عواصم - (وكالات): اختتمت المحادثات التي أجرتها الدول الكبرى حول النزاع السوري أمس في فيينا دون تحقيق أي انفراج واضح فيما تجددت المواجهات ميدانياً مع ارتفاع عدد الضحايا، بينما قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إنه سيكون من الضروري البحث في البدائل إذا لم يمتثل الرئيس بشار الأسد لمحاولات التوصل لهدنة في عموم البلاد، مضيفاً أن «المملكة تعتقد أنه كان ينبغي الانتقال إلى خطة بديلة منذ فترة طويلة، مشيراً إلى أن «خيار الانتقال لخطة بديلة وخيار تكثيف الدعم العسكري للمعارضة بيد نظام الأسد وإنه إذا لم يستجب لاتفاقات المجتمع الدولي فسيتعين حينها دراسة ما يمكن عمله». ميدانياً، استهدفت طائرات النظام بغاراتها مناطق سورية عدة أدت لمقتل وجرح العشرات بالإضافة إلى تدميرٍ شمل مباني عدة، من جهتها تمكنت المعارضة المسلحة من مواصلة تقدمها في ريف حماة الجنوبي، وقالت إنها قتلت 20 جندياً للنظام.
وصرح وزيرا الخارجية الأمريكي جون كيري والروسي سيرغي لافروف بأن المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تشترك موسكو وواشنطن في رئاستها، اتفقت على تعزيز وقف إطلاق النار الهش.
إلا أن الخلافات بين واشنطن وموسكو حول كيفية التعامل مع الأزمة كانت واضحة، فيما أخفقت الأمم المتحدة في تحديد موعد جديد لاستئناف محادثات السلام.
من ناحية أخرى، تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن وقوع اشتباكات عنيفة بين مسلحي جيش الإسلام وفصائل مسلحة يدعمها تنظيم القاعدة أدت إلى مقتل 50 مسلحاً ومدنيين اثنين.
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا انه لا يستطيع دعوة نظام الرئيس بشار الاسد والمعارضة السورية للعودة إلى محادثات السلام إلا إذا كان هناك وقف «جدي» لإطلاق النار.
وقال كيري إن المجموعة الدولية لدعم سوريا اتفقت على أن انتهاك أي من الأطراف لوقف إطلاق النار ستكون له «عواقب»، متعهداً مواصلة الضغط على الأسد. إلا ان لافروف جدد التأكيد على موقف روسيا بأن جيش الأسد هو أفضل من يمكنه قتال تنظيم الدولة «داعش» «الإرهابي»، مجدداً دعم موسكو له. وأقر كيري بأن موعد الأول من أغسطس المقبل الذي حدده مجلس الأمن الدولي للاتفاق على إطار عمل سياسي في سوريا للعبور الى المرحلة الانتقالية هو مجرد «هدف» وليس مهلة نهائية. إلا أن كيري قال إن المجموعة اتفقت على تعزيز نظامها لمراقبة وقف إطلاق النار وأن منتهكيه يعرضون أنفسهم لخطر طردهم من عملية السلام.
وجدد كيري اتهامه قوات الأسد بالتجويع المتعمد للمناطق المحاصرة، وقال إنه سيطلب من الأمم المتحدة إصدار أوامر لوكالات الإغاثة الإنسانية التابعة لها بالقيام بعمليات إسقاط للمساعدات على المناطق المحاصرة.
وقال «ابتداء من الأول من يونيو المقبل وإذا تم منع الأمم المتحدة من إيصال المساعدات الإنسانية إلى أي من هذه المناطق المحددة، فإن المجموعة الدولية لدعم سوريا تدعو برنامج الأغذية العالمي إلى تنفيذ برنامج لإقامة جسر جوي وإسقاط جوي للمساعدات فوراً إلى جميع المناطق المحتاجة». من ناحيته أكد لافروف دعم بلاده للجيش السوري في مواجهة الإرهاب، وقال «نحن لا ندعم الأسد، بل ندعم القتال ضد الإرهاب (..) وعلى الأرض لا نرى أي قوة حقيقية أكثر فعالية من الجيش السوري رغم جميع نقاط ضعفه».
ونفى لافروف أن تكون الانتهاكات المستمرة لوقف إطلاق النار تظهر أن تاثير موسكو على حليفتها دمشق أقل مما كان يعتقد سابقاً. وأكد أن «الأسد يعي تماماً ويتذكر أنه تعهد مسؤولية الالتزام بالخطوات المتتالية المنصوص عليها في القرار 2254». إلا أن لافروف ذكر أن قرار مجلس الأمن الدولي الذي أقر خطة السلام نص على ان العملية الانتقالية يمكن ان تستغرق 18 شهراً، وذلك بعد الاتفاق على إطار العمل. من ناحيته قال دي ميستورا إنه لا يمكنه الدعوة إلى استئناف المحادثات التي تتوسط فيها الأمم المتحدة في جنيف في حال استمر القتال. وقال في إشارة إلى احتمال استئناف المحادثات غير المباشرة بين الأطراف المتحاربة «لن اكشف حالياً التاريخ المحدد».
وأوضح أن «إجراء محادثات جادة بين السوريين لن يتحقق إلا في حال وجود وقف جدي للأعمال القتالية وحدوث تقدم حقيقي على الجانب الإنساني». وفي أعقاب المؤتمر الصحافي أصدرت المجموعة الدولية لدعم سوريا بياناً مشتركاً اتفقت فيه على تعزيز وقف إطلاق النار وإرسال مساعدات انسانية ودفع عملية السلام في سوريا، والاتفاق على إطار سياسي يضمن وحدة سوريا
إلا أن حلفاء واشنطن في عملية السلام خصوصاً الدول العربية التي تدعم مقاتلي المعارضة السورية، يشعرون باحباط متزايد من اصرار الاسد على البقاء في الحكم.
واكد وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير لدى وصوله الى فيينا ان «لا مستقبل اكيد لسوريا بوجود الأسد».
ميدانياً، تتعرض الهدنة بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة التي بدأ تنفيذها نهاية فبراير الماضي بضغط روسي وأمريكي، لانتهاكات متكررة ما تطلب قرار تهدئة مرات عدة، خاصة في حلب شمال البلاد.
فقد قتل 7 أشخاص بينهم نساء وأطفال في قصف لقوات النظام على منطقة في حي السكري الواقع تحت سيطرة فصائل المعارضة، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفي محافظة إدلب شمال غرب البلاد، قتل 8 أشخاص بينهم نساء وأطفال في قصف لقوات النظام على مناطق في بلدة بداما بريف جسر الشغور الغربي. ويسيطر تحالف من فصائل عدة أبرزها جبهة النصرة على محافظة إدلب.
وفي الغوطة الشرقية في ريف دمشق، قتل 50 مسلحاً معارضاً ومدنيان خلال اشتباكات عنيفة بين فصائل إسلامية في إطار صراع على النفوذ مستمر منذ نهاية الشهر الماضي، وفق ما أورد المرصد.