حسن الستري
أكد الخبير الدولي المتخصص في الأخطاء الطبية، د.خالد الدويري، عدم وجود قانون خاص في البحرين يحكم المساءلة الطبية في حال الأخطاء الطبية، إذ يتم اللجوء للقانون المدني. مشيراً إلى أن قسم التراخيص والمهن الصحية، أو ما ماثلهما ليست لها علاقة بالمساءلة في الأخطاء الطبية. داعياً إلى ضرورة إيجاد قانون في البحرين أسوة بالإمارات العربية المتحدة، التي وضعت قانوناً عصرياً للمساءلة الطبية في حال حدوث أخطاء طبية.
وأوضح الدويري الحاصل على الدكتوراه في الأخطاء الطبية مع مرتبة الشرف من جامعة غرناطة بإسبانيا، خلال محاضرة بمركز الجزيرة الثقافي بحضور نواب وأطباء ومحامين وعدد كبير من المواطنين، حول ضرورة اصدار تشريع يتضمن مجموعة من البنود الواجب إدراجها ضمن قانون المسؤولية الطبية والمتمثلة في «تعريف مفهوم الخطأ الطبي»، و»التدريب المهني والتعليمي المستمر للأطباء، بالإضافة إلى التأكيد على نزاهة الممارسة الطبية»، بهدف سد الثغرات القانونية في المجال الطبي، وضمان إثبات الأخطاء الطبية في كافة الأصعدة.
وعرف المحاضر .د. الدويري «الخطأ الطبي» بأنه «كل إهمال يصدر عن الطبيب فيما يتعلق بالأصول الفنية للمهنة»، داعياً إلى وجوب التفرقة بين «الخطأ في التشخيص»، و»الغلط العلمي في التشخيص»، حيث إن المفهوم الأول يتمثل في عدم اتِّباع الطبيب للأصول العلمية في ممارسة المهنة، أما «الغلط في التشخيص» فقد يحدث نتيجةً لتفاوت المهارات الطبية بين الأطباء.
تشكيل لجنة طبية
ونوه ً إلى أهمية تشكيل لجنة طبية محايدة ومستقلة للنظر في الأخطاء الطبية ومعالجتها، ضمن رقابة حكومية مستمرة على المؤسسات الطبية العامة والخاصة وتعميم مفهوم المسؤولية القانونية للطبيب على الطلبة، بالإضافة إلى عقد الندوات، وورش العمل للأطباء والقانونيين، للتعريف بحقوق وواجبات الأطباء والمرضى.
وأضاف «لجان التحقيق وضعت قانوناً عصرياً في الإمارات، فلماذا لا نضعه في البحرين، يجب أن تكون هناك لجنة عليا متخصصة في الأخطاء الطبية، كما يجب أن تكون هناك لجنة عليا تابعة لوزارة الصحة تهتم بهذا المجال، فيما يجب أن تؤخذ القضايا بغاية السرية، ولا يصح تداول اسم المريض والطبيب المخطئ قبل التحقيق.
وأشار المحاضر د. خالد الدويري إلى ضرورة تأهيل طلبة الجامعات والمعاهد للقيام بالأعمال القانونية في كافة الأصعدة وخاصة الطبية ، بالإضافة إلى الإسهام في تطوير الثقافة القانونية لدي الأطباء والمرضى.
«الأخطاء»
ثالث أسباب الوفاة
وأوضح الدويري أن الأخطاء الطبية هي السبب الثالث للوفاة في البحرين بعد أمراض السرطان وحوادث السير، مشيراً إلى أن عدد الوفيات سنوياً جراء الأخطاء الطبية يبلغ 100 حالة في العام.
وتطرق الدويري إلى جدلية الموت الرحيم، وهي عملية فصل الأجهزة عن المتوفى إكلينيكياً، مبيناً أن هذا الأمر مباح في الدول الغربية، ولكن في الدول الإسلامية محظور، ويعتبر قتل، وذلك راجع لإيمان الدول الإسلامية بالقضاء والقدر.وفي هذا الصدد، أوضح رئيس الأطباء بمجمع السلمانية د.جاسم المهزع، خلال مداخلة في الندوة، أنه حصلت حالة في البحرين لطفل توفي إكلينيكيا، وطالب الأهل بإيقاف الأجهزة عنه وإراحته، فتم استفتاء عدد من مشائخ الدين مثل الشيخ عبداللطيف آل محمود، والشيخ إبراهيم السعد، اللذين بدورهم استفتيا دولة الكويت والمملكة العربية السعودية، وجاءت الفتويان متناقضتين، إذ قالت أحداهما بالحرمة، والآخر بالجواز.
شرط «إخلال المسؤولية»
وأوضح أن كثيراً من المستشفيات الخاصة، في البحرين تطلب من المريض قبل الخضوع لمختلف العمليات الجراحية إلزامية التوقيع على الإعفاء من المسؤولية، في المقابل نجد أن المريض يخضع بحكم الضرورة اللحظية للشروع مباشرة في التوقيع دون أدنى اعتراض، غير أن التوقيع على أخلاء المسؤولية من قبل المستشفيات الخاصة قبل إجراء العمليات يعد باطلاً قانونياً، ذ لا يجوز الإعفاء مسبقاً من المسؤولية، مبيناً «نعم قد يعفى لاحقاً من التعويض».
وذكر الدويري خلال المحاضرة أن جمعية الأطباء في البحرين لا تلعب أي دور بالنسبة للأخطاء الطبية، مشيراً إلى أن ذات التنظيم المماثل في المملكة الأردنية مثلاً يعمل بشكل رقابي ومسلكي.وأوضح أن مشكلة البحرين، فيما يختص بالمساءلة القانونية للأخطاء الطبية، أنه لا يوجد محامون متخصصون عن تقدير الضرر الذي أصاب المريض أو ذويه، كما أن المريض قد تحدث له مضاعفات مستقبلاً نتيجة الخطأ الطبي، الأمر الذي يكون تحديده صعباً إلا على مختصين بارعين.
التأمين على الأخطاء
وفيما شدد الدويري على ضرورة التأمين على الأخطاء الطبية، كما هو موجود في بعض دول العالم، حيث يتم تعويض الشخص الذي تعرض للضرر، قال المهزع «المبدأ العام أن الطبيب لا يلتزم بتحقيق نتيجة وإنما بذل عناية، ويستثنى من ذلك أطباء التشخيص وطبيب الأشعة، وإذا ما ثبت أن الطبيب لم يقم بالعناية اللازمة، أو كانت المؤسسة الطبية غير مؤهلة، فيكون هناك الخطأ الطبي».
وذكر أن «وزارة الصحة دورها في مراقبة المستشفيات صفر»، لأن الرقابة أحيلت للمجلس الأعلى للصحة، ووزيرة الصحة نائب رئيس المجلس، ولكن جمعية الأطباء قامت بعدة أدوار وشكلت لجنة أخلاقيات المهنة». مؤكداً «لا يحق لنا اتخاذ إجراء ضد طبيب إلا بعد تحويله لهيئة تنظيم المهن الصحية، ويكون الإجراء الإداري وقد يحول للنيابة».
فيما قال رئيس كتلة التوافق الوطني بمجلس النواب، النائب عيسى تركي إن الكتلة على استعداد لتبني مشروع قانون يحكم المساءلة الطبية بالبحرين على غرار القانون الإماراتي.
أما النائب محسن البكري، ذكر أن بعض المستشفيات الخاصة مسالخ بشرية والقائمون على المستشفيات أغنى من تجار الأسلحة. مؤكداً «هناك تكتم رسمي على الأخطاء الطبية».
وأضاف الدويري، «إنه يوجد بالمراكز الصحية في الدول المتقدمة (طبيب عائلة)، حيث يجلس المريض عند الطبيب نصف ساعة، فإذا لم يستطع تشخيصه بعثه على استشاري متخصص، كما أن الطبيب لا يستطيع أن يحدد نسبة نجاح العلاج، بل يحدد بذل العناية بالنسبة للمريض بالملاحظة العلمية، ويحدد الخطأ الطبي على ضوئها، إضافة إلى أن الطبيب قد يقوم بواجبه وتنجح العملية ثم تحصل له مضاعفات لا علاقة لها بالعملية ويتوفى، فليس معنى وفاة المريض أثناء العلاج أن هناك خطأ طبياً».