غزت وسائل التكنولوجيا الحديثة من "كيك وواتس" وغيرهما مخيمات النساء في حج هذا العام، ما دعا البعض إلى التحذير من الاستعمال الخاطئ لها والتفاخر بها، في حين رأت أخريات أنها ساهمت بشكل كبير في توثيق أهم اللحظات الإيمانية التي تأتي من العام للعام، حيث أفادت كثيرًا في نقل الحدث للأهل والأصدقاء في التو واللحظة.
وجاهة اجتماعية خادعة
في البداية رفضت "نوف" سلوكيات بعض النساء في مخيم الحج وقالت: "أرى بعض النساء معي في المخيم يتحدثن عبر "الواتس اب" لفترات طويلة، ما يزعج الآخريات، مبدية أسفها لإهدار وقت الحج في أمور تافهة يمكن تعويضها على مدار السنة.
وانتقدت "مشاعل" بعض النساء اللاتي يصورن كل صغيرة وكبيرة في المخيم عبر برنامج "الكيك"، معتبرة ذلك نوعاً من الوجاهة الاجتماعية الخادعة التي تتنافى مع روحانية الحج، وقالت في أول يوم في المخيم رأيت إحدى النساء تصور نفسها في المخيم وعندما سألتها، قالت: ذكرى أحب أن أحتفظ بها، وعلمت بعدها من إحدى الصديقات أنها تصور يوميات في الكيك.
لحظات إيمانية
ورأت "أم فيصل" أن بعض النساء تعتبر الحج وجاهة اجتماعية، فيتفاخرن بأحدث أنواع الجوالات ويبتعدن عن الهدف الأسمى من الحج، داعية النساء إلى استغلال أوقات الحج في التلاوة والاستغفار والذكر، فهذه من الأمور المثاب عليها في الحج، والبعد عن اللغو وما قد يفسد ثواب الحجة، لافتة أن تلك الأمور تخرج الحاج من الهدف الأساسي له.
واعتبرت أم بيان استخدام الواتس أب في رحلة الحج تواصلاً مع الأهل، حتى يشعروا بالطمأنينة عليها، موضحة أنها تتحدث معهم لفترة بسيطة، ثم تواصل قراءة القرآن، والأذكار، ومتابعة المحاضرات الدينية، وقالت: الواتس والكيك وغيرهما من الوسائل الحديثة لها مميزات كبيرة ولا يمكن أن نعمم على كل من يستخدمها في الحج لغرض المنظرة والوجاهة كما قال البعض.
وقالت منال: أشعر بسعادة غامرة لأدائي فريضة الحج لأول مرة، وأقوم بتصوير مشعر منى، وجبل عرفة ببرنامج الكيك، كي أوثق هذه اللحظات الإيمانية التي لا تتكرر سوى مرة واحدة في العمر، معتبرة تصوير المحاضرات الدينية نوعًا من الطاعة، وقالت: أحرص على تصوير المحاضرات الدينية التي تقدمها في المخيم داعيات فاضلات؛ كي تعم الفائدة على أهلي وأصدقائي.
فكر استهلاكي
وافقت الكاتبة سوزان المشهدي على استخدام النساء لبرامج الواتس أب وتصوير شعائر الحج عبر برامج الكيك، مشددة على استخدامها بما يتناسب مع عظم الشعيرة، وقالت: للأسف بعض النساء ينصرفن عن أداء العبادة بالإفراط في استخدام هذه الوسائل، ورفضت سلوك بعض النساء اللاتي يعتبرن الحج وجاهة اجتماعية، فيتفاخرن بتصوير مخيمات الحج الفاخرة، ويتجاهلن مشاعر الأخريات.
وأرجعت المشهدي سلوك هؤلاء النساء للتدني الشديد في تقدير الذات، والخواء النفسي لديهن، مما يجعلهن يتفاخرن بهذه المظاهر الاجتماعية الخادعة، محملة المجتمع المسؤولية في ترسيخه لهذه القيمة، وقالت: للأسف المجتمع يقيّم الشخص وفقًا لما يملكه من مال، وأحدث أنواع الجوالات، ما أفرز فواصل بين طبقات المجتمع.
وطالبت الكاتبة بمحاربة هذا الفكر الاستهلاكي، بحيث يصبح التقدير المجتمعي للفرد وفقًا لمعايير السلوك والأخلاق والإنجاز العملي، داعية المجتمع إلى التفاخر بإنجازاته العلمية والاجتماعية، وختمت حديثها داعية المرأة إلى التفاخر بما أنجزته على المستوى الشخصي والعملي والأسري.
أيام فاضلة
وشدد الفقيه الدكتور سعود الفنيسان على فضل العشر من ذي الحجة قائلاً: إنها أيام فاضلة ولا يجوز للإنسان التفريط فيها، محذرًا النساء من سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وقال: بعض النساء هداهن الله يهدرن أوقات الحج في أحاديث تافهة قد تؤثر على ثوابه كالغيبة والنميمة، وأعتبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الخير طاعة، كتصوير المحاضرات الدينية أو تصوير شعائر الحج.
ودعا الفنيسان النساء إلى استغلال أوقات الحج في تلاوة القرآن والتهليل والتكبير والذكر، مؤكدًا أنه خير للمرأة وفرصة قد لا تتكرر مرة أخرى في عمرها، واسترشد بحديث الرسول: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه".