أكد الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية خالد الرميحي على ضرورة تعزيز محركات النمو البديلة من أجل ضمان استمرار النمو الاقتصادي باعتباره التحدي الأكبر في مواجهة تراجع أسعار النفط بهدف المحافظة على النمو الاقتصادي بعد أن انخفضت معدلات النمو من 4.5% خلال العام 2014 إلى 3% في 2015.
وأضاف أن نموذج التنمية الاقتصادية في البحرين تطور بتقليص دور الحكومة المعتمد على النفط، إلى تعزيز محركات النمو البديلة من أجل ضمان استمراريته.
وقال الرميحي إن مجلس التنمية الاقتصادية نجح في استقطاب 194 شركة خلال الفترة من 2009 وحتى 2014 حجم استثماراتها مليار دولار خلقت ما يفوق 4 آلاف وظيفة.
جاء ذلك في أول لقاء يجمع الرميحي مع صحيفة «الوطن» برئاسة رئيس التحرير يوسف البنخليل، خلال زيارته مقر الصحيفة بحضور مدير التحرير ورئيس قسم المحليات والقسم الاقتصادي وعدد من الكتاب.
وأكد الرميحي خلال اللقاءبأن دور المجلس يتمثل في جذب الاستثمارات لمملكة البحرين للمساهمة في خلق فرص العمل في السوق المحلية، وقال «نعم نحن مسؤولون عن رسم السياسة الاقتصادية للدولة، ولكن يجب تعريف السياسة الاقتصادية في بادئ الأمر: السياسة الاقتصادية هي تحديد توجه الحكومة فيما يتعلق بتنويع مصادر الدخل وكيفية تعزيز النمو الاقتصادي، ولكن لا تتضمن السياسة المالية أو النقدية للحكومة من ناحية الميزانية أو المصاريف أو سعر الدينار البحريني مثلاً.» وأوضح أن طموحاتنا أكبر خلال الأعوام الـ 5 المقبلة حيث سيواصل المجلس مساهمته في خلق فرص العمل في السوق المحلي من خلال جذب الاستثمارات الى المملكة، معبراً عن ثقته بأن المجلس سيواصل تحقيق أهدافه، حيث إن هناك مميزات خاصة للبحرين هي بحاجة إلى تسويقها بالطريقة الصحيحة، إذ يحتاج التسويق إلى تحديد العرض الذي سيتم تقديمه أمام المستثمر ليكون أكثر تنافسية مقارنة مع ما تقدمه الدول الأخرى مثلاً.وفصَّل التدابير المناسبة التي اقترحها المجلس لتنمية الاقتصاد بالقول، إن «الجزء الأول يتمثل في تحريك رأس المال بفعالية أكبر واتباع طريقة منظمة لاستقطاب الاستثمارات بإقناع المستثمر بالمميزات التي تنفرد بها المملكة بجانب تقديم عرض مغرٍ لاستقطابه».
وقال الرميحي في هذا الشأن: «من المستحيل أن تستقطب البحرين كافة أنواع الاستثمارات»، لكنه أكد أنه «يجب التركيز على فكرة وطبيعة ونوعية الاستثمار حتى يقدم ميزة إضافية إلى المملكة».
وفيما يلي نص الحوار:
رؤية المملكة 2030
«الوطن»: عمل المجلس قبل 2011 على مشاريع تطويرية واليوم نتحدث عن رؤية 2030 مختلفة ما مصيرها وهل تم تجميدها؟
الرؤية الاقتصادية موجودة، وهي رؤية المملكة وهي مستمرة في مراجعتها وتطبيقها، فمجلس التنمية الاقتصادية من جهته لا زال هدفه الرئيس تحقيق الرؤية الاقتصادية 2030 والتي لا تنحصر فقط على المجلس بل على جميع الهيئات والمؤسسات الحكومية.
حددنا في خطة عمل المجلس التركيز على 5 قطاعات من أصل 8 قطاعات تم النظر إليها لاستقطاب الاستثمارات وهي: الخدمات المالية، وتقنية المعلومات، والترفيه والسياحة، والقطاع الصناعي، والنقل والخدمات اللوجستية، حيث تتم مراجعة هذه القطاعات بشكل دوري ومستمر.
وقال الرميحي «قدم الرئيس التنفيذي السابق لمجلس التنمية الاقتصادية المهندس كمال بن أحمد استراتيجية المجلس ضمن استراتيجية الحكومة في العام 2015 قبل أن أتولى منصبي آنذاك، حيث تقوم الحكومة بترجمة الاستراتيجية إلى خطة عمل تقدم إلى مجلسي النواب والشورى، وكل وزارة تتبنى خطواتها خلال الفترة المقبلة لترجمة الطموح إلى أهداف رئيسة، والوزارة هي المسؤولة عن تحقيق هذه الأهداف وفي نهاية المطاف تكون خطة عمل الحكومة هي مسؤولية الوزارات.
فنحن مستمرون في الرؤية، لكن تركيزنا اليوم يتمثل في زيادة جهودنا لاستقطاب الاستثمار والمساهمة في خلق فرص العمل في السوق المحلي، إذ من المهم متابعة المشاريع الاستراتيجية لأن هدف المجلس الأول ألا يقل النمو الاقتصادي عن 3%.
«الوطن»: كم تمثل استثمارات البينة التحتية في المملكة للأعوام المقبلة؟
يتابع مجلس التنمية الاقتصادية استثمارات تبلغ قيمتها 32 مليار دولار خلال الأعوام الـ8 المقبلة وتعادل تقريباً الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، فإذا استثمرت البحرين هذا الرقم على أرض الواقع فسيتم تحقيق النمو الاقتصادي المنشود.
فتلك الاستثمارات تشمل 7.5 مليارات دولار من الدعم الخليجي بواقع 2.5 مليار دولار لكل من السعودية والإمارات والكويت، ويكون صرف تلك المبالغ من مسؤولية الحكومة لأن التمويل يقدم من الصناديق التمويلية.
كما أن نحو 10 مليارات دولار عبارة عن استثمارات شبه حكومية تشمل تحديث مصفاة «بابكو» بقمية 4 إلى 5 مليارات دولار، ومشروع الخط السادس في «ألبا» بـ 3 مليارات دولار بجانب بعض المشاريع التي تقوم بها «ممتلكات» كالفنادق، حيث يتابع مجلس التنمية هذه الاستثمارات بشكل مستمر وهي ليست معتمدة على ميزانية الحكومة بشكل مباشر، إلى جانب مليار دولار لتوسعة مطار البحرين الدولي.
ومن بين تلك الاستثمارات حوالي 14 مليار دولار وهو رقم تقديري لاستثمارات يقوم بها القطاع الخاص بينها مشروع «الأفنيوز»، و»ديار المحرق»، و»دلمونيا»، إلى جانب أرض لوجستية تابعة لبنك السلام قرب مطار البحرين الدولي.
ولم يتم تضمين مشروع جسر الملك حمد الرابط بين المملكة العربية السعودية والبحرين لأننا نتحدث عن مشروعات تجاوزت مرحلة الإنشاء أو هي قيد الإنجاز حالياً.
قدرت «ميد» حجم الاستثمارات المرتقبة بنحو 60 مليار دولار، حيث إن الحكومة حريصة على أن يكون استثمار هذه المبالغ في البنية التحتية مثل السكن، والمدارس والمستشفيات مع وجود معايير لاستخدامها.
متابعة المشروعات
«الوطن»: ما دوركم في متابعة مشروعات الـ 32 مليار دولار؟
دورنا التأكد أن تنفذ تلك المشاريع على أرض الواقع دون عراقيل، وإذا ما وجدت مشاكل تعيق تنفيذها فإن دور المجلس يكون هنا البحث عن المسببات ومن ثم تقديمها إلى الحكومة ليتم معالجتها.
فدور مجلس التنمية، يتمثل في رسم السياسة الاقتصادية للدولة عبر تحريك رأس المال بفعالية أكبر والاستثمار في دعم النمو الاقتصادي طويل المدى، إلى جانب اتباع طريقة منظمة لجذب الاستثمارات المطلوبة للمساهمة في خلق فرص عمل في السوق المحلي.
يقع ضمن اهتمامنا بشكل دائم «كيف نستقطب الاستثمارات والمساهمة في خلق فرص عمل»، ففي حين تهتم جهات أخرى أن يكون البحريني مؤهلاً لكسب الوظيفة، فإن دورنا التركيز على الاستثمارات، المحلية والإقليمية والعالمية.
«الوطن»: ما هي مؤشرات النمو خلال الأعوام الـ5 المقبلة؟ وهل يوجد مؤشرات قياس مثل دبي؟
تقلبات أسعار النفط العالمية تمثل تحدياً صعباً أمام تحديد نسب النمو، ففي العام 2015 توقعنا تحقيق نسبة نمو تصل إلى 3.5% ومن ثم هبطت أسعار الخام بشكل كبير أواخر العام 2015 ووصلنا إلى ناتج محلي إجمالي يبلغ 3%.
لكن، نتوقع أن يحقق القطاع غير النفطي نمواً تتراوح نسبته بين 3.5 إلى 4%، ولدينا تفاؤل أن تساعد مشاريع البنى التحتية التي يتم تنفيذها في تحقيق مزيد من النمو، فالقطاع النفطي هبط بما بين 1.5 إلى 2% العام الماضي والآن تحسنت أسعار النفط قليلاً ما يصعب التنبوء بوضع أرقام محددة.
أما الشق الثاني بخصوص مؤشرات القياس، فإن لدى مجلس التنمية الاقتصادية تقرير فصلي ينشره في نهاية كل ربع سنة، ويتم وضعه على الموقع الإلكتروني لمجلس التنمية الاقتصادية بالإضافة إلى نشر أخبار صحفية حوله ليوفر المعلومات الكاملة حول الاقتصاد المحلي بكل شفافية.
«الوطن»: أين شعار «Business Friendly» الذي يمثل هوية المجلس؟
شعار «بزنس فرندلي» لازال موجوداً حيث وضعه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، إذ أكد سموه أنه يجب التأكد من أننا نستحق هذا الاسم ونثابر بأن تكون البحرين «Business Friendly»، وما زال الشعار الرئيس للمجلس وهو موجود في كل زياراتنا الخارجية.
معوقات الاستثمار
«الوطن»: ما أبرز المعوقات التي تواجه الاستثمار في البحرين والحلول؟ وهل أثر هبوط أسعار النفط على ذلك؟
أنا شخصياً متفائل بخطوات وزارة الصناعة والتجارة والسياحة بإدخال منظومة إلكترونية جديدة لتطوير إجراءات تسجيل الشركات، المشروع ما زال في مرحلة التطوير والتحسين لكن يجب منحه فرصة ليستفيد منه المستثمرون بالشكل الأفضل فكل مشروع قد يواجه صعوبات في البداية.
وإذا رغب أي مستثمر في إنشاء مشروع في أي قطاع فيمكنه من خلال البرنامج الجديد معرفة الخطوات التي يطلبها تنفيذ مشروعه، كما إن هناك قانون شركات جديد يتم العمل عليه بالتعاون بين وزارة الصناعة والتجارة وغرفة تجارة وصناعة البحرين وسيقدم للنواب.
أما على جانب آخر، فهبوط أسعار النفط العالمية بمعدلات كبيرة من وجهة نظري نعمة وليس نقمة وهو رأي قد يخالفني فيه كثيرون، لكن هذا الهبوط يمثل فرصة ذهبية لإعادة النظر في ما يلزم المملكة القيام به على صعيد الإصلاح الاقتصادي ومن هذا المنطلق أرى أن الحكومة تبدي تجاوباً ملحوظاً حيال هذا الأمر.
«الوطن»: أكدتم سابقاً استقطاب 200 مليون دولار استثمارات وانخفض الرقم لـ100 مليون هل السبب رفع الدعم وإجراءات الحكومة؟
أولاً، أنا متفائل بأن يتجاوز حجم الاستثمارات حاجز الـ 100 مليون دولار قبل منتصف العام 2016، فهنا تكمن التنافسية حيث تجري شركة «كي بي إم جي» دراسة سنوية عن تنافسية البحرين مقارنة مع الدول الأخرى أحدها عن القطاع الصناعي والآخر عن القطاع المالي.
فتكلفة القطاع الصناعي تقل بنسبة 40% مقارنة مع بعض دول الجوار كما تقل في القطاع المالي بما بين 35 إلى 40%، ولنفترض أن تنافسيتنا انخفضت بنسبة 10% فعلى الرغم من ذلك ما زالت البحرين مكانا تقام فيه الأعمال بأقل تكلفة من بقية الدول.
ما يجده المستثمرون ماثلا للعيان، هو الاستعداد التام لدى البحرينيين للعمل بمهنية واحتراف. مثلاً، «سيتي بنك» عرضنا عليهم نقل «مركز الاتصال» والذي يوظف حوالي 100 شخصاً إلى البحرين، حيث وجدوا أن تكلفة الاتصالات في البحرين أقل، وتم توظيف 90 بحريني من الإجمالي، وهو ما يؤكد على كفاءة البحريني التي تشكل عنصرا تنافسيا في جذب الاستثمارات.
«الوطن»: التعاون الحكومي إيجابي كما ذكرتم، ألا ترى أن هناك حاجة لسن قوانين جديدة؟
هناك قانون للشركات جديد سيصدر وهو في مرحلة النقاش بين التجارة وغرفة تجارة وصناعة البحرين وسيقدم إلى مجلس النواب، وأي تشريع يحتاج إلى عمل كبير وتنسيق تام مع جميع الأطراف ذات العلاقة، ولكن أتفق معكم على حاجة البحرين لإعادة النظر في بعض القوانين.
«الوطن»: هناك لبس بمساهمة النفط بالناتج المحلي، هل ذلك بسبب الأزمة المالية؟ وهل منطقي أن تكون مساهمته في إيرادات الدولة تمثل 80%؟
تعتمد البحرين كسائرها من دول مجلس التعاون في اعتمادها الأكبر على النفط كمصدر أساس للدخل خاصة لعدم وجود نظام الضرائب، وشكلت الإيرادات النفطية نسبة 86% من إجمالي الايرادات الحكومية في عام 2014. كما شكلت الصادرات النفطية نحو 60% من إجمالي قيمة الصادرات.
غير أنه يجب ألا نغفل من جهة أخرى ما قامت به الحكومة ببذل جهود هدفها التنويع الاقتصادي، حيث تقلصت حصة قطاع النفط من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مما يقارب 40% في عام 2000
إلى حوالي 20% في عام 2015. كما شكلت القطاعات غير النفطية كقطاع الصناعات التحويلية نسبة 15% وقطاع الخدمات المالية 16% مما يدل على الجهود المبذولة في التنويع الاقتصادي.
«الوطن»: خطة المجلس في اتجاه ونظرة الحكومة باتجاه آخر ما سبب ذلك؟ فدبي مثلاً سهلت التأشيرات واستقطبت استثمارات؟
مجلس التنمية الاقتصادية يقدم استراتيجية اقتصادية للحكومة حيث يتم التوافق عليها والعمل بمضمونها حيث يعمل المجلس بشكل وثيق مع الجهات الحكومية ذات الصلة لتحقيق هذه الاستراتيجية أو السياسة الاقتصادية فكما سلف ذكره نحن نتابع عدداً من المشاريع الضخمة التي تتطلب العمل بشكل مباشر مع مختلف أجهزة الدولة لتذليل بعض المصاعب التي قد تواجه هذه المشاريع او الاستثمارات.
البحرين فتحت التأشيرات لنحو 120 جنسية وتم تسهيل إجراءات الدخول عبر المنافذ لها، أنا فخور بأنه يوجد دولة عربية مثل الإمارات وصلت إلى هذا النجاح ويجب أن نتعلم ونستفيد مما حققوه من نجاحات.
الإنفاق على التكنولوجيا
«الوطن»: ما هي توقعاتكم للإنفاق على تكنولوجيا المعلومات خلال الأعوام الـ5 المقبلة والتحديات التنظيمية والتشريعية؟
حجم الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات كان سابقاً يتركز على الاتصالات والكابلات وخدمات الموبايل ونسعى إلى التوسع في التركيز على المتطلبات التقنية، حيث لا توجد أي دولة خليجية توجهت نحو هذا القطاع بشكل متكامل حتى الآن.
فالابتكار اليوم يأتي من الشركات الناشئة والتي تحتاج إلى بيئة تحتضنها كما تحتاج أيضاً إلى تمويل وحاضنة يستفيد منهما رواد الأعمال الشباب، كما يجب أن يكون هناك رأسمال مخاطر حتى لو كان مبلغا صغيرا لمنح رائد العمل فرصة لتطوير أفكاره.
كما نحتاج إلى تعزيز التعليم في تكنولوجيا المعلومات، ولكي ننجح في ذلك، يجب تسهيل وتحديث القوانين أمام رواد الأعمال ليتمكن رائد العمل من تنمية أعماله.
قطاع تقنية المعلومات اليوم تنافسيته ليست عالية فالجامعات يجب أن تشجع الابتكار بشكل أكبر. ونحن نحتاج إلى عوامل مساعدة من خلال تكوين خطة اقتصادية لتطوير القطاع، وقد أجرينا الكثير من الدراسات حول ذلك، ما نحتاجه اليوم تنفيذ خطة العمل على أرض الواقع.
«الوطن»: هل من توجه إلى فرض ضرائب؟
لا توجه إلى فرض ضرائب في المملكة.
«الوطن»: كم تمثل نسبة الاستثمارات المحلية والعالمية في المملكة؟
أتوقع أن هناك ما نسبته 25% استثمارات سعودية في البحرين، لكن الاستثمارات المحلية لا نتوقع أن تتجاوز الـ25%، في حين تأتي النسبة الباقية والبالغة 50% من خارج منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.
فنحن، نستهدف في المقام الأول تكثيف أنشطتنا في سوق المملكة العربية السعودية بحكم القرب الجغرافي مع البحرين ومعرفة المستثمر السعودي لمقومات الاستثمار في البحرين، ولكن قبل التوجه إلى المستثمر يجب أن نكون مستعدين بتهيئة البيئة الاستثمارية لاحتضان هذا المشروع أو ذاك والتي تضمن استصدار التراخيص وتحديد الموقع والأرض وغيره الكثير.
«الوطن»: لكن، هناك نسبة من الشركات تتجه للاستثمار خارجياً فكيف نوطن الاستثمارات؟
الهدف من اتجاه بعض المستثمرين المحليين الى الخارج هو تنويع الاستثمارات ولكن ليس بنسبة كبيرة، وعلى سبيل المثال، فإن استثمارات «ممتلكات» البحرين القابضة في الخارج لا تمثل سوى نسبة طفيفة من إجمالي استثماراتها.
«الوطن»: ما دوركم في دعم المؤسسات الصغيرة وتوفير فرص عمل؟
لدى مجلس التنمية الاقتصادية خطة مع وزارة الصناعة والتجارة والسياحة لتشجيع الاستثمارات وخلق البيئة المناسبة، وتوفير حاضنات الأعمال لمساعدة المستثمر الناشئ على تنمية تجارته.
استقطبنا حاضنة أعمال بالتعاون مع شركة «أمازون» لكن لم نبدأ البرنامج حتى الآن ومن المتوقع إطلاقه في مايو الحالي، وسنعلن قريباً عن حاضنتين أخريين ليصبح إجمالي الحاضنات ما بين 4 إلى 5 للمساهمة في دعم رواد الأعمال الناشئين.
أنا أركز على الاستثمارات التي تتراوح قيمتها بين مليون ومليوني دينار كحد أدنى ومن وجهة نظري أرى أن هذا المبلغ سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد.
دور المجلس يرتكز على المساهمة في توفير فرص العمل في السوق المحلية. لسنا مسؤولون بشكل كلي عن توفير فرص العمل ولكن نحن نعمل على جذب الاستثمارات إلى المملكة لسببين رئيسين، الأول هو تعزيز الاقتصاد المحلي والثاني المساهمة في خلق فرص عمل محلية.
«الوطن»: ما آلية التواصل بين المجلس ووسائل الإعلام؟ وهل من الممكن تخصيص لقاءات دورية معهم؟
سيكون هناك لقاء دوري بين الجانبين لتقديم رؤية المجلس الاقتصادية وشرح دوره الأساسي إلى جانب تقديم بعض المعلومات المستحدثة بشكل دوري.
جذب استثمار .. رسم سياسة
«الوطن»: إلى من توجه رسالتك وهل أنت جاذب للاستثمار أم راسم لسياسة الدولة الاقتصادية؟
رسالة مجلس التنمية الاقتصادية موجهة إلى الشارع العام لتوضيح دوره، أنا أركز على مخاطبة الشارع العام، فالحكومة أخاطبها شخصياً وكذا المستثمر أقابله شخصياً، أما الجمهور فأنا استهدفه من خلالكم كصحافة.
دور المجلس يتمثل في جذب الاستثمارات لمملكة البحرين للمساهمة في خلق فرص العمل في السوق المحلية. نعم نحن مسؤولون عن رسم السياسة الاقتصادية للدولة ولكن يجب تعريف السياسة الاقتصادية في بادئ الأمر: السياسة الاقتصادية هي التي تحدد توجه الحكومة في مجال تنويع مصادر الدخل وكيفية تعزيز النمو الاقتصادي والتي لا تتضمن السياسة المالية أو النقدية للحكومة من ناحية الميزانية أو المصاريف أو سعر الدينار البحريني مثلاً. القطاعات الخمسة التي تم ذكرها مسبقاً هي ركائز هذه السياسة الاقتصادية التي يتم تطويرها من قبل المجلس.
لن أستطيع جذب الاستثمارات ما لم يكن لدينا أهداف واضحة ومحددة المعالم، ولست مستعداً ومن المستحيل أن يكون لي دور في تسويق المملكة وجذب الاستثمارات دون التأكد من وجود التشريعات والبنية التحتية الملائمة، فكيف لي أن أقنع المستثمر ما لم تكن البيئة الاقتصادية ملائمة، وهذا ما توافقنا عليه مع المسؤولين في الحكومة.
فهناك معايير في الاستثمارات لا بد وأن يتم استهدافها، ويجب أن نضع أمامها علامة استفهام، هل هي تلائم وضع البحرين؟ وهل تناسب اقتصاد المملكة؟ فهناك عوامل كثيرة يجب تحديدها أولا قبل كل شيئ.
«الوطن»: ما هي أبرز إنجازات مجلس التنمية الاقتصادية خلال الأعوام الـ5 الماضية؟
نجح مجلس التنمية الاقتصادية في استقطاب 194 شركة خلال الفترة من 2009 وحتى 2014 يبلغ حجم استثماراتها 1 مليار دولار ووفرت مايفوق 4 آلاف فرصة عمل في السوق المحلية. فطموحاتنا خلال الأعوام الـ5 المقبلة أكبر وأثق بأن المجلس سيستطيع تحقيق أهدافه.
وطبقا لتحليلنا للوضع الاقتصادي في البحرين، فإن هناك مميزات خاصة يتطلب تسويقها بصورة ملائمة فمن أبرز خطط التسويق الصحيح تلك التي تشمل المستثمر المستهدف والعرض المقدم إلى جانب الميزة التي تنفرد بها البحرين مقارنة مع الدول الأخرى.
«الوطن»: وهل تم الحفاظ على تلك الشركات أم أنها تقلصت؟
يجب المحافظة على هذا الرقم، فمجلس التنمية الاقتصادية يركز على تشجيع الاستثمارات الناجحة وذلك لمصلحة البحرين ولمصلحة الشركات المستثمرة أيضاً على المدى الطويل، إذا لا نسعى فقط لتأسيس هذه الشركات في البحرين بل نريد لها أن تزدهر.
«موندليز» مثلاً، افتتحوا مصنعاً قبل فترة برأسمال يبلغ 140 مليون دولار تقريباً فالفائدة المرجوة من ذلك تتمثل في توفير فرص عمل إلى جانب الرسوم التي يتم تحصيلها.
قطاعات مستهدفة
«الوطن»: ما هي القطاعات المستهدفة في الفترة المقبلة؟ وكم تبلغ مساهمتها في الناتج المحلي؟
قمنا بتحليل الجاذبية والتنافسية للقطاعات المختلفة التي يمكن لمملكة البحرين أن تنافس فيها آخذين بعين الاعتبار نمو القطاعات ومساهمتها في الناتج الإجمالي المحلي ومقدار الوظائف التي ستوفرها، وعلى أساس ذلك حددنا القطاعات التي يمكن أن نعدّ البحرين مهيئة لجذب الاستثمارات فيها.
فالقطاع المالي، والذي هو ثاني أكبر قطاع بعد النفط يساهم بحوالي 16% من الناتج المحلي الإجمالي، والصناعة تمثل ما نسبته 14% وهو قطاع كبير أيضا، ليأتي قطاع تقنية المعلومات بنسبة أقل حيث تبلغ مساهمته بالناتج المحلي الإجمالي 6% تقريباً. ولو لاحظنا، فقطاع تقنية المعلومات حقق نموا تتراوح نسبته بين 7 إلى 8% خلال الأعوام الـ5 الماضية، أما الخدمات المالية فنمت بنسبة تصل إلى 5%.
البحرين مصدر جاذب للاستثمار في تقنية المعلومات، ولدى المملكة اليوم كل المؤهلات فيه تماماً مثل القطاع المالي، ففي حين تفتقد بعض الدول المكونات والقوانين التي تشجع على ريادة الأعمال، فإننا نعمل على تقليل اعتمادنا على النفط ونبدأ الاعتماد على الابتكار وريادة الأعمال.
فلننظر إلى قطاع السياحة والترفيه مثلاً، فهو كقطاع ما زال صغيراً، ولهذا نركز على استقطاب السياحة العائلية الخليجية إلى البحرين.
حددنا في رؤيتنا التركيز على 5 قطاعات من أصل 8 قطاعات وهي: الخدمات المالية، تقنية المعلومات، الترفيه والسياحة، القطاع الصناعي، والنقل والخدمات اللوجستية، حيث تتم مراجعة هذه القطاعات بشكل دوري ومستمر.
مثلاً لدينا إمكانيات كبيرة في القطاع المالي، من عمالة مدربة ومؤهلة مع تراجع كلفة السكن مقارنة مع دبي والدوحة وبعض الدول المجاورة، مع وجود مصرف البحرين المركزي الذي يمتلك سمعة متميزة، حيث تساعد جميع هذه العوامل على جذب الاستثمارات في هذا القطاع.
أجدد تأكيدي على أنه يجب استهداف قطاعات معينة، فلو نظرنا إلى دول مجلس التعاون الخليجي فإن البحرين لديها الكثير من المميزات التي تؤهلها لاستقطاب الاستثمارات بين دول التعاون.
ومن أبرز القطاعات المستهدفة كذلك، هو قطاع الألمنيوم حيث أنفقت شركة ألمنيوم البحرين «ألبا» مليارت الدولارات على خط الصهر السادس، فبدلاً من أن تقوم البحرين بتصدير كميات كبيرة من الألومينا يمكن الاستفادة منها محلياً في تنمية الصناعات التحويلية والتي ستضيف قيمة إلى الاقتصاد المحلي.