حسن الستري
أوصت لجنة التحقيق البرلمانية في واقعة تلحين القرآن الكريم بإحدى المدارس الخاصة، باتخاذ الإجراءات التأديبية ضد المسؤولين المقصرين بإدارة الخدمات الطلابية بوزارة التربية والتعليم وبالمدرسة المنظمة لعدم اتباع الإجراءات الواردة في دليل الإرشادات والاشتراطات للمشاركة في الفعاليات التربوية 2014 -2015.
وطالبت اللجنة في تقريرها الذي يناقشه المجلس الثلاثاء المقبل بإلزام الإدارات المدرسية واللجان المنظمة للمهرجانات والمسابقات والبرامج الثقافية بالتدقيق على الأعمال المشاركة قبل إرسالها إلى إدارة الخدمات الطلابية بوزارة التربية والتعليم، وإرفاق خطاب من الإدارات المدرسية واللجان المنظمة يؤيد فيه أنها قامت بتدقيق المشاركات ولم تجد فيها ما يتعارض مع القيم الدينية والتربوية، كما شددت على ضروروة إلزام الإدارات المدرسية بإرفاق ترجمة معتمدة لجميع النصوص الخاصة بالفعاليات والمهرجانات والمسابقات والبرامج الثقافية إذا كانت بلغة أجنبية، وعلى إدارة الخدمات الطلابية بوزارة التربية والتعليم التأكد من صحة النصوص وترجمتها.
وأكدت اللجنة أهمية إلزام إدارة الخدمات الطلابية والإدارات المدرسية الحكومية والخاصة بتطبيق الإجراءات الواردة في الدليل الخاص بتنفيذ وتنظيم البرامج والفعاليات الداخلية والخارجية، التزام الإدارات المدرسية المنظمة للفعاليات والمسابقات والأنشطة الثقافية بالإجراءات المنظمة كمؤشر من تقييم هيئة ضمان الجودة على المؤسسة التعليمية.
وطالبت تطوير دليل المسابقات التربوية المطبق حالياً، ليكون بصورة أكثر وضوحاً، مع إطلاع كافة إدارت المدارس والمختصين لمحتوى الدليل من خلال إقرارهم بالاطلاع عليه، مع أهمية نشر الوعي الديني في المدارس الحكومية والخاصة، وذلك بزيادة حصص التربية الإسلامية، وتخصيص حصص لحفظ القرآن الكريم، وعلم القراءات، وجعله ضمن المقررات الأساسية في جميع المراحل الدراسية.
ورأت اللجنة أهمية تعزيز الرقابة على الأنشطة والفعاليات التي تنظمها المدارس الحكومية والخاصة وكذلك في الطابور الصباحي، خصوصاً تلك الفعاليات والأنشطة المرتبطة بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وسير الصحابة والتابعين وغيرها من الجوانب المرتبطة بالهوية العربية الإسلامية للمجتمع البحريني، الالتزام بتوظيف معلمي الموسيقى من ذوي المؤهلات التربوية، مؤكدة في هذا الصدد ضرورة الرد على توصيات اللجنة في مدة أقصاها لا تتجاوز شهراً واحداً من تاريخ رفع التقرير إلى الحكومة.
وقالت اللجنة في تقريرها: من خلال ردود وزارة التربية والتعليم الواردة للجنة التحقيق البرلمانية في واقعة تلحين القرآن الكريم بإحدى المدارس الخاصة، ومن خلال اجتماعاتها مع وفود الوزارة المعنيين بموضوع التحقيق، توصلت اللجنة بشأن محور عملها وهو: «سلامة الإجراءات المتخذة بهذا الموضوع والإجراءات والضوابط التي تتبعها الوزارة لضمان عدم تكرار مثل هذه المخالفات» إلى أن دليل المسابقات التربوية الصادر عن إدارة الخدمات الطلابية (قسم الأنشطة الثقافية) حدد كافة إجراءات وشروط وضوابط تنظيم المسابقات والفعاليات، حيث يعد هذا الدليل الوثيقة التي يستند عليها في تنفيذ وتنظيم البرامج والفعاليات الداخلية والخارجية، وقد قامت إدارة الخدمات الطلابية بمنح الموافقة على إقامة المهرجان الذي حدثت فيه الواقعة موضوع التلحين على الرغم من عدم إرفاق تفاصيل المشاركات والنصوص الغنائية، مع طلب الموافقة على إقامة المهرجان، مما يعد مخالفة صريحة لما أوجبه دليل المسابقات التربوية.
ولفتت إلى أنه لم تتحقق أي مراجعه للنصوص الغنائية من قبل اختصاصي النشاط الموسيقي واختصاصي اللغة العربية، لأنه أصلاً لم ترفق تلك النصوص مع طلب الموافقة على تنظيم المهرجان المرسل إلى إدارة الخدمات الطلابية بناءً على إحالة إدارة التعليم الخاص، ولم تقم إدارة الخدمات الطلابية بإعادة طلب الموافقة لخلوه من مرفقات النصوص الغنائية، كما لم تقم اللجنة المنظمة العليا للمهرجان في مدرسة عبدالرحمن كانو بالتدقيق على النصوص المشاركة، ولم تتأكد من مطابقة محتوى الأعمال المشاركة للقيم الدينية والأخلاقية.
وأكدت أن اللجنة المنظمة العليا للمهرجان لم تقم بإرسال قرص مدمج محفوظ عليه الأعمال المشاركة للفعالية إلى إدارة الخدمات الطلابية وفقاً لما نص عليه البند 15 من دليل للمسابقات الطلابية، كما أن العمل الذي قام الطالب بأدائه كان ضمن مسابقة الغناء، والغناء يتضمن الكلمات والألحان والأداء، ووفق ما ورد في مطوية الفعالية حيث وردت العبارة الآتية فيها أنه: «ويفضل أن تكون هناك موسيقى مصاحبة»، فهذه العبارة تعني وجود كلمات في الغناء وليست موسيقى فقط.
وذكرت اللجنة أن اللجنة المنظمة العليا للمهرجان لم تقم بطلب تفاصيل المشاركة بما فيها النصوص الغنائية من الجهات المشاركة في الفعالية، وتبين للجنة التحقيق أن هذا الأمر يخالف ما ورد في دليل المسابقات التربوية الذي نص على إلزامية قيام الإدارة المدرسية بالتدقيق على الأعمال المشاركة.
أما بخصوص الخطاب المرسل من قبل لجنة التحكيم لمسابقة الغناء والذي تضمن استبعاد المشاركة موضوع التحقيق البرلماني بسبب التجاوز الحاصل في نص الموشح، فقد تبين للجنة التحقيق عدم علم اللجنة المنظمة العليا للمهرجان بهذا الخطاب، كما أن العقوبات التأديبية للموظفين الذين جرى التحقيق معهم تتعلق بخروجهم على مقتضى الواجب الوظيفي والإهمال، وعدم الاهتمام بالعمل، وسلوكهم مسلكاً لا يتفق مع الاحترام الواجب للوظيفة العامة، بما يؤكد ثبوت المخالفة الإدارية المتعلقة بالواقعة موضوع تحقيق اللجنة البرلمانية، ولكنه لم يتم اتخاذ الإجراءات القانونية لغرض التحقيق الإداري مع الجهة المسؤولة في إدارة الخدمات الطلابية التي منحت الموافقة على إقامة المهرجان على الرغم من أن طلب الموافقة على المهرجان جاء خالياً من مرفقاته معه وهي نسخة من النصوص الغنائية، حسب ما ورد من البند (1) من عنوان مجال النشاط الموسيقي الصفحة (13)، وبالتالي أدى إلى عدم تدقيق ومراجعة النصوص الغنائية للفعالية وفكرتها بحسب ما أوجبه البند (3) من عنوان مجال النشاط الموسيقي.
وقالت اللجنة، قامت وزارة التربية والتعليم الواردة بإجراءات تصحيحية، وهو أمر إيجابي ترى اللجنة ضرورة الإشارة إليه جراء واقعة تلحين القرآن الكريم بإحدى المدارس الخاصة، تتمثل في إصدار وزارة التربية والتعليم بتاريخ 18 مارس 2015 تعميمين موقعين من الوكيل المساعد للخدمات التربوية والأنشطة الطلابية، والوكيل المساعد للتعليم الخاص والمستمر، إلى مدراء المدارس ومراكز الوزارة يتعلقان بوجوب إرسال كامل مادة الفعالية المشاركة إلى إدارة الخدمات الطلابية لمراجعتها، وكذلك أكد التعميمان على ضرورة الالتزام بالإرشادات العامة والشروط المرفقة للفعاليات، وهذا أمر إيجابي، كما إن إدارة التعليم الخاص وبعد واقعة التلحين لآيات القرآن الكريم تقوم حالياً بالتدقيق على كل تفاصيل الفعاليات وأنها قررت التعامل مع مهرجان عبدالرحمن كانو كما تتعامل مع بقية الفعاليات من حيث الاطلاع على نصوص الأعمال المشاركة.
وفي ردها المكتوب على تساؤلات اللجنة، أكدت وزارة التربية والتعليم أنها تبذل أقصى درجات الاهتمام في إعداد المتعلم إعداداً وطنياً علمياً ومهنياً وثقافياً في إطار مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والتراث العربي، وطبيعة المجتمع البحريني وعاداته وتقاليده، وغرس روح المواطنة والولاء للوطن ولصاحب الجلالة ملك البلاد، ويتضمن المنهج أنشطة عديدة ومتنوعة ذات أهداف تربوية.
وبلغ عدد الأنشطة والفعاليات التي نفذتها الوزارة في العام الدراسي2013-2014، على سبيل المثال أكثر من 1300 نشاط وفعالية في جميع المراحل الدراسية.
وبينت الوزارة أن المدرسة المنظمة للمهرجان طلبت إقامة الفعالية برعاية وزير التربية والتعليم بكتابها المؤرخ في 14 يناير 2015م، وحصلت على الموافقة، ولا يوجد تسجيل تلفزيوني للفعالية، أما الفقرة الخاصة بالغناء، فقد حضرها الطلبة المشاركون والمدرسون المشرفون عليهم ولجنة التحكيم وأعضاء من اللجنة المنظمة فقط، ولم يكن هناك جمهور حاضر عند عرض هذه الفقرة، لأن الأمر كان مقتصراً على تقييم أداء المشاركين من قبل لجنة التحكيم التي من حقها رفض هذا العمل أو إجازته، وقد قامت اللجنة بعد ذلك باستبعاد هذه الفقرة، وقد وفرت المدرسة تسجيلاً للفقرة الغنائية، وهو بخلاف ما تم بثه في الفضاء الإلكتروني ممنتجاً، بحيث يظهر فيه التركيز على الآيات القرآنية فقط.
وحول عدد الحالات التي تم رصدها في الوزارة والتي تضمنت الإساءة للدين الإسلامي أو للرسول محمد «ص» أو للصحابة، مع بيان تلك الحالات، أشارت وزارة التربية لموظف يعمل معلم تربية رياضية بمدرسة البلاد القديم الإعدادية للبنين، حيث إنه بتاريخ 22 أكتوبر 2014 صدر حكم المحكمة الجنائية الصغرى الثالثة في القضية رقم (07/2014/7773) بمعاقبة المذكور بالحبس لمدة ستة أشهر مع النفاذ عما أسند إليه من تهمة الإهانة العلمية لشخص موضع تمجيد وتقديس لدى المسلمين، وهو الصحابي خالد بن الوليد وحسب الثابت من خطاب رئيس النيابة الجنائي بتاريخ 9 فبراير 2015م أن المذكور لم يرتضِ الحكم الصادر بحقه فتقدم باستئنافه، وصدر بتاريخ15 يناير 2015م حكماً من المحكمة الكبرى الجنائية الثانية يقضي بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف أربعة أشهر عما أسند إليه، ومن ثم فقد أصبح الحكم نهائياً، وحيث إن الجريمة المرتكبة تنبئ عن ضعف خلقه وانحراف لشخصه وفساد في طبعه وبذلك تكون من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة، لا سيما إذا تم الأخذ في الاعتبار أن المذكور يعمل بوظيفة معلم ومسؤول عن تقويم سلوك الطلبة، مما استوجب ذلك إنهاء خدمته.
أما الحالة الثانية، فإنه بتاريخ 12 يناير 2015م صدر القرار الإداري بتشكيل لجنة تحقيق مع بعض معلمات مدرسة صلاح الدين الأيوبي الابتدائية للبنين، وذلك بشأن الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي، حيث قمن بطباعة المذكرة التي تحتوي على عبارات مسيئة للصحابي أبو بكر الصديق وسحبها وتوزيعها على الطلبة، وقد باشرت لجنة التحقيق إجراءاتها، وقد أوصت بتوقيف معلمة 10 أيام عن العمل والراتب، وفصل ثلاث معلمات من الخدمة، وقد تم إحالتهن إلى مجلس التأديب.
وذكرت الوزارة أنها إن تعاملت تعاملاً قانونياً وتربوياً متوازناً، فما أن طرق الموضوع علم الوزارة حتى تحركت فوراً إلى موضع الحدث، وعملاً بأحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار رقم (51) لسنة 2012، قامت الوزارة بتشكيل لجنة تحقيق في واقعة تلحين القرآن الكريم بتاريخ 4 مارس 2015م وانتهت بتوصيات اعتمدتها السلطة المختصة بتاريخ 5 مارس 2015، وتمثلت في فصل ثلاثة موظفين وإحالتهم إلى مجلس التأديب بديوان الخدمة المدنية، وتوقيف ثلاثة موظفين لمدة عشرة أيام عن العمل والراتب، ةمجازاة موظفين بالإنذار الكتابي، وتطبيق لائحة الانضباط الطلابي على الطالب، وذلك بأخذ تعهد كتابي عليه وعلى ولي أمره بعدم تكرار هذا الفعل، وإحالة الموضوع إلى النيابة العامة لوجود شبهة جريمة جنائية، إحالة الموضوع إلى الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية.
وبينت الوزارة أن اللجنة طلبت تزويدها بكل ما يتعلق بالتحقيق الإداري بشأن الواقعة، وارتأت الجهة القانونية بالوزارة الحاجة إلى عرضها على هيئة الإفتاء والتشريع القانوني للتأكد من مدى أحقية لجنة التحقيق البرلمانية في طلب الحصول على محاضر التحقيق الإداري وطلب بيانات وأسماء الموظفين وهي معلومات خاصة بالمواطنين، إضافة إلى عدة استفسارات أخرى بدت غير ذات صلة بمحور التحقيق في الواقعة، وقد تم استلام الرد بتاريخ 1 يوليو 2015م، ولكن هيئة الإفتاء والتشريع القانوني قد أفتت في خطابها بتاريخ 30/6/2015م، بخروج هذه الاستفسارات عن نطاق محاور عمل اللجنة.
من جانبها، أكدت وزارة الداخلية قيام الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بمجرد تلقيها البلاغ من قبل وزارة التربية والتعليم بمباشرة كافة الإجراءات القانونية والقيام بأعمال التحري وجمع الاستدلالات عن الواقعة والأشخاص المساهمين فيها، وتم إثبات كل ما تقدم في محاضر مدونة أرسلت إلى النيابة العامة، إعمالاً لنص المادة (46) من قانون الإجراءات الجنائية البحريني.
أما النيابة العامة، فذكرت أنها تلقت بلاغاً من وزارة التربية والتعليم بقيام المتهمين بمدرسة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة الثانوية للبنين بالتدرب على ابتهال ديني، وقد قام المتهمان الأول والثاني بأداء ذلك الابتهال في احتفال بمدرسة عبدالرحمن كانو، وقد تضمن ذلك الابتهال إنشاد آيات من سورة الفاتحة بصوت المتهم الأول مصحوباً بعزف موسيقي حي من المتهم الثاني، فتم استجواب المتهمين وأقروا بأنهم ارتكبوا الفعل دون قصد الإساءة إلى الدين، وأمرت النيابة بحبسهم احتياطياً على ذمة التحقيق، وتم إخلاء سبيل المتهم الأول بتاريخ 15 مارس 2015م، والثاني والثالث بتاريخ 18 مارس 2015م بناء على تعليمات النائب العام، وتم سؤال شهود الواقعة وهم مدير المدرسة والمدير المساعد وعدد من المدرسين وأخصائيي الأنشطة بها، وطلب أسبقيات المتهمين، ومخاطبة وكيل وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بشأن الواقعة وعما إذا كانت تشكل مساساً أو تعدياً على الدين الإسلامي، وفي انتظار الرأي الفقهي للتصرف في القضية.
بدوره، أكد المجلس الاعلى للشؤون الإسلامية أن الواقعة لا يمكن اعتبارها تعدياً على الدين الإسلامي إذا كان من قام بها يجهل حكم تلحين آيات القرآن الكريم المصاحب الآلات الموسيقية، أما إن كان يعلم وتعمد القيام بذلك أو اتخذها وسيلة للوصول إلى المحرم من تلحين القرآن المصاحب بالآلات الموسيقية فهو آثم ومتعدٍ على الدين الإسلامي ويجرم حسب الأنظمة والقوانين السارية في البلاد.