القاهرة - (وكالات): أعلن خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمس في اليوم الثاني من زيارته إلى مصر الاتفاق على تشييد جسر يربط بين البلدين لزيادة حجم التبادل بينهما، كما تم توقيع 17 اتفاقاً تشمل مجالات إنمائية بنحو 1.7 مليار دولار، بينما طلب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إطلاق اسم الملك سلمان على الجسر البري.
ومنذ ثورة 30 يونيو 2013، قدمت السعودية مساعدات اقتصادية كبيرة لمصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش السابق، تضمنت مليارات الدولارات على شكل استثمارات وحوافز اقتصادية.
وقال الملك سلمان في تغريدة نشرت على حسابه الرسمي عبر موقع «تويتر» «لمصر في نفسي مكانة خاصة، ونحن في المملكة نعتز بها، وبعلاقتنا الاستراتيجية المهمة للعالمين العربي والإسلامي. حفظ الله مصر وشعبها».
وعقد العاهل السعودي والسيسي جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، أعقبها توقيع 17 اتفاقاً بين مسؤولي البلدين في مجالات الإسكان والكهرباء والصحة والتعليم والزراعة والمالية، حسب التلفزيون الرسمي.
وفي مؤتمر صحافي بين الزعيمين في قصر الاتحادية الرئاسي شرق القاهرة اعلن العاهل السعودي «اتفاق مصر والسعودية على تشييد جسر يربط بين البلدين».
وقال الملك سلمان «هذه الخطوة التاريخية متمثلة في الربط البري بين القارتين الأفريقية والآسيوية وتعد نقلة نوعية، إذ ترفع التبادل التجاري بين القارتين لمستويات غير مسبوقة وتدعم صادرات البلدين».
وتابع أن الجسر «سيشكل منفذاً دولياً للمشاريع الواعدة بين البلدين ومعبراً رئيساً للمسافرين من حجاج وسياح بالإضافة إلى فرص العمل التي سيوفرها لأبناء المنطقة».
وأضاف العاهل السعودي «زيارتنا هذه تأتي في إطار تعزيز العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين الشقيقين».
وأوضح خادم الحرمين «نعيش اليوم واقعاً عربياً وإسلامياً جديداً تشكل التحالفات أساسه. فقد اتحدنا ضد أنواع التدخل في شؤوننا الداخلية ورفض المساس بأمن اليمن واستقراره والانقلاب على الشرعية فيه».
وذكر خادم الحرمين «تضامناً من خلال تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب شاركت فيه 39 دولة وبعثنا رسالة للعالم عبر مناورات رعد الشمال نعلن فيها أن قوتنا في توحدنا وكانت جمهورية مصر العربية من أوائل الدول المشاركة بفاعلية في هذه التحالفات».
وقال الرئيس المصري معقباً «اسمح لي جلالة الملك أن نطلق على هذا الجسر جسر الملك سلمان بن عبد العزيز.»
وقلد السيسي العاهل السعودي «قلادة النيل» أعلى وسام مصري «توثيقاً لعرى الصداقة وتوكيدا لروابط الوداد» حسب ما أعلنت الرئاسة. وقال السيسي في كلمته إن زيارة العاهل السعودي «تأتي توثيقاً لأواصر الأخوة والتكاتف القائمة بين بلدينا وترسي أساساً وطيداً للشراكة الاستراتيجية بين جناحي الأمة العربية مصر والسعودية».
وأضاف أنها «تفتح المجال أمام انطلاقة حقيقية بما يعكس خصوصية العلاقات الثنائية خاصة في مجال العمل المشترك، وبما يسهم في مواجهة التحديات الإقليمية غير المسبوقة التي تواجهها الأمة العربية».
وتابع السيسي «رغم ما تعانيه بعض دول المنطقة من صعوبات نتيجة احتدام الصراعات فإن زيارة جلالتكم تدفعني إلى التفاؤل بأن نعيد معا الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية الجامعة للوقوف في مواجهة الإرهاب والتطرف اللذين يقوضان الاستقرار ويمثلان خطراً على مستقبل الإنسانية بأسرها». وأعقب ذلك توقيع عدد من الاتفاقات بحضور الزعيمين. وشملت الاتفاقات مشروع تشييد تجمعات سكنية ضمن برنامج تنمية شبه جزيرة سيناء وآخر للتنمية الزراعية في سيناء وأيضاً على إنشاء جامعة الملك سلمان في مدينة الطور جنوب سيناء. وستمول السعودية إجمالاً مشروعات بقيمة 1.5 مليار دولار في سيناء.
كما اتفق البلدان على إنشاء محطة كهرباء غرب القاهرة بقيمة 100 مليون دولار وتطوير مستشفى القصر العيني أحد أكبر المؤسسات العلاجية في مصر بقيمة 120 مليون دولار. كما اتفق البلدان على ترسيم الحدود البحرية بينهما دون إعلان مزيد من التفاصيل. بالإضافة لاتفاق للتعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، واتفاق للتعاون في مجال النقل البحري والموانئ، ومذكرة تفاهم في مجال الكهرباء والطاقة، ومذكرة تفاهم في مجال العمل، ومذكرة تفاهم في مجال الإسكان والتطوير العقاري.
وغرد السفير السعودي في القاهرة أحمد قطان على موقع «تويتر» أن الاتفاقات الاستثمارية «ستحمل أرقامها مفاجئة سارة للجميع». وأولى الإعلام المصري الحكومي والخاص أهمية كبيرة لزيارة الملك سلمان. ورحب التلفزيون الرسمي بالعاهل السعودي في «بلده الثاني»، وبث تقارير عن عمق ومتانة العلاقات المصرية السعودية وزيارات الملوك السعوديين السابقين لمصر.
ووصفت صحيفة «الأهرام» المملوكة للدولة في صفحتها الأولى الزيارة بأنها «نقلة استراتيجية في العلاقات المصرية السعودية».
فيما وضعت صحيفة «الشروق» المستقلة صور كبيرة للزعيمين المصري والسعودي في صفحتها الأولى وعنونت قائلة «مصر والسعودية روح واحدة». وأفاد الإعلام المحلي بأن الملك سلمان سيزور مقر البرلمان غداً حيث من المتوقع أن يلقي خطاباً. وقال مراقبون إن «طول الجسر المراد إنشاؤه بين 7 إلى 10 كيلومتر»، وفقاً لقناة «العربية».
وسيربط الجسر شمال غرب المملكة بشبه جزيرة سيناء كما سيحتوي إلى جانب ممرات السيارات، سكة لقطار شحن، وسيوفر الجسر على البضائع الخليجية والأجنبية أياماً كان يستغرقها عبور مضايق المنطقة للوصول إلى مصر ومن ثم لأوروبا . وبالنسبة للعائد الاقتصادي فيتوقع أن تجلب البضائع المنقولة فوق الجسر عائدات سنوية تصل إلى 200 مليار دولار سنوياً.
وسيربط الجسر بين قارتي آسيا وإفريقيا وسيكون أول رابط بين عرب آسيا وعرب إفريقيا منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة.