عواصم - (وكالات): يدور جدل في الأوساط العسكرية والرسمية والإعلامية في إيران بعد الإعلان عن مقتل 80 عنصراً من قوات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية التابعة لها، بينهم 34 قتيلاً وجريحاً إيرانياً من ضباط نخبة وجنود، بمعارك بلدة خان طومان بريف حلب الجنوبي، شمال سوريا، الجمعة الماضي، بينما كشفت مصادر إيرانية أن «جناحاً إصلاحياً» في وزارة الخارجية الإيرانية يضغط على قادة الحرس الثوري باتجاه الانسحاب من سوريا، والقبول برحيل بشار الأسد، وسط أنباء عن عملية انتقامية مرتقبة يشرف عليها قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، لاستعادة خان طومان والقرى المحيطة بها، والتي سقطت بيد فصائل «جيش الفتح» الجمعة الماضي، في وقت أكدت تقارير تكبد إيران و«حزب الله» خسائر فادحة في معارك ريف حلب الجنوبي. وقال موقع «بارس نيوز» المقرب من المحافظين، إن «الجناح الإصلاحي متفق مع الخطة الدولية حول الهدنة حيث لم يتدخل الطيران الروسي لإنقاذ المحاصرين من الحرس الثوري والميليشيات في خان طومان كي يضعوا قادة الحرس الثوري الداعمين للتدخل في سوريا في موقف ضعيف»، متحدثاً عن وجود «مؤامرة» تهدف إلى إضعاف التواجد الإيراني العسكري في سوريا. وقال الموقع في تقرير خاص إن «الدبلوماسيين الإصلاحيين يدفعون باتجاه إقناع قادة الحرس الثوري بعدم جدوى استمرار التدخل العسكري في سوريا في ظل وجود توافق دولي يقضي برحيل الأسد بداية أغسطس المقبل».
وأضاف التقرير أن وسائل إعلام التيار الإصلاحي تعمل على «تغطية شاملة لحجم الخسائر الإيرانية الكبيرة في سوريا كي تقنع الرأي العام بضرورة الانسحاب من سوريا والموافقة على رحيل الأسد».
ويقول مراقبون إن نبأ مقتل 80 من الحرس الثوري والميليشيات الشيعة و»حزب الله» اللبناني، في معارك خان طومان، أثار جدلاً واسعاً في إيران، حيث مكن الإصلاحيين من عمل ضغط أكبر على العسكر والتيار المتشدد من أجل الانسحاب من سوريا.
من جهة أخرى، أفادت مصادر إيرانية بإرسال الحرس الثوري تعزيزات عسكرية إلى قرية الحميرة الواقعة جنوب حلب، من أجل بدء معركة لاستعادة خان طومان. ونشرت وسائل إعلام إيرانية صوراً لقائد فيلق القدس، اللواء قاسم سليماني، وسط حشد من الحرس الثوري والميليشيات، وقالت إنه في ريف حلب من أجل التحضير للمعركة المقبلة.
وبينما أكد الحرس الثوري في بيان نشرته كبرى الوكالات الرسمية الإيرانية، مقتل 13 من عناصره بينهم ضباط برتب رفيعة، وجرح 21 منهم بإصابات بليغة، قال موقع «فردا نيوز» المقرب من التيار المحافظ إن عدد الجنود والضباط القتلى بلغ 17 عنصرا.
وبحسب « فردا نيوز»، فإن «عدد القتلى الإجمالي لقوات إيران وحلفائها بلغ 80 شخصا أغلبهم من ميليشيات «فاطميون» الأفغانية وعناصر «حزب الله» اللبناني، بالإضافة إلى مقتل 17 ضابطاً وجندياً، وجرح 21 منهم بإصابات خطيرة». يذكر أنه خلال هجوم الجمعة الماضي، تمكنت الفصائل المقاتلة من السيطرة على عدة مواقع بينها «بلدة خان طومان، وقرية الخالدية، وحرش خان طومان، وتلة المقلع، وتلة الزيتون، ونفق خان طومان، ومعمل البرغل، وتلة الدبابات». وقالت وكالة «مشرق» المقربة من الحرس الثوري الإيراني، في تقرير ميداني لها من ريف حلب، إن قوات «جيش الفتح» والذي يضم جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة، وأحرار الشام وفصائل إسلامية أخرى، وفصائل من الجيش الحر شنت الهجوم من 4 محاور وهي خان طومان وبرنة وزيتان وشرق العيس.
وعزت الوكالة هزيمة القوات الإيرانية والسورية والميليشيات إلى «أخطاء القادة العسكريين في بلدتي خان طومان والخالدية، لأنهم لم يزرعوا الأرض بالألغام مما سهل للقوات المهاجمة التقدم بسرعة وسهولة».
وأكدت أن جيش الفتح وفصائل الجيش الحر استخدمت نفس الأسلوب الذي استخدمته في اقتحام بلدة العيس الشهر الماضي حيث قامت بتصوير العمليات من خلال طائرات استطلاع ساعدت القادة على إدارة المعارك من خلال رصد سير العمليات».
ويعتبر فقدان السيطرة على المنطقة الاستراتيجية خسارة كبرى للقوات الإيرانية وحلفائها، كما أن سقوط هذا العدد من ضباط قوات الحرس الثوري وجنودها عناصر الميليشيات المقاتلة معها تعد أكبر خسارة بشرية منيت بها طهران منذ التدخل العسكري لها في سوريا لحفظ نظام بشار الأسد.
وأعلنت إيران عن خسارتها 13 مستشاراً من الحرس الثوري وإصابة آخرين في معارك مع المعارضة السورية المسلحة بريف حلب الجنوبي، بينما اعترف «حزب الله» اللبناني قبل يومين بفقدان مجموعة من المقاتلين في الريف الحلبي. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه تأكد من خلال مصادره الميدانيين من مقتل 20 إيرانياً بينهم 13 مستشاراً، وأضاف أنه قتل أيضاً في معارك ريف حلب الجنوبي 6 من «حزب الله» و15 عسكرياً أفغانياً شيعياً. بالمقابل، أحصى المرصد مقتل 43 عنصراً على الأقل من جبهة النصرة وحلفائها بينهم قيادي. وأعلن «جيش الفتح» وفصيل «جند الأقصى» أسر عدد من المقاتلين الأفغان وآخرين من «حزب الله»، ونشرت فصائل المعارضة مقاطع فيديو وصوراً على مواقع التواصل لما بدا أنها جثث إيرانيين ومسلحين شيعة قتلوا في خان طومان. وشملت بعض المقاطع لقطات لحافظات نقودهم الشخصية وأوراق هوياتهم وعملات إيرانية.
وتعد بلدة خان طومان عقدة مهمة تصل ريفي حلب الجنوبي والغربي، وتقع في منطقة مرتفعة تشرف على طريق حلب دمشق الدولي. ويحاول جيش الفتح والفصائل المتحالفة معه إبعاد قوات النظام عن هذا الطريق.
في الوقت ذاته، احتدمت المعارك بين فصائل سورية معارضة وبين قوات النظام السوري في ريف حلب الجنوبي، وشنَّ الطيران الروسي والسوري غارات عنيفة أصابت إحداها مشفى ميدانياً في ريف المحافظة الغربي، بينما تسببت غارة أخرى في قتل أطفال بريف إدلب. من جهة أخرى، أفادت وكالتا الأنباء التركيتان «دوغان» و»الأناضول» بأن قذائف المدفعية التركية قرب الحدود السورية، أدت إلى مقتل 55 عنصراً من تنظيم الدولة «داعش» شمال سوريا.
اقتصادياً، انخفض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي بشكل غير مسبوق، ليصبح أقل بـ13 مرة عما كان عليه قبل بدء النزاع منذ أكثر من 5 سنوات، ليصل سعر صرفه إلى 625 ليرة سورية في السوق السوداء» في وقت حدد المصرف المركزي سعر صرف الدولار بـ512 ليرة، وفقاً لمحللين.