عواصم - (وكالات): نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية عن دبلوماسيين في دمشق قولهم، إن إرسال النظام الإيراني قوات عسكرية نظامية خاصة إلى سوريا، للمرة الأولى منذ الثورة عام 1979، هدفه زيادة نفوذ طهران وتأثيرها في سوريا، في ظلّ ما وصفته بالخلاف الواضح بين النظام السوري والقيادة الروسية حول كيفية إدارة محادثات جنيف، لافتين إلى أن «طهران تخشى اتفاقاً أمريكياً روسياً يطيح بالرئيس بشار الأسد».من ناحية أخرى، دعا كبير مفاوضي وفد المعارضة السورية في جنيف محمد علوش إلى قتال قوات النظام، رغم وقف الأعمال القتالية الساري في مناطق عدة منذ 27 فبراير الماضي، بينما قتل 22 مدنياً جراء قصف على مدينة حلب شمال سوريا، وهي الحصيلة الاكبر لعدد الضحايا منذ بدء سريان الهدنة.وفي وقت لاحق، لوح وفد المعارضة السورية بتعليق مشاركته في جولة المفاوضات المستمرة بصعوبة في جنيف، بعد وصول النقاش إلى «طريق شبه مسدود»، متهماً وفد النظام بالتمسك بموقفه في موضوع الانتقال السياسي، وفق ما أكد أعضاء في وفد الهيئة العليا للمفاوضات. وأكد عضو في وفد المعارضة إلى جنيف أن المفاوضات «وصلت إلى طريق شبه مسدود مع تعنت النظام على رفض نقاش مصير الأسد»، مضيفاً أن الجولة الحالية «مهددة بالفشل إذا لم تتدخل الدول الكبرى المعنية بالنزاع السوري وتحديداً واشنطن وروسيا لممارسة الضغوط». وقال نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض عضو الهيئة العليا للمفاوضات عبد الحكيم بشار في جنيف حول احتمال تعليق المشاركة في المفاوضات، «كل الاحتمالات واردة (...) وقد نتوجه إلى تعليق المفاوضات إذا استمرت الأوضاع على هذا الشكل ولن يكون هناك آفاق لأي حل سياسي». وأضاف أن الهدف من تعليق المشاركة سيكون حض «المجتمع الدولي على أن يفرض على النظام الاستجابة للبندين 12 و13 من القرار 2254» المتعلقين بإيصال المساعدات خاصة إلى المناطق المحاصرة وإطلاق المعتقلين تعسفاً ووقف الهجمات على المدنيين.وبحسب «مصدر دبلوماسي رسمي» تحدث للصحيفة، فإنّ «إيران وجدت في الخلاف فرصة مناسبة للتقرب أكثر من النظام السوري»، تنفيذاً لتعهدها بألا تسمح بأي مساومة حول مصير الأسد في المحادثات، مصرة على عرضها بأن يتم إدخال وجوه معارِضة في حكومة وحدة وطنية بدل حلّ هيئة الحكم الانتقالية صاحبة الصلاحيات التنفيذية الكاملة التي نصّ عليها اتفاق جنيف 2012.وبحسب مصادر «فايننشال تايمز»، فإنّ المسؤولين الإيرانيين قلقون من اتفاق محتمل بين الروس والأمريكيين ينص على إطاحة الأسد قبل انتهاء ولايته في عام 2021، وهو ما جزمه علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري المرشد علي خامنئي، الذي وضع مصير الأسد في خانة «الخط الأحمر الإيراني».وتنقل الصحيفة نفسها عمّن تصفه «محللاً سياسياً إيرانياً محافظاً» قوله، إن الخلاف بين إيران وروسيا حول سوريا «لا يهدد حتى الآن على الأقل التحالف القائم بينهما، وفي النهاية يجب أن نتذكر أننا نحن من أتينا بالروس عسكرياً لمنع سقوط النظام السوري».وفي السياق، تنقل الصحيفة البريطانية عن مصادرها تأكيدها أن ارتفاع أعداد قتلى المقاتلين الإيرانيين المنتشرين في سوريا تحت مسميات مستشارين عسكريين، والبالغ عددهم 10 آلاف، هو السبب الذي دفع بالقيادة الإيرانية إلى اتخاذ قرار إرسال قوات حكومية نظامية لتدعيم نظام الأسد، أمام أي احتمال بالتوصل إلى اتفاق أمريكي روسي يطيح برأس النظام.وعن الموضوع، يقول محلل سياسي إيراني محافظ لـ«فايننشال تايمز»، إنه «بالنسبة للنظام في إيران، أي محاولة غير ديمقراطية للإطاحة بالأسد ستؤدي إلى إبادة بحق العلويين، وستضرب النفوذ الإيراني في سوريا، وسنقاوم ذلك مهما كان الثمن الذي علينا أن ندفعه»، وذلك في تغيير استراتيجي للسياسة الإيرانية التي كانت قائمة، منذ عام 1979، على إدارة المعارك المعنية بها في منطقة الشرق الأوسط بالوكالة من خلال الحرس الثوري والميليشيات المحلية التابعة له أكان في العراق أو سوري أو لبنان، بحسب الصحيفة البريطانية دائماً.من ناحية أخرى، دعا كبير مفاوضي وفد المعارضة السورية في جنيف محمد علوش في تغريدة على موقع «تويتر» إلى قتال قوات النظام، لكن عضواً في الوفد الاستشاري المرافق لوفد الهيئة قال إن موقف علوش يعبر عن «وجهة نظر شخصية».وعلوش الذي عين كبيراً لمفاوضي الهيئة العليا للمفاوضات في ديسمبر الماضي، ينتمي إلى «جيش الإسلام»، الفصيل النافذ في الغوطة الشرقية لدمشق. ويعد «جيش الإسلام» من أبرز الفصائل الموقعة اتفاق وقف الأعمال القتالية الساري في مناطق سورية عدة منذ 27 فبراير الماضي بموجب اتفاق روسي أمريكي، لكنه يتعرض لانتهاكات متكررة مؤخراً.
970x90
970x90