تروي مسلمات بريطانيات الكثير عن الدين الاسلامي بعد أن أشهرن اسلامهن، ويؤكدن أن هذا الدين يتضمن جوانب تختلف عن الصورة النمطية التي يروجها الاعلام، رغم تعرضهن لصدام مع المحيط الذي نشأن فيه، والذي لم يتقبل بسهولة تغيير ديانتهنّ.
عبد الإله مجيد من لندن: يبلغ عدد المسلمين في بريطانيا 1.591 مليون مسلم، يشكلون 2.7 في المئة من السكان، بحسب آخر احصاء سكاني أُجري في بريطانيا عام 2011.
وتتوقع تقديرات أن يصبح المسلمون أغلبية في بريطانيا بحلول عام 2050، أي في غضون 37 عامًا على اساس معدل ولادات يبلغ 6.7 في السنة.

أغلبية نسوية

يعتنق الاسلام في بريطانيا نحو 5000 شخص سنويًا، غالبيتهم نساء.
وتحدثت نساء بريطانيا عن حياتهن بعد اعتناق الديانة الاسلامية، بما في ذلك اصطدامهن بمواقف متحاملة على المسلمين وممارسات مثل الاضطرار الى الصلاة في ساحات وقوف السيارات وأروقة الدوائر الرسمية لمنعهن من الصلاة في المسجد.

الحجاب

ايبونا سوليفان موظفة في المجلس البلدي لمنطقة شرق ايسكس (37 عامًا). قالت سوليفان المتزوجة من مسلم ولها طفلان، إنها تعيش في قرية لويس قرب مدينة برايتون جنوبي انكلترا وانها على الأرجح المرأة الوحيدة المحجبة في قريتها.
وأوضحت سوليفان في حديث لصحيفة الغارديان أنها نشأت في عائلة ملحدة ذات ميول يسارية تنتمي الى الطبقة الوسطى.
وكان والدها استاذًا جامعيًا ووالدتها معلمة، وحين تخرجت من كامبردج بشهادة ماجستير في الفلسفة عام 2000 عملت في مصر والاردن وفلسطين.

قوة الاسلام

وخلال تلك الفترة تأثرت سوليفان بالقوة التي يستمدها المسلمون من دينهم، وقالت: "كانت حياتهم بائسة ولكن كل من التقيته تقريبًا كان يعيش بهدوء واستقرار داخليين على النقيض من العالم الذي خلفته ورائي".
في عام 2001 أحبت سوليفان اردنيًا من عائلة ليست متدينة وتزوجته.
وقالت "في قرارة نفسي بدأتُ اعتبر نفسي مسلمة ولكنني لم أشعر بحاجة للاعلان عن ذلك، فإن جزءاً مني كان يحاول أن يتفادى وقوع نزاع مع عائلتي واصدقائي.

اشهار الاسلام

وفي النهاية تكفل الحجاب بكشف أمري للمجتمع الأوسع. إذ بدأتُ اشعر اني لستُ صادقة مع نفسي إذا لم ارتدِه. وسبَّب لي هذا بعض الاحتكاك، وشيئاً من الفكاهة ايضًا.
إذ بدأ الناس يسألونني بصوت خافت إن كنتُ مصابة بالسرطان. ولكن المفاجأة السارة كانت عدم تأثر علاقاتي بأي شكل ذي معنى بسبب الحجاب".

من المسيحية الى الاسلام

انيتا نيار مختصة بعلم النفس الاجتماعي وناشطة نسائية في لندن (31 عامًا)، قالت انها بريطانية ذات اصول هندية من والدين هندوسيين "عاشا تقسيم الهند وباكستان وشهدا افراد عائلتهما يُقتلون على أيدي عصابة من المسلمين. وعلى هذه الخلفية نشأتُ بنظرة سلبية الى المسلمين".
واضافت نيار أنها كانت مسيحية متدينة وارادت أن تكون راهبة. ولكنها في سن السادسة عشرة دخلت كلية علمانية حيث عقدت صداقات مع مسلمين.
واعترفت قائلة "صُدمت حين رأيت كم هم طبيعيون وكم أحببتُهم".
واستغرق اعتناقها الاسلام عامًا ونصف العام من النقاشات والتعلم. وحين أشهرت اسلامها في عام 2000 كانت في الثامنة عشرة من العمر.

مزايا ومساوئ الحجاب

وقالت نيار إنها تردي الحجاب الذي يمكن أن يعني اشياء متعددة، منها كونه مؤشرًا الى ديانة الشخص وهذا يساعد حين لا تريد الفتاة أن يتقرب منها شاب أو يدعوها أحد الى تناول كأس في الحانة.
ولكنه يمكن أن يثير رد فعل سلبيًا من اشخاص ينظرون الى المرأة المسلمة نظرة نمطية بوصفها انسانة مضطهدة أو ارهابية.
وتابعت نيار: "ثم بدأتُ اتساءل ما إذا كنتُ أردت الحجاب لمرضاة الله أو للقيام بدور المرأة المتدينة. وفي النهاية ساعد الحجاب في الاعلان عن ديانتي واتاح لي أن اعود الى علاقتي الشخصية بالبارئ".

الصلاة في المسجد

قالت نيار "إن من أكبر التحديات التي أواجهها هي منع المرأة من الصلاة في المسجد... في السابق كنتُ اصلي في ساحة وقوف السيارات وفي رواق الدائرة التي أعمل فيها وفي مطعم لبيع الدجاج المقلي. وتتمثل المفارقة في أن دائرتي ترى أن منعي من الصلاة في اروقتها سيكون عملاً تمييزًا في حين أن بعض المساجد لا يرى ضيرًا في منعي من الصلاة فيها".

البديل عن الكاثوليكية !

الدكتورة آني كوكسن طبيبة استشارية ومختصة بطب الأعصاب (72 عامًا).
قالت الدكتورة كوكسن "أنا انكليزية منذ زمن الرومان. نشأتُ في الولايات المتحدة ومصر قبل أن انتقل الى مدرسة داخلية في بريطانيا حين كان عمري 6 سنوات. ثم درستُ الطب في لندن والولايات المتحدة".
واضافت الدكتورة كوكسن أنها اعتنقت الاسلام قبل 21 عامًا "نتيجة بحث طويل عن بديل أكثر روحانية من الكاثوليكية".
وقالت إنها في البداية لم تفكر في اعتناق الاسلام "بسبب صورته السلبية في الاعلام".
وكشفت كوكسن "أن عملية الاهتداء الى الاسلام كانت تدريجية وفي النهاية استرشدتُ بمثال والدة سلطان عُمان الحالي التي كانت مريضة عندي، وبسلسلة من الأحلام".
وقالت الدكتورة كوكسن إنها عندما اعتنقت الاسلام قال لها الامام إن عليها أن تراعي الاحشتام في ملبسها ولكن لا يتعين عليها أن ترتدي الحجاب في سنها.
وتابعت "خلال شهر رمضان أُنبّه المرضى الى إنني سأبدو مختلفة إذا رأوني عائدة من المسجد. وكان رد الفعل فضولًا وليس نفوراً".
وروت الدكتورة كوكسن قائلة "كنتُ أتتردد على مسجد مغربي طيلة ثلاث سنوات دون أن يسلِّم عليّ أحد في المسجد أو يتمنى لي عيدًا مباركاً.
ثم أُصبتُ بالسرطان، وما عدا رجل دين كان طاعناً في السن لم يأتِ مسلم واحد للصلاة معي في تسعة أشهر من العلاج. ولكن هذه منغصات صغيرة بالمقارنة مع ما كسبته، أي الهدوء والحكمة والسلام".

الاسلام في لندن

ولاحظت الدكتورة كوكسن "أن كثيرًا من المسلمين يأتون الى لندن مهاجرين وأن هويتهم مربوطة بالمسجد حيث لا يريدون وجوهًا بيضاء". واضافت: "نحن رواد. وسيأتي وقت لن يُنظر الى معتنقي الاسلام البيض على أنهم نشاز".
كريستيان باكر ، مقدِّمة برامج تلفزيونية (47 عامًا)
قالت إنها ترعرعت في المانيا في عائلة بروتستانتية لكنها عائلة ليست متدينة جدًا.
ثم انتقلت الى لندن عام 1989 للعمل في قناة أم تي في ـ اوروبا.

أسلمت على يد باكستاني

وخلال عملها قابلت العديد من المشاهير. وذات مرة حين كانت تمر بأزمة تعرفت على لاعب الكريكيت الباكستاني عمران خان الذي اعطاها كتبًا عن الاسلام ودعاها للتجوال معه في باكستان.
وقالت باكر "إن هذه الرحلات فتحت بُعدًا جديدًا في حياتي وادراكًا للجانب الروحاني. وتأثرتُ تأثرًا عميقًا بالمسلمين الذين التقيتهم من خلال كرمهم وكرامتهم واستعدادهم للتضحية من اجل الآخرين. وكلما زادت قراءاتي زاد انشدادي الى الاسلام واعتنقته في عام 1995".
وحين علمت وسائل الاعلام الالمانية باعتناقها الاسلام تقول باكر إن حملة صحفية سلبية أعقبت ذلك "وبسرعة خاطفة قُطعت علاقتي وأُسدل الستار على مهنتي في قطاع الترفيه... وأنا الآن اعمل لإعداد برنامج تلفزيوني عن الثقافة الاسلامية ونمط الحياة الاسلامي".

تشدد... فطلاق

تزوجت باكر من منتج تلفزيوني مغربي عاش في الولايات المتحدة. ولكنها تذهب الى "أن فهمه للاسلام أصبح طريقة للسيطرة عليّ، وكان يُنتظَر مني أن اترك عملي وألا اتحدث مع الرجال بل وان أقطع وجوههم من صور التقطتها سابقًا مع رجال. وكان عليّ أن اقف بوجهه لأن الكثير مما كان يطلبه مني ليس اسلامياً بل موقف ثقافي". وانتهى زواجهما بالطلاق.
وقالت باكر إنها تبحث الآن عن زوج مسلم تهمه القيم الداخلية للاسلام وليس القشور والقيود الخارجية.
وأكدت باكر قائلة: "لست نادمة بل على العكس فإن لحياتي معنى الآن، وهذا لا يُقدر بثمن".

اعتناق الاسلام ليس جنونًا !

اندريا تشيشتي بيولوجية ومعلمة في شمال لندن (47 عامًا)، تقول تشيشتي إنها نشأت في المانيا وسط عائلة لم يكن للدين دور بارز فيها. كان والدها ملحدًا، ولكن والدتها ومدرستها غرستا فيها قناعة بأهمية الجانب الروحاني.
التقت تشيشتي زوجها فداء، وهو بريطاني من اصل باكستاني عام 1991. وقالت إنها عاشت حياة زوجية سعيدة استمرت 18 عامًا انجبت خلالها ولدًا وبنتًا.
وحين اعتنقت الاسلام "ظن والدي اني أُصبت بالجنون ولكنه أُعجب بزوجي". واشترى لها شقة صغيرة "بحيث أستطيع أن أعود اليهم في أي وقت".
ولكن والدتها أُصيبت بصدمة. وانتقلت تشيشتي مع زوجها الى بلد آخر. ولكن عائلة زوجها ايضاً لم تكن راضية على زواجهما لأنها كانت تريد له زوجة ذات اصول اسلامية.
وتقول تشيشتي: "لا اشعر أن عليّ أن ارتدي ملابس مختلفة ولا أشعر ملزَمة بارتداء الحجاب في حياتي اليومية لكني أكون مرتاحة جدًا بارتدائه في الخارج اثناء أداء الشعائر الدينية. لكني لا ارتديه مراعاة لوالدتي لأنه كان قضية كبيرة عندها".
وأكدت تشيشتي أنها كانت مراهقة عاقلة ولم تقترب من الكحول وانهت دراستها الجامعية وتعمل الآن معلمة. "ولكن الاسلام عزز أخلاقي وأعطاني اساسًا جيدًا لحياتي العائلية".
وقالت تشيشتي إنها تشعر احيانًا وكأنها "لقية" لكونها بيضاء "وحين أذهب الى منتدى الجميع يريد أن يساعدني ويعلمني ويحيطني برعايته الى حد الاختناق. ولكن الكثير من قضايا الاهتداء الى الاسلام قضايا انسانية بل قضايا نسائية".