عندما تسلم عنان قلبك للحب فأنت في الحقيقة تسير في حديقة فيها أزهار بلا أشواك وفيها أبواب بلا أقفال، تحلق عالياً في السماء إلى ما وراء السحاب، تبحر في البحار العميقة بلا خريطة، لا تعرف لمشاعرك حدود ولا لابتسامتك قيود ترى الوجوه متشابهة والأيادي متشابكة، تتذوق في الصمت طعم الراحة والأمان.
هناك الكثير من البشر في هذا العالم أرادوا العيش في وئام والتعايش في سلام لكنهم في الحقيقة قضوا معظم لياليهم ينذبون وفي خلواتهم يتألمون، لأنه نحن البشر نتكلم فقط عندما توصد أبواب السلام عن أفكارنا ويختفي السكون من قلوبنا، نتحول لنستولي على شفاهنا، فالصوت يلهينا ويسلينا وفي كلامنا تكاد أفكارنا تتفجر من الألم والكآبة، لأنها الفكرة هي طائر يمكنه أن يبسط جناحيه في قفص الألفاظ ولكنه لا يستطيع أن يطير في السماء، كما الكثير منا يفضل العيش في النور ويزرع حياته في سرور إلا عندما تختفي تلك الحديقة في الضباب وتقفل كل الأبواب فإنه لن تعرف عيناك جمال الأزهار ولن تقدر كلماتك على فتح الأبواب.
من يبعد نور المحبة عن قلبه تقصيه الحياة عن قلبها، لأنه أقرب الناس إلى القلب هم المحبون الذين ولدوا وفي أرواحهم نعمة من الملاء وفي جباههم بهاء من لمعان النجوم ، وأنه حقاً أولى الناس بالشفقة هم الذين يعيشون في حديقة ممدودة وآذانهم وصدورهم موصودة لا يعرفون معنى الألحان ولا سمعوا يوماً الأنغام .
لا تته وسلم نفسك إليه، إن كنت تبحث عن الطريق فانظر في داخلك وإن كنت تبحث عن المعنى فانظر إلى السماء، بعيداً حيث هناك الشمس تطوف عليها الكواكب، تزعم كل منا أنها البداية بقدر ما هي النهاية، غير آبهة بالمعنى الذي لا وجود لها دونه.
من هنا كانت الأفكار هي زمان ومكان صاحب الفكرة، فالزمان والمكان هما نمطان من أنماط الإلهام الذي لا ينفصل عن الإدراك، الزمان والمكان هما زمان ومكان الآخر ، فلا زمان ولا مكان للراصد . فكيف وأين تبحث عن الطريق بدونه؟ ومعنى الكلام أزلي أبدي خالد لا يتغير إلا ليتجوهر ولا يختفي إلا ليظهر بصورة أسمى، ولا ينام إلا ليحلم بيقظة أبهى.
قد نكون غير مدركين للأسباب، فإن البشر من حولنا تجد ألف طريقة لتفسير ذلك، وسوف تبقى مستمرة مع هذه العادة في حياتهم، لكن الإنسان الذي رأى النور يوماً في حياته وخطت الأحلام قصة حياته لا يستهويه كل ما فيها وكل ما في الأرض وكل ما سيأتي به الزمان لأنه سلم قلبه العنان.
علي العرادي
أخصائي تنمية بشرية