عواصم - (وكالات): قدم أكبر مسؤولين إيرانيين رؤيتين متناقضتين للاقتصاد في كلمتيهما بمناسبة السنة الفارسية الجديدة أمس حيث دعا المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي إلى الاعتماد على النفس بينما حث الرئيس حسن روحاني على التعاون مع العالم، فيما أكد خامنئي أن «بلاده مازالت تواجه مصاعب في التعامل مع البنوك الأجنبية والنظام المالي الدولي حتى بعد رفع العقوبات بسبب برنامجها النووي وذلك نتيجة للسياسات الأمريكية».
وفي كلمتيهما بمناسبة عيد النيروز تذكر خامنئي وروحاني العام المنصرم الذي شهد رفع العقوبات عن إيران بموجب اتفاق نووي مع القوى العالمية واتفقا في الرأي بأن الاقتصاد ينبغي أن ينال الأولوية القصوى في السنة الجديدة.
لكن في حين قال روحاني إن مزيداً من التواصل مع الدول الأخرى سيكون شرطاً أساسياً للنمو الاقتصادي أعاد خامنئي التأكيد على التزامه بمبدأ «اقتصاد المقاومة» المرتكز على الاكتفاء الذاتي.
وقال خامنئي إن «إيران مازالت تواجه مصاعب في التعامل مع البنوك الأجنبية والنظام المالي الدولي حتى بعد رفع العقوبات بسبب برنامجها النووي وذلك نتيجة للسياسات الأمريكية»، مضيفاً أنه «في الدول الغربية والمناطق الخاضعة لنفوذ الولايات المتحدة تواجه الصفقات المصرفية وتحويل أموالنا من بنوكهم مصاعب بسبب خوف البنوك من الأمريكيين»، لافتاً إلى أنه «لم يلتزم الأمريكيون بتعهداتهم ورفعوا العقوبات على الورق فقط». وتابع أن «السياسة الأمريكية تمنع الشركات الكبرى من الدخول في مشروعات مع إيران». وقال إن «الخزانة الأمريكية تتصرف بطريقة تجعل الشركات والمؤسسات والبنوك الكبيرة لا تجرؤ على المجيء والتعامل مع إيران». وذكر أن «كل المرشحين للرئاسة الأمريكية يتنافسون في ذم إيران في خطبهم وهذه علامة على العداء».
وتسلط الرسالتان المتناقضتان الضوء على الخلافات بين المسؤولين الكبيرين اللذين يلتزم كل منهما بمبادئ «الجمهورية الإيرانية» لكن مع أفكار متباينة عن سبل الانخراط في الاقتصاد العالمي وبشكل خاص مع القوى الغربية.
وقال روحاني في اليوم الأول للسنة الفارسية 1395 «أنا على ثقة من أنه عن طريق التعاون والجهد المبذول داخل الدولة والتواصل البناء مع العالم فإن بمقدور اقتصادنا الازدهار والتطور».
وأعلن خامنئي سنة 1395 سنة «اقتصاد المقاومة: العمل والتطبيق»، وقال إن «على إيران أن تأخذ خطوات للحد من تأثرها بخطط «الأعداء»» في إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.
ودأب خامنئي على التحذير من السماح بأي شكل من أشكال النفوذ الغربي داخل البلاد وقال في الآونة الأخيرة إن الاقتصاد لم يستفد من سيل مبعوثي الشركات الغربية الذين توافدوا على طهران.
وأعلن روحاني الذي ناصر الاتفاق النووي الذي أسفر عن رفع العقوبات في يناير الماضي أن الشركات من كل الدول محل ترحيب لدخول السوق مادامت تستعين بالعمال الإيرانيين وتجلب التنمية الاقتصادية إلى البلاد.
وأحرز حلفاء الرئيس مكاسب كبيرة في الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي قد تساعده على المضي قدماً في إصلاحات اقتصادية لاستقطاب المستثمرين الأجانب. لكن خامنئي ومجلس صيانة الدستور المؤلف من رجال دين محافظين يملكان حق النقض على كل التشريعات.
من ناحية أخرى، هنأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما الإيرانيين الذين يحتفلون بعيد النيروز وهو أول عيد رأس سنة فارسية بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني، منتهزاً الفرصة ليعرب عن تمنياته بـ «مستقبل مختلف» للبلدين.
ووقعت طهران في يوليو الماضي مع 6 قوى كبرى من بينها الولايات المتحدة، اتفاقاً تعهدت إيران بموجبه بتقليص نشاطاتها النووية مقابل رفع عقوبات فرضتها الأمم المتحدة والدول الغربية بما في ذلك صادرات النفط الحيوية للبلاد. وقال أوباما في رسالة متلفزة إلى الإيرانيين نشرت عشية رأس السنة الفارسية «كل عام، بوصفي رئيساً أنتهز هذه المناسبة أمل الربيع، كي أتوجه مباشرة إلى الشعب الإيراني لنرى كيف يمكن فتح نافذة جديدة وعلاقات جديدة بين بلدينا». وأضاف بمناسبة العام الفارسي الجديد بعد شهرين على البدء بتطبيق الاتفاق النووي «الآن، للمرة الأولى منذ عقود، فإن مستقبلاً جديداً ممكن». وأوضح أوباما أن «الاتفاق حول النووي لم يهدف أبداً إلى حل كل النزاعات بين البلدين فالولايات المتحدة لها أيضاً خلافات عميقة مع الحكومة الإيرانية». وتابع «لكن حتى إذا كانت هناك خلافات جدية بين حكومتينا فكوننا نتحدث الآن باستمرار للمرة الأولى منذ عقود، فهي مناسبة ونافذة لحل مواضيع أخرى». وأضاف «هكذا، اعتقد جازماً أنه بإمكاننا أن نواصل توسيع العلاقات بين الأمريكيين والإيرانيين». والعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران قطعت منذ عام 1979. وختم الرئيس الأمريكي رسالته قائلاً «بمناسبة عيد الربيع هذا، عيد النيروز، الذي ستحتفلون به مع عائلاتكم، أتمنى لكم السعادة والصحة والازدهار وآمل أن تتوسع أكثر العلاقة بين الشعبين الأمريكي والإيراني».