عواصم - (وكالات): في كارثة جوية مصرية، أعلنت القاهرة مساء أمس العثور على حطام طائرة «مصر للطيران» التي تحطمت فجر أمس في البحر المتوسط قبالة سواحل اليونان أثناء قيامها برحلة بين باريس والقاهرة وعلى متنها 66 شخصاً.
وقالت شركة مصر للطيران في بيان نشرته على حسابها الرسمي على «تويتر» باللغة الإنجليزية أن «وزارة الطيران المدني تلقت من وزارة الخارجية المصرية خطاباً يفيد العثور على حطام» للطائرة المفقودة.
ويتعذر استبعاد اي فرضية بشأن سقوط الطائرة لكن عناصر أولى جمعت من الظروف الجيوسياسية ترجح احتمال تعرضها لعمل إرهابي أكثر من إصابتها بعطل فني، بحسب خبراء.
وفي وقت لاحق، طلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من «جميع أجهزة الدولة» أن تقوم «بتكثيف عمليات البحث» للعثور على حطام الطائرة.
وكان الناطق باسم الجيش اليوناني فاسيليس بيلتسيوتيس أكد أن طائرة مصرية عثرت على حطام قد يكون لطائرة «مصر للطيران» التي تحطمت قبالة جزيرة كريت اليونانية. وقال «عثرت طائرة سي 130 مصرية على حطام جنوب شرق جزيرة كريت في منطقة تابعة للمجال الجوي المصري. وسترسل سفن إلى الموقع للتحقق من الأمر». من جهته قال التلفزيون اليوناني العام أنه «عثر على حطام على بعد 230 ميلاً بحرياً من جزيرة كريت». وبحسب السلطات اليونانية حدد الموقع المفترض الذي سقطت فيه الطائرة على بعد 130 ميلاً بحرياً قبالة جزيرة كارباثوس شرق جزيرة كريت. ومع إصراره على الحذر الشديد وتأكيده أكثر من مرة عدم رغبته في استبعاد أي فرضية لتفسير سقوط الطائرة، قال وزير الطيران المصري شريف فتحي أن احتمال العمل الإرهابي قد يكون الأرجح. ورداً على سؤال حول ما إذا كان يرجح فرضية العمل الإرهابي، قال فتحي «لا أريد أن أقفز إلى نتائج ولكن إذا أردنا تحليل الموقف فإن فرضية العمل الإرهابي قد تبدو الاحتمال الأرجح أو الاحتمال المرجح»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الموقف الرسمي للدولة المصرية يظل عدم استبعاد وعدم تأكيد أي فرضية.
من جهته، أعلن وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس أن الطائرة «قامت بانعطافة 90 درجة إلى اليسار ثم 360 درجة إلى اليمين أثناء هبوطها من ارتفاع 37 ألف قدم إلى 15 ألف قدم» قبل أن تختفي عن شاشات الرادار فيما كانت على ارتفاع عشرة آلاف قدم».
وقال مسؤولون يونانيون إنه عثر على قطع بلاستيكية وسترتي نجاة على سطح الماء على بعد 230 ميلاً جنوب جزيرة كريت.
وفي واشنطن، قال البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما تلقى إفادة حول اختفاء الطائرة من مستشار الأمن القومي ومكافحة الإرهاب. وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست أنه «من المبكر التكهن بسبب الكارثة».
وكانت رحلة «مصر للطيران» ام اس 804 تقوم برحلة بين مطاري باريس شارل ديغول والقاهرة عندما اختفت عن شاشات الرادار في الساعة 2:45 بتوقيت القاهرة أثناء تواجدها في المجال الجوي المصري كما قال نائب رئيس الشركة المصرية.
ولم يستبعد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند كذلك فرضية العمل الإرهابي. وقال في كلمة متلفزة «المعلومات التي جمعناها تؤكد لنا أن هذه الطائرة تحطمت وفقدت». وأضاف «علينا التأكد من معرفة كل ملابسات ما حصل. لا يمكن استبعاد أو ترجيح أي فرضية». وتابع «حين نعرف الحقيقة، علينا استخلاص كل العبر سواء كان الأمر حادثاً أو فرضية أخرى تخطر على بال كل شخص، وهي فرضية عمل إرهابي».
وقالت رئاسة الجمهورية في مصر إن مجلس الأمن القومي عقد اجتماعاً برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأضافت في بيان «قرر مجلس الأمن القومي مواصلة جهود البحث من خلال الطائرات والقطع البحرية المصرية والعمل على كشف ملابسات اختفاء الطائرة في أسرع وقت بالتعاون مع الدول الصديقة مثل فرنسا واليونان». وقال مكتب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إنه تحدث إلى نظيره المصري وناقشا التعاون عن كثب لمعرفة الملابسات. وذكرت الرئاسة المصرية أن الرئيسين اتفقا على استمرار التنسيق والتعاون بين البلدين لكشف ملابسات اختفاء الطائرة المصرية. وأعلنت وزارة الخارجية المصرية إن وزيري خارجية مصر وفرنسا تبادلا التعازي في ضحايا طائرة مصر للطيران «التي سقطت». وفي باريس قال مصدر بالشرطة إن المحققين يستجوبون ضباطا كانوا بالخدمة في مطار رواسي لمعرفة ما إذا كانوا سمعوا أو شاهدوا أي شيء مثير للشك. وأضاف المصدر «نحن لا نزال في مرحلة مبكرة هنا».
وقال الادعاء الفرنسي إنه سيفتح تحقيقاً في اختفاء الطائرة.
وأعلنت النيابة العامة في مصر أيضاً أن النائب العام أحمد صادق أمر بفتح تحقيق عاجل بشأن حادث اختفاء الطائرة وكلف نيابة أمن الدولة العليا بإجراء تحقيقات موسعة في الحادث. وصرح وزير الطيران المصري أن الجانب الفرنسي أبدى «تعاوناً كبيراً جداً». وأوضح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو إن فرنسا تعتزم إرسال قوارب وطائرات للمساعدة في البحث عن الطائرة التي كان على متنها 15 فرنسياً. وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن فرنسا لا تستبعد شيئاً فيما يتعلق باختفاء طائرة مصر للطيران بعد إقلاعها من باريس في طريقها إلى القاهرة. ورجح خبراء كذلك فرضية تعرض الطائرة لاعتداء. وقال الخبير في الملاحة الجوية جيرالد فلدزر إن «السبب في ذلك يرجع إلى المناخ السياسي» ومستبعداً في الوقت ذاته «مشكلة تقنية كبيرة لأن الطائرة حديثة نسبياً». وأضاف «تبدو احتمالات وقوع مشكلة تقنية كبرى، انفجار محرك، انفجار على متن الطائرة (...) ضئيلة».
وتابع «طائرة ايرباص ايه 320 التي كانت تنقل 66 شخصاً «حديثة نسبياً» صنعت عام 2003. كما يعتبر هذا الطراز جديراً بالثقة». وقال الخبير «إنها طائرة الرحلات المتوسطة الأكثر مبيعاً في العالم، فهي تحط أو تقلع بوتيرة طائرة كل 30 ثانية».
«إنها طائرة عصرية، وقعت الحادثة في أثناء التحليق وسط أجواء مستقرة تماماً»، وفق تصريحات المدير السابق للمكتب الفرنسي للتحقيقات والتحاليل جان بول تروادك. وأضاف أن مصر للطيران «شركة يحق لها تسيير الرحلات من وإلى أوروبا، أي أنها غير مدرجة على اللوائح السوداء». وذكرت شركة الطيران المصرية أن الطائرة تنقل 56 راكباً بينهم طفل ورضيعان بالإضافة إلى طاقم من 7 أفراد و3 عناصر أمن. وأضافت أن الركاب هم 30 مصرياً و15 فرنسياً وبريطاني وكندي وبلجيكي وبرتغالي وجزائري وسوداني وتشادي وعراقيان وسعودي وكويتي. وفي مطار القاهرة، تم اصطحاب أسر الركاب التي سارعت إلى المطار إلى قاعة خاصة.
وقالت السلطات اليونانية إن الطائرة اختفت عن شاشات الرادار اليونانية أثناء خروجها من المجال الجوي اليوناني ودخولها المجال الجوي المصري.
وبحسب قسطنطين لتزيراكوس مدير الطيران المدني اليوناني كان آخر اتصال مع قائد الطائرة الساعة الثالثة فجراً بتوقيت القاهرة ثم لم يجب على اتصالات المراقبين الجويين اليونانيين التي استمرت حتى الساعة الثالثة والنصف فجراً عندما اختفت الطائرة عن شاشات الرادار».
ولم يشر طاقم الطائرة إلى «اي مشكلة» خلال آخر اتصال أجراه معه المراقبون الجويون اليونانيون بل كان «مزاجه جيداً وشكر محدثيه باللغة اليونانية». كما أكد الجيش المصري أن طاقم الطائرة لم يرسل أي إشارة استغاثة. وأرسلت مصر واليونان طائرات وزوارق إلى البحر المتوسط بحثاً عن الطائرة، حسبما أعلن الجيش المصري في بيان، مضيفاً أنه نشر طائرات استطلاع وزوارق لتحديد موقع الطائرة وإنقاذ ناجين محتملين. وفي برلين قالت المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية «يوروكنترول» إن الطقس لم يكن سيئاً في الوقت والمنطقة التي اختفت فيها الطائرة.
وقالت مصر للطيران إنها تسلمت الطائرة المفقودة عام 2003 مضيفة أنها الرحلات التي قامت بها استغرقت 48 ألف ساعة.
وتابعت أن عدد ساعات الطيران لقائد الطائرة هي 6275 ساعة من بينها 2101 ساعة على نفس طراز الطائرة المفقودة وللطيار المساعد 2766 ساعة.
وبموجب قوانين الأمم المتحدة المنظمة للطيران فإنه إذا عثر على حطام الطائرة في المياه الدولية أو في المياه الإقليمية المصرية فإن مصر ستقود بشكل تلقائي التحقيقات في الحادث بمساعدة من دول أخرى من بينها فرنسا التي جمعت فيها الطائرة والولايات المتحدة حيث مقر شركة «برات أند ويتني» المصنعة للمحركات. وكان آخر حادث مميت لطائرة تابعة لمصر الطيران في مايو 2002 عندما تحطمت طائرة من طراز بوينج 737 في تل بالقرب من مطار قرطاج التونسي. وقتل 14 شخصا في الحادث. وتأتي الكارثة الجوية الجديدة فيما تواجه مصر مشكلات أمنية واقتصادية متزايدة. كما تأتي بعد أكثر قليلاً من 6 أشهر من انفجار طائرة روسية فوق سيناء في 31 أكتوبر الماضي بعد إقلاعها من شرم الشيخ ما أودى بحياة 244 شخصاً كانوا على متنها. وأعلن الفرع المصري لتنظيم الدولة «داعش» مسؤوليته عن إسقاط تلك الطائرة وهو تنظيم يستهدف فرنسا أيضاً. كما اضطرت شركة مصر للطيران أخيراً إلى إدارة أزمة احتطاف إحدى طائراتها إلى قبرص في 29 مارس الماضي من قبل شخص وصف بأنه «مضطرب نفسياً» أطلق سراح الركاب الـ 55 وكذلك أفراد طاقم الطائرة دون أن يلحق بهم أذى.
ووفقاً لموقع «إير فليتس» تملك مصر للطيران أسطولاً يضم 57 طائرة من طرازي إيرباص وبوينج ومن بينها 15 طائرة من طراز إيرباص أيه 320.