جعلوا من الحادي والعشرين من شهر مارس من كل سنة تاريخاً للاحتفال بالأم، تذكيراً لعطائها اللامحدود، وشكراً وعرفاناً لكل ما قدمته لنا طول هذه السنين. جعلوا منه يوماً للاجتماع معها وملتقى لذاكرة الأيام الطويلة، يبذلون كل ما بوسعهم لجعل هذا اليوم من أجمل الأيام التي تخلدها الذاكرة ولا يستطيعون نسيانه، يترددون بماذا يجب عليهم انتقاؤه من هدايا تمثل شكراً لها يختمون هذا الاحتفال بكعكة كتب عليها «كل عام وأنت بخير ماما» وهكذا يمضي يومهم. أما نحن قد أوصانا الله ببرها دائماً دون أن يحدد لنا يوماً أو ساعة حتى نجتمع أو نحتفل معها، دون كذلك أن يخصص يوماً للأم أو للأب.
سأختصر الكلام بقوله تعالى في سورة الإسراء، (وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغنَّ عندكَ الكبرَ أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذلِّ من الرحمةِ وقل ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيراً) صدق الله العظيم.
كتبت هذه الأحرف ليس من أجل أن أقارن بيننا وبينهم فليس لدي الحق بهذا الأمر، وأعلم بأن ديننا يأمرنا باحترام الآخرين، فالذي يميز ديننا عن غيره من ديانات بأنه دين السلام والسماحة ودين الأخلاق، ولكن السبب وراء هذه الكلمات أنني أحببت أن أكتب هذه الأسطر لأخبر أمي بمدى فخري بها واعتزازي الشديد بها، ففي كل مرة أراها ينتابني شعور البكاء لأنني أعلم بأن الدنيا سلبت منها أبسط حقوقها سلبت منها حقها في التعليم. أكتب لها ولكنها لا تستطيع أن تقرأ أحرفي وإن صعب عليها تهجئتها، أمي قد علمتني أن الإنسان يستطيع أن يبدع وينجز ويعمل مادام لديه العقل والحكمة والقراءة، بينت لي أهمية العلم وأهمية التعليم، ولكنني يا أمي قارنت بين مدرسة العلم ومدرسة الحياة التي قدمتها لي ولإخواني، وأيقنت أنه لا سير سليماً دون مدرسة الحياة.
مدرستك يا أمي علمتنا الكثير، علمتنا أهمية ما فقدته، علمتنا قبح كلمة «آمية» أو «غير متعلم»، رغم أن العيب في ذلك المجتمع الذي خلقتِ فيه وجعل من هذا الحق قاصراً على فئة دون أخرى. أمي أول مرة أقف عاجزة أمام أحرفي وكلماتي، أشعر بأنني لا أعرف كيفية صياغة أفكاري ولكني أعلم يا أمي بأنني سأقرأ إليك ما كتبته كما اعتدت مني.
مريم حميد
فريق البحرين للإعلام التطوعي