عواصم - (وكالات): ازدادت الأزمة العراقية عمقاً مع عقد البرلمان جلسة سادتها الفوضى وتنظيم تظاهرات عارمة في العاصمة بغداد تطالب بتشكيل حكومة جديدة تطبق الإصلاحات وتحارب الفساد، فيما قالت نائبة مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة كيت غيلمور إن «العراق تديره حكومة فاشلة»، ودعت المجتمع الدولي لعدم السماح لنفسه بالتورط مع القيادة العراقية الحالية، محذرة القوى الأجنبية من المشاركة في «تجاهل محنة عموم العراقيين»، مشيرة إلى أن «أهداف الحرب هناك تحجب الأزمة الإنسانية».
وخلال جلسة جديدة للبرلمان كان يفترض خلالها التصويت بالثقة على التشكيلة الحكومية الجديدة، قام نواب غاضبون برمي قوارير مياه باتجاه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ومنعوه من عرض تشكيلته الوزارية وسط أجواء من الهرج والمرج، وفق ما أفاد نواب حضروا الجلسة.
وفي وقت لاحق، رفع مجلس النواب العراقي جلسته بعد تصويت أعضائه الحاضرين على إقالة عدد من الوزراء وتسمية وزراء بدلاً منهم ضمن التشكيلة الوزارية الجديدة التي تقدم بها العبادي.
وصوت البرلمان برئاسة سليم الجبوري وحضور أكثر من 170 نائباً من أصل 328 على إقالة 6 وزراء وتعيين 6 بدلاً عنهم.
كما أجل البرلمان التصويت على مرشح العبادي لوزارة الخارجية الشريف علي بن الحسين بعد اعتراض النواب الكرد عليه.
وحضر العبادي للمشاركة في جلسة دعا إليها الجبوري للتصويت على التغيير الوزاري الذي تعارضه الكتل السياسية الكبيرة.
لكن النواب المعتصمين الذين قاموا بإقالة هيئة رئاسة البرلمان في جلسة مثيرة للجدل قبل أسبوعين، اعتبروا جلسة أمس غير قانونية، وهتفوا «باطل» و«لا شرعية» على الرغم من حضور 140 نائباً.
وعندما بدأ رئيس الوزراء بإلقاء كلمته، قام عدد من النواب المعتصمين داخل البرلمان برمي قوارير مياه باتجاه المنصة التي كان يقف العبادي خلفها.
وقالت النائب هناء تركي من ائتلاف دولة القانون الذي ينتمي إليه العبادي «اعتدوا على رئيس الوزراء داخل قبة البرلمان».
وعلى إثر ذلك، اندلعت مشادة بين رئيس الوزراء والنواب الذين هاجموه، وأحاط عناصر الحماية برئيس الوزراء خوفاً من تعرضه للأذى، وانتشر الجيش بكثافة خارج القاعة في مشهد لم يحدث من قبل.
وقال النائب محمد الطائي وهو أحد النواب المعتصمين «مازلنا مستمرين في اعتراضنا، يريدون تمرير مؤامرة على الشعب العراقي واتفقوا على تقاسم الوزارات». وأضاف «غادر رئيس الوزراء ولم يعرض الأسماء لأننا منعناه بهتافاتنا وشعاراتنا»، مضيفاً «إن الشعارات كانت تركز على عدم دستورية هيئة الرئاسة وعدم قانونية الجلسة».
وعلى الأثر، تم تغيير مكان انعقاد الجلسة ومنع النواب المعترضون من الدخول.
ويسعى العبادي منذ اسابيع الى تشكيل حكومة تكنوقراط تحل محل الوزراء المحسوبين على الكتل السياسية بهدف تطبيق الاصلاحات التي تم تبنيها في 2015 لمكافحة الفساد اثر تظاهرات شعبية ضد المحسوبيات.
ولكن التغيرات رفضتها الاحزاب التي تعتمد على المناصب الوزارية لضمان حمايتها وتمويلها.
ويعاني البرلمان العراقي من حالة شلل منذ أسابيع بسبب الأزمة ونظم نواب اعتصاماً وعملوا على إقالة الجبوري وذهبوا حتى إلى تعيين شخص آخر مكانه.
وقبل أسبوع دعا العبادي النواب إلى تجاوز خلافاتهم وأداء عملهم لكنهم لم يستجيبوا لدعوته.
وفي حين كان البرلمان يشهد جلسة صاخبة، تظاهر آلاف العراقيين استجابة لنداء رجل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للضغط على الحكومة من أجل تطبيق الإصلاحات. ويحتج المتظاهرون على توزيع الحقائب الوزارية والمناصب العليا على أساس المحاصصة السياسية والطائفية المتبعة منذ سنوات.
وشارك متظاهرون في مارس الماضي في اعتصام استمر أسبوعين للمطالبة بحكومة من التكنوقراط كفيلة بشن حرب على الفساد الذي ينخر الطبقة السياسية ومؤسسات الدولة والذي أدى إلى تردي الخدمات العامة في ظل أزمة اقتصادية ناجمة عن التدهور الكبير لأسعار النفط في حين يخوض الجيش معارك دامية ضد تنظيم الدولة «داعش» المتطرف.