محرر الشؤون المحلية
أكد نواب وشوريون وناشطات اجتماعيات عضوات في جمعيات نسائية أن مبادرة البحرين بإنشاء مكتب للتوفيق الأسري ثم إصدار مرسوم ملكي يؤكد إلزامية تسوية المنازعات والخلافات الأسرية من خلال المكتب قبل اللجوء للمحاكم يشكل خطوة واسعة على طريق استكمال منظومة التشريعات الخاصة باستقرار الأسرة البحرينية وحفظ كيان المجتمع.
واشاروا إلى أن اسم «مكتب التوفيق الأسري» يؤكد أن مهمته الأولى هي إحلال التوفيق والصلح بين الأزواج المتخاصمين، والحفاظ على كيان الأسر من التفكك وضمان مستقبل آمن للأطفال وحصر حالات الطلاق في أضيق نطاق، خاصة وأن العاملين في المكتب الذي جاء ثمرة تعاون بين المجلس الأعلى للمرأة والمجلس الأعلى للقضاء هم من ذوي الكفاءة والخبرة والاختصاص في هذا المجال، ويقدمون خدمات احترافية وإرشادات ونصائح مجانية.
ودعوا إلى إلزام المقبلين على الزواج باتباع دورة لدى مكتب التوفيق الأسري يتعرفن خلالها على حقوقهم وواجباتهم وآليات وسبل الحفاظ على تماسك مؤسسة الزواج.
ولفتوا إلى ضرورة المضي قدماً في تحقيق المزيد من الإنجازات على صعيد تعزيز استقرار وسلامة الأسرة البحرينية، عبر إصدار الشق الثاني من قانون الأسرة، وإنشاء محاكم خاصة للقضايا الأسرية.
من جانبه، أكد عضو لجنة حقوق الإنسان، وعضو اللجنة التنسيقية المشتركة بين المجلس الأعلى للمرأة ومجلس النواب النائب محمد المعرفي أن خطوة إنشاء مكتب للتوفيق الأسري في البحرين تصب في مصلحة تماسك الاسرة والمجتمع بشكل مباشر، ومن شأنها تقليل حالات الطلاق وتفكك الاسرة البحرينية وتبعات ذلك السلبية على الأطفال وعلى المجتمع نفسه، وقال «الطلاق بحد ذاته هو حالة عنف، ومن شأن مكتب التوفيق الاسري إتاحة الفرصة أمام الزوجين لتفهم بعضهما البعض والعدول عن الطلاق، خاصة وأننا نعلم أن وصول الزوجين المختلفين إلى المحاكم يعني أنها بلغا لمرحلة يصعب التراجع عنها».
واشار المعرفي إلى دور مكتب التوفيق الاسري في حمل جانب من العبء الملقى على المحاكم الشرعية عبر تخفيف عدد القضايا المعروضة عليها».
وأكد المعرفي استعداد مجلس النواب الكامل لتقييم تجربة مكتب التوفيق الأسري بشكل دائم بغرض تطويرها.
وقال إن كل مشروع جديد معرض لحدوث بعض النواقص هنا أو هناك، وأساس وجودنا في مجلس النواب هو استكشاف هذه النواقص وسدها عبر التشريعات المناسبة.
وأوضح أن لجان مجلس النواب تجري دراسة مستفيضة لكل مشروع بقانون، وتطلب مرئيات مختلف الجهات ذات الصلة وعلى رأسها المجلس الأعلى للمرأة والمجلس الأعلى للقضاء فيما يتعلق بمكتب التوفيق الأسري»، كما أكد أهمية اتخاذ الإجراءات والقرارات المناسبة لتدارك أي ثغرات تطبيقية.
وفي السياق ذاته، أكدت رئيسة لجنة المرأة والطفل في مجلس الشورى هالة رمزي أن وجود مكتب التوفيق الأسري في البحرين يتوج جهود المجلس الأعلى للمرأة ومختلف الجهود الأخرى الساعية دائماً إلى تكريس استقرار الأسرة البحرينية، لافتة إلى ضرورة تطوير هذه التجربة لتحقيق الغايات القصوى المرجوة منها.
وأشارت رمزي أن صدور المرسوم بقانون رقم (22) لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات أمام المحاكم الشرعية إنما يأتي لمواكبة تطور احتياجات المجتمع البحريني ويتوِّج الجهود التي بذلها المجلس الأعلى للمرأة على صعيد استكمال منظومة التشريعات الخاصة بالأسرة، مشددة على استعداد السلطة التشريعة الدائم للتعاون مع المجلس الأعلى للمرأة في كل ما من شأنه تحقيق أهداف المجلس الرامية إلى تمكين ودعم المرأة والأسرة البحرينية بشكل عام.
وأوضحت أن المرسوم الملكي الذي ألزم المتخاصمين في القضايا الأسرية باللجوء لمكتب التوفيق الأسري قبل عرض قضيتهم على المحكمة المختصة إنما جاء بعد إطلاق المكتب بنحو سنتين، وهذه فترة كافية لأجل تبلور هذه التجربة واتضاح آفاقها وتشكيل خبرات ومعارف القائمين عليها، وبما يضمن نجاحها إلى أبعد حد.
وكشفت رمزي أنها بصدد التقدم بمقترح بقانون في مجلس النواب ينص على اتباع المقبلين على الزواج لدورات توعية بأهمية مؤسسة الأسرة وكيفية إدارتها، لافتة إلى أن المقترح أن تكون هذه الدورات ستكون «شبه إلزامية».
بدورها، أشادت عضو مجلس الشورى، نائبة رئيسة جمعية سيدات الأعمال البحرينية، فاطمة الكوهجي، بضم مكتب التوفيق الأسري لعدد كافٍ من الأخصائيين القانونيين والاجتماعيين والنفسيين.
وقالت إنه من يزور مكتب التوفيق الأسري يلمس أن القائمين على المكتب والعاملين فيه يتمتعون بنظرة مستقبلية ثاقبة، ورحابة صدر كبيرة، وأنهم على دراية كبيرة بالقوانين والقرارات والأعراف ذات الصلة بعملهم، ويتمتعون بأساليب ناجعة في التعامل، ولديهم حس عالٍ بالمسؤولية تجاه واجباتهم وتجاه المراجعين.
ووصفت المكتب بأنه واحة أمن وطمأنينة في مبنى المحكمة الذي يشهد عادة توتراً وخلافات وشكاوى ودعاوى، وقالت «معروف أن المحاكم لها رهبة، وتشعر بعدم الارتياح، لكن بمجرد دخول الشخص إلى مكتب التوفيق الأسري تزول مشاعره السلبية وتوتره، ويتحول من حالة غضب ويأس وقلق إلى حالة ارتياح وتفاؤل بفضل الطاقة الإيجابية التي يوفرها المكان، وهذا ضروري جداً قبل البدء بإجراءات التوفيق بين الزوجين المختلفين، حيث يشعر الأزواج أصحاب المشكلة بأنهم في مكان آمن نفسياً، ويصبحون لا شعورياً مهيئين بشكل كامل للاستماع وتفهم الطرف الآخر».
وأشارت الكوهجي إلى أنه من الميزات الفريدة التي يقدمها مكتب التوفيق الأسري هي أن خدماته التوجيهية والإرشادية يقدمها بشكل مجاني للبحرينيين ولغير البحرينيين أيضاً، فيما في دول أخرى نرى أن الناس يضطرون لدفع مبالغ ليست بالقليلة للحصول على الاستشارات الأسرية والنفسية، وهذا يدل على ريادة البحرين عبر المجلس الأعلى للمرأة في الحفاظ على المجتمع قوياً متماسكاً مستقراً.
من جانبه، أوضح المستشار القانوني في المجلس الأعلى للمرأة د.محمد المصري أن مسيرة مكتب التوفيق الأسري بدأت كخدمة اختيارية بالتعاون بين المجلس الأعلى للمرأة وكل من المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل والشؤون الإسلامية منذ تدشينه فبراير 2014، حيث كان المكتب يتلقى طلبات التسوية أوالصلح ويعمل على حلها تحقيقاً للتوافق الأسري لمقدمي الطلبات.
وأضاف أنه وبعد صدر المرسوم بقانون رقم (22) لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات أمام المحاكم الشرعية الذي كرس الزامية اللجوء إلى مكتب التوفيق الأسري، و صدور قرار وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف رقم (84) لسنة 2015، وبعد مرور فترة عمل تزيد عن تسعة أشهر من التعاون المستمر بين المجلس الأعلى للمرأة ووزارة العدل بهدف مساندة و تطوير خدمات مكتب التوفيق الأسري، تمكن كادر مركز دعم المرأة في المجلس من نقل المعرفة والمهارات إلى موظفي مكتب التوفيق الأسري في مختلف أمور الاستقبال والصلح والإرشاد، وبدأ المكتب بكافة موظفيه بالنهوض بمهامه.
وتابع أنه يمكن القول إنه رغم من العدد الكبير للحالات التي تحال للمكتب يومياً، فإن كادره ومتخصصيه استطاعوا بإمكانياتهم المتاحة من استقبال الكثير من هذه الحالات ومعالجتها إما صلحاً أو تسوية أو من خلال تحويلها للمحكمة الشرعية للنظر بها.
وأشار إلى أن المكتب يعمل بجدٍ ونشاط بالتعاون مع المجلس الأعلى للمرأة على تطوير عمله وسبل تقديم الخدمة للمراجعين وإعداد الوسائل الإرشادية والتوعوية للتعريف بالمكتب وبدوره وأهدافه والإجراءات المتبعة في تقديم الطلبات ومتابعتها، لكنه أضاف «بلا شك لا زالت التحديات قائمة، ولكن الآمال كبيرة والجهود تبذل من جميع الأطراف لكي يحقق مكتب التوفيق الأسري الأهداف المنوطة به».
وقال إنه إذا كانت الأسرة تعد الخلية الأساسية للمجتمع، ينمو ويزدهر باستقرارها، و أن الأسرة الآمنة هي الأسرة القادرة على المضي بأفرادها نحو التقدم والرفاه من مختلف الجوانب التعليمية والاقتصادية والاجتماعية،فعلينا إذن أن نكون على مستوى المسؤولية الوطنية وأن نتعاون جميعنا: هيئة المكتب، الأطراف، الوكلاء والمحامين في السعي المخلص والجاد نحو إنجاح هذه التجربة النوعية ومساندة عمل المكتب وتبني ثقافة التصالح والتسوية الودية واضعين نصب أعيننا تعزيز الترابط العائلي بما يضمن الاستقرار الأسري والمجتمعي».