واشنطن - (أ ف ب): يسعى البنك الدولي إلى استئصال الفقر في العالم، غير أن حملته من أجل تحقيق هذا الهدف لاتزال تتوقف عند حدود إيران بالرغم من تخفيف العقوبات المفروضة عليها وحاجتها الصارخة على الصعيد الاقتصادي، بفعل ضغوط إمريكية نتيجة فرض واشنطن عقوبات على طهران تتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية ودعم الإرهاب.ويتردد البنك الدولي في استئناف أنشطته في إيران المفروض عليها العقوبات منذ 2005. وأقر رئيس البنك الدولي الأمريكي جيم يونغ كيم منتصف أبريل الحالي «إننا نتابع الوضع عن كثب (...) لكن ليس لدينا في الوقت الحاضر أي مشروع محدد يهدف إلى منح قروض لإيران». ولم تقدم سلطات طهران في الواقع طلبا بذلك، لكن تحفظات المؤسسة المالية مردها أسباب أخرى، يلتقي فيها الاقتصاد مع الجغرافيا السياسية، والحرص على عدم إثارة استياء العملاق الأمريكي.وتبقي الولايات المتحدة، المساهم الأول في البنك الدولي، الالتباس محيطاً بالأبعاد الحقيقية لقرار رفع العقوبات جزئياً عن إيران بموجب الاتفاق حول ملفها النووي الذي ابرم في يوليو 2015 ودخل حيز التنفيذ مطلع العام الحالي.ومن الناحية النظرية، لا تحول العقوبات الأخرى التي لاتزال مفروضة على طهران على خلفية برنامجها للصواريخ البالستية ودعمها للإرهاب، دون تعامل البنك الدولي أو «غيره من المؤسسات المالية الدولية» مع إيران، بحسب ما أوضحت متحدثة باسم الخزانة الأمريكية. لكنها قالت إن ممثل الولايات المتحدة في البنك الدولي ملزم بموجب التفويض الذي منحه إياه الكونغرس بـ«التصويت ضد القروض لإيران».ويمكن للمصرف نظرياً تخطي المعارضة وتمويل مشاريع إنمائية على صعيد المواصلات والطاقة والبنى التحتية وغيرها، في بلد تفشى فيه الفقر نتيجة الحظر الاقتصادي. لكن الواقع أن أي استياء يمكن أن تبديه القوة الاقتصادية الأولى في العالم قد تكون له انعكاسات. وقال الخبير في معهد «بيترسون» للدراسات الاقتصادية الدولية جاكوب كيركغارد «من الواضح أن هناك مخاطر سياسية بالنسبة للبنك الدولي إن ارتبط بإيران، لأن الكونغرس قد يكون رده سلبياً للغاية».ويعارض الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون بقوة الاتفاق مع إيران، وهو يملك وسيلة ضغط قوية، إذ يمكن أن يعارض صرف الأموال التي وعدت الولايات المتحدة بها البنك الدولي من أجل مساعدة الدول الأكثر فقراً. وتشكل العقوبات التي لاتزال قائمة عقبة ثانية كبيرة في وجه البنك الدولي.وقال المسؤول السابق في البنك الدولي بول كاداريو «في ظل وجود سعي إلى تمويل مشاريع ستخضع لاستدراج عروض دولي، من الواضح أن استمرار وجود عقوبات أمريكية يعقد الوضع».ويترتب على المؤسسة المالية التثبت من أن مشاريعها غير مرتبطة على الإطلاق بالأشخاص والشركات الإيرانية المشمولة بالقائمة السوداء الأمريكية والتي لها وجود طاغ في الاقتصاد الإيراني.وقد تتردد الشركات قبل أن تشارك في هذه المشاريع، خشية أن تمر المدفوعات «عبر النظام المالي الأمريكي» ما سيعرضها لتدابير أمريكية، بحسب ما أوضح كاداريو، الأستاذ في جامعة تورونتو. وسبق للبنك الدولي أن واجه مثل هذا الوضع حين اضطر عام 2007 إلى تعليق تسديد 5.4 مليون دولار مرتبطة بمشروع يعود إلى ما قبل 2005، بعدما اكتشف أن الأموال تمر عبر بنك «ملي» الإيراني المستهدف بعقوبات أمريكية.ولا تقتصر الصعوبات على البنك الدولي وحده، بل إن عودة المؤسسات المالية ككل إلى إيران تصطدم بعقبات، ما يثير استياء السلطات. وتعليقاً على هذا، قال حاكم البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف مؤخراً «طلب منها عدم التعامل مع المصارف الإيرانية وهي خائفة، هذا طبيعي».في هذه الأثناء، بدأت طهران تتحول عن البنك الدولي الذي يهيمن عليه الغربيون، وتقترب من مؤسسات بديلة. وإيران من الأعضاء المؤسسين للبنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية، وتسعى أيضاً للانضمام إلى البنك الذي أسسته الدول الناشئة الكبرى من مجموعة «بريكس» التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وأفريقيا الجنوبية.
970x90
970x90