عواصم - (وكالات): عشية انطلاق المفاوضات السورية اليوم في جنيف، صعدّ الطرفان المتنازعان موقفيهما حيال مستقبل الرئيس بشار الأسد، فاعتبرت الحكومة البحث في مصيره «خطاً أحمر» فيما أكدت المعارضة ضرورة رحيله «حياً أو ميتاً».
وتتزامن الجولة من المفاوضات غير المباشرة مع دخول النزاع السوري عامه السادس، وهي تختلف عن مبادرات السلام السابقة بأنها تترافق مع اتفاق لوقف الأعمال القتالية وهدنة هشة في ظل ضغوط دولية للتوصل إلى حل سياسي ينهي النزاع الذي أسفر عن مقتل أكثر من 270 ألف شخص. وتشارك دمشق والهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة، في المفاوضات التي من المفترض أن تبدأ اليوم وتستمر أسبوعين. وحذرت الولايات المتحدة وفرنسا دمشق وحلفاءها من استغلال اتفاق الهدنة لتحقيق أهدافهم، وطالبتا بمفاوضات تحظى بمصداقية بين الحكومة والمعارضة في جنيف. ورفضت الدولتان الداعمتان للمعارضة السورية «الخط الأحمر» الذي أعلنت عنه دمشق حيال مصير الأسد، نقطة الخلاف الجوهرية بين النظام والمعارضة التي تصر على رحيله. ووصل وفد الحكومة السورية وعلى رأسها الممثل الدائم لسوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري إلى جنيف غداة وصول أسعد الزعبي رئيس وفد الهيئة العليا وكبير مفاوضيه محمد علوش. وكشف موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا أن المفاوضات ستتركز على 3 مسائل هي تشكيل حكومة جامعة ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية برعاية الأمم المتحدة في مهلة 18 شهراً تبدأ مع انطلاق المفاوضات اليوم.
إلا أن مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة اوكلاهوما جوشوا لانديس اعتبر أن جدول الأعمال الذي وضعه دي مستورا «ليس واقعياً»، ويعود ذلك تحديداً إلى أن «الأسد أقوى من أي وقت مضى ولن يرحل إلى أي مكان».
ويعتبر مصير الأسد نقطة خلاف محورية بين طرفي النزاع والدول الداعمة لكل منهما، إذ تتمسك المعارضة بأن لا دور له في المرحلة الانتقالية، بينما يصر النظام على أن مصير الأسد يتقرر فقط من خلال صناديق الاقتراع. وأعلن محمد علوش، من فصيل «جيش الإسلام» الذي تصنفه دمشق «إرهابياً»، متحدثاً إلى مجموعة صغيرة من ممثلي وسائل الإعلام في مقر إقامته في جنيف «نعتبر أن المرحلة الانتقالية تبدأ برحيل بشار الأسد أو بموته»، مؤكداً أن المرحلة الانتقالية «لا يمكن أن تبدأ بوجود هذا النظام أو رأس هذا النظام في السلطة».
وقبل ساعات على التصريحات، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن الكلام عن الأسد «خط أحمر». وقال «نحن لن نحاور أحداً يتحدث عن مقام الرئاسة وبشار الأسد خط أحمر وهو ملك للشعب السوري، وإذا استمروا في هذا النهج لا داعي لقدومهم إلى ?جنيف». وأكدت دمشق أن وفدها لن يقبل «بأي محاولة لوضع هذا الأمر على جدول الأعمال» خلال المفاوضات.
وقال المعلم متطرقاً إلى تصريحات دي ميستورا حول انتخابات رئاسية وتشريعية «لا يحق له ولا لغيره كائناً من كان أن يتحدث عن انتخابات رئاسية (...) فهي حق حصري للشعب السوري».
وتختلف الحكومة والمعارضة حول رؤيتهما للمرحلة الانتقالية ففي حين تتحدث دمشق عن حكومة وحدة وطنية موسعة تضم أطيافاً من المعارضة، تريد المعارضة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية دون أن يكون للأسد أي دور فيها. أما المعلم فأكد من جهته «ليس هناك شيء في وثائق الأمم المتحدة يتحدث عن مرحلة انتقالية في مقام الرئاسة، ولذلك لا بد من التوافق على تعريف المرحلة الانتقالية وفي مفهومنا هي الانتقال من دستور قائم إلى دستور جديد ومن حكومة قائمة إلى حكومة فيها مشاركة مع الطرف الآخر».
وبحسب قوله فإن حكومة الوحدة الوطنية هي التي ستعين لجنة دستورية لوضع دستور جديد أو تعديل الدستور القائم.
أما نقطة اللقاء الوحيدة بين النظام والمعارضة فهي الرفض الكامل لمشروع الفيدرالية، الذي يفضله الأكراد الذين عانوا سنوات طويلة من التهميش في سوريا. ورغم مطالبة روسيا بضرورة تمثيل حزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الكردي الأهم في سوريا، لم يدع الأكراد للمشاركة في أي من جولتي مفاوضات جنيف. إلا أن دي ميستورا أقر بضرورة أن يتمكنوا من التعبير عن رأيهم حول الدستور وإدارة البلاد.
وتضغط واشنطن وموسكو لإنجاح المفاوضات، ومن أجل فتح الطريق أمام ذلك رعتا اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي يستثني المتطرفين وبدأ في 27 فبراير الماضي. كما عقدتا اجتماعاً للبحث في الانتهاكات التي لا زالت «محدودة»، فهما تدركان أن عدم التوصل إلى حل سياسي سينهي الهدنة. وعقد كيري في باريس لقاء مع نظرائه الفرنسي والألماني والبريطاني والإيطالي لبحث التطورات السورية، ومن المفترض أن يتواصل هاتفياً مع الروسي سيرغي لافروف.
ووفق جوشوا لانديس فإن «الفرق الكبير» بين الجولة الجديدة من المفاوضات وتلك التي سبقتها هو «توصل روسيا والولايات المتحدة إلى اتفاق لوقف الأعمال القتالية». ورغم أن «الخلافات الأيديولوجية والميدانية بين الأطراف السورية لا تزال عميقة جداً» وستمنع التوافق بينها، إلا أن «كافة الأطراف تعتمد بشكل كامل على داعميها وهي مضطرة للإذعان لمطالب هؤلاء الذين يسلحونها».
من جهة أخرى، أعلن كيري أن تنظيم الدولة الذي يستهدفه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة فقد 600 مقاتل خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة في سوريا.