توصل الجمهوريون والديمقراطيون إلى "حقنة مخدرة" تجنّب الولايات المتحدة الانهيار الاقتصادي الذي كان يُفترض حدوثه صباح السابع عشر من أكتوبر، حيث تم الاتفاق على رفع سقف الديون الأميركية وإعادة تشغيل الحكومة الفيدرالية، وهو الاتفاق الذي وصفه محلل اقتصادي بأنه "اتفاق ترقيع" وليس حلاً للأزمة.

وأعلن زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي هاري ريد، مساء الأربعاء، أنه تم التوصل الى اتفاق مع قادة الجمهوريين لإنهاء الأزمة المالية التي تهدد بعجز الولايات المتحدة عن سداد مستحقاتها المالية، مشيراً الى أن الاتفاق سيعيد فتح الحكومة الفيدرالية بميزانية مؤقتة حتى 15 يناير المقبل، إضافة الى تمديد قدرات الحكومة الأميركية على الاقتراض حتى 7 فبراير 2014.

وجاء الاتفاق قبل ساعات قليلة من دخول يوم السابع عشر من أكتوبر، وهو الموعد المحدد للتعثر التلقائي من قبل الولايات المتحدة بالوفاء بالتزاماتها المالية، وهو الأمر الذي كان سيمثل أول تعثر عن سداد الديون في تاريخ الولايات المتحدة.

ووصف الخبير الاقتصادي رئيس قسم التداولات في "ساكسو بنك"، ياسر الرواشدة، الاتفاق بأنه مجرد "حقنة تخدير"، أو أنه "اتفاق ترقيع"، مشيراً إلى أنه "لا يتضمن أي حل للأزمة الأميركية وإنما هو عملية تأجيل لها إلى عدة شهور مقبلة".

وقال الرواشدة إن هذا الاتفاق "لا يمكن اعتباره خبراً إيجابياً، وإنما هو سلبي بامتياز، حيث يدل على أن الأزمة مستمرة وإنما تم الاتفاق على تأجيلها فقط، ولمدة بسيطة أيضاً، حتى فبراير المقبل".

وبحسب الرواشدة فإن "الشيء الإيجابي الوحيد في الأزمة أنها تجنّب العالم الانهيار وتعطي أطراف الخلاف في الولايات المتحدة مزيداً من الوقت للبحث عن مخرج أو التوصل الى تقارب في وجهات النظر".

ويؤكد الرواشدة أن تأجيل الأزمة بهذه الطريقة، ومنح الحكومة مدة زمنية قصيرة بشأن رفع سقف الدين وإعادة تشغيل المكاتب الفيدرالية إنما يؤدي الى زعزعة ثقة المستهلك وثقة المستثمر في آن واحد، بما يؤثر سلباً على أداء

الاقتصاد الأميركي، مشيراً الى أن "المستهلكين يمثلون 70% من الاقتصاد الأميركي".
وكانت وكالة "فيتش" هددت بسحب التصنيف الائتماني الممتاز للولايات المتحدة من مستواه الحالي (AAA)، مع وضعه قيد المراقبة خلال الفترة المقبلة.

وكان العالم قد حبس أنفاسه منذ عدة أيام مترقباً ما يجري في الولايات المتحدة، حيث سيمثل التعثر الأميركي عن سداد الديون بداية أزمة اقتصادية كارثية للعالم، إذ يمثل الاقتصاد الأميركي أكبر الاقتصادات في العالم وثلث الاقتصاد العالمي.

ويبلغ سقف الدين العام للولايات المتحدة 16.7 تريليون دولار، فيما تتوزع هذه الديون على غالبية دول العالم التي تحمل سندات خزانة أميركية، إلا أن الصين هي أكبر حامل لهذه السندات وبقيمة إجمالية تصل 1.3 تريليون دولار، تليها اليابان التي تحمل سندات أميركية بقيمة 1.2 تريليون دولار، أما دول الخليج فهي تحمل سندات أميركية بقيمة إجمالية تتجاوز ربع تريليون دولار أميركي.