حذيفة إبراهيم
اختتم المؤتمر الخليجي الإستراتيجي الثاني أعماله مساء أمس بنجاح في الجلسة الحوارية الخامسة، التي جاءت بعنوان «مستقبل التحولات الجيوسياسية.. إلى أين يتجه العالم»، تمخض خلالها اتفاق مبدئي بين مركز «دراسات» في البحرين والمؤسسة الأوربية للديموقراطية ببلجيكا، لإنشاء برنامج مشترك للتعاون الفكري بين الجانبين بمجال مكافحة الإرهاب في الفضاء العالمي الجديد.
وأكد رئيس مجلس أمناء مركز «دراسات» خالد الفضالة أن المؤتمر كان ثرياً بالمناقشات والآراء والتي أصابت الهدف، مشيراً إلى ضرورة الاستفادة من تلك الأبحاث والكلمات التي ألقيت، مشيداً بجميع ما طرح خلال المؤتمر.
وأشار مدير مشروع الشرق الأوسط بمركز بحوث السياسات التطبيقية بجامعة ميونخ ألمانيا مايكل باور، إلى أن سياسة ألمانيا كانت في استخدام خيارات إستراتيجية غير مباشرة، فيما فضلت أيضاً السياسات الأجنبية الخارجية للوصول إلى حل وسط.
وشدد على أن إيران تسعى لإقامة أرضية مشتركة مع الحلفاء والخصوم، وهو ما يعزز السيادة الألمانية في دول العالم، موضحاً أن ألمانيا عبر العصور اتجهت لدعم القوى المدنية وسعت بعد الحرب الباردة للتوسع في المجتمع الألماني وتأسيسه بشكل أفضل، وأقوى أمنياً بعيداً عن أوروبا الغربية.
وأكد باور أن مشكلة اللاجئين والمخاطر التي تواجهها دول أوروبا يجب أن تكون محل بحث سريع، مشيراً إلى أن الموقف الألماني لا يجيب على تساؤلات حول تلك التحديات.
وأضاف أن ألمانيا لا تختار الخيار العسكري دائماً، إذ يرى الغالبية العظمى لصانعي القرار في البرلمان والحكومة، أن الحوار السياسي يكون في عدة أحيان أفضل من القوة العسكرية والتي قد تكون غير مناسبة للوصول إلى الأهداف السياسية، ومنها نظرة ألمانيا للمشاركة في الحرب ضد أفغانستان.
وشدد على أن المشاكل في أفغانستان خلقت مشاكل أمنية لألمانيا، كما إن الغزو الأمريكي للعراق كان بمثابة إخفاق تام للسياسات، مبيناً أن استطلاعات الرأي العام الألماني كشفت عن تردد في أي مشاركة عسكرية دولية وهو أمر يحدث لأول مرة منذ العام 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر.
وأضاف باور أن ألمانيا أيضاً لا تميل لتقديم الأسلحة إلى المجموعات الإرهابية أو غير المعروفة، بل دعمت مجموعات معروفة مثل البيشمركا الكردية، مشدداً على أن تركيز ألمانيا جهودها لمكافحة الإرهاب يأتي على المستوى المحلي، وليس المهام العسكرية في الخارج.
تهديدات حول العالم
فيما أكد مدير مركز دراسات التهديدات غير المتماثلة في بلجيكا د. لارز نيكادر أن هناك العديد من التهديدات لدول العالم، من المجموعات الإرهابية واللاعبين «دون الدول»، مؤكداً أن التهديد قد يأتي من دول أخرى أيضاً.
وشدد على أن التهديد قد يتعلق بضعف الأمان عبر الانترنت، أو الهجمات على شبكات الإنترنت، والتي قد تواجه مشكلة في الكشف عن التعرض للهجوم أساساً، داعياً إلى الاستفادة من الخبراء الذين يحاولون اكتشاف الثغرات الأمنية.
أما رئيس مركز البحوث التطبيقية بمعهد الدراسات الأمريكية د. بافل شاريكوف، أكد أن هناك 700 ألف مستخدم لـ»الفيس بوك» من البحرين، مشيراً إلى أن المملكة من أكبر الدول بالنسبة للمشاركة في الإنترنت.
وأكد أن ذلك يعد مخاطرة أمنية، إلا أن شعب البحرين يبدو واعياً، فالبحرينيون في التنظيمات الإرهابية ليسوا كثيرين، كما أن نسبة تعرضها للهجمات الإلكترونية قليلة.
إعادة انتقال قوى
في السياق ذاته، أكد زميل أول في برنامج الديمقراطية وسيادة القانون في معهد كارنيجي البلجيكي د. ريتشارد يونغز، أن هناك إعادة انتقال وتحول للقوى بين الدول، مشيراً إلى أنه وبسبب التقنية الحديثة فإن العلاقة بين الشعوب والدول تغيرت، ولذا فإن هناك تغيراً في العلاقات بين الدول وفي داخل الدول ذاتها.
وأشار إلى أن مسائل الهجرة ومكافحة الإرهاب لا ينظر إليها بالشكل المطلوب، كما إن الاتحاد الأوروبي يتحدث عن أسباب هجرة المواطنين إليه، ولكنه لا يحاول حل الأسباب الجذرية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للاجئين.
وشدد يونغر على أنه من الضروري أن يكون هناك «تصميم» وتغير جديد في الشرق الأوسط، متوقعاً أن يكون هناك المزيد من التحكم في العلاقات بين الدول مستقبلاً، والتي سيحكمها الأمن القومي، وهو ما سيسود بسبب التغيرات الجيوسياسية، والمعايير الإقليمية.
الخليج وأمريكا
أما الباحث أول بمعهد دول الخليج العربي بواشنطن د. حسين إبيش، أكد وجود إشكالات سياسية بين دول الخليج والرئيس الأمريكي أوباما، مشيراً إلى إن أوباما لا يقوم بوضع السياسات بالضرورة، وهو يمكن أن يقوم بذلك أحياناً فقط، كما إن معظم السياسات يتم تشكيلها على فترة طويلة جداً، والرئيس هو مفاوض فقط، ويقرر في النهاية بعد هذا التفاوض. وتابع «جورج بوش الوحيد الذي قال «أنا من أقرر».
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تنادي بالانفتاح على آسيا، إلا أنه لا يوجد حتى في مدونة السلوك الوطني، أو في سياساتها ووثائقها، مشيراً إلى أن قائمة الأولويات لدى الولايات المتحدة من ابتكارات الرئيس، والذي بدوره حمل عدة أثقال من إدارة الرئيس جورج بوش.
وأكد أن اتفاقاً للرأي جرى بعد حرب العراق للتجنب في الدخول بأي تدخل عسكري في الشرق الأوسط، وهو على عكس ما حدث أيام إدارة الرئيس بوش والتي لم تمتلك حداً للأطماع الخارجية.
ولفت إلى أن قائمة أوباما للأولويات الخارجية، بدأت بعزمها وقف إيران عن امتلاك النشاط النووي، وهي موروثة من القائمة السابقة الأمريكية، مبيناً أن الاتفاق النووي حدث بعد تنازل الغرب عن رفع العقوبات عن إيران.
وقال إبيش إن هناك تصميماً أمنياً جديداً في منطقة الخليج بسبب تصريحات أوباما، بأن الشرق الأوسط لم يعد مهماً لأمريكا وأن إدارته تتجه للصين، ولذا فإن الولايات المتحدة لن تعمل مع إيران على حفظ أمن الخليج العربي.
وبين أن واشنطن تعرف أن إيران تعارض الأهداف الإستراتيجية لها في المنطقة، ولكن احتمالية التقارب قد يحصل بين الدولتين بعد أن تسحب الولايات المتحدة الأمريكي قواتها في المنطقة وهو أمر مستبعد.