حالما تفرد شراعك وتبحر فتغوص في بحور ذاتك عميقاً بعيداً، تكون من الطريق إلى قلبك قد اقتربت فأمسكه بيدك واستشعر نبضاته لتسمع سكون حي وصمت ينبض بمصدر الحياة فتعرف بذلك حقاً من تكون. فمنذ أن زرت هذه الحياة ما تنزهت سوى على شواطئ وضفاف حياتك ولم تعرف لقلبك يوماً من سبيل.
سوف ترى طريقه بعدما يضاء قلبك لتتراءى أمامك مشاعر تداعب نسائمه لحظات بديعة ما عرفها من كان ينظر إلى العالم من خلف قناع يخفي به وجهه حتى لا يرى العالم بؤسه وفقره، فأولئك ينصبون لقلوبهم العداء يدخلون صراعاً مريراً مع قدراتهم فيزحفون نحو هاوية الهلاك، قد أزعجتهم تقلباته وتبدل أحواله، إنهم يبتغون للقلب بلادة وكسلاً. ولكن سلام النفس وصفاءها لن يكونا وليد قلب كسول بليد يوماً، هو سلام الوهم والحلم، سلام وليد إسكات القلب بالعنف والإجبار، فسلام القلب المريض ليس سوى موت يرتدي صاحبه قناع السلام. انزع القناع عن وجهك ولسوف ترى سكوت أسى المقابر ينوح في أطلال قلبك. إن مواجهة أهوال حياتك وتقلب أحوالها لهو أفضل وأرفع شأناً من سكوت المقابر هذا، ما من قلب يضاء جراء كبت وإجبار على السكوت، لأنه هو السلام شلال الصفاء الصامت ذلك الذي يولد وينمو بنفسه دون فرض ولا إجبار، هو ذلك السلام الوحيد القادر على حملك والتحليق بك عالياً حتى تتجاوز كل القمم.
علي العرادي اختصاصي تنمية بشرية