^ شكلت قضية الطفل عمر صدمة أخلاقية تجاوز صداها البحرين لينتشر كالنار في الهشيم في وسائل الإعلام العربية والعالمية ومحركات البحث وشبكات التواصل الاجتماعي، الصدمة الأولى التي لم يصمد أمامها الجميع هي فكرة امتهان شخص سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كيان طفل بريء لم يتجاوز الخامسة من عمره تجاوزت معلمته حدود الإنسانية لتجبره على تقبيل قدميها كل صباح، الصدمة الثانية التي لم يعرها أحد اهتماماً هي اختراق الحقل التربوي بشخصيات غير سوية تكلف بأمانة تربية أطفال البحرين وتعليمهم مهارات الكتابة والقراءة والحساب والتفكير، وقيم الحق والحب والعدالة والإنصاف وغيرها من المهارات والقيم التي لا يصلح كل من هب ودب ليحمل أمانتها!! هذه القضية أعادت إلى ذاكرتي أننا في انتظار «شاعرة الثورة» بذيئة اللسان لتكون معلمة للغة العربية في إحدى مدارسنا الابتدائية بعد أعوام قليلة، إنها الشاعرة التي اكتسب شاعريتها من رمي الناس” بأبناء الحرام” ونالت مكانتها من تقبيح لحى من تختلف معهم من رجال البحرين ووصفهم “بأشباه الرجال”، ثم جمح بي الخيال فتخيلت تلك “الشعرورة” قد صارت مديرة مدرسة ثم مسؤولة في الوزارة تخطط للتربية والتعليم في مملكة البحرين. ماذا نتوقع من هذه الشخصيات غير السوية أن تعلم أبناءنا؟ وكيف سيعاملونهم؟! إحدى المشكلات التي أنتجت أزمة التعليم في أحداث فبراير أن وزارة التربية والتعليم تحولت في الفترات السابقة إلى وزارة توظيف العاطلين فاستوعبت الوزارة فوق طاقتها من الكوادر التي رأت في التعليم مهنة من لا مهنة له، وفي وظائف الحراسة والمراسلين وظيفة من لا شهادة جامعية له؛ لذلك لم نستغرب حين ترك كثير منهم الصفوف للاعتصام وتوقفوا عن التعليم من أجل التظاهر، وعندما تأسست كلية البحرين للمعلمين كان الهدف الرئيس من وراء تأسيسها هو اختيار الطلبة المناسبين من حيث المستوى التعليمي والقيمي لتأهيلهم لوظيفة التعليم، وكانت المقابلات الشخصية للمتقدمين للكلية تهدف إلى اكتشاف قدراتهم وميلهم لوظيفة التعليم، ولكن ما قام به بعض طلبة كلية المعلمين من اعتداء على زملائهم وتورطهم في أحداث الجامعة، و”فضيحة الشاعرة البذيئة”، ومن ثم إعادتهم للدراسة في كلية المعلمين نفسها ليتخرجوا منها معلمون (يعلمون الناس الخير) أصابنا بإحباط كبير. ستنتهي قضية الطفل عمر بحل قانوني قد يرضى عنه ولي أمر الطفل والرأي العربي والإسلامي الذي أصبح شريكاً لنا في الصدمة وقد لا يرضيهم، ولكن سيبقى ملف قضية تأمين الساحة التربوية من الدخلاء على التربية وأصحاب النزعات الطائفية والعنصرية ملفاً مفتوحاً ينتظر من يطلع عليه ويحمل هم متابعته وحله، وستبقى قضية ثقة المجتمع بالمعلم باعتباره معلماً أمراً مقلقاً نخشى أن تتسرب إليه عمليات الفرز والتشكيك، فما الحل قبل تفاقم الأزمة؟ لا أهدف من وراء كلامي إلى التشكيك في المعلم البحريني ونزاهته أو إلى زعزعة الثقة في الميدان التربوي البحريني، فالمعلم البحريني يعاني من سوء وضعه الوظيفي وتراكم المهام الوظيفية المفتوحة إلى ما لا نهاية، غير أن سلوك بعض المحسوبين على التعليم قد زاد في معاناته وأزماته، وقد يدخله في أزمة ثقة مع المجتمع. مسؤولية كبيرة أمام وزارة التربية والتعليم لإعادة بث الثقة في المجتمع المدرسي داخله وخارجه، والوزارة مطالبة بوضع تدابير تحول دون جعل البيئة المدرسية بيئة استقطابات سياسية وطائفية تضر بالعملية التربوية وتضر بالمجتمع، وتلك هي إحدى توصيات اللجنة المكلفة بمتابعة توصيات تقرير البروفسور بسيوني. التعليم صمام أمان البحرين وطريق العبور من الأزمة، فلتكن البيئة التعليمية آمنة ليأمن الناس على أبنائهم.