عواصم - (وكالات): اتهم «حزب الله» أمس جماعات «تكفيرية» مسلحة في سوريا بقتل قائده العسكري مصطفى بدر الدين في اتهام نادر يوجهه إلى هذه المجموعات باغتيال مسؤول بهذه الأهمية، في وقت كذب بيان الحزب ما ذكرته صحيفة «الأخبار» اللبنانية التابعة له والتي نشرت تقريراً أمس تحدثت فيه عن أن بدر الدين قتل بصاروخ موجه شديد التطور، وأن هذا الصاروخ يعمل «وفق آلية تجعل منه أقرب إلى القنبلة الفراغية»، الأمر الذي يكشف تخبط الحزب اللبناني حول اغتيال بدرالدين خاصة مع تبني روايتين متناقضتين. في المقابل، حمل رئيس وفد الهيئة السورية العليا للمفاوضات إلى محادثات جنيف العميد أسعد الزعبي، الحزب باغتيال كادره العسكري في الوقت الذي رفضت فيه فصائل المعارضة العاملة في القطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية رواية الحزب التي تتهمها باغتيال قائده العسكري. واستندت «الأخبار» في تقريرها إلى أن بدر الدين لم تبد عليه إصابات تنتج عن انفجار، بل مجرد نزيف في الأنف والعينين.
وذكرت الصحيفة أن بدر الدين قتل بعد انتهاء اجتماع كان يجريه مع بعض أفراد ميليشيات حزبه. وأن انفجار الصاروخ تلا خروج المجتمعين وبقاء بدر الدين في مقر الاجتماع، مشيرة إلى أن القيادي القتيل أصيب بجروح بسيطة في بطنه وأسفل رأسه.
ورجحت الصحيفة في تقريرها أن يكون بدر الدين قد قتل بصاروخ موجه شديد التطور.
ولم يتبنّ أي فصيل مقاتل في سوريا اغتيال بدر الدين، القائد العسكري الأهم في «حزب الله» منذ اغتيال سلفه عماد مغنية في دمشق في عام 2008. وأعلن «حزب الله» في بيان أن «التحقيقات الجارية لدينا أثبتت أن الانفجار الذي استهدف أحد مراكزنا بالقرب من مطار دمشق الدولي وأدى إلى مقتل مصطفى بدر الدين، ناجم عن قصف مدفعي قامت به الجماعات التكفيرية المتواجدة في تلك المنطقة». ويشارك «حزب الله» إلى جانب قوات النظام السوري في قتال الفصائل المقاتلة في سوريا. ولم يحمل «حزب الله» في بيانه أي جماعة محددة مسؤولية اغتيال بدر الدين، الذي قتل جراء «انفجار كبير» استهدف أحد مراكزه قرب مطار دمشق الدولي، حيث وجود كبير للجيش السوري ومقاتلي «حزب الله» ومقاتلين إيرانيين. وتقع أقرب نقطة للفصائل الإسلامية والمقاتلة على بعد 7 كيلومترات من مطار دمشق، في الغوطة الشرقية. وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أنه «لم يسجل إطلاق أي قذيفة مدفعية خلال الساعات الـ72 الماضية من الغوطة الشرقية باتجاه المطار». ولم يحدد حزب الله في بيانه الجمعة تاريخ مقتل بدر الدين. و«حزب الله» غالباً ما يتهم إسرائيل باغتيال قيادييه، إلا أن الأمر اختلف هذه المرة.
واستهدفت إسرائيل مراراً بغارات جوية مواقع لحزب الله في سوريا وشحنات صواريخ يتم نقلها لحسابه. واتهم الحزب إسرائيل بقتل كل من القيادي عماد مغنية في تفجير سيارة مفخخة في عام 2008، والقيادي العسكري سمير القنطار بغارة إسرائيلية في ديسمبر الماضي قرب دمشق. وأكد مسؤولون إسرائيليون أن إسرائيل ليست بالضرورة مسؤولة عن الاعتداء.
وقال مصدر أمني سوري إن الانفجار وقع ليل الجمعة الماضي في مستودع قرب مطار دمشق الدولي، موضحاً أن أحداً لم يسمع هدير طائرة قبل الانفجار، كما أن أحداً لم يعرف أن بدر الدين كان موجوداً في هذا المكان.
ويشكل المطار ومحيطه جزءاً من منطقة المعارك في السيدة زينب، التي تسيطر عليها قوات النظام السوري بشكل أساسي إلى جانب وجود لمقاتلين إيرانيين ومن حزب الله.
ويعد مقام السيدة زينب مقصداً للسياحة الدينية في سوريا وخصوصاً من أتباع الطائفة الشيعية من إيران والعراق ولبنان. وزعم حزب الله تدخله العلني في القتال في سوريا في أبريل 2013 بالدفاع عن المقامات الدينية.
ويقول الباحث اللبناني المتخصص في شؤون حزب الله وضاح شرارة إن بيان حزب الله «يعقد الأمور أكثر، وما زلنا في وضع افتراضي تماماً».
ويضيف «هناك احتمالات عدة خصوصاً مع استبعاد فرضية دور إسرائيل، إذ أن الانفجار حصل قرب دمشق في منطقة واقعة عملياً تحت الحماية الروسية، وكل القرائن تشير إلى أن الإسرائيليين لا يريدون أي عداء مع الروس حالياً». وتابع شرارة «إذا صح أنه لم يكن هناك قصف مدفعي في المنطقة، فمن الممكن الحديث عن فرضية جديدة عبارة عن عمل داخلي، انفجار داخلي أو ربما خطأ أو حتى ثغرة من جهاز أمني ما أو اختراق، وليس بالضرورة تقصير من «حزب الله»».
ويعد بدر الدين، الملقب بـ«ذو الفقار» والبالغ نحو 55 عاماً، أرفع القادة العسكريين في الحزب، وهو شقيق زوجة القيادي السابق عماد مغنية. وقد حل محله، وكان مسؤولاً عن عمليات الحزب في سوريا التي تشهد نزاعاً مستمراً منذ 2011.
إلى ذلك تتم محاكمة بدر الدين مع 4 من رفاقه في الحزب غيابياً أمام المحكمة الخاصة بلبنان قرب لاهاي، بعد اتهامه بأنه «المشرف العام على عملية» اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في بيروت في فبراير 2005 والتي أدت إلى مقتل 22 شخصاً آخرين بينهم منفذ الاعتداء. ورفض حزب الله تسليم المتهمين الخمسة.
في المقابل، اتهم رئيس وفد الهيئة السورية العليا للمفاوضات إلى محادثات جنيف العميد أسعد الزعبي، «حزب الله» باغتيال كادره العسكري مصطفى بدر الدين، في الوقت الذي رفضت فيه فصائل المعارضة العاملة في القطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية رواية الحزب التي تتهمها باغتيال قائده العسكري.
وقال العميد الزعبي إن التبرير الذي قدمه «حزب الله» لمقتل بدر الدين يدعو للسخرية، متهماً الحزب نفسه باغتيال كادره العسكري. ولم يستبعد الزعبي ضلوع النظام السوري في الحادث على خلفية قضية اغتيال الحريري، بحسب قوله. وأوضح الزعبي أن توقيت اغتيال بدر الدين جاء في وقت يشهد فيه الحزب نقمة من قبل حاضنته الشيعية في لبنان لاستمرار تورطه في الحرب في سوريا، وأضاف أن «الحزب قدم الرواية من أجل امتصاص الغضب الشعبي وتبرير مواصلته للقتال».
في السياق نفسه، نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عما سماها بمصادر موثوقة في فصائل المعارضة العاملة في القطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية ومصادر داخل قوات النظام، نفيها إطلاق أي قذيفة صاروخية على مطار دمشق الدولي أو منطقة المطار خلال الأيام الفائتة.
وأضاف المرصد أن نشطاءه لحقوق الإنسان في المنطقة لم يرصدوا سقوط أي قذيفة على منطقة مطار دمشق الدولي خلال الفترة ذاتها. وقال إن كل ما نشره «حزب الله» حول رواية مقتل قائده العسكري بدر الدين بقذيفة أطلقتها الفصائل على منطقة تواجده في منطقة مطار دمشق الدولي عار عن الصحة جملةً وتفصيلاً، مطالباً الحزب بإظهار «الرواية الحقيقية حول مقتل قائده العسكري المسؤول عن قواته في سوريا».
وكان حزب الله اللبناني قال إن الانفجار الذي أدى أمس الأول إلى مقتل القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين، ناجم عن قصف مدفعي مما وصفها بالجماعات «التكفيرية».