عواصم - (وكالات): أعربت الأمم المتحدة أمس عن قلقها بشأن مصير ما بين 300 و400 عائلة عراقية يحاصرها متطرفو تنظيم الدولة «داعش» لاستخدامهم دروعاً بشرية في مدينة الفلوجة غرب بغداد، بينما قال يان إيجلاند الأمين العام لمجلس اللاجئين النرويجي وهو أحد المنظمات التي تساعد الأسر النازحة من المدينة إن «كارثة إنسانية تتكشف في الفلوجة، الأسر محاصرة في مرمى النيران ولا يوجد طريق آمن للخروج»، فيما أوقف مقاتلو التنظيم المتشدد هجوما للجيش على المدينة بهجوم مضاد على مداخلها الجنوبية في الوقت الذي حذرت فيه الأمم المتحدة من المخاطر على المدنيين المحاصرين في المدينة واستخدام المتشددين لهم كدروع بشرية.
وتواصل القوات العراقية تقدمها لتحرير المدينة، رغم المقاومة العنيفة التي تواجهها، فيما يتصاعد القلق على المدنيين المحاصرين داخل المدينة. وتنفذ قوات عراقية بينها قوات مكافحة الإرهاب والجيش والشرطة والميليشيات الشيعية التابعة لها وأبرزها قوات الحشد الشعبي، عملياتها لليوم التاسع، بهدف تحرير المدينة من سيطرة «داعش».
ويتوقع عسكريون عراقيون أن يؤدي الحصار المطبق المفروض على المدينة إلى منع مسلحي «داعش» من الفرار منها، ما سيدفعهم إلى القتال حتى آخر جندي وإلى إطالة أمد المواجهة.
وفي المعارك السابقة التي أدت إلى تحرير مدن من أيدي التنظيم مثل تكريت والرمادي، كان المسلحون ينسحبون إلى مناطق أخرى تاركين وراءهم العبوات الناسفة وكمائن البيوت المفخخة.
ومع أن معلومات عدة أشارت إلى فرار العديد من كبار قادة التنظيم بينهم أجانب من الفلوجة قبل الحصار، فإن القوات العراقية مع المليشيات المتعاونة معها تتوقع مواجهة طويلة مع المتشددين المتبقين في المدينة.
وتزامناً مع بدء زحف قوات النخبة العراقية باتجاه المدينة لاقتحامها، فرض الآلاف من قوات أخرى موالية حصاراً خانقاً على المدينة من جميع الجهات.
ويعيش نحو 50 ألفاً من أهالي المدينة غرب العاصمة بغداد أوضاعاً إنسانية غاية في الصعوبة، بسبب الحصار الخانق الذي تفرضه القوات الأمنية العراقية على المدينة ومحيطها منذ منتصف عام 2015، عندما أغلقت القوات كافة المنافذ المؤدية إلى المدينة وبدأ سكانها يعيشون على ما هو مخزن في الأسواق داخلها. وبسبب الكثافة السكانية العالية مقارنة بما هو موجود من مواد غذائية وأساسية، سرعان ما نفد ما في الأسواق لتبدأ معاناة المدنيين مع الجوع وفقدان السلع الأساسية والخدمية، لاسيما الوقود وغاز الطبخ، بالإضافة إلى شح الأدوية والمستلزمات الطبية. وفي ظل قصف متواصل ليلا ونهارا من قبل الجيش العراقي ومليشيا الحشد الشعبي المنتشرة في محيط المدينة، سقط مئات القتلى والجرحى جراء العمليات العسكرية وارتفاع الوفيات لدى المصابين بالأمراض المزمنة.
ويمثل هجوم الجيش العراقي على الفلوجة بداية لما يتوقع أن تكون واحدة من أكبر المعارك على الإطلاق ضد «داعش» حيث تحظى الحكومة بدعم من دول أبرزهم الولايات المتحدة وإيران وتسعى لاستعادة أول مدينة رئيسة تسقط في يد الجماعة المتشددة عام 2014. وبعد أسبوع من إعلان بغداد بدء الهجوم تقدمت القوات العراقية بأعداد كبيرة إلى حدود المدينة للمرة الأولى أمس الأول وتدفقت على مناطق ريفية بضواحيها الجنوبية لكنها لم تصل إلى المنطقة السكنية الرئيسة.
وتصف بغداد الهجوم لاستعادة المدينة بأنه نقطة تحول رئيسة محتملة في حملتها لدحر التنظيم المتشدد الذي أعلن إقامة خلافة على مساحات كبيرة من الأراضي في سوريا والعراق. والفلوجة هي أقرب معقل للمتشددين من بغداد ويعتقد أنها القاعدة التي تنطلق منها الهجمات الانتحارية التي ينفذونها بالعاصمة. وتتيح استعادتها للحكومة السيطرة على المراكز السكنية الرئيسة في وادي نهر الفرات الخصب غرب العاصمة للمرة الأولى منذ أكثر من عامين.
لكن الهجوم يمثل أيضاً اختباراً لقدرة الجيش على استعادة أراض مع حماية المدنيين في نفس الوقت.
وقال يان إيجلاند الأمين العام لمجلس اللاجئين النرويجي وهو أحد المنظمات التي تساعد الأسر النازحة من المدينة «كارثة إنسانية تتكشف في الفلوجة، الأسر محاصرة في مرمى النيران ولا يوجد طريق آمن للخروج».
وأضاف «ينبغي أن تضمن الأطراف المتحاربة خروجا آمنا للمدنيين قبل فوات الأوان وقبل أن نفقد المزيد من الأرواح».
وقالت الأمم المتحدة إن هناك تقارير عن استخدام المتشددين لعدة مئات من الأسر كدروع بشرية في قلب المدينة وهو أسلوب اتبعوه في مناطق أخرى بالعراق. وأضافت أن 3700 شخص تمكنوا من الفرار من المدينة خلال الأسبوع الماضي.
وقالت أريان رومري المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين «أغلب الأشخاص الذين تمكنوا من الخروج أتوا من ضواحي الفلوجة. لبعض الوقت كان المتشددون يتحكمون في التحركات ونعرف أن المدنيين منعوا من الهرب».