كتبت - زينب العكري:
تفقد المملكة ما بين 30-45 مليون دينار ينفقها السياح البحرينيون في الخارج، وذلك مع توجه ما بين 20-30 ألف أسرة خلال عيد الأضحى لدول الخليج تصرف ما لايقل عن 1500 دينار خلال الرحلة، وفقاً لما أكده خبراء.
وبيَّن الخبراء في تصريحات لـ«الوطن»، أن ما بين 20-30 ألف عائلة تتجه إلى لقضاء العيد في دول مجلس التعاون عن طريق البر لوجود برامج سياحية متنوعة تفتقدها المملكة.
وأضافوا أن عدم تفعيل السياحة الداخلية إلى جانب الافتقاد لوجود برامج وفعاليات سياحية متعددة وتشابه الفعاليات، كل تلك العوامل أدت مجتمعة إلى هروب الأسر للبحث عن متنفس في الخارج، حيث كان من باب أولى أن يتم إنفاق تلك المبالغ بالمملكة لتحقيق عوائد اقتصادية مجزية.
وقالوا: «لو تم تفعيل السياحة في البحرين من خلال زيادة عدد المتنزهات وتنويع البرامج السياحية المقدمة ستساهم في رفد الاقتصاد المحلي ودعمه وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية».
30 ألف أسرة
وقال الرئيس التنفيذي لاستشارات «جفكون» لتحسين الإنتاجية د.أكبر جعفري إن ما يقارب 30 ألف عائلة تسافر خلال إجازة عيد الأضحى وستصرف ما لايقل عن 1500 دينار خلال الرحلة.
وأضاف جعفري: «لدينا مشكلة سياحية في البحرين حيث إن الكثير من الشواطئ مغلقة، ما يعطي الفرد الإحساس بالاختناق السياحي..المواطن يريد منافسة سياحية..وعندما يتم تنويع البرامج السياحية حينها سيتطلع إلى البقاء في المملكة».
وأردف: «في البحرين لا نستطيع التغيير من البيئة اليومية حيث إن جميع المناطق متشابهة .. المواطن البحريني لديه خيار البقاء في المملكة خلال الإجازة ولكنه بحاجة لمتنفس يخفف عنه ويجبره على صرف مبلغه داخل البحرين». بدوره، قال رجل الأعمال علي المسلم: «السياحة في البحرين لا تشجع المواطنين على البقاء خلال أيام الإجازات والأعياد، وخصوصاً الشباب إذ لا توجد أماكن سياحية أو منتجعات لكي يقضوا أوقاتهم».
وأضاف المسلم: «يلجأ الكثير وخصوصاً الشباب للسفر، حيث يتجه المقتدر إلى دول أوروبا وشرق آسيا وغير المقتدر يصوب أنظاره تجاه دول مجلس التعاون الخليجي حيث يوجد بها الكثير من الأماكن السياحية وخصوصاً في السعودية والإمارات والكويت».
الإنفاق على الكماليات
وتابع: «كثير من المبالغ يتم إنفاقها على التذاكر والفنادق وكذلك الاحتياجات التكميلية كالهدايا والتسوق.. يجب على الجهات المعنية أن تنظر للكم الهائل من الأموال التي تصرف». وأردف: «يجب أن تقوم الجهات المعنية بعكس التيار وتجعله كما كان سابقاً حيث كانت البحرين مبتغى السواح الخليجيين لقضاء السياحة، وكانت تتمتع بسواحل متميزة وفنادق، حيث أصبحت المملكة متأخرة، ما يتطلب معه إحياء الأماكن الغائبة».
وبين المسلم أن الدول الأخرى تشجع الشركات السياحية وتدعمها بالمال والأفكار لكي تأتي بأكبر جذب سياحي لدولها..أما في البحرين فهناك صعوبات في إصدار التأشيرات ما يصعب على بعض الأجانب الدخول».
وأكد المسلم أن هناك حوالي 1000 عائلة بحرينية ستسافر في إجازة عيد الأضحى على مدى 8 أيام تنفق فيها حوالي 500 دينار باليوم الواحد، ما يعني إنفاق 4 ملايين دينار في الخارج خلال 8 أيام فقط، إذ من الأفضل أن تنفق في السياحة الداخلية.
من جانبه، قال رجل الأعمال يوسف المشعل إن كلفة السفر خلال إجازات الأعياد تعتبر عالية، حيث يلجأ المقتدرون وغير المقتدرين إلى القروض لتلبية متطلبات السفر وخصوصاً تلك الإجازات التي تمتد لفترات طويلة، بحكم غياب الفعاليات السياحية في البحرين.
وحول عدد الأسر التي تغادر البحرين خلال مواسم الأعياد، قال المشعل: «لا توجد إحصاءات مؤكدة، لكن كتوقعات وعلى أقل تقدير تشير إلى أنه يوجد 20 ألف عائلة ستتجه لأقرب الدول وستصرف ما يقارب 100 دينار، ما يعني 20 مليون دينار خلال إجازة عيد الأضحى..هذا التوقع للعوائل المتوسطة ومادون المتوسط، أما المتوسط وفوق المتوسط معظمها تسافر إلى أوروبا وشرق آسيا وتزيد مبالغ الإنفاق». وأوضح المشعل أن هناك الكثير من الدراسات التي قامت بها الجهات المعنية في العام 2004 لتكوين هيئة السياحة البحرينية لتكون خاصة ومستقلة، ولكن لم ترَ النور حتى الآن. وواصل المشعل: «البحرين تفتقد لوسائل الجذب السياحي..لا يوجد برامج ولا فعاليات متنوعة تساهم بوقف تدفق الأموال السياحية إلى الخارج».
الافتقاد لوسائل الجذب السياحي
وأوضح أن العوائل لا تملك أي عمل خلال إجازة عيد الأضحى، ما يجبر العوائل للسفر وإنفاق مصاريف كبيرة هناك من السيولة بدلاً من إنفاقها في البحرين والتي هي أولى بها لتنشيط سياحتها الداخلية وبالتالي تحقيق عوائد مجزية.
وتعد البحرين بلداً ثقافياً بشكل كبير، ولذلك أصبحت عاصمة الثقافة العربية العام الماضي، وقد كرست مشاريع كبيرة للتقدم الثقافي البحريني.
وأشارت إحصاءات شركة الاستشارات العالمية ''يورومونيتور'' في معرض سوق السفر بدبي مؤخراً، إلى أن البحرين أنفقت على السياحة الخارجية 677 مليون دولار في 2011، في حين لم يتجاوز حجم الإنفاق على السياحة الداخلية خلال العام نفسه 17 مليون دولار.
وتعد السياحة أحد القطاعات النامية في البحرين، وأهم مصادر الدخل في المملكة إلى جانب الصناع، وتدعم الاقتصاد البحريني بقوة، وتجذب البحرين سنوياً أكثر من مليوني زائر النسبة الأكبر من السياح هم من دول الخليج.ويأتي في المرتبة الأولى السياح السعوديون، والكويتيون ثم العمانيون، فـالإماراتيون، والقطريون.
يشار إلى أن البحرين مليئة بالآثار والمتاحف والأماكن الأثرية، كما إن طبيعة البحرين الجزرية جعلت منها دولة مليئة بالشواطئ، كما أن البحرين تحتضن العديد من المعارض والمؤتمرات.
وأكدت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة سابقاً، على أهمية معرض الاستثمار في السياحة، وقالت: «إذا لم نحرك الاستثمار في السياحة اليوم فلا نلوم إلا أنفسنا فلدينا حتى الآن 4 متاحف، ولدينا بيوت ثقافية، والبحرين يمكنها أن تسوِق لكل هذه المنشآت ضمن استراتيجية واضحة وهي متوافرة لدينا».
مطالب بالمزيد من الاهتمام
وكان رجال أعمال طالبوا مؤخراً بإيلاء المزيد من الاهتمام بالقطاع السياحي في المملكة، مقترحين على الجهات المعنية رصد ميزانية تتراوح بين 50-60 مليون دينار لبناء مدينة ترفيهية عالمية إلى جانب تطوير السواحل العامة. وتوقعوا حينها أن يصل العائد السنوي للقطاع السياحي إلى حوالي 375 مليون دينار، رابطين ذلك بتطوير القطاع إلى جانب تشكيل هيئة سياحية تعني بشؤون القطاع.
وبينوا أن القطاع السياحي المحلي بحاجة إلى الدعم والتطوير خاصة في ظل الوضع الحالي للقطاع الذي لا يلبي طموحات المواطنين والسياح، نتيجة لغياب المدن الترفيهية وتردي أوضاع السواحل العامة مثل كورنيش الفاتح وبلاج الجزائر.
وأكدو أن الاهتمام بالقطاع، سيؤدي إلى استقطاب 3 ملايين سائح سنوياً بجانب الارتقاء بمساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 4-20% خلال الأعوام الـ10 المقبلة.
وأضافوا أن الكثير من دول العالم، كفرنسا، النمسا، تركيا، إسبانيا، أمريكا، تايلند وماليزيا تعتمد على القطاع السياحي بالدرجة الأولى في دعم اقتصادها الوطني.
يذكر أن لجنة قطاع السياحة بغرفة تجارة وصناعة البحرين ناقشت خلال اجتماع المائدة المستديرة في يونيو الماضي، أهم المعوقات والعقبات التي يواجهها القطاع السياحي في البحرين.
ودعت اللجنة خلال الاجتماع -الذي ضم عدداً من ممثلي الفنادق والشركات والجهات الرسمية- إلى ضرورة تكاتف القطاعين الخاص والحكومي من أجل وضع كافة التصورات والمقترحات اللازمة لتجاوز العقبات التي تواجه هذا القطاع الاقتصادي الهام، سعياً إلى تنشيطه وتطويره بما يخدم الآمال والتطلعات المنشودة.
وأكدت أن القطاع السياحي يعد واحداً من أهم القطاعات الاقتصادية التي يعوّل عليها كثيراً، نظراً لمساهمته الفاعلة بتحريك العديد من القطاعات التجارية الأخرى كقطاع المواصلات والفنادق وغيرها.