كتب – عادل محسن وزينب العكري:
ارتفعت أسعار بعض أصناف الخضروات في السوق المحلية خلال اليومين الماضيين بشكل ملفت، لا سيما الطماطم حيث وصل الكيلو الواحد إلى 1.3 دينار، قياسا بـ 300 و400 فلس بالأيام العادية، فيما أطلق مواطنون حملة مقاطعة على وسائل التواصل الاجتماعي «خله يخيس» إلى حين عودة الأسعار إلى طبيعتها.
وأرجع تجار خضروات وفواكه أسباب الأرتفاع إلى ظروف التصدير وبلدان المنشأ. وتعتمد السوق المحلية في خضرواتها المستوردة على السعودية والأردن ولبنان وما يمكن تأمينه من سوريا. ونقلت وسائل إعلام أن أسعار الطماطم ارتفعت بالأردن إلى ثلاثة أضعاف، فيما تدخلت وزارة التموين هناك لوضع سقف للأسعار رغم أن البلاد تنتهج سياسة السوق المفتوحة.
وقامت «الوطن» بالاتصال برئيس جمعية حماية المستهلك ماجد شرف عدة مرات، إلا أنه رفض التصريح بدعوى وجوده في اجتماع، فيما لم تجب دائرة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة، ومديرها على اتصالات الوطن للحصول على تعليق.
وقالت المواطنة ميعاد مدن: «بعد ارتفاع كيلو الطماطم في قريتنا إلى 1.3 دينار للكيلو، قررت مقاطعة شراء الطماطم تضامناً مع الحملة التي أطلقها المواطنون».
وأضافت: «هناك الكثير من الطبخات تتطلب وجود الطماطم بكثرة منها الصالونة والكشري، لذلك حذفت تلك الأكلات من القائمة حتى انخفاض سعر الكيلو».
وأكد تاجر الخضروات والفواكه رضا البستاني أن ارتفاع أسعار الطماطم ليست من تجار المملكة، إنما من ظروف التصدير. وأوضح أن سوريا أوقفت تصدير الطماطم، وتركيا لا يوجد طريق تستطيع الشاحنات الوصول إليه بسبب لزومها المرور على حدود سوريا التي تعيش حالة حرب وأزمة سياسية، وتم جلب كميات من الهند إلا أن الفيضانات والكوارث الطبيعية هناك أدت إلى صعوبة مواصلة الاستيراد. وأضاف: «لم يتبقَ لنا سوى الأردن لاستيراد الطماطم منه، وهناك تحدث تغييرات موسمية في المناطق، إضافة إلى اعتماد كل دول الخليج على استيراد الطماطم من الأردن». وأشار البستاني إلى أن هناك ما بين 500 إلى ألف صنف خضروات في السوق، وارتفاع سعر الطماطم لا يشير إلى ارتفاع في أسعار الخضروات جميعها.
إلا أن متسوقين أكدوا أن ارتفاع الأسعار طال أصناف أخرى كالبطاطا مثلاً ولكن ليست بمستوى صعود الطماطم.
ونفى البستاني أن يكون للتجار يد في أرتفاع الأسعار .
وأكد أن المصدرين في الأردن أكدوا له أن السوق عندهم تحتاج لفترة أسبوعين لتوفير محاصيل جديدة من الطماطم، مبيناً أن محصول السعودية في بدايات الإنتاج وبكميات ضئيلة ولا يمكن التعويل عليه، (...) نأمل أن تعود الأسعار إلى سابق عهدها (300 فلس للكيلو) حال تأمين كميات كبيرة.
وفي سبتمبر الماضي ارتفعت أسعار الطماطم خلال يوم واحد 50% ليصل الكيلو إلى دينار، وأكد البستاني أن أسباب الارتفاع هو وقف التصدير من قبل سوريا، وتم الاعتماد على الأردن مما سبب بتقليص الكميات.
وقال مستورد خضروات وفواكه- رفض ذكر اسمه- أن ارتفاع أسعار الخضروات يرجع إلى وقف السعودية تصدير عدد كبير من أنواع الخضروات للخارج منذ عام تقريباً.
وأكد أن ارتفاع أسعار الخضروات وعلى رأسها الطماطم بسبب تغيير المواسم وانتهاء فصل الصيف وبالتالي انخفاض المحصول في دول المنشأ في هذه الفترة مما ينتج عنه زيادة نوعية في السعر تخص بعض الأصناف وليس كلها.
وأضاف: «إن ارتفاع سعر بعض الأصناف يكون اضطرارياً لظروف العرض والطلب في السوق الإقليمي لأن البحرين تعتمد على الاستيراد لتوفير احتياجاتها».
وتابع: «إن فترة تغيير المواسم غالباً ما تشهد مثل هذه التقلبات السعرية التي تنتهي بعد أيام قلائل وفور بدء حصاد المحاصيل في الدول المنتجة» .
وأوضح أن التجار في البحرين تواصلوا مع أسواق بديلة لتلك الخضروات التي قلت كمياتها من السعودية، وبدؤوا بتوفير كافة الاحتياجات، مراعين توفيرها بالأسعار المناسبة.
وأشار إلى أن أهم هذه الأسواق هي الأردن ولبنان ومصر وسوريا وباكستان والهند وتركيا، مبيناً أن العديد من الأصناف يتم الاعتماد فيها كلياً على هذه الأسواق.
صوم عن الطماطم
ويصوم البحرينيون عن الطماطم 5 أيام كاملة، احتجاجاً على ارتفاع أسعارها من 200 فلس إلى 1.3 دينار، في ظل غياب الجهات المعنية، وامتناعها عن إعادة توازن سعر كيلو الطماطم وضبطه. بطريقة عفوية أطلق مواطنون حملة «خله يخيس» على وسائل التواصل الاجتماعي ابتداءً من اليوم ولمدة 5 أيام، وهي المدة الافتراضية الكافية لـ «تخيس» الطماطم في البرادات والأسواق، ولاقت تجاوباً لافتاً. الحملة تستهدف أي صنف خضار حلق بأسعاره، ولكن تبقى الطماطم «نجمة» المقاطعة، وحددت «خله يخيس» هدفها برسالة موجزة «ما راح يموت الشعب إذا لم يأكل الطماطم 5 أيام.. خلوه يخيس.. مرر الرسالة قدر المستطاع.. قاطع من أجل المجتمع.. من أجل الفقراء.. من أجل أبنائك.. لن نأكل الطماطم حتى يرجع لسعره الطبيعي 200 فلس للكيلو».
طماطم من ذهب
يقول مروجو الحملة إن الطماطم ليست من ذهب، حتى تخضع لسوق البورصة وتحلق بأسعارها بين ليلة وضحاها، وهم ينحون باللائمة على الجهات الرقابية لتقاعسها عن ضبط الأسعار ومحاسبة المسؤولين عن ارتفاعها الفجائي.
فيما أرجع مزارعون ارتفاع أسعار الطماطم في محال الخضار الصغيرة والبرادات إلى شح المادة وندرتها، لافتين إلى أنها تباع بأسعار أقل في السوق المركزي.
وقال المزارعون «ما يتوفر في الأسواق الطماطم الأردنية فقط، وتعتمد عليها دول عدة بينها السعودية وإيران والعراق، وما يصل البحرين لا يسد حاجة مواطنيها والرقابة على الأسعار غائبة».
وانتقد مواطنون غياب الرقابة على الأسعار وتلاعب التجار الصغار بالأسعار دون وجود رادع أو عقاب مما حدا بالكثيرين بنشر إعلان حملة المقاطعة رغم أن المصدر مجهول ولكنه لامس الكثيرين وعبر عن غضبهم من «فوضى الأسعار».
بلا داعم
ورد المزارع يوسف البوري في تصريح لـ «الوطن»، أسباب ارتفاع أسعار الطماطم وبعض أنواع الخضار، إلى جشع بعض صغار التجار وعدم توفر كميات كافية تلبي حاجة الأسواق.
وقال إن الطماطم بالكاد زرعت في البحرين ولن ينضج قبل ديسمبر، ومصدره الوحيد اليوم الأردن، حيث تصدره الأخيرة على عدد من دول الجوار، بينما لا يصل البحرين سوى كميات ضئيلة لا تتناسب وحجم الاستهلاك المحلي.
ورجح البوري أن تتصاعد أزمة الطماطم متأثرة بشح مياه الري خاصة في منطقة بوري حيث تحتضن عدداً لا يستهان به من المزارع، وقال «المزارعون بدؤوا الزراعة فعلاً رغم غياب الدعم الحكومي السنوي من أدوات زراعية تخصص قبل كل موسم، وكان يفترض توزيعها في يوليو وأغسطس للبدء بعمليات زراعة الطماطم في أكتوبر».
وتوقع البوري أن يبدأ تدفق الطماطم البحرينية إلى الأسواق ديسمبر المقبل، نافياً منع الطماطم السعودية من دخول البحرين، حيث يتوفر حالياً وبكميات بسيطة ومحدودة.
المفرق والجملة
وذكر البوري أن صندوق الطماطم زنة 7 كغ يباع بالسوق المركزي بسعر يتراوح ما بين 4 و5 دنانير بينما يباع في المحال التجارية والبرادات بدينار للكيلو الواحد، بسبب جشع البعض ورغبتهم بمضاعفة أرباحهم في حين يمكنهم بيع الكيلو بـ700 فلس بحد أقصى. وأضاف «لا رقابة حقيقية على الأسعار في سوق الخضراوات، منذ فترة طويلة تغيب أشكال الرقابة والإشراف، سابقاً كان التاجر لا يرفع السعر خشية المساءلة، اليوم الرقابة غائبة تماماً والدليل بورصة الطماطم».
فيما نقل البوري شكوى المزارعين من ندرة الدعم الحكومي وعدم توفر أدوات الزراعة وشح مياه الري المتواصل وانقطاعها وموت المحاصيل، وقال «المشكلة تتكرر منذ سنوات، ولم تقدم أية جهة حلاً، فقط يتقاذفون المسؤوليات والمتضرر المزارع والمواطن». ولفت إلى أن عدداً من مسؤولي الزراعة زاروا مزرعته قبل يومين للنظر في أسباب المشكلة، واستدرك «نريد حلاً جذرياً لنتمكن من زيادة الإنتاج الزراعي ونسهم باستقرار الأسعار وضبطها».
وأعلن البوري «يمكن للمزارعين أن يوفروا كميات كبيرة من الخضروات فقط إن توفر الدعم الحقيقي، ولكن الزراعة في البحرين مهملة تماماً ومغيبة، ولم يتم توفير الأدوات الزراعية المفترض توزيعها على المزارعين كل عام، وشتلات الطماطم لم تعد تباع بالأسواق، لذلك وفرت جمعية المزارعين 4 أنواع من البذور عالية الجودة واعتمدها المزارعون في حقولهم».
نار.. نار
«الوطن» استطلعت رأي عدد من المواطنين حول ارتفاع أسعار الطماطم، ممن نشروا إعلان المقاطعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويقول جابر عبدالله «نار نار آخر تعريف علمي للأسعار، هذا الوصف الدقيق والمناسب للطماطم اليوم، فمن غير المعقول أن يتساوى سعر الطماطم مع اللحوم الحمراء، أين الرقابة على محال الخضر؟ أين وزارة التجارة والصناعة ولماذا لا تراقب الأسعار وتضبطها؟».
وأضاف «المسؤولون يطلون علينا بشكل شبه يومي للحديث عن استقرار الأسعار، بينما ينكوي المواطن يومياً من ارتفاعها المستمر، دون مراقبة حقيقية والعذر دوماً جاهز انفتاح السوق».
ويتندر عبدالله «مو ضروري كل يوم صالونة»، بعد أن تعذر على المواطن شراء الطماطم، وقال «سنرى كيف يتمكن التجار من بيع الطماطم، نحن مع أن يخيس في محلاتهم ليتعلموا درساً قاسياً ويكفوا عن التلاعب بالناس».
حتى أنت ياطماط!
ولا تجد أم عبدالله مشكلة في أن يواجه رب الأسرة أعباء ومصاريف أسرته «الطماطم لم تكن بالحسبان، يجب أن ترصد لها ميزانية بداية كل شهر».
وتساءلت أم عبدالله «أين صوت النواب ودفاعهم عن لقمة عيش المواطن وغلاء الأسعار؟ لماذا لا يهتمون بمشاكلنا اليومية؟»، وتطالب بمحاسبة كل مسؤول تلكأ عن أداء واجبه ولم يتمكن من ضبط الأسعار. وقالت «ألا تكفينا مشاكلنا وهمومنا اليومية حتى تضاف إليها الطماطم، هو يدخل في غالبية وجبات المنزل ولا غنى عنه، اليوم استغنت حتى المطاعم عن شرائه، من المسؤول عن وقف التلاعب بالأسعار؟».
وفوجئ عصام عبدالرحيم بسعر الطماطم وارتفاعه بهذا القدر بعد أن كان بمتناول الجميع وبسعر لا يتجاوز 200 فلس فقط، ليقفز 400% وعلى دفعات، مبدياً استعداده للمشاركة بحملة «خله يخيس».
وأضاف أن الأسعار زادت في السنوات الماضية، ولكن سعر الطماطم لم يصل إلى دينار في تاريخ البحرين كلها، ما يعكس مدى الاستهتار والفوضى وعدم وجود رقابة حقيقية على حد وصفه.