عواصم - (وكالات): تواصل بلجيكا تعقب شخصين في إطار التحقيق في اعتداءات بروكسل بعد الكشف عن علاقة 3 من منفذيها تم التعرف ‘لى هوياتهم، باعتداءات نوفمبر الماضي في باريس، ما يعكس الثغرات الأمنية في بلجيكا وفي مكافحة الإرهاب في أوروبا بشكل عام، فيما أعلنت الشركة المشغلة لمطار بروكسل - زافنتم إبقاءه مغلقاً أمام المسافرين حتى الإثنين المقبل.
ووعد رئيس الحكومة البلجيكية شارل ميشال بكشف تفاصيل الاعتداءات ورفض الاتهامات بالتقصير في مراقبة احد الانتحاريين التي ساقها وزيران في حكومته عرضا الاستقالة. وقدم وزيرا الداخلية والعدل البلجيكيان جان جامبون وكوين جينس
استقالتيهما لكن رئيس الوزراء رفضها. وحسب مصدر حكومي، فإن الوزيرين شعرا «بمسؤولية سياسية» عن خلل في مراقبة أحد انتحاريي اعتداءات بروكسل إبراهيم البكراوي الذي فجر نفسه الثلاثاء الماضي في المطار.
وأقر جامبون لصحيفة «لو سوار» بأنه «كانت هناك أخطاء في وزارة العدل ومع ضابط الارتباط البلجيكي في تركيا».
وأوضح «نظراً إلى الوقائع، من المشروع أن يطرح الناس أسئلة». وأضاف «يمكن أن نتساءل كيف يمكن أن يطلق سراح شخص بهذه السرعة وفوتنا فرصة اعتقاله مجدداً عندما كان في تركيا».
وحكم على إبراهيم البكراوي عام 2010 بالسجن لمدة 9 سنوات لإطلاقه النار على شرطيين واطلق سراحه عام 2014 بشروط.
وأشار التحقيق إلى أن الانتحاريين الثلاثة الذين حددت هوياتهم في مواقع الهجمات في مطار بروكسل الدولي ومحطة مالبيك للمترو وفروا دعماً لوجستياً في تدبير هجمات نوفمبر في باريس التي أوقعت 130 قتيلاً ومساعدة الناجي الوحيد من الفرق التي نفذتها صلاح عبد السلام، على الفرار قبل القبض عليه الجمعة الماضي في بلدته مولنبيك في بروكسل بعد تواريه طوال 4 أشهر.
وأعلن محامي الفرنسي البالغ 26 عاماً الموقوف في بروج سفين ماري أن موكله «أبلغه برغبته في الذهاب إلى فرنسا في أسرع وقت ممكن»، مضيفاً أن عبدالسلام «لم يكن على علم» باعتداءات الثلاثاء الماضي.
ويشير هذا الإعلان إلى تبدل في الدفاع عن الناجي الوحيد من المجموعات التي نفذت اعتداءات باريس.
وكان صلاح عبدالسلام أكد في أول جلسة غداة توقيفه أنه يرفض نقله إلى باريس كما تطلب السلطات الفرنسية، في إطار مذكرة توقيف أوروبية.
ويبقى الحزن يلف العاصمة البلجيكية فيما يبدو التعرف إلى هويات القتلى الـ31 بحسب حصيلة مؤقتة، وتم التعرف إلى أسماء 4 منهم فحسب. وفي مبادرات تعاطف عارم تحولت ساحة البورصة إلى شبه نصب تغطيه الرسائل والإعلام والشموع والورود.
وبسبب تعذر التعرف إلى هويات أغلبية الضحايا يعيش الكثير من الأقارب ظروفاً صعبة جداً منذ 3 أيام بسبب الغموض.
وأسفرت الهجمات على المطار ومحطة المترو عن مقتل 31 شخصاً وإصابة 300.
ومازال 150 جريحاً يتلقون العلاج بينهم 61 في العناية الفائقة. ومازال 4 من الجرحى في غيبوبة ولم تعرف هوياتهم.
وكان الانتحاريون الثلاثة إبراهيم وخالد البكراوي ونجم العشراوي معروفون، لا بل مطلوبون لدى الأجهزة الأمنية البلجيكية.
فخالد البكراوي البالغ «27 عاماً» الذي فجر نفسه في محطة مترو مالبيك كان مطلوباً بداعي «الإرهاب» لدى الشرطة الدولية الإنتربول. أما شقيقه إبراهيم «29 عاماً» الذي فجر نفسه في المطار فقد صنفته أنقرة «إرهابياً» وطردته، وفقاً لما صرح به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤكداً أن «أحد الذين شاركوا في هجوم بروكسل اعتقل في يونيو 2015 في غازي عنتاب. وتم إبعاده في 14 يوليو 2015 بعد معلومات من السفارة البلجيكية (...) أبلغنا البلجيكيون أنه تم الإفراج عنه». لكن وزير العدل البلجيكي كون غينز نفى رواية أردوغان. ورد وزير العدل البلجيكي بالقول «لم تجر بالتأكيد عملية إبعاد إلى بلجيكا». وأضاف «حينذاك، لم يكن معروفاً لدينا بسبب الإرهاب. كان مجرماً للحق العام يخضع للحرية المشروطة (...) وعندما طرد كان هذا إلى هولندا وليس إلى بلجيكا، حسب المعلومات التي نقلتها لي النيابة الفيدرالية»، في تصريحات لتلفزيون في ار تي البلجيكي الناطق بالهولندية.
وعثرت الشرطة البلجيكية على «وصية» كتبها إبراهيم البكراوي على كمبيوتر محمول وجد في مستوعب قمامة في منطقة شيربيك في بروكسل حيث ركب المهاجمون عبواتهم وانطلقوا في سيارة أجرة نحو المطار حاملين أكياساً سوداء مليئة بالمتفجرات.
وكتب البكراوي في الرسالة أنه «على عجل ولا يدري ما العمل» لأنه «مطلوب من جميع الجهات». أما الانتحاري الثالث الذي فجر نفسه في المطار نجم العشراوي، فكان مطارداً منذ أن عثر على آثار لحمض نووي عائد له في عدد من الشقق التي استأجرتها المجموعات التي نفذت اعتداءات باريس في 13 نوفمبر، وعلى مواد متفجرة استخدمت في الهجمات التي تبناها التنظيم.
ويجري البحث عن رجل رابع يظهر مع إبراهيم البكراوي والعشراوي في تسجيل فيديو مراقبة وهم يدفعون عربتي حقائب أمامهما. كما يجري البحث عن مشتبه به إضافي على علاقة بالهجوم في المترو.
وبدأ سياسيون فرنسيون ينتقدون أجهزة الأمن البلجيكية، وتحدث وزير المالية الفرنسي ميشال سابان عن «نوع من السذاجة» البلجيكية في التعاطي مع التشدد والانغلاق الاجتماعي في بعض الأحياء.
لكن المسألة تتجاوز بلجيكا، حيث تتعرض أوروبا بمجملها إلى الانتقاد. وورد الرد الأبرز من وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والمرشحة الديمقراطية إلى الرئاسة هيلاري كلينتون التي انتقدت بشدة دول الاتحاد الأوروبي على سوء التنظيم والتأخر في الرد على تهديدات المتطرفين.
ودعت الرئاسة الهولندية للاتحاد الأوروبي إلى اجتماع طارئ في بروكسل لوزراء الداخلية والعدل في الدول الأعضاء الاعتداءات وتبعاتها، بمشاركة ممثلين عن مؤسسات الاتحاد.