الغبقة الرمضانية هي تقليد تراثي اجتماعي تعارف أهل البحرين والخليج على إحيائه منذ مطلع القرن العشرين، وهي تعد إحدى وجبات شهر رمضان التي تقع بين وجبة الإفطار والسحور، حيث تحرص الأسر على تنظيم لقاءات ثابتة يجتمع عليها أفراد الأسرة والأصدقاء، كما وتهتم المجالس بتقديم هذه الوجبة لزوارها.
تقام الغبقة غالباً بين الساعة الحادية عشرة ليلاً والثانية صباحاً بحيث يسهل على المدعوين تلبية الدعوة، ويلتزم عند إحياء الغبقة بارتداء اللباس التقليدي وإبراز النواحي التراثية في الغبقة، كما وتهتم النساء بعمل ديكورات تراثية تقليدية ، كما وتستخدم الأواني القديمة لا الحديثة.
أصل كلمة الغبقة في اللغة هو الغبوق وهو عادة عربية قديمة معناها الأكل المتأخر في الليل كما تسمى بالفارسية «البرنيونش».
وتعد وجبة «المحمر» سيدة الغبقة الرمضانية التي لايزال الخليجيون يحافظون عليها والتي تتكون من سمك الصافي المقلي والأرز المطبوخ بالسكر أو بالدبس خلاصة التمر. وبقي الطبق الوحيد في الغبقة حتى ستينات القرن الماضي عند ما دخلت الأطباق الجانبية ومنها بعض الأكلات الشامية.
ومع مرور السنوات خرجت الغبقات من كونها عادات تقام في المنازل وبين الأهل والأقرباء إلى الفنادق والخيام الرمضانية، حيث وجدت الشركات والهيئات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في الغبقات فرصة لتعزيز علاقات منتسبيها وتحسين العلاقة بين المسؤولين والعاملين، ونجدهم يتسابقون كل عام في تنظيم الغبقات المميزة الحافلة بالمسابقات والهدايا وأنواع الطعام اللذيذة، إضافة إلى عروض تراثية مثل الفريسة والأغاني الشعبية.
تقول أم عبدالله: « لدى زوجي مجلس في المنزل يتجمع فيه أهله وأصدقاؤه بشكل أسبوعي، وأحرص على إعداد مائدة متنوعة من عيش المحمر والسمك المقلي والمعجنات والهريس والربيان، وكل ذلك أقدمه في الصواني القديمة التقليدية، كما أفرش الطاولة بقماش ذي نقوش قديمة، إضافة إلى طقم الدلال والفناجين، لكي أعطي ثيماً تقليدياً قديماً على الجلسة».
أما نورة عبدالعزيز فتقول: «أتسابق أنا وصديقاتي في تقديم الأجمل والمميز في غبقات رمضان، إذ تقوم كل واحدة بإضافة شيء جديد في منزلها، سواء كان قطعة أثاث تراثية أو تنجيد ألوان قماش الكراسي أو شراء الأواني الجديدة التي تتناسب مع أجواء رمضان».
كل هذه الحفاوة في إعداد الغبقات ابتداء من المنزل وصولاً إلى أشهر الفنادق وأكبرها، لهي دليل على اهتمام البحرينيين بإحياء عادة الغبقة وإبقائها منتعشة وحاضرة في يوميات شهر رمضان المبارك.