أعزائي السادة النواب لا نلومكم على التأخير في إقرار التعديلات الدستورية، لكن نلومكم على ضبابية المواقف غير الواضحة لا للرأي العام المحلي فحسب بل حتى الدولي، فللتعديلات الدستورية أهمية خاصة تتجاوز أهميتها الاعتيادية كتغيير دستوري. المجتمع الدولي ينظر للتعديلات الدستورية كجزء من حزمة الحل السياسي الذي توافق عليه شعب البحرين، فهي بالإضافة لمخرجات الحوار الوطني الأخرى ولتوصيات لجنة تقصي الحقائق تشكل حزمة كاملة من الحلول والمخارج السياسية، لهذا السبب تكتسب التعديلات أهمية كبيرة لأنها من توابع الأزمة التي مرت على البحرين منذ العام الماضي ولابد أن تحسب مسألة التعديلات كواحدة من الأدوات التي نطوي من خلالها هذا الملف. ويؤسفنا جداً أن تفتقد الوفاق الموضوعية التي على أساسها تقيس طبيعة هذه التعديلات، مثلما افتقدت الموضوعية في كل قياساتها وحكمها على باقي الأمور، ولسنا الوحيدين الذين نقول بعدم موضوعية الوفاق؛ بل بدأ المجتمع الدولي يشاطرنا هذه الرؤية، وبدأ يتقصى بنفسه عن خطوات النظام السياسي وعن رأي القوى السياسية الأخرى في البحرين، ولا يقتصر على رأي الوفاق كما كان سابقاً، معتقداً أنها تمثل الشعب البحريني. بدأ المجتمع الدولي يتفق معنا على عدم موضوعية هذا الحزب؛ بل وعدم جديته في خروج البحرين من الأزمة، لذلك بدأ المجتمع الدولي يتقصى الحقائق من مصادر أخرى غيرهم ولا يعتمد عليهم وحدهم في قياس الجدية من عدمها، لذلك نحن نلوم النواب على تأخيرهم وعلى عدم مخاطبة المجتمع الدولي. فهناك مجتمع دولي -غير الولايات المتحدة الأمريكية- معني كثيراً بدراسة مدى جدية الإصلاحات في البحرين، وينظر باهتمام بالغ لمضمون تلك التعديلات نظرة موضوعية خالية من الأجندة الخاصة، مثلما نظر لحزمة الإجراءات التي اتخذتها البحرين بعد الأزمة التي ألمت بها نظرة موضوعية، والتعديلات الدستورية جزء أساسي من تلك الحزمة، لذلك يحتاج الأمر لتعاطي جاد مع الإعلام الخارجي والدبلوماسية الخارجية بخصوص هذه الحزمة. رأي الدبلوماسية الأمريكية مهم، لكنه ليس الأهم وليس وحدها من سيحكم على الصورة الإجمالية، فالولايات المتحدة كانت جزءاً من الأزمة فكيف ستكون جزءاً من الحل!! نأمل أن تعيد الدبلوماسية الأمريكية قراءتها للأوضاع وتحكم بموضوعية على جميع الإجراءات التي اتخذتها البحرين، وهي إجراءات نجزم أنه حتى هي كدولة لا يمكن أن تقوم بها في هذه الفترة القياسية. نحن اليوم بحاجة لسياسة إعلامية توضح طبيعة التعديلات الدستورية، ولا يتطلب الأمر غير شرح وافٍ للاختصاصات التي ستعطى للسلطة المنتخبة ومقارنتها بعمر التجربة الديمقراطية، ومقارنتها بالتجارب الإقليمية المجاورة حتى يقاس التطور ضمن سياقه الطبيعي. ليس هذا فحسب؛ بل نحن بحاجة لنشر وتوضيح الصورة الشاملة والإجمالية للإصلاح السياسي في مملكة البحرين والمتجاوز للصلاحيات النيابية والممتد إلى الحريات السياسية العامة في الترشح والانتخاب وتكوين الأحزاب وحرية الصحافة. فالديمقراطية التي تعني حكم الشعب وإرادته بتقرير مصيره لا تحصر في الصلاحيات النيابية فحسب بل تعني حرية تعبير وحرية العمل السياسي والنقابي وحزمة تشريعات خاصة بالشفافية والاطلاع على المعلومات واستقلالية للقضاء وغيرها، وفيها كلها يقاس ما كانت عليه الدولة قبل عقد من الزمان وما أصبحت عليه ووضعها ضمن إقليمها. هذه المعلومات لابد أن تكون متوافرة بعدة لغات وبطريقة عرض سهلة وميسرة للدبلوماسيين وللإعلام الأجنبي حتى لا تكون الوفاق هي مصدر المعلومات الوحيد الذي يقرر جدية تلك الخطوات من عدمها. الوفاق تمثل حزب الدعوة وحزب الله، وهذان الحزبان لهما أجندتهما الخاصة التي لن تتحقق إذا اقتنع المجتمع الدولي أن في البحرين خطوات إصلاحية جادة، بل تتحقق إذا صدّق المجتمع الدولي بادعاءاتها. هذه الأحزاب تعتمد على هذا الفراغ والشح المعلوماتي الذي تعاني منه البحرين لتمرير ادعاءاتها، ونحن وأنتم نساعدهم في ذلك حين نترك الساحة دون توضيح. حتى موضوع التأجيل الذي ترك دون توضيح استغلوه استغلالاً غير موضوعي وغير منصف ليدعوا بأنه يؤكد عدم الجدية، وبلمز وبهمز يخدم ادعائهم، ولم نجد إلى هذه اللحظة خطاباً من النواب يقدم للاثنين (الرأي المحلي أو الدولي) ما يسد فراغ المعلومات ويبين أين أوجه الخلاف بين الكتل النيابية. المشكلة أنكم تلومون الحكومة على ضعفها الإعلامي، وحين جاءت الكرة لملعبكم لم تكونوا على قدر هذه المسؤولية أيضاً، فأهملتم الخطاب الإعلامي وتركتم الساحة خالية دون تعبئتها. حربنا ضد التدخلات الأجنبية مازالت مستمرة ولم تنته، وأحد منافذها دعم المجتمع الدولي لنا والوقوف معنا ضد التدخلات خاصة حين نفلح في الترويج لواقعنا الإصلاحي بشكل صحيح وسليم.