قضية الطالب عمر مثال حقيقي لفكرة نيل الحقوق من الشارع، فالإجراء الأول الذي قامت به وزارة التربية والتعليم تجاه المعلمة بإيقافها عن العمل بدون راتب لمدة أسبوع هو أحد الأمثلة الواضحة والمؤسفة على الفجوة الكبيرة بين الجريمة والعقاب، لا في الحقل التربوي فحسب وإنما في شتى حقول الدولة. القضية هزت الشارع البحريني لما فيها من انتهاك إنساني لطفل بريء وسلوك مثير للاشمئزاز، وحين استنكر الشعب الجريمة والعقاب الهين المترتب عليها، عبَّر عن غضبه الشديد في كل المواقع، ثم قامت الوزارة بإجراء تحقيق مهني أفضى بقرار فصل المعلمة، وهو أقل ما تستحقه جرّاء جريمتها القبيحة. القضية الأمنية مثال آخر لغياب تطبيق القانون والعدالة يتكرر بشكل يومي في شوارع وقرى البحرين، وهي الإجراءات الهينة وغير المتكافئة تجاه الإرهابيين ومثيري الشغب، حين يرمون المولوتوف والأسياخ الحديدية والحجارة تجاه رجال الأمن غير مبالين بأرواح المارة من أطفال ومسنين ومواطنين، والذين لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون في البحرين “بلد الأمان” التي حولوها إلى بلد الخوف والإرهاب. واقع معاش لا يمكن نكرانه، ومع كل حادثة إرهابية تعلن وزارة الداخلية بأنها أمسكت الإهاربين أو استدعت منظمي المسيرات الإرهابية وإعادة الأمن إلى الشوارع. والسؤال كيف تتعامل الدولة مع الإرهابيين، وما العقوبات المنفذة بحقهم؟ هل يكفي استدعاؤهم للتحقيق؟ أم حجزهم ليومين وتحويلهم للنيابة ثم الإفراج عنهم بكفالة؟ هكذا يطبق القانون في البحرين تجاه الإرهابيين، الذين يعرضون حياتنا وحياة رجال الأمن للموت. كدتُ أفقد حياتي الأسبوع الماضي، حين شاءت الظروف أن أمر بسيارتي في شارع قريتي الدير وسماهيج بعد خروجي من منطقة البستين. وعند وصولي نقطة تجمع رجال الأمن باتجاه مداخل القرية خرج الإرهابيون فجأة وهم يرمون المولوتوف والحجارة باتجاه رجال الأمن والمسافة بينهما شارع ورصيف رملي لا تتجاوز مسافته خمسة أمتار وأنا مارة بينهما بسيارتي. ولولا عناية الله لحدث ما لا يحمد عقباه، حيث انعطفت بسرعة جنونية على الشارع الرملي بالاتجاه المعاكس، ورفعت عيني بمرآة السيارة لأرى الشارع محترق بالكامل ورجال الأمن يهرعون نحو الإرهابين مواجهين الموت . هذا المشهد بات عادياً في البحرين، نتعرض للموت وعشرات ويمكن المئات من رجال الأمن يواجهونه حرقاً، والبعض أصيبوا بعاهات دائمة جرّاء تعرضهم للمولوتوف والقنابل اليدوية، ومازال التعامل لا يتكافأ مع مستوى الجرائم الإرهابية. تعالت صرخات المواطنين والنواب دون نتيجة وآخر مطلب نيابي انشاء نيابة متخصصة بالإرهاب على غرار فرنسا التي نجحت في السيطرة على إرهاب الشوارع. بقاء الحال كما هو الآن بات شيئاً مرفوضاً، الإرهابيون تمادوا في إرهابهم وأرواحنا مستهدفة . إلى متى سنعيش وسط هذا الرعب والخوف. بتنا نخرج من بيوتنا ولا نعرف سنعود سالمين أم لا، الأمهات والآباء يعاونون من قلق وخوف مستمر على أبنائهم ولا يأمنوا عليهم في المدارس والنوادي، فالإرهاب طال كل الأماكن حتى بيوت الله لم تسلم من اعتداءات الإرهابيين. إسكان قلالي وفي قضية أخرى حول نيل الحقوق انطلاقا من الشارع، أعبر عن وقوفي ودعواتي لأهل قلالي لنيل حقهم في المشروع الإسكاني المسمى “شمال شرق المحرق” والذين خروجوا للشارع، بعد أنْ أوصدت كل الأبواب في وجوههم وسدت الآذان عن نداءاتهم المتكررة بحقهم للانتفاع من المشروع بنسبة 50% أسوة بباقي المشاريع الاسكانية. كان الله في عونك يا بحريني حتى بيت الإسكان الذي تدفع قيمته أضعاف مضاعفة ولا يلبي نصف احتياجك، لن تناله إلا بعد مرارة. همسة للنواب عدم اطلاع بعض النواب على مشروع التعديلات الدستورية حتى موعد جلستهم الأسبوع الماضي، هو موقف مخجل ومخزٍ لرجال تخلوا عن مسؤوليتهم ولم يكونوا على قدر الثقة والأمانة التي منحها الشعب لهم.