^ ما كان خافياً قبل سنين من الآن بات واضحاً للعيان والمتابعين، وما كان بالأمس مجاملات سياسية أصبح اليوم خلافات اكتظت بالأطراف المتورطة فيها، وبين هذا وذاك شعب وجد نفسه فجأة في صراع طائفي وجو نفسي مشحون يأبى أن ينتهي، بل تتجدد الصراعات عبر روايات ملفقة وأخرى يندى لها الجبين من قبح تصرفات من ارتكبها. هل هو الحد الثاني من سلاح الإعلام؟ هل هو سوء اختيار الأدوات الاتصالية أو القائمين بالاتصال؟ أم سوء اختيار الوسائل الاتصالية التي نتعرض لها؟ هل هي أزمة المصداقية؟ غياب آلية صحيحة للمعالجة؟ أم جهل بالأسس؟ أم تعمد التجاهل؟ تزداد أسئلتنا يوماً عن يوم ولا مجيب لأبسطها!! فالجميع يشعر أنه محاط بكم من المعلومات التي يستصعب الربط بينها لغياب المنطق، أصبحنا مهاجمين بقضايا عديدة متناقضة التفاصيل عبر الإعلام الداخلي والخارجي!! يا ترى... من يرتب أولوياتنا؟؟ من يكون اتجاهاتنا؟ من يوحدها ومن يفرقها؟ ما سر ازدواجية المواقف السياسية للبعض؟ ولماذا أصبح البعض يصرح بحبه للوطن وحرصه على أمنه في المناسبات الرسمية، في حين أنه أول من يحرض في مناسبات أخرى؟! هل هي لعنة الديمقراطية وحرية التعبير التي سمحت للبعض باستغلال بعض المؤسسات الإعلامية وتجاوز مفهوم الحرية المسؤولة اجتماعياً للقيام بدور الإعلام الموجه لتسويق أفكار مغلوطة وتحشيد جمهور متوسط ومتدني الفهم لقضايا غير حقيقية تهدد أمن واستقرار الوطن وتستهدف العلاقات الاجتماعية بين أطيافه؟! هل هي لعنة الديمقراطية التي أتاحت الشفافية لدرجة تلوين الأوضاع بألوان غير ألوانها للمحافظة على هدوء مصطنع؟! أو حتى تغييب حقائق وأدلة دامغة على جرم (الخيانة العظمى) بداعي (اللحمة الوطنية) دون قراءة صحيحة وواقعية لظروف المجتمع؟ هل تخلى الإعلام عن وظائفه الرئيسة ليمتهن (التخدير) في توقيت حرج لا يصح معه إلا التوعية والتنوير؟! ما نعرفه هو أن أبسط حقوق المواطن هو العيش بهدوء وأمان والسير والانتقال عبر شوارع وطنه دون أن يحاذر أو يخاف قطاع الطرق وهواة الملوتوف والإطارات المحترقة ورمي الحجارة على المارة. حق المواطن أن لا يخشى توقيتاً لخروجه ولا حدوداً لوجهته ولا يوماً للاستمتاع بوطن آمن لا تعكر صفوه أصوات (السلندرات) وحرق الإطارات ولا فبركات القنوات ولا تجني المحسوبين على الوسط الإعلامي ولا أخبار الاعتداء على رجال الأمن أو إهانة طفل لاسم يحمله! ما نحتاجه هو قانون يحمينا داخلياً وخارجياً ممن ُيحسب على حقوق الإنسان، ومن يحسب على سلك التعليم، من الفاسدين إدارياً ومالياً، من المتلونين سياسياً، ممن يرتدون عباءة الدين لتغييب عقول كثيرة والسيطرة على اتجاهاتهم وتحريكهم يميناً وشمالاً، من عملاء الإعلام الموجه، من ناكر جميل الوطن، من الرويبضة، من دول لم نطلب وصايتها على مجتمعنا الصغير، من المتسلقين والمنافقين في كل المؤسسات، من المحسوبيات والواسطات التي أوجدت عقداً نفسية في مناصب إدارية، من الطابور الخامس، من خونة الوطن، من العملاء في السلطة الرابعة، ممن يكرس جهوده في الشحن الطائفي، من إعلام يضلل ولا ينور! حتى نحصل على حقوقنا كاملة وعلى قانون يحمينا، يجب علينا أن لا نعود إلى مرحلة السبات، يجب علينا الحذر ممن ينتظر لحظة الغفلة، يجب توعية وتثقيف أنفسنا ومن حولنا لنعرف من هو عدونا الحقيقي ونعد العدة لمواجهته بالأسلوب المناسب (فأغلب أعدائنا..عضلاتهم بالية وأدمغتهم خالية وأصواتهم عالية!!). يجب علينا عدم الصمت والاستمرار في قول الحق رغم أنف الجبناء وتهديداتهم وعدوانهم وإرهابهم الممنهج، رغم صعوبة التكيف مع القلوب المشحونة كرهاً منذ سنين وصعوبة التعايش مع العقول المغيبة عن كل منطق وحجة. يجب علينا أن نكبر على الألم ونقضي على المشاعر السلبية ونعوضها بمشاعر إيجابية يصعب معها إرجاعنا إلى نقطة البداية لنبني الوطن دون شروط، لنبنيه حباً لأرضه، ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح! ^ آخر السطور.. «مشكلة العالم أن الأغبياء والمتشددين واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائماً، أما الحكماء فتملؤهم الشكوك” برتراند راسل
970x90
{{ article.article_title }}
970x90