قال وزير الطاقة د.عبدالحسين ميرزا خلال ملتقى «انخفاض أسعار النفط وتأثيره على اقتصاديات مجلس التعاون» إن التحديات الراهنة في مجال الطاقة في ظل التراجع الحاد لأسعار النفط تتطلب تعزيز جهود المسؤولين والمتخصصين في دول مجلس التعاون الخليجي لتنمية الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي بالشكل الذي يؤمن اقتصاديات هذه الدول من التقلبات الشديدة في أسعار النفط.
وأضاف: «يلاحظ أن هناك أوجه تشابه بين العوامل الحالية المؤثرة على أسعار النفط في الوقت الراهن ونظيرتها التي كانت سائدة إبان أزمة الثمانينات من حيث الزيادة في الإمدادات النفطية من خارج دول «أوبك» وخاصة من ألآسكا والمكسيك والإنتاج البحري من منطقة بحر الشمال والتي لجأت دول «أوبك» حينها لمعالجة الوضع إلى خفض إنتاجها مسعىً منها لاستعادة الاستقرار للسوق النفطية والحيلولة دون انهيار الأسعار والذي قد ترتب على ذلك خسارة جزء كبير من حصتها في السوق النفطية التي انخفضت من 42.6% في عام 1980 إلى 27.2% فقط في عام 1985، كما أن التطورات الحالية في سوق النفط تشبه ذات القصة نفسها».
وأكد أن التخمة في المعروض النفطي قد جاءت بشكل رئيس جراء الزيادة في المعروض من الدول المنتجة من خارج دول أوبك وخاصة من النفط الصخري الأمريكي، وأن 70% من الزيادة في الإمدادات النفطية من خارج أوبك خلال 2015 قد جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الإنتاج الأمريكي من النفط الأمريكي قد ارتفع ما يقرب إلى 9.3 مليون برميل في اليوم وذلك في ديسمبر 2015. كما ارتفعت حصة النفط الصخري من الإجمالي من 41.7% إلى 46.4% خلال نفس الفترة، مشيراً إلى أنه قد أدى عدم الاستقرار في سوق النفط إلى إلغاء العديد من المشاريع على مستوى العالم في عام 2015 وذلك طبقاً لما نقله تقرير توقعات النفط العالمية وعلى الرغم من عدم استقرار السوق الناجمة عن زيادة العرض الخام، واصلت دول أوبك ليكون النفط مصدراً اقتصادياً يعتمد عليه.
وعلى الصعيد العالمي فإن النفط سيبقى المصدر الرئيس في مزيج الطاقة العالمي على مدى السنوات الـ 25 المقبلة. كما يتوقع أيضاً توفير الطاقة لنحو 53% من مزيج الطاقة العاملي بحلول 2040 والذي يتوقع أن يصل إلى 110 مليون برميل/يوم مع احتمال وقوع استثمارات ضخمة في المستقبل تقدر 10 تريليونات من الآن حتى 2040، وهذا يعني أن أعضاء «أوبك» سوف يواصلون في الاستثمار في تطوير طاقة إنتاج جديدة والعمل على صيانة الحقول القائمة وبناء البنية التحتية اللازمة، بالاستثمار في صناعة التكرير وبناء المصفاة في المناطق ذات الطلب المتزايد. وقد أكدت دول مجلس التعاون على الالتزام الاستراتيجي لتنويع الاقتصاد في ظل انخفاض إيرادات النفط حيث كان لعائدات النفط والإنفاق الحكومي دور فعال في دفع عجلة النمو لعقود من الزمن.
وتابع: «إن التنمية الاقتصادية في دول مجلس التعاون مرتبطة وبشكل مباشر مع أداء قطاع النفط وعوائده التي تدعم الإنفاق الحكومي واستدامة المستوى المعيشي، منوهاً بضرورة التفكير في استراتيجيات جديدة للتعامل مع التراجع المؤقت حيث انخفاض العائدات النفطية والتعامل مع ارتفاع الإيرادات النفطية بالإضافة إلى إلقاء نظرة فاحصة على تجنب الإنفاق غير المنتج».
وأشار إلى أنه وفقاً للتقرير الشهري لمنظمة أوبك لشهر أبريل 2016 بأنه على الرغم من احتمال وجود زخم للنمو البطيء في اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، فإنه من المتوقع وجود نمط من المرونة في الاقتصاد الغير النفطي، ورغم من تقلبات أسعار النفط المستمرة فإنه تماشياً مع استراتيجية منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» لحماية حصتها في السوق، فقد واصلت دول مجلس التعاون الخليجي لإنتاج النفط عند مستويات مرتفعة وأنه بحلول نهاية العام تحافظ المملكة العربية السعودية على أكبر حصة من إنتاج نفط أوبك بنسبة نحو 30%، منوهاً بأن انخفاض أسعار النفط قد أدت إلى انخفاض الإيرادات في الدول المصدرة للنفط إلى أكثر من النصف وقد أدت إلى انخفاض الاستثمارات في عمليات النفط بشكل حاد وذلك هبوطها من 700 مليار دولار أمريكي في عام 2014 إلى 550 مليار دولار أمريكي في عام 2015. موضحاً إلى أن على كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي تحديد خيارات الإيرادات المناسبة اعتماداً على نقاط القوة نسبياً ومراقبة ارتفاع الأسعار المتأرجحة والتي من غير المرجح الحصول على سعر 100 دولار أمريكي للبرميل في المدى القصير.
واستعرض النمو غير النفطي في مملكة البحرين حيث وصل إلى 3.9% خلال عام 2015 مع نمو إيجابي في جميع القطاعات الفرعية ونمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.9% من حيث القيمة الحقيقية والذي استحوذ قطاع النفط والغاز على 19.7% من الناتج المحلي والإجمالي للمملكة في عام 2015. وأن مملكة البحرين قد واصلت جهودها الإصلاحية في هذا الصدد بإطلاق العديد من المبادرات الهادفة إلى ترشيد الإنفاق الحكومي وإعادة توجيه الدعم على أساس المعايير الاجتماعية والاقتصادية والعمل على زيادة نمو رأس المال من خلال التركيز على تشجيع الاستثمار. لافتاً إلى ضرورة إصلاح اقتصاداتنا للجيل القادم في دول مجلس التعاون الخليجي.