهم بالعمل السياسي وبحقوقهم وواجباتهم التي كفلها الدستور ونظمتها التشريعات ذات العلاقة.