تعد زيارة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى الحالية إلى مصر، زيارة ناجحة بكل المقاييس وشهد بنجاحها الجميع لتكون زيارة تاريخية بامتياز.
وحققت الزيارة أهدافها كاملة وأذنت بتاريخ جديد للعلاقات البحرينية المصرية زاهر ومفعم بالتعاون والأمل للشعبين الشقيقين نتيجة الجهود المضنية التي بذلتها قيادتا البلدين في الإعداد والتخطيط لتحقيق هذا الإنجاز الكبير ومن ورائهما فريق عمل استطاع تحقيق رؤية القيادتين بشكل سليم يستحق الثناء والتقدير.
وبدت رياح الأمل تهب منذ تم الإعلان عن زيارة حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى إلى مصر والتي جاءت بدعوة من أخيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإرساء خطوات تدعيم التعاون الثنائي بين البلدين لتسير في المسار المناسب لها، حيث بدا الترحيب الكبير بالزيارة من الجانبين البحريني والمصري أول مؤشرات النجاح ومنح جميع المراقبين الثقة في أن هذه الزيارة لن تكون كغيرها من الزيارات السابقة وأنها تؤذن بميلاد فجر جديد للعلاقات ليس بين البلدين فقط ولا بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر فقط ولكن بين الدول العربية جميعها.
كما إن المتابع للزيارات المتتالية من قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى مصر في الآونة الأخيرة والتي بدأت بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة ثم زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي وتواصلت بزيارة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، يلاحظ أن جميعها يصب في إطار هدف واحد رئيس وهو تدعيم قوة مصر في ظل إيمان القادة الثلاثة أن مصر هي بيت العرب.
وقامت دول مجلس التعاون الخليجي بدور سيذكره لها التاريخ بحروف من نور في إنقاذ الأمة من هذا المصير المجهول، فكان لها دورها المشهود في اليمن وفي سوريا والعراق، وحمت الأمة العربية من الأطماع الإيرانية التوسعية ووقفت مع مصر وقفة مشهودة لاستعادة الأمن والاستقرار بها، وها هي مستمرة في أداء دورها رغم الأعباء الثقال لهذا الدور ولكن هكذا الرجال يصمدون وقت النزال والشدة فعلى الرغم من المتاعب والمشاق ماتزال دول الخليج العربية تواصل دورها في إنقاذ الأمة العربية حيث ظهرت بوادر النصر وها هي تذيق أعداء الأمة كؤوس الهزيمة يوماً بعد يوم.
يذكر أن البحرين بقيادة مليكها المفدى كانت من أوائل الدول التي أعلنت المشاركة في هذه المهمة التاريخية العظيمة وساهمت بما يفوق حتى إمكاناتها في هذا المجهود العظيم على عدة جبهات، لاستعادة الشرعية في اليمن وفي محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي وفي حماية الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية وفي حماية بحر العرب وفي حماية حياة اللاجئين السوريين.
وحرص جلالة الملك المفدى خلال الزيارة على التأكيد على هذه المعاني الكبيرة حين شدد على أن المملكة ستسخر جميع إمكانياتها السياسية والاقتصادية لخدمة مصر، تعبيراً عن تقديرها لدور مصر العظيم في حماية المقدرات الوطنية.
وأعرب جلالته عن سعادته بنتائج اللجنة المشتركة بين مصر والبحرين والتوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في عدة مجالات، مؤكداً أن الزيارة ستشهد نجاح سيكون محطة قوية في تاريخ العلاقات بين البلدين.
وبادلت مصر جلالة الملك حبه الكبير هذا لأرض الكنانة بحب كبير أيضاً بدا جلياً في الترحيب الكبير والمنقطع النظير بهذه الزيارة من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وكافة المسؤولين والنواب وقادة المجتمع المدني واصطفاف أبناء الشعب المصري لتحية جلالته وتأكيد الرئيس السيسي وقوف مصر الدائم بجانب مملكة البحرين ضد أي تهديدات خارجية أو مساع للمساس بها، مضيفاً أن مصر القوية ستظل سنداً لأشقائها.
كما تم منح جلالة الملك قلادة النيل التي تعد أرفع وسام مصري، تقديراً للعلاقات التاريخية والوطيدة التي تجمع بين البلدين، بالإضافة إلى المواقف النبيلة التي اتخذها جلالة الملك إزاء مصر.
وعبرت وسائل الإعلام المصرية عن عظيم الامتنان لمواقف جلالة الملك والبحرين في دعم مصر وأفردت كبريات الصحف المصرية ومحطات التلفزة تغطية شاملة للزيارة وأهدافها مثنية على دور جلالة الملك وشعب البحرين في الوقوف إلى جانب القاهرة في هذه المرحلة التاريخية المهمة.
وحرص جلالة الملك المفدى خلال زيارته على زيارة رمزي الديانة الإسلامية والمسيحية في المنطقة، فزار جلالته الأزهر الشريف حيث أعرب عن عميق شكره وتقديره للأزهر الشريف علي مواقفه الداعمة لوحدة شعب البحرين واستقراره، مؤكداً أن هذه المواقف المشرفة ليست بغريبة علي الأزهر المعروف بالوسطية والاعتدال والانتصار للحق، مضيفاً جلالته أن للأزهر وعلمائه دوراً رائداً في خدمة الإسلام والمسلمين منذ أكثر من ألف عام، منوِّهًا بالدور الحيوي والمهم الذي يضطلع به الأزهر الشريف في العناية بالثقافة الإسلامية الأصيلة وإعلاء قيم التسامح والفضيلة والخير.
كما زار جلالته الكاتدرائية المرقسية والتقي البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، حيث أكد جلالته أن الكنيسة لها مواقف مشرفة عبر التاريخ، وتعانقت منارتها مع منارة الأزهر الشريف، ونثمن دورها في ترسيخ قيم التسامح ونشر المحبة والسلام. وهكذا كانت زيارة جلالة الملك لهذين المنبرين الدينيين المهمين في المنطقة تأكيداً لاهتمام جلالته وحرصه على تدعيم المؤسسات الدينية الوسطية لتكون قادرة على محاربة التطرف والإرهاب باسم الدين وتمارس دورها المنشود في حماية الشباب من الانضمام إلى المنظمات الإرهابية.
يشار إلى أن هذه الجهود الكبيرة من جانب جلالة الملك المفدى لدعم العلاقات الثنائية بين البحرين ومصر وتدعيم العمل العربي المشترك ومكافحة الإرهاب والعنف وتدعيم المؤسسات الوسطية المعتدلة كانت من أهم عوامل نجاح الزيارة التي قام بها جلالته لمصر، وإلى جانب ذلك الحب الكبير الذي يحمله جلالته لمصر وأهلها والرغبة الصادقة في أن تعود لأداء دورها الريادي والقيادي في المنطقة.