بروكسل - (أ ف ب): صعدت تركيا موقفها عبر مطالبة الأوروبيين المنقسمين حول كيفية مواجهة ازمة الهجرة، بثلاثة مليارات يورو إضافية للمساهمة في وقف تدفق المهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي والقبول بإعادة أعداد منهم إلى أراضيها.
وأظهر الأوروبيون، رغم تصميمهم على تشكيل جبهة مشتركة لحث الأتراك على احترام وعودهم بالنسبة لأزمة الهجرة، انقساماً مرة جديدة في صفوفهم خلال القمة الاستثنائية المنعقدة مع أنقرة في بروكسل.
أما تركيا فأبدت من جهتها تصميماً على إعطاء الأولوية لمصالحها. وأعلن متحدث باسم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو على هامش «غداء عمل» مع الأوروبيين أن تركيا قدمت «اقتراحاً جديداً».
وقال دبلوماسي أوروبي إن أنقرة باتت على استعداد لتسريع تطبيق إعادة مهاجرين إلى أراضيها والذي ينص على عودة المهاجرين لأسباب اقتصادية اعتباراً من 1 يونيو من أوروبا لكي تطردهم بدورها إلى دولهم.
وأعلن رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز أن تركيا طلبت من الاتحاد الأوروبي مساعدة إضافية بقيمة 3 مليارات يورو «من الآن حتى 2018»، ووعدت بالمقابل بزيادة تعاونها بشكل واسع للحد من تدفق اللاجئين.
وقال شولتز على هامش القمة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بعد أن أبدت أنقرة استعدادها للموافقة على إعادة مكثفة للمهاجرين، «إن هذا المبلغ الإضافي يتطلب إجراءات إضافية على مستوى الموازنة. والبرلمان الأوروبي مستعد لتسريع الإجراءات». وكان الاتحاد الأوروبي وافق على مساعدة تركيا بمبلغ 3 مليارات يورو لتمويل مشاريع لدمج اللاجئين السوريين الـ2.7 مليون الموجودين على أراضيها، عبر تأمين وظائف لهم أو اعتماد مناهج دراسية بالعربية للأطفال السوريين مثلاً في إطار خطة عمل مشتركة وقعت نهاية نوفمبر الماضي. لكن هذه الخطة لم تساهم بتراجع تدفق المهاجرين القادمين من تركيا إلى السواحل اليونانية. وقدمت أنقرة عدة مقترحات وتعهدت بأن تقبل اعتباراً من يونيو المقبل بإعادة المهاجرين لأسباب اقتصادية الذين سمحت لهم بالانتقال إلى أوروبا لتقوم بدورها بطردهم إلى بلدانهم. كما تأمل تركيا في الحصول اعتباراً من يونيو المقبل على نظام إلغاء تأشيرات دخول رعاياها إلى دول الاتحاد الأوروبي وبدء مفاوضات سريعاً حول فصول جديدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وسيلتقي داود أوغلو وممثلو الدول الأعضاء الـ28 على عشاء لبحث هذه المسالة وسط أجواء توتر على خلفية قرار السلطات التركية وضع صحيفة «زمان» المعارضة تحت حراسة قضائية وهو ما انتقده الاتحاد الأوروبي بشدة. وفيما كانت المحادثات مع الأتراك تتعقد، اندلع خلاف داخل الاتحاد الأوروبي حول مسألة إغلاق طريق البلقان أمام المهاجرين والتي سلكها السنة الماضية أكثر من 850 ألف مهاجر. وفي اللحظة الأخيرة أصر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على شطب أي إشارة إلى إغلاق طريق البلقان من مسودة البيان الختامي لقمة بروكسل كما قالت مصادر أوروبية. وقالت ميركل لدى وصولها إلى القمة التي تشارك فيها أنقرة «لا يمكن إغلاق أي شيء». وأضافت أن «المهم هو إيجاد حل دائم مع تركيا». وكانت مسودة البيان الختامي السابقة تشير إلى أن «التدفق غير المنتظم لمهاجرين غير شرعيين على طريق البلقان في الغرب وصل إلى نهايته. هذه الطريق باتت مغلقة الآن».
وشهدت طريق البلقان تدفقاً غير مسبوق العام الماضي عندما فتحت ميركل الأبواب أمام اللاجئين السوريين الصيف الماضي إلا أنها عادت وأغلقت حدود بلادها التي استقبلت مليون مهاجر بسبب تراجع شعبيتها. وبات عشرات آلاف المهاجرين الذين يريدون بلوغ ألمانيا والدول الإسكندنافية الثرية بأي ثمن عالقين في اليونان الغارقة في الديون بعد قرار عدة دول على طريق البلقان إغلاق حدودها. وكانت النمسا قررت فجأة الشهر الماضي فرض سقف على دخول المهاجرين إلى أراضيها ما أدى إلى قرارات مماثلة وفرض قيود على طول طريق البلقان. ويفترض أن يفرج الاتحاد الأوروبي بسرعة عن مساعدة غير مسبوقة تبلغ 700 مليون يورو على مدى 3 أعوام لمساعدة أثينا التي تواجه أزمة اقتصادية خطيرة، فضلاً عن تزويدها إمكانات فرض مراقبة أفضل على حدودها الخارجية عبر وكالة فرونتكس الأوروبية.