كتب - عبدالله إلهامي:
تتراوح أعداد مرضى السكلر بحسب سجلات وزارة الصحة قرابة 5000 مريض، ما دفع بمجمع السلمانية الطبي إلى تحويل مركز كانو الصحي والاجتماعي لعيادة كاملة الاحتياجات ومركز تأهيل وعلاج لهم، لتقليل ترددهم على المجمع وتخفيف الضغط عليه، إلا أن سوء استخدامهم للخدمات المقدمة من قبل وزارة الصحة، دفع بها إلى الأمر بتقنين العلاج وإعادة علاجهم للسلمانية، بعد أن بلغ معدل ترقيدهم خلال سنتين ونصف 3294 مرة.
السجلات
تشير إحصاءات وزارة الصحة إلى تسجيل ما بين 4-5 آلاف مصاب بالسكلر خلال الفترة 1991-2012، وتنفي بالمقابل صحة ما يتداول من أعداد أخرى.
وقالت الوزارة إن عدد زيارات المرضى لقسم الطوارئ خلال العام الماضي فقط وصلت إلى نحو 250 زيارة في اليوم الواحد، في حين أن معدل عدد الأسرة المستخدمة لمرضى السكلر في مجمع السلمانية الطبي يتراوح ما بين 120-180 سريراً.
وأضافت أن 90% من مستفيدي الخدمات الصحية المخصصة للسكلر هم من المترددين على الطوارئ والمراكز يومياً وعلى مدار العام لتلقي العلاج، وعددهم 226 مريضاً من الجنسين، في حين أن الـ10% المتبقين هم من يزورون المنشآت الصحية بشكل دوري.
الضحية
وأوضــــح الرئيــــس التنفيــــذي لمجمع السلمانية الطبي د.وليد المانع، أن هناك تطوراً غير محمود يتعلق بمرضى السكلر، يبدأ من إطلاق ألفاظ على المرضى مثل «ضحية» و»إعاقة»، وغيرها من تهويلات لا يقدم أي حافز للمريض، ما يدفعه لخيارات أخرى يوفرها المجتمع أو يتصرف حيالها بشكل شخصي، مثل المخدرات وغيرها.
وأضاف د.وليد المانع أن الطبيب أحيانـــاً يقدر مدى احتياج الحالة لأنواع معينة من الأدوية، إلا أن المريض قد يتصرف بشكل أو بآخر ويعتاد على جرعات يجتهد فيها بنفسه، ويحضرها في بعض الأوقات حتى إلى مكان العلاج، موضحاً أن السبب يعود لعدة أطراف، حيث تتحمل وزارة الصحة جزءاً من المسؤولية، رغم من الخدمات الصحية المقدمة لهم، إلا أن بها بعض النواقص التي يجب أن تعزز، ومن أهمها زيادة نسبة الوعي لدى المصابين.
ولفــت إلى أن هناك أمراضــاً أخرى تعيق المصابين بها، وعلى الرغم من ذلك لا يسمون معاقين، وإنما قد يطلق على البعض منهم أصحاب احتياجات خاصـــة، مشيــــراً إلـــى أن مرضـــــــى السكري لديهـــم مــضاعفات أكثر من السكلر في بعض الأحيان، ونسبة المصابين به في المجتمع تتراوح ما بين 40-45%، خاصة ممن هم فوق 45 سنة، متسائلاً لماذا لا يطلق عليهم لفظ «ضـحيـــة» وعــــداد الموت ينتظرهم؟.
وأشاد المانع بالبروتوكول الموحــد الذي نفذ علــــى مستـــــوى الســلمانيــــة والمراكـــــز الــــصحـية والمستشفيـــات الخاصة في ما يتعلق بالعلاج، علاوة على الوعي الذي أصبح التركيز عليه من قبل الجمعيات الداعمة لهم.
الإدمان
وأشار د.وليـد المانع إلى أن مرضى السكلـر يستحيل الحـديث عنهــم مــن منطلق خلفية سياسية، لافتـاً إلـى أن الكل يصفهـا بالقضية المسيسة، وورقة تستخدم من البعض، تزيدها في أحيان وتقللها في أحيان أخرى، قائلاً «ومن نظرتنا نحن؛ نرى أنهم مرضى كأي مرضى آخرين، يحتاجون الرعاية والعناية التي يفترض أن تقدم لهم على أكمل وجه».
ونوّه إلى أن هناك فئة ليست بالكثيرة من مرضى السكلر، لا تتجاوز الستين أو الخمسين؛ لديهم مشكلات في الاعتماد على الأدوية مثل المورفين أو غيره، من إجمالي عدد الإصابات، مؤكداً انه لا يمكن القول عنهم أنهم «مدمنون»، فهم قد يكونون معتادين على الأدوية بشكل أكبر.
وأوضح أن مقارنة تلك الفئة مع غيرها توجد بعض المشكلات، خاصة في التعامل معهم، إذ إن المرض له تبعات جديدة لم تكن في السابق، مضيفاً أن المريض كان يدخل المستشفى في السابق حالة وجود مضاعفات، ويستغرق مكوثه حوالي أربعة أيام يغذى فيها بـ»السيلان» أو غيره، إلا أنه في الوقت الحاضر أصبح بدلاً من أن ينصت للطبيب، يسأله عن عدد جرعات المورفين التي يفترض أخذها، أو غيره من الأدوية المخدرة التي صارت لهم بها معرفة أكبر، في حين أن وعيهم عن المرض أصبح أقل، بل لربما يمتلكون معلومات خاطئة، تعطى لهم عن المرض نفسه وعلاجه.
الرعاية
وأشار الرئيس التنفيذي لمجمع السلمانية إلى أن المنظور الذي يُرى منه السكلر ليس منظور الإشكالية السياسية أو الاجتماعية، على الرغم من أن كليهما له دور وتأثير معين، إلا أن التركيز ينصب على الرعاية الصحية التي يجب أن تقدم بشكل صحيح، لافتاً إلى وجود مشكلة حديثة في الاعتماد على الأدوية، ما يستدعي وضع حد لها، متسائلاً عن المتسببين في تعوّدهم على تلك الأدوية .. الأطباء أم الخدمة الصحية المقدمة؟، مضيفاً أنه لو كان هناك كمال بالخطة الموجودة حالياً، لما وصل المريض إلى حاله، قائلاً «لا ألوم المريض، وإنما قد يكون الملام هو النظام الصحي بأكمله، لذلك يجب أن نتعاون لحلها».
وقال: «في الأيام الأخيرة وضعنا السكلر نصب أعيننا واهتممنا به بشكل أكبر، بحيـث تناولنـــا المشكـــلات التـــي قـــد يتعرضون لها، ونظرنا فيها بشكل منفرد، حتى وصل الأمر إلى تخصيص عيادة على مدار الساعة، تضم مختلف التخصصات ذات العلاقة بالمرض، وهي من العيادات القليلة الموجودة في العالم، فمثلاً حال حدوث مضاعفات في العظام أو الكبد أو مشكلات نفسية أو اعتماد على الأدوية لدى المريض، فإن كافة الأخصائيين متوفرون، مثل أخصائيي علاج الألم».
وأوضح أنه ليس هناك اهتمام بعلاج السكلر مثل ما هو الحال في البحريـــن، فحصيلة ذلك الاهتمام تكمن في وجود مكان مخصص بالطوارئ، بخلاف الأجنحة والمشروع الجديد «هوتلجي سنتـــر»، إضافــة إلى التحاليل والأدوية الجديــدة التي لم تكن لديهم، عوضاً عن الفريق الكامل بالعيادة الخاصة، لافتاً إلى أن العلاج كان يقتصر على «سيلان» وأدوية، ولا يتنـــاول المضاعفـــات والمشكـــلات الأخرى.
وقـــال: «الاهتمـــام والرعايـــة الطبيــــة ساهمت بشكل كبير في الحفاظ على أعمار المرضى، فتحولوا من وفيات في أعمار متقدمة كالأربعينات، إلى بلوغ السبعينات، إلا أن ذلك خلق أيضاً بعض المضاعفات».
ولفت إلى أن الوعي والمعلومات الناقصة التي تمنح لهم؛ لها دور كبير في تعزيز العلاج، قائلاً «لكننا وصلنا إلى نتاج كبير بخصوص هذا المرض، فأسباب نقص الوعي تعود إلى «المريض ومقدم العلاج والمجتمع»، إذ إن لكل منهم ظروف معينة تأثر على اتجاه المريض، ومع ذلك فإن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق معطي الخدمة، سواء الطبيب أو تعزيز الصحة أو الإعلام الصحي».
وذكر أنه عوضاً عن برامج تعزيز الصحــة التــي تقيمهـــا الــوزارة، فــإن مجمــع السلمانية الطبــــي أقــــــام أنشطة تثقيـف صحي لمراجعي العيادة الخاصة، سواء من ناحية التغذية أو التثقيف الصحي العام.
الطأفنة
ونفى د.وليد المانع تماماً وجود طأفنة أو تمييز بين أي مريض وآخر، أياً كانت نوع الإصابة التي يحملها، لافتاً إلى أن السكلر لا يمس طائفة واحدة، قائلاً «ما نسير عليه هو العدالة والمساواة، التي يجب أن يتمسك بها القطاع الصحي بمختلف أطرافه»، مؤكداً أن ذلك يعتبر من أدبيات وأخلاقيات مهنـة الطب، كما في كـــل المهن الأخرى المرافقة لهــا، ويجـــب أن تضمــن المؤسسـة الصحية ذلك.
الإعاقة
وأضاف د.المانع أن السكلر قضية مجتمعية رئيسة، ويستحيل أن يعيق الشخص عن أداء مهامه الحياتية، ويجعله بحاجة لغيره، وكثير التغيب والتعذر والابتعاد عن الحياة، بخلاف أمراض أخرى معيقة إعاقة جسدية كبيرة، مشيراً إلى أن المريض بفقر الدم المنجلي قادر على الحياة بشكل طبيعي، فهناك العديد من الأطباء والمـــحاميــــين والمــهندسين وغيرهم في مختلف الوظائف؛ مصابون بهذا المرض، متسائلاً كيف أصبحوا كذلك إن كانوا طيلة حياتهم مرضى ومتشنجين؟، لافتاً إلى أن بعضهم أصبح معالجاً الآن لنفس المرض.
وذكر أن المصاب يعيش ويتعايش مع المرض بالتوعية والأدوية المنتظمة، محذراً من خلق «شماعة» يحوّل على أساسها المصاب إلى شخص غير قادر على العطاء، رغم أنه قد يكون أفضل من غيره.
ولفت إلى أن وزارة الصحة تعمل مسحاً سنوياً لكافة طلبة الثانوية؛ تحت ما يعرف بـ»فحص ما قبل الزواج»، لتحديد نسب الإصابة بفقر الدم المنجلي، عوضاً عن إحصائيات المواليد، مؤكداً أن هناك متابعة ورصداً دائماً للمراجعين الذين تقدم لهم الخدمة.
وأكد أن هناك فرقاً بين عدد المصابين وبين من يحتاجون لمراجعة المستشفى، إذ إنه قد يكون هناك 1000 شخص فقط يحتاج المراجعة الدورية من أصل 18 ألفاً، ويفسر ذلك بأن الباقون لا يصابون بمضاعفات المرض أو ما سواه.
العلاج
وقــال الرئيس التنفيذي لمجمع السلمانية الطبي «لا نرقَ عن العلاج المتوفر في العالم، إلا أنه مهما كثرت الدراسات والبحوث، فهو مرض جيني، ويصاب حامله بتكسر كريات الدم الحمراء، لذلك فإن المريض يحتاج عوضاً عن الوعي الصحي، الراحة وشرب السوائل بكثرة وأكل ما يفيده والابتعاد عن الضغوطات، وإن كان لديه ألم؛ يعطى «سيلان» في المركز الصحي»، مشيراً إلى أن مضاعفات المرض شديدة وأليمة وهناك أدوية تمنح له بحسب الحاجة، لتخفف من الألم، مؤكداً أنه ليس هناك أية خيارات أخرى بخلاف ما هو متعارف عليه عالمياً.
ولفت إلى أن المهم في التطور الطبي هو التشخيص العلاجي، لذلك فإن العيادة التخصصية تساهم بشكل كبير في منع حدوث تطورات لأية مضاعفات، فقبل أن يصاب مثلاً بالتهاب العظام يتفادى ذلك بالتشخيص الدوري. وشدد على ضـــرورة المتابعة المستمرة، وذلك لمنع الإصابة بأية مضاعفات أو بلوغ حالات متأخرة من المرض.
وأوضح د.وليد المانع أن السكلر موجود في بعض المناطق من العالم وليس مرضاً شائعاً مثل السكري، لافتاً إلى أن الأخير سائد في كل العالم، ويعالج بالإبر والأدوية، لتخفيف حدة النزلات، لكنه ليس هناك علاج تام لإنهاء الإصابة به، مثل فقر الدم المنجلي، والأهم في كليهما هو المتابعة قبل أن يصاب المريض بمضاعفات.
الاستخدام
وأكدت مشرفة مركز إبراهيم كانو الصحي والاجتماعي د.منى الشيخ أن المركز حول إلى عيادة مخصصة لاستقبال مترددي قسم الطوارئ بالسلمانية من المرضى الذكور على مدار الساعة، بدءاً من عمر 15 عاماً، وذلك خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2011، موضحة أنه لسوء استخدام تلك الخدمة المقدمة من قبل الصحة، خصص المركز في ما بعد لحالات الترقيد فقط، وظل كذلك حتى مايو 2013.
وأشارت إلى أن سوء استخدام الخدمة تمثل في ترددهم على العيادة 4 مرات في اليوم، بدافع استغلال الخدمات وليس الحاجة، ما أشعرنا بأن ذلك ليس من مصلحتهم، لافتة إلى أن العيادة توقفت بعد الأزمة، ولكن استمرار ترقيدهم لم يتوقف، مضيفة أن الطاقة الاستيعابية تصل إلى 44 سريراً.
الجدولة
وأوضحت أن العيادة كانت تنظم برامج مختلفة لمراجعيها، بدءاً من إعادة جدولة حياتهم وتنظيمها، إذ كان المرضى في بادئ الأمر يسهرون حتى فترات متأخرة من الليل، ما يضطرهم للنوم حتى الظهيرة، بلا إفطار أو مراجعة طبية صباحية، ما دفعنا للعمل بقدر المستطاع للحفاظ على صحتهم، مثل توقيت تشغيل التلفزيون ليسمح لهم بالنوم مبكراً، ووضع بعض الإجراءات والأنظمة لتنظيم حياتهم والعمل في المركز، مشيرة إلى أن البرنامج اليومي أصبح يبدأ من الاستيقاظ مبكراً، والجلوس بشكل جماعي للإفطار وشرب الشاي في غرفة الاستراحة.
وأشارت إلى أن المركز نظم العديد من البرامج والمحاضرات التثقيفية والتوعوية، حول كيفية التعايش مع المرض، وخطورة التسيب في بعض أنواع الأدوية التي يتناولونها، وطلبها لغير الحاجة، خاصة الأدوية المخدرة منها، ومضار ذلك على حياتهم، لافتة إلى أنه كان يتم استعراض بعض التجارب الناجحة التي اقتنعت بتلك النقاط وبدأت بتغيير حياتها.
الاستجابة
وقالت د.منى الشيخ: «لم تكن هناك استجابة في البداية من قبلهم، إذ رفضوا العلاج الطبيعي، لتخوفهم من أن يؤدي تحسنهم إلى توقف الأدوية، إلا أن الكادر الطبي أكد لهم ألا علاقة لذلك، لكنهم مع الوقت بدؤوا يشعرون بأهمية هذا النوع من العلاج، وأصبحوا حتى بعد خروجهم من المركز يمنحون مواعيد للجلسات».
ولفتت إلى أن المركز بالأساس كان مخصصاً لتأهيل الحالات الحادة، لذلك بعد تحويله إلى مركز للسكلر بدأنا بتغيير قسم العلاج الطبيعي من أدوات ومعدات، إلى رؤية تتناسب مع علاج وتأهيل مرضى فقر الدم المنجلي، من ناحية تخفيف الآلام والمضاعفات عن طريق أجهزة العلاج الطبيعي المخصصة لذلك.
وذكرت أن المريض قد يصاب ببعض الأعراض في العظام مثلاً، يعتقد أنها من آلام السكلر، وما هي إلا مضاعفات للمرض، لذلك فإن العلاج الطبيعي يساعد بشكل كبير، خاصة مع اتباع نظام الفريق متعدد التخصصات، وذلك بأن يكون هناك كادر طبي مكون من استشاريين وأطباء وممرضين وباحثين اجتماعيين، وأخصائيي علاج طبيعي، ما يساعد في دراسة حالة المريض بشكل دقيق حال قدومه.
نقل العيادة
وأوضحت مشرفة مركز إبراهيم كانو الصحي والاجتماعي أن الوزارة قدمت لهم خدمات في المراكز الصحية، ليمنحوا العلاج بحسب البروتوكول الموحد، مشيرة إلى التعاون التام الذي خلق اجتماعات متكررة، مضيفة أن وزارة الصحة أصدرت قراراً إدارياً بتقنين استخدام العلاجات، خاصة المخدرة منها، التي تستخدم للأزمات، ما جعل أعداد المترددين تقل، حتى في مجمع السلمانية، وبدأت الأسرّة المخصصة لهم تصبح فارغة كذلك من المرضى الذين يحتاجون بالفعل لإدخال بسبب حالتهم الحادة، لذلك تناقص العدد تدريجياً حتى أصبح ليس هناك حاجة لتخصيص المركز لهم، والإبقاء على عيادة بالمجمع، ليتداركوا في حالات الهبوط الشديدة والمضاعفات وغيرها.
وأضافت أن التوجه أصبح يتمثل في وجـــود عيـــادة متعـــددة التخصصـــات الطبية والمساندة كذلك في المجمع، من أمراض الدم والعظام وعلاج الآلام والبحــث الاجتماعــــــي والاستشاريــــة، والتغذيــــة، كالتي خلق المركز لأجلها، مشيرة إلى أنه تم البدء بالفعل فـــي تطبيقها على أرض الواقع وتطويرها، وبدأت عيادة السلمانية تلك في عمل برامج متعددة.
وأوضحت أن الخبراء نصحوا باستخدام الأدويـــة التـــي تقلـــل مـــن نوبــــات السكلر وتحمي المريض منها، مثل الهيدروكسويوريا، الذي أثبتــت كـــل الدراســـات فاعليتــه وإيجابياتــــه مـــع المرضى، مشيرة إلى أن تلك الإجراءات التنظيميــة بخصــوص العــلاج صــدرت بعد إحصاءات أجريت بخصوص أعداد المدخليـــن والمرقديـــن ومستخدمـــي الأدوية، والمظاهر التي تنتج عنهم.
ولفتت د.منى الشيـــخ إلى أن إدارة المركز كانت على تواصل دائم مع إدارة السلمانية لعرض ملاحظاتها، مضيفة أن العديد من اللجان شكلت لمتابعة مرضى السكلر، وآخرها لجنة برئاسة د.شيخة العريض، وذلك لوضع برنامج مختص بهم وتناول ما يتعرضون له، ومن بين تلك الفعاليات «المؤتمر الدولي للسكلر»، الذي أوصى الخبراء المشاركون به بعد أن زاروا المركز؛ بعدم الاستخدام المفرط للأدوية المخدرة دون الحاجة، والاستمرار في البرامج التوعوية والتثقيفية التي يقيمها كانو الصحي والاجتماعي، عوضاً عن أن مرضى السكلر لا يجب علاجهم داخل المستشفيات.
وأشارت إلى أن إحصائيات الترقيد من منتصف يناير 2011 حتى الأول من يونيو 2013 بلغت 3294، في حين أن معدل عدد المرضى المدخلين للمركز خلال النصف الأول من العام الجاري 226، وفي العام الماضي 248، بينما بلغ معدل عام 2011 (222).
الإفراط
وقالت مشرفة مركز إبراهيم كانو الصحي والاجتماعي د.منى الشيخ «ظهرت بعض الإحصائيات التي تشير إلى أن هناك استخداماً مفرطاً للأدوية المخدرة، إذ يصر المريض ويفرض طلبه على الكادر الطبي بحجة أن ذلك من حقوقه، ومن جانب آخر فإن الطبيب بعد محاولات عدة منه للإقناع، يصعب عليه الرفض».
وذكرت أن بعض المرضى استوعبوا المضار التي وصفها لهم الأطباء، من تأثير الإفراط في تلك العلاجات على الإنجاب، والإصابة بالعديد من الأعراض، فيما أنكر البعض الآخر ذلك، وحاول إقناعنا بأن الأدوية المخدرة ضرورية ولا يجب التخلي عنها.
ولفتت إلى أن إحدى البرامج التي أقامها المركز، دراسة لحالات مرضى السكلر وبرنامج وقائي للأعمار المتراوحة بين 15-20 عاماً، ممن يزداد عدد ترددهم (وعادة ما يكون ذلك بداية الاهتمام بالمواد المخدرة فنحاول تجنيبهم من الوصول إلى مرحلة الاستخدام المفرط لتلك المواد)، فندرس حالته من خلال الالتقاء بوالديه، واستطعنا حماية الكثيــر منهم.
وأوضحت أن أطفال السكلر لا يمثلــون أية مشكلات، كونهم مسؤولين من قبل والديهم، اللذين يمنحانهم الحرص الكافي على المتابعة الدورية، لكن بمجرد بلوغهم وتحولهم إلى الاعتماد على أنفسهم، تعترضهم فئة معينة من نفس المرض، ويبدؤون بغرس مفاهيم وحقوق خاطئة في أذهانهم، كأن يشعروا بأنهم ملك أنفسهم والقرار يعود لهم فقط، لذلك يقولون للأطباء أحياناً بنبرة تحدٍّ: «نحــن نعــرف أكثر منكم»، مشيرة إلى أن ذلك الوعي جيد، لكن في نهاية المطاف للطبيب دور معين يجب أن يقوم به، مهما زادت معرفة المريض بإصابته.
الممارسات الحياتية
وأكدت د.منى الشيخ أن المركز يحرص بشكل كبير على أن يمارس المرضى حياتهم بشكل طبيعي، فنساعد طلبة الجامعات على الاستمرار في دراستهم وعدم التخلف عنها، إضافة إلى وجود نظام معين يقدم لهم بعض الاستثناءات للخروج من المركز وقت العلاج، ويسهل لهم تقديم بعض الامتحانات داخل الدار، بشرط إحضار تقرير من الجامعة يفيد بارتباطهم بدراسة أو امتحانات، وعوضاً عن ذلك كنا نتواصل معهم ونتقبل مقترحاتهم، إذ إنهم احتجوا ذات مرة على الأكل، فتواصلنا مع المطبخ وحاولنا تحقيق رغباتهم بقدر المستطاع.
وأوضحت أن تحويل المركز من عيادة إلى إدخال فقط، يسعى من خلاله إلى إبعاد المرضى من التعرض للالتهابات التي من الممكن أن يصابوا بها داخل المستشفيات، كما إن القرار الإداري بتقنين العلاج، أدى لتقليل عدد المرضى بالمركز، الذي خصص لهم بسبب كثرة ترددهم وضغطهم على مجمع السلمانية، مشيرة إلى أن عدد معدل مرات إدخال المرضى إلى المركز شهرياً بلغت 232 مرة، بينما بلغ عدد المستفيدين من عيادة المركز من فبراير 2011 إلى أغسطس 2011 (229 مستفيداً)، في حين أن المستفيدين من خدمات المركز خلال الفترة من فبراير 2011 حتى يونيو العام الحالي 602 مستفيد.
وذكرت أن تحويل بعض الأدوية إلى التعاطي من خلال الفم، يمنعهم من الدخول في معمعة الإدمان والتعود على الأدوية المخدرة، وتأثير ذلك على حياتهم وأسرهم وتحصيلهم العلمي والعملي، قائلة «كثيرون ممن دخلوا تلك الدوامة فصلوا من جامعاتهم وخسروا حياتهم».
الاستغلال
وقالت مشرفة مركز إبراهيم كانو الصحي والاجتماعي «مرضى السكلر يساقون إلى غرض لبعض الأطراف مصلحة فيه، فهم ليسوا ضحايا أو معاقين، وإن قلنا عنهم ذلك، فمرضى السرطان أيضاً ضحايا، ومثلهم المصابون بالجلطات الدماغية والقلب والسكري، قائلة إنه مرض كأي مرض آخر، ولدينا مرضى سكلر يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، والبعض منهم رؤساء مختبرات وأطباء ومهندسون».
وأكــــدت أن العديـــد منهـم متفهمـــون والنقاش معهم يظهر مدى ثقافتهم واطلاعهم، لكن هناك استغلال لهم ليكونوا ورقة سياسية أو ضغطاً بشكل أو بآخر، مشيرة إلى أنه من الأهمية بمكان أن يعرفوا ما يحاك لهم، إذ إن الخطورة في السكلر تكمن في التدهور السريع لحالتهم الصحية، فقد يأتي للمركز بحالة جيدة وفجأة تتدهور حالته، مثل مرضى الجلطات الدماغية والقلبية، ما يؤكد ضرورة إبعادهم عن أية ضغوط.
التوعية
وشددت د.منى الشيخ على أهمية دور المريض في تثقيف نفسه، بماهية المرض، وذلك ليس بمعرفة معدل الجرعات أو المسكنات أو المورفين الذي يجب تناوله، وإنما نوعية المرض وكيفية تجنبه وتخفيف آلامه ومضاعفاته، عوضاً عن المتابعة الطبية المستمرة، فكثيراً ما يمنحون مواعيد في السلمانية ولا يأتون، بل إنهم يرقدون في المستشفى أكثر من ذهابهم للعيادات للمتابعة، مع أن متابعتهم بشكل دقيق وإحساسهم بأهمية ذلك، يقي من الوقوع في الكثير من المضاعفات.
وذكرت أن بعض المضاعفات لا تحتاج أحياناً إلى المورفين وما سواه، لذلك من الجيد متابعة الحالة واتباع الإجراءات الوقائية، مثل شرب السوائل بكثرة والاعتماد على التغذية السليمة، والابتعاد عن الوجبات السريعة، وكذلك التدخين، مشيرة إلى أن العديد من مرضى السكلر يدخنون خاصة وقت النوبة، على الرغم من احتياجهم في تلك الفترة لكل خلية، وإهدارها يزيد من سوء الحالة، ويضطر أحياناً لإنعاشها تنفسياً، إلا أن ذلك قد لا يفيد لأن الدم المترسب على الرئة به مواد مخدرة تؤثر على التنفس من الأعلى، لذلك فعليهم الابتعاد عنه نهائياً، والحرص على الهيدروكسويوريا.
ولفتت إلى أن مريض السكلر بإمكانه الزواج من غير المصابين بنفس المرض، فهناك مريضات متزوجات ولديهن أطفال، ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي، مؤكدة أن فقر الدم المنجلي ليس بالشدة التي يروج لها من أنها تجعل المريض دائم الترقيد، بل إن هناك نسبة معينة ممن هم حالتهم حادة، لذلك فإن التوعية الخاطئة تجعلهم يصرون على عدد جرعات أكثر من الأدوية المسكنة التي لا داعي لها.
وتمنت مشرفة مركز إبراهيم كانو الصحي والاجتماعي د.منى الشيخ من مرضى السكلر أن يثمنوا الخدمات التي تقدم لهم، وأن يأخذوها على محمل الجد، ولا يستهينوا بها، ويحاولوا الاستفادة بقدر المستطاع من تلك الخدمات المتميزة غير الموجودة في أي مكان آخر.