رعى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الاحتفال الذي أقيم بمناسبة الانتهاء من تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بقصر الصخير أمس.
وبعد تلاوة آية من الذكر الحكيم ، القى وزير العدل والشؤون والإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي بن عبد الله آل خليفة كلمة، هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
سيدي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه
صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر
صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الموقر
إنه ليطيب لنا بهذه المناسبة، أن نرحب بالأستاذ الدكتور محمود شريف بسيوني، الذي يحضر معنا هذا الحفل تحت رعاية سيدي صاحب الجلالة، حيث أقف متشرفاً أمام جلالتكم لاستعراض الملامح الأساسية للجهود الوطنية التي بُذلت لتجاوز آثار الأحداث التي استهدفت مملكة البحرين مطلع العام 2011.. وبفضل الله سبحانه وتعالى، ثم حكمة جلالتكم، وما تجلت من إرادة وطنية جامعة، استطاعت المملكة أن تتجاوز تلك الفترة الغريبة على البحرين وتاريخها الحضاري العريق.
وقد عكست تقارير جهاز المتابعة لتنفيذ التوصيات الصادرة في الأعوام 2012 و2013 و2014 هذه الجهود المخلصة، إضافة إلى ما يصدر من تقارير بشكل دوري - شهري وسنوي - وحتى هذه اللحظة من العديد من الجهات والمؤسسات المستقلة التي أنشئت خلال تلك الفترة. حيث أوردت بالتفصيل ما قامت به الحكومة من إجراءات وبرامج، وبما يعكس مدى جديتها وشفافيتها التامة في تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
سيدي صاحب الجلالة
لقد جاء تشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وقبول تقريرها، ومن ثم تكليفكم السامي للحكومة آنذاك باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتنفيذ كافة التوصيات على أكمل وجه، ليضع حدا فاصلا وحاسما لبداية تجاوز آثار تلك الأحداث بأفضل وجه ممكن، فكانت بذلك بادرة غير مسبوقة وأنموذجا فريدا ُيقدِمُ على معالجة مثل هذا النوع من التحديات، والانطلاق لتصحيح الأوضاع تكريساً لمبادىء العدالة والشفافية والمساءلة.
وفي ضوء ذلك التكليف، صدر الأمر السامي بإنشاء اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذ التوصيات برئاسة معالي السيد علي بن صالح الصالح وعضوية شخصيات بارزة يمثلون كافة قطاعات المجتمع من ذوي الخبرات القانونية والتشريعية وممثلي الجمعيات السياسية ومنظمات المُجتمع المدني، وكذلك تم تشكيل فريق للعمل الحكومي المكلف بمتابعة التوصيات برئاسة سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، ثم تبعه لاحقا صدور قرار بإنشاء جهاز متابعة تنفيذ التوصيات وتكليف وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف بمتابعة ذلك.
وفي هذا الإطار فإن حكومة مملكة البحرين قد التزمت بإعادة الطلبة إلى الجامعات والموظفين إلى أعمالهم، وتمت التسوية المدنية لحالات الوفاة والمصابين مع عدم الإخلال بحق اللجوء إلى المحاكم المُختصة، وتم أيضاً إنشاء وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة، والأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية، ومكتب المفتش العام بجهاز الأمن الوطني، وإعادة المحاكمات ومراجعة الأحكام أمام القضاء العادي، وإجراء تعديلات على العديد من القوانين وخاصة قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات، وتدريب السادة القضاة وأعضاء النيابة العامة ومسؤولي إنفاذ القانون والمحامين، وتحقيق مبدأ بناء دور العبادة للجميع بشكل قانوني صحيح وفي الأماكن المخصصة لها تبعا للاشتراطات التنظيمية المعتمدة دون تعد على أملاك المواطنين. كما قامت الحكومة أيضاً ببعض الإجراءات الإضافية مثل إنشاء مفوضية لحقوق السجناء والمُحتجزين بهدف حمايتهم وضمان عدم تعرضهم لأية انتهاكات، ويُظهِر الواقع الآن ما تحظى به هذه الأجهزة من ثقة عالية لدى المواطنين نظراً لما تتمتع به اختصاصاتها وأعمالها من استقلالية وشفافية وحيادية.
وفي هذا الصدد أنوّه بانتخاب الدكتور علي بن فضل البوعينين النائب العام نائباً لرئيس الجمعية الدولية لأعضاء النيابة العامة (I A P )، وكذلك منح المحامي العام رئيس وحدة التحقيق الخاصة السيد نواف عبدالله حمزة، جائزة المدعي العام لسنة 2015 من قبل الجمعية الدولية للمدعين العامين (I A P)، ذلك تقديراً لدورهما ولجهودهما المميزة في مجال العدالة، وكذلك منح الإتحاد الأوروبي جائزة «شايو» لتعزيز حقوق الإنسان في منطقة الخليج للعام 2014 للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية.
سيدي صاحب الجلالة
إن الحكومة ومن خلال عملها على تحقيق هذه البرامج والمبادرات واجهت عدة تحديات أهمها أعمال الإرهاب والعنف الذي استهدفت أمن الوطن والمواطن، وسعت إلى تقويض منجزات الدولة الحديثة، وعرقلة تقدم المشروع الإصلاحي، والمساس بالسلم الأهلي وتقويض مرتكزات المواطنة والشرعية.
وقد كشفت التقارير الأمنية عن وجود تدخلات غير مشروعة لأطراف إقليمية في الأحداث التي وقعت عام 2011 في البحرين، وهو ما أكدته أحكام المحاكم في العديد من القضايا التي ضبطت خلال الأعوام الماضية والتي تضمنت تلقي تدريبات عسكرية خارج البحرين، فضلاً عن ضبط العديد من الأسلحة والمُتفجرات التي أثبت الفحص أنها مماثلة لتلك التي تستخدمها جهات تتبع تلك الأطراف، وهي تدخلات مثبتة بالأدلة القاطعة ولعبت دوراً رئيساً في تغذية الإرهاب والتخريب.
وقد قابل تلك التحديات دعوة جلالتكم السامية لحوار التوافق الوطني الذي تزامن مع تلك الظروف لتؤكد فتح أبواب المشاركة من خلال المؤسسات الدستورية، فأتت مشاركة الأغلبية الشعبية في الانتخابات التكميلية في العام 2011 رغم التهديد الإرهابي الذي أعقب محاولة تعطيل السلطة التشريعية بعد نحو شهرين من الانتخابات النيابية في العام 2010، ومن ثم تعزز ذلك في انتخابات العام 2014 بحضور مختلف شرائح المجتمع واكتمال مشاركة الجميع.