تقرير - شكلت النجاحات المحققة في أسواق الاستثمار لدى دول المنطقة أهمية كبيرة للاستمرار والنمو في كافة القطاعات المالية والاقتصادية منذ ما يزيد عن 40 عاماً، وبقيت تلك النجاحات ومستوياتها متباينة بين سوق وأخرى خلال فترات زمنية مختلفة، وذلك وفقاً لرؤية وخطط الاستثمار التي يجري تنفيذها، مع الأخذ بعين الاعتبار تأثير الأزمات المالية والاقتصادية وموجات الركود والكساد المالي والاقتصادي وما يسبقها من تقلبات سوقية وما يتبعها من تداعيات مالية واقتصادية قد يقصر أو يطول أمد تأثيرها.
ويمكن قراءة أو تفسير هذه المؤشرات من خلال مستوى التطور الذي تسجله أسواق الاستثمار لدى دول المنطقة ومستوى تقدمها وقدرتها على المنافسة على المستوى الإقليمي والعالمي، كما تظهر أيضاً من خلال قدرتها على توفير فرص الاستثمار النوعي في كافة الظروف، مع العلم بأن نجاح المناخات الاستثمارية يظهر جلياً على اقتصاديات الدول من خلال قيم الاستثمارات الأجنبية المتدفقة عليها، ومستوى الفائض أو العجز في الموازنات والحاجة إلى الاقتراض من الخارج، خصوصاً وأن معيار النجاح الاستثماري يعتمد على قدرة الاقتصاد المحلي على توليد الفرص والتدفقات النقدية وجذب الاستثمارات المتنوعة في كافة الظروف.
ويرى التقرير الأسبوعي لشركة المزايا القابضة أن لبرامج وخطط تشجيع الاستثمار العقاري وغير العقاري لدى دول المنطقة أهمية كبيرة في جذب الاستثمارات المحلية والخارجية على المستوى الإقليمي والعالمي، حيث يرى التقرير أن أدوات وآليات ووسائل جذب الاستثمارات ليست بالسهولة المتصورة، بل تحتاج إلى الكثير من الإعداد، والعمل والتخطيط والموارد والخبرات، كما تتطلب أيضاً الكثير من الوقت والجهد والصبر لتحقيق أهدافها، مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة ونوع التحديات والعقبات التي تحول دون تطوير المناخات الاستثمارية بالإضافة إلى حدة المنافسة والقدرات التي يتمتع بها المنافسون حول العالم.
يذكر أن أسواق العالم باتت تتنافس على الفرص الاستثمارية التي توفرها أسواق المال والمعادن، بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية النوعية التي يوفرها القطاع العقاري على مستوى المنتجات والفئات المستهدفة والأهداف الكامنة وراء تلك الاستثمارات التي شهدت توسعاً خارجياً نشطاً خلال السنوات العشرة الماضية، وعلى سبيل المثال نجح اقتصاد دبي في استقطاب كم غير محدود من الاستثمارات الخارجية من خلال الإعداد والتخطيط المتميز، كما نجح أيضاً الاقتصاد التركي في جذب المزيد من الاستثمارات الخليجية والعالمية من خلال تنويع فرص الاستثمار وتطوير القوانين والتشريعات، فيما حافظ السوق البريطاني على صدارة الوجهات الاستثمارية المفضلة لرؤوس الأموال الخليجية، والتي تجاوزت حاجز 120 مليار جنيه إسترليني، وتركزت على الأنشطة العقارية وأسواق المال والمصارف.
وينظر تقرير المزايا إلى الحراك الاستثماري لدى المملكة العربية السعودية بتفاؤل على الرغم من كثرة وتنوع التحديات القائمة في الوقت الحالي بالإضافة إلى طول الفترة الزمنية اللازمة للبدء بجني النتائج الإيجابية لخطط وبرامج تشجيع الاستثمار الخارجي، حيث يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه المملكة لتوسيع القاعدة الاقتصادية والسماح للمستثمر الأجنبي بالتملك الحر بنسبة 100%، بالإضافة إلى منح المستثمرين الأجانب مزيداً من الحوافز والتسهيلات تتصل بمنح الأراضي لبناء المصانع أو بالقروض لتمويل الاستثمارات الصناعية الأجنبية حتى 75% من التكاليف الخاصة بالمشروع، وفي المقابل فإن المملكة تبدو أكثر استعداداً للدخول بقوة إلى خارطة الاستثمارات العالمية بصندوق سيادي سيبلغ حجمه 2 تريليون دولار، وتترقب الأوساط المالية العالمية إلى ما ستؤول إليه الخطط والتوجهات الحكومية الخاصة بعملية خصخصة شركة «أرامكو».
حيث تسعى المملكة ومن خلال هذه التوجهات إلى أن تصبح الاستثمارات متوسطة وطويلة الأجل هي المصدر الرئيس للدخل خلال السنوات القليلة القادمة، وستتركز الاستثمارات على أصول متنوعة تشمل العقارات والأسهم والسندات وغيرها من الاستثمارات الجيدة، مع الإشارة هنا إلى أن سوق الخصخصة سيشهد المزيد من الصفقات والتي ستنعكس إيجاباً على المناخ الاستثماري ودور القطاع الخاص.
بدوره تطرق تقرير شركة المزايا إلى التجربة الإماراتية، والتي اتخذت من الشمول أساسا لها في التنمية المحلية وجذب وتشجيع الاستثمار الخارجي إلى كافة الأنشطة والقطاعات الاقتصادية الحيوية، في حين تستعد الدولة لاعتماد قانون الاستثمار الجديد الذي يجري العمل على مسودته في الوقت الحالي، ومن المتوقع صدوره نهاية العام الحالي، وبات من الواضح أن استهداف القطاعات الاقتصادية غير النفطية وبشكل خاص القطاعات الأكثر مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، وفي مقدمتها قطاع السياحة والتجارة وإعادة التصدير والموانئ بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية التي تتوفر لدى قطاع صناعة البتروكيماويات وصناعة الألمنيوم، ولذلك تولي الجهات الرسمية مزيداً من الاهتمام والمتابعة لتوفير بيئة تشريعية متطورة، بما فيها قانون الشركات الجديد، بالإضافة إلى إصدار قانون الاستثمار الجديد، خصوصاً وأن التجارب الناجحة لدى كثير من الاقتصاديات حول العالم تقوم أساساً على توفير قوانين وتشريعات جاذبة للاستثمارات، وذلك انطلاقاً من أهميتها في تسريع عمليات الاستثمار ومنح المزيد من الحوافز والمزايا للمستثمرين، يذكر أن دولة الإمارات حققت نجاحات كثيرة على صعيد التنافسية العالمية وتطوير قدراتها في أن تكون الأولى عالميا من حيث سهولة ممارسة الأعمال والوجهة المفضلة والبيئة الداعمة والمحفزة للاستثمار.
وأكد تقرير المزايا أن لدى سلطنة عمان الكثير من المزايا والفرص الاستثمارية الفريدة التي يجب أن يتم البدء باستغلالها من خلال جذب الاستثمارات المحلية والخارجية دون تأخير، حيث تعول السلطنة على موقعها الاستراتيجي لتنشيط المجالات الاقتصادية، فيما تقوم الخطط والاستراتيجيات الاستثمارية على إعطاء دور أكبر لمؤسسات وشركات القطاع الخاص العماني للمشاركة في خطط التنمية الشاملة، هذا وتحرص الجهات الرسمية على دعم أصحاب الأعمال والمستثمرين المحليين والخارجيين من خلال تقديم التسهيلات لكافة المبادرات الاستثمارية الجادة وتذليل جميع العقبات والتحديات التي تقف أمام استقطاب المزيد من الاستثمارات الخارجية، كما تتسارع الجهود من أجل التعريف بالفرص والتسهيلات الكبيرة المتوفرة في السلطنة، حيث تنشط السلطنة في تسيير وتنظيم الوفود التجارية لرجال الأعمال العمانيين للعديد من دول العالم بالإضافة إلى تنظيم زيارات للوفود الأجنبية للتعرف على فرص الاستثمار التي تتوفر لدى القطاعات الاقتصادية الحيوية.
يذكر أن السلطنة تقوم باعتماد قوائم بالفرص الاستثمارية المتوفرة، وتعمل على الترويج لها عبر اللقاءات المباشرة ومن خلال الوسائل الإعلامية والترويجية المتاحة، بالإضافة إلى التعريف بفرص وحوافز الاستثمار في السلطنة مع الإشارة هنا إلى أن المشاريع ذات العلاقة بالموانئ تعتبر من أبرز فرص الاستثمار المتوفرة.
ولن يكون الاقتصاد الكويتي بمعزل عن الحراك والاستقطاب الاستثماري الذي تسجله اقتصاديات دول المنطقة، حيث تسعى الجهات الرسمية إلى اعتماد المزيد من القوانين والتشريعات التي من شأنها أن تشجع الاستثمار وتستقطب المستثمرين من الخارج، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاقتصاد الكويتي يعد من أكثر الاقتصاديات حاجة للاستثمار الأجنبي، وبعدد لا محدود من الفرص الاستثمارية تشمل كافة الأنشطة والمجالات المالية والاقتصادية على عمومها. تجدر الإشارة هنا إلى أن الاقتصاد الكويتي يعد وجهة استثمارية مفضلة لعدد كبير من الشركات الآسيوية نظراً لما تتمتع به من انخفاض مخاطر الاستثمار على المدى المنظور وتوفر إمكانات استثمارية غير محدودة، يأتي في المقدمة ما تتمتع به من قوة مالية، فيما تبقى الحاجة إلى مزيد من التطوير على الأطر التشريعية والقانونية والتخلص من البيروقراطية التي تعيق تأسيس الشركات باعتبارها أساساً لتنظيم بيئة الأعمال وتشجيع المستثمرين بالإضافة إلى الجهود الرامية إلى تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتي ستعمل على دعم الاستثمارات المحلية والأجنبية في المستقبل.
970x90
970x90