الله الرحمن الرحيم
‏? قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ? ‏[‏سورة الزمر‏ ، آية ‏9‏]‏‏.
صدق الله العلي العظيم
فايروس الطلاق وميض حامد الزبيدي


لغة \الطلاق هو الترك والتخلية ,طلق البلاد أي تركها/ اطلق الاسير أي اخلاه.

قانونا/هو رفع قيد الزواج بإيقاع من الزوج أو من الزوجة ان وكلت او فوضت اومن القاضي ولا يقع إلا بالصيغة المخصوصة له شرعا.م34 من قانون الاحوال الشخصية العراقي والمرقم 188لسنة 1959.
انه احد الامراض الخطيرة التي اصابت مجتمعنا وبكثرة غير مألوفة انه فايروس خطير ، مرض عضال يهدف ا لى تفتيت الاسرة العراقية وتشتيتها بل وتدميرها ففي اليوم الواحد تقع اكثر من عشر حالات طلاق في محكمة بعقوبة ولا أعلم بالمحاكم الاخرى في العراق ، وبالذات في الوقت الحاضر وخاصة بعد الاحتلال عام 2004 الى يومنا هذا , ولكن ما السبب؟
هل التطور الذي حصل عن طريق دخول الاجهزة المتطورة /الستلايت والموبايل/ام قيام الحكومة بتخصيص رواتب للمطلقات عن طريق دوائر الرعاية الاجتماعية , ام عدم التفاهم والانسجام بين المرأة والرجل أم الحرية اللامسؤلة .
قبل الخوض والبحث في مسألة الطلاق علينا البحث في مسألة الزواج اولا أي تكوين الرابطة قبل انهائها عن طريق الطلاق كيف تكونت وهل هنالك خلل في تكوينها يكون هو السبب في انهائها بهذه الصورة المتزايدة.
الزواج/هو عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعا غايته انشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل .م3 من قانون الاحوال الشخصية العراقي المشار اليه اعلاه.هذا هو الزواج .
ماهي شروطه؟
ان من اهم شروط عقد الزواج هي الاهلية أي يجب ان يتمتع كلا الزوجين بها. وان الاهلية تقوم على ركنين /البلوغ
والعقل هو محور دراستنا هذه الذي يجب ان يتمتع به كلا الزوجين .
ما العقل ؟البلوغ ,النضوج ,الوصول بالفكر والعلم الى اعلى مراحله وهذا لا يمكن تصوره إلا لدى الشخص المتعلم , ولا يكون الشخص متعلما إلا اذا اكمل تعليمه في المدارس والجامعات وحصل بعدها على شهادة جامعية.
أي يجب ان يتمتع كلا الزوجين بهذه الميزة أي التكافؤ بين الرجل والمرأة , كي يكون هنالك تفاهم فيما بينهم من اجل استمرار الحياة الزوجية والتكافؤ يجب ان لا يقتصر على العلم بل يجب ان يشمل النواحي الاخرى كالأخلاق على سبيل المثال.
ان المشرع العراقي لم يشترط / التكافؤ / بين الزوجين كشرط لانعقاد الزواج , وهذا خطأ كبير وقع فيه المشرع أي كان الاجدر به اشتراط تكافؤ أ لزوج مع زوجه لإبرام العقد وبدونه لا يتم الزواج , وهذا الامر يجب ادراجه في قانون الاحوال الشخصية وإلزام المحاكم با لعمل بموجبه حفاظا على المجتمع العراقي من فايروس الطلاق الخطير.
فبأي وجه حق تتزوج / المحامية ، الطبيبة ،المهندسة ،المدرسة والمعلمة والموظفة / من رجل أمي او لا يحمل شهادة جامعية فهذا امر منافي للعدالة وكذلك الحال بالنسبة للرجل الذي يتزوج من امرأة غير متعلمة , فهو خطأ كبير ترفضه القيم والمبادئ الانسانية السامية وحتى الاسلام يرفضه حيث اكدت ا لأية المذكورة اعلاه على التكافؤ بين الزوجين .
فهو احد اسباب الطلاق وكثرته في مجتمعنا بل هو السبب الرئيسي ان لم يكن هو السبب الوحيد لأن من بعده تظهر الصحوة من الغفلة وتبدأ المعاناة ولا تنتهي إلا أمام القضاة .
اذ تبادر الى ذهني سؤال ان حالة الطلاق في السابق أي في الماضي القريب لم تكن بهذه الكثرة على الرغم من ان كلا الزوجين كانا غير متكافئين .؟
سبق وان اشرت بان عدم التكافؤ ليس هو السبب الوحيد في مسألة الطلاق وكثرتها بل هنالك اسباب اخرى. وهي

1/تأثر مجتمعنا العراقي العربي الشرقي بثقافة الغرب وأفكارهم التي لاتحترم العلاقة الزوجية وتدعو الى تفكك الرابطة الاسرية عن طريق المسلسلات والأفلام التي يبثونها عن طريق الفضائيات .
2/ سوء الاوضاع الامنية التي ادت الى عدم استقرار النفسي لكلا الجنسين الرجل والمرأة مما ادى الى عد م تحمل الطرفين الى أي مشكلة بسيطة يواجهونها في حياتهم اليومية وبالتالي لا يتحمل أي منهما الاخر.
3/الظروف المادية فقد تكون الزوجة موظفة والزوج عاطلا عن العمل فهذا ايضا سبب من اسباب الطلاق وفي هذه النقطة عدنا الى محور دراستنا التي ابتدئنا بها وهي عدم التكافؤ بين الزوجين.
4/قلة الايمان حيث ان من ابغض الحلال عند الله الطلاق
5/ان أغلب الفتيات اللواتي يلجأن الى الزواج هن دون سن البلوغ والفتيان أيضا .
6/ مطالبة المرأة بالحرية انسجاما مع الديمقراطية التي اتتنا بعد عام 2004 معززة بالمسلسلات المد بلجة الداعية الى رفع كل القيود عن المرأة والتي لاتنسجم مع عادات وتقاليد الرجل الشرقي وبالتالي تؤدي الى نشوب نزاع بين الزوج وزوجه نهايته الطلاق.
7/ تشجيع المرأة من قبل الحكومة على الطلاق وذلك عن طريق صرف رواتب للمطلقات فهذه احدى الاسباب التي دفعت بالمرأة للإقبال على الطلاق.
8/ إن بعض النساء يبرمن عقد الزواج مع الرجال لغرض الحصول على مقدم المهر ومؤخره وليس غايتهن بناء أسرة .
واني ألاحظ بان اغلب حالات الطلاق التي حصلت هي ناجمة عن الزواج الذي حصل بعد عام 2004 لأنها زيجات بنيت على اغراض نفعية وبالذات ما حصل في سنة 2008 حينما قررت الحكومة تخصيص مبلغ قدره /2500000 / مليونان وخمسمائة الف دينار عراقي لكل من يتزوج فهبت الناس في حينها لإبرام عقود الزواج دون التفكير في صلاحية الزوجين كلاهما للأخر وإنما من اجل الحصول على المبلغ المذكور أعلاه ، اذن هو زواج نفعي .
تبادر الى ذهني سؤال هل ان أبناء الطوائف الاخرى الغير اسلامية الموجودة في العراق يعانون من كثرة وقوع حالات الطلاق في الوقت الحاضر ام انه مقتصر علينا نحن المسلمين فقط؟
للإجابة على هذا التساؤل اقول ان ابناء الطوائف الاخرى من غير النصارى توجد لديهم حالات طلاق ولكن ليس بكثرة اما النصارى فلا يوجد لديهم طلاق لأنه محرم وفق شريعتهم وإنما يوجد لديهم تفريق جسماني فقط.
اما ابناء الطوائف الاخرى غير النصارى كالصابئة ، المندائيين وغيرها / يوجد لديهم طلاق ولكن بصورة ضئيلة جدا على الرغم من انهم يعيشون المحيط نفسه الذي نعيشه ويمرون بالظروف نفسها التي نمر بها ، اذن ما السبب الذي يجعل حالات الطلاق عندنا اكثر منهم ؟
ان المشرع العراقي اخضع ابناء الطوائف الاخرى لإحكام شرائعهم وكتبهم السماوية وذلك عن طريق قانون بيان المحاكم المرقم /6 / لسنة 1917 وبالذات المادة /17 / منه التي اوجبت على قاضي محكمة المواد الشخصية / المحكمة التي تنظر في القضايا الشرعية لأبناء الطوائف الاخرى الغير اسلامية وهي محكمة البداءة / اوجبت احالة الدعوى التي اطرافها من ابناء الطوائف الاخرى الى العالم الروحاني في المندي اوفي الكنيسة أو المعبد لإبداء الرأي في المسألة المعروضة عليه ومنها الطلاق وان قرار العالم الروحاني ملزم للمحكمة وان اغلب القرارات التي يصدرها هؤلاء العلماء تكون بمصلحة اطراف النزاع وعدم ايقاع الطلاق بينهما وان اطراف الدعوى يحترمون رأي هؤلاء العلماء وينفذون ما يطلبونه منهم انطلاقا من شعورهم الديني وخضوعهم لعلماء الدين اكثر من المحكمة لان المحكمة تطبق القانون الوضعي بينما علماء الدين هم يطبقون القانون الإلهي .
اما نحن المسلمين اخضعنا مشرعنا العراقي لإحكام القانون الوضعي ولم يفرض على القاضي احالة اطراف النزاع الى علماء الدين الاسلامي الحنيف ،علماء امتنا الاسلامية لإبداء رأيهم في المسائل الشرعية للقضايا المطروحة امام المحكمة ومنها ألطلاق انها من احد الاخطاء الفظيعة التي وقع بها المشرع العراقي حيث جعل من الكنيسة والمندي والمعبد اعلى شأنا من المسجد ، الجامع والحسينية وجعل من العالم الروحاني اهم شأنا واعلى شأنا وأكثر احتراما من الامام او الخطيب في الجامع والحسينية بحيث اوجب على المحكمة احترام رأي العالم الروحاني والأخذ به وحفظه في اضبارة الدعوى لأهمية رأيه للمحكمة اما علماء امتنا الاسلامية فلا دور لهم امام المحكمة , ولعل هذا من اهم الاسباب التي جعلت حالات الطلاق لدينا نحن المسلمين اكثر مما هو عليه بالنسبة لأبناء الطوائف الاخرى لأن محاكمنا لو احالت قضايا الطلاق الخاصة بنا الى علماء ديننا فاني لعلى يقين سيصلحون الحال بين الطرفين قدر المستطاع ويقللون من حالات الطلاق ويقضون على هذا الفا يروس الخطير الذي اصاب مجتمعنا نظرا لما يتمتعون به من سلطة دينية على الناس يستمدونها من شعور الناس لأنهم يمثلون ويطبقون شريعة البارئ عز وجل في الارض لان ما أراه المحكمة عاجز ة لا تستطيع القضاء على هذا الفايروس الذي انهك مجتمعنا.فعلماء ديننا الافاضل بكل مذاهبهم يجب ان يكون لهم شأنا في القضاء على فايروس الطلاق .