عواصم - (وكالات): أكدت هيئة سلامة الطيران الفرنسية أن إنذاراً آلياً بوجود دخان صدر من طائرة مصر للطيران التي تحطمت في البحر المتوسط الخميس الماضي مما يعيد الجدل حول ملابسات سقوطها، بينما يتواصل البحث عن الصندوقين الأسودين وجثث الضحايا. وفي وقت لاحق، صرحت وزارة الطيران المصرية بأنه لا توجد تأكيدات بشأن رصد دخان على متن الطائرة المنكوبة.
وأعلن متحدث أن مكتب التحقيقات والتحليل الفرنسي «يؤكد أن الطائرة أطلقت إنذاراً آلياً بوجود دخان على متنها قبيل انقطاع بث البيانات»، لكنه أضاف أن «الأمر لا يزال مبكراً لتفسير وفهم ملابسات الحادث ما لم نعثر على الحطام والصندوقين الأسودين، وأولوية التحقيق هي للعثور على الحطام والصندوقين اللذين يسجلان بيانات الرحلة». وأكدت فرنسا أن كل الاحتمالات لا تزال قيد الدرس حول ملابسات تحطم الطائرة التابعة لشركة مصر للطيران في البحر المتوسط بعد التاكيد على وجود دخان في مقدم الطائرة قبل سقوطها.
وصرح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت إثر لقاء في باريس مع أسر الضحايا «في الوقت الحالي يتم درس كل الاحتمالات ولا نرجح أياً منها».
وحتى الآن رجحت الحكومة المصرية وخبراء الطيران فرضية العمل الإرهابي لتفسير سقوط الطائرة فجر الخميس الماضي اثناء قيامها برحلة بين باريس والقاهرة وعلى متنها 66 شخصاً من بينهم 30 مصرياً و15 فرنسياً بالقرب من إحدى الجزر اليونانية على بعد قرابة 290 كيلومتراً من السواحل الشمالية المصرية.
وقالت وسائل إعلام أمريكية أن نظام الاتصالات الالي في طائرة مصر للطيران اصدر قبيل سقوطها انذارات بوجود دخان مجهول المصدر في مقدمة الطائرة قرب قمرة القيادة، ثم خلل في الكمبيوتر الذي يتحكم بالتحليق. وقال مسؤول في وزارة الطيران المدني المصرية «نحن على علم بهذه المعلومات الصحافية. ولا يمكننا حالياً نفيها أو تأكيدها».
وكتبت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية نقلاً عن مصادر قريبة من التحقيق لم تحددها، أن إحدى الرسائل أشارت إلى الآن «دخاناً كثيفاً أدى إلى انطلاق أجهزة الإنذار في القسم الأمامي من الطائرة حيث توجد الأجزاء الحيوية للوحتها الإلكترونية». وأضافت الصحيفة ان «هذا القسم يحتوي على جزء مهم من كمبيوتر التحكم في تحليق» الطائرة والذي «طرأ خلل عليه» بحسب هذه الرسائل. غير أنها أشارت إلى أن المعطيات «ليست كافية لتحديد إذا كانت الطائرة تعرضت لقنبلة او هناك اسباب اخرى غير واضحة». وقال مسؤول في شركة مصر للطيران أن عمليات البحث تركز على العثور على جثت الضحايا والصندوقين الأسودين للطائرة. وأعلن رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران صفوت مسلم ان «الاسر تريد جثامين ابنائها والجيش يركز على ذلك في الوقت الراهن وهو ما يشغلنا بالدرجة الأولى الآن». ورفض تأكيد او نفي المعلومات حول صدور انذار آلي.
وقال إن «البحث عن حطام الطائرة يجري في نطاق 40 ميلاً بحرياً وقد يزيد نطاق البحث إذا لزم الأمر. ويعادل هذا النطاق منطقة مساحتها 5000 ميل مربع «17000 كيلومتر مربع».
واوضح وزير الطيران المدني المصري شريف فتحي ان هناك تحديا إضافيا يواجه عمليات البحث عن الصندوقين الأسودين هو عمق المياه في منطقة سقوط الطائرة مشيرا إلى أنه يعتقد أن عمق المياه في المنطقة يصل إلى 3000 متر.
ونشر الجيش المصري على «فيسبوك» الصور الاولى لما تم العثور عليه وتظهر فيه حقيبة اطفال وردية مزينة بفراشات وجزء من هيكل الطائرة ممزق وسترة نجاة مفتوحة.
وفي غياب أي تبن لاعتداء محتمل استهدف الطائرة بعد اكثر من 48 ساعة على سقوطها، فإن تحليل الصندوقين الاسودين وحطام الطائرة والجثث هو السبيل لكشف ملابسات تحطمها. وكان الفرع المصري لتنظيم الدولة «داعش»، «ولاية سيناء»، سارع الى تبني انفجار عبوة في طائرة السياح الروس التي تحطمت في 31 أكتوبر الماضي بعد إقلاعها من شرم الشيخ جنوب شرق مصر متوجهة إلى موسكو، ما أسفر عن مقتل كل ركابها الـ224.
وتجري عمليات البحث المتواصلة في سباق مع الزمن لان الصندوقين الاسودين للطائرة قادران على اصدار اشارات لمدة لا تتجاوز 4 او 5 اسابيع، بحسب السفارة الفرنسية في مصر. وأعلن متحدث باسم البحرية الفرنسية إرسال زورق دوريات في اعالي البحار مزود بتجهيزات يمكن استخدامها للبحث عن الصندوقين الأسودين وينتظر أن يصل إلى موقع تحطم الطائرة اليوم. وكان الجيش المصري أكد عثور طائراته وزوارقه على أولى قطع حطام طائرة ايرباص «ايه 320» على مسافة 290 كلم شمال الإسكندرية مؤكداً «استكمال أعمال البحث والتمشيط وانتشال ما يتم العثور عليه». ونقلت «بي بي سي» عن فيليب بوم، الخبير في شؤون الطيران، ان «اجهزة الطائرة انطفأت وهو ما يشير إلى أن الأمر لم يكن متعلقاً على الأرجح بعملية خطف أو بمشاجرة داخل قمرة قيادة الطائرة، بل بحريق داخل الطائرة».
وأضاف «لكننا لا نعرف إن كان سبب الحريق ماس كهربائي أو قنبلة انفجرت أو إن كان حريق بسبب مشكلة تقنية».
وكانت القنبلة الصغيرة التي انفجرت على متن طائرة تشارتر الروسية بعد اقلاعها من شرم الشيخ ادت إلى تفككها على الفور إذ تسببت، بحسب الخبراء، في «انخفاض في الضغط يؤدي الى انفجار» نتيجة الارتفاع الكبير للطائرة في ذلك الوقت اذ كانت على ارتفاع 11 ألف كيلومتر عن الأرض، وهذا ما لم يترك أي فرصة للطيار لإرسال إشارة استغاثة. وكانت طائرة مصر للطيران على نفس الارتفاع عندما انقطع أي اتصال بها فجر الخميس الماضي أثناء قيامها برحلة بين باريس والقاهرة.
وقالت وزارة الدفاع اليونانية إن طائرة مصر للطيران كانت على ارتفاع 37 ألف قدم اي 11200 متر عندما قامت فجأة «بانحراف 90 درجة يساراً ثم 360 درجة يمينا لتهبط من 37 الف قدم الى 15 الف قدم» قبل اختفائها من شاشات الرادار.
وقال خبراء إن وجود دخان في الطائرة المنكوبة يدفع إلى الاعتقاد بأن حريقاً اندلع على متنها لكنه لا يسمح بتحديد أسباب الكارثة.