المحامي العام الشيخة نورة آل خليفة
قد يرى الوالدان أحياناً أن صديق ابنهم أو من يماشيه في مستوى سلوكي سيئ أو متدنٍّ، وأنتم كوالدين ترفضون هذا الشخص أو الوضع الذي فرض عليكم، فكيف يمكنكم التعامل معه بإيجابيه ومنع استمراره، يكون ذلك بحيطة وبحذر وبذكاء بحيث لا يسهم في إفلات الزمام. لأن المنع وفرض القرار قد يكون ضرورة لكن ليس حلاً أحياناً، وبالتأكيد ليس حلاً لابن في مرحلة المراهقة ومرحلة التعود على اتخاذ القرار، هنا التأثير عليهم يكون بتحويل اهتماماتهم بطرح البدائل، مع النقاش المرن والحوار حتى يحيدوا تدريجياً لا بالعنف وفرض القرار، فقد يلجأ بعض الأطفال إلى التحدي والعناد وأحياناً أخرى إلى ترك المنزل اعتراضاً على قرار الأب أو الأم، أو قد يلجأ الوالدان إلى العنف باستخدام الضرب أو تكرار التعنيف. ففي واقعة وردت للنيابة أساء فيها الوالدان التعامل مع انحرافات سلوكية بسيطة ظهرت على ابنهما فكان العنف الشديد هو القرار، فدفع الابن إلى الهرب من منزل أسرته ليلتقي ببالغ بالطريق العام استدرجه إلى منزله بذريعة أنه سيؤويه ليلاً، فهتك عرضه ومر بتجربة قاسية نالت من استقراره النفسي وانعكست على سلوكياته التي أصبحت منحرفة.
مما لاشك فيه أن الصداقة مهمة في حياة المراهقين، ذلك لأن المراهق يهمه جداً أن يكون مقبولاً عند أصدقائه وبالتالي تراه يتأثر بهم حتى ينال إعجابهم. فشاركوا أبناءكم التواصل مع الأصدقاء وبحذر، أبعدوا من ترون أن سلوكياته يشوبها سلوك انحرافي بإحلال زميل أو صديق آخر وبحذر.
ربوا الابناء منذ الصغر على الاستقلال والثقة بالنفس من خلال دمجهم في الأندية والأنشطة الطلابية ليتعلموا حدود التعامل وكيف يكونون واعين عندما يتعاملون مع أصدقائهم وبحدود، وبمتابعتهم وتوجيههم من خلال تبادل الآراء، كوالدين أو كمعلمين، ونعودهم كيف ومتى يستطيعون أن يقولوا بسهولة «لا».
ربما يرى الآباء أن أبناءهم مهما كبروا لايزالوا صغاراً لذلك يتفادون تحميلهم أي مسؤولية لكن الواقع غير ذلك، إنهم يدركون أنهم بالغين وكبار، فهم يعدون الوقت لهذه المرحلة وبأنهم قد أصبحوا في سن تكفي ليكون الابن مسؤولاً عن نفسه ويتحمل المسؤولية في كثير من الأمور فليكن ذلك، اجعلوه جزءاً من متحملي مسؤولية حل الخلافات بين الإخوة بداخل الأسرة وتحمل مسؤولية حلها بالقدر الذي ترون أنه يستحمله ثم ناقشوه فيها واسألوه عن الحلول، مما لاشك فيه سيكون قريباً من والديه وسيقدر ثقتهم فيه من ناحية، ومن ناحية أخرى سيتعلم كيف يتحمل المسؤولية وحل الخلافات بآلية النقاش وليس التسلط والعنف، فمتى ما كان تبادل الاحترام هو المعيار سيتعلم الأبناء أن الاحترام هو المعيار وليس العنف والتسلط، هذه قواعد أعتقد أنه من السهل اتباعها والعمل بها لكن يجب التمسك بها، ولا يسمح بتجاوزها، كأن يسب الأب أو الأم الأبناء أو حتى العاملين في المنزل وبحضور الأبناء ليحرج كل منهم الآخر ثم يطلبون من الأبناء الالتزام.
وهذا التناقض عادة ما يخلق الاختلاف والعنف والنزاع بين الآباء والأبناء وامتداده، وعللوها هنا إما أن تكون الآليات والحدود غير واضحة وأخل بها البعض أو غير صريحة.
فالتعليمات وما يتبعها لا بد أن تكون واضحة وصريحة، فعندما تضع آلية يتفق عليها يجب ألا تقبل معنيين، ونحن نعرف أن الثقة تختلف في درجاتها من ابن إلى آخر، فمنهم المندفع والمتهور، ومنهم الهادئ البار المتعقل، لكن لا بد أن نبدأ بالثقة فهي أساس القبول.