عواصم - (وكالات): يدلي البريطانيون اليوم بأصواتهم في استفتاء عام من أجل تحديد استمرار بلادهم في عضوية الاتحاد الأوروبي، وتظهر الاستطلاعات تقارباً كبيراً بين مؤيدي البقاء والخروج من الفضاء الأوروبي.
وسُجل نحو مليوني بريطاني جدد منذ ديسمبر الماضي على اللوائح الانتخابية، مما يرفع عدد الناخبين المحتملين في استفتاء اليوم إلى 46.5 مليون حسب اللجنة الانتخابية التي قالت إن العدد قياسي.
ويرى العديد من السياسيين أنه حان الوقت لأن يقول الشعب البريطاني كلمته في التغييرات التي يشهدها الاتحاد، وتمس حياتهم اليومية كالاقتصاد والأمن وحرية الحركة والهجرة وغيرها.
ونظمت مساء أمس المناظرة الأخيرة بين النائب القومي الأسكتلندي أليكس سالموند المؤيد للبقاء في الاتحاد، ونايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني المعادي للوحدة الأوروبية.
وسعى مسؤولون من المعسكرين إلى إقناع المترددين في مناظرة نظمتها «بي بي سي» وحضرها نحو 6 آلاف شخص في قاعة للعروض في لندن.
وعكست المناقشات حدة الحملة، حيث أظهرت استطلاعات للرأي تعادل المعسكرين مع تقدم طفيف لمؤيدي بقاء أوروبا داخل الاتحاد.
ويرى مؤيدو خروج بريطانيا أن الكثير من نفقاتها وخدماتها تُدفع لمواطني دول الاتحاد الأوروبي الأفقر، بينما يقول الطرف الآخر إن خروج بريطانيا من الاتحاد سيكلفها خسائر اقتصادية وسياسية باهظة.
وتطرح بطاقة الاستفتاء السؤال التالي: «هل على المملكة المتحدة البقاء عضواً في الاتحاد الأوروبي أو مغادرة الاتحاد الأوروبي؟»
وعلى البريطانيين الاختيار بين إجابتين: «البقاء عضواً في الاتحاد الأوروبي» أو «مغادرة الاتحاد الأوروبي».
وأوصت اللجنة الانتخابية باعتماد الصيغة بدلاً عن خيار نعم أو لا لأنه يرجح كفة معسكر البقاء في الاتحاد.
ولا يحق لمواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في المملكة المتحدة التصويت، باستثناء الإيرلنديين والمالطيين والقبارصة.
وتفتح مكاتب الاقتراع أبوابها من الساعة 7:00 صباح اليوم إلى الساعة 10:00 مساءً، ويبدأ فرز الأصوات بعيد الإغلاق لإصدار النتائج في وقت مبكر من صباح الغد.
وطوال الليل سيعمد كل من مراكز الفرز المحلية الـ382 بالتوالي إلى إعلان نتائجه. ويتوقع أن تصدر أولها من مركزي ساندرلاند شمال شرق أنجلترا وواندسورث في لندن. كما يتوقع صدور دفعة كبيرة من النتائج فجر غد تليها دفعة أخرى بعد ساعتين. وجاب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وخصومه المؤيدون للانسحاب من الاتحاد الأوروبي شتى أنحاء بريطانيا في محاولة أخيرة لحشد الأصوات عشية استفتاء يصعب التكهن بنتيجته على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
ووجه كاميرون كلمة إلى الناخبين حثهم فيها على التصويت بـ»نعم» لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي.
كما دعا كاميرون الناخبين من كبار السن إلى التفكير في ما أسماه «مستقبل أطفالهم وأحفادهم وفرصهم في حياة رغيدة».
وسيؤدي الاستفتاء الذي يعيد للأذهان صعود الشعوبية في أوروبا والولايات المتحدة إلى تشكيل مستقبل أوروبا. وقد يؤدي انتصار معسكر «الخروج» إلى اضطراب في الأسواق المالية.
وقال كاميرون لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية «السباق محتدم للغاية ولا أحد يعلم ما الذي سيحدث». وأظهرت استطلاعات الرأي التقارب الشديد في نسب تأييد المعسكرين المتنافسين.
ويأتي استفتاء اليوم بعد أسبوع من مقتل نائبة البرلمان المؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي جو كوكس الذي أحدث صدمة للبلاد وأثار تساؤلات بشأن نبرة حملة تتزايد شراستها.
وتركزت معظم المناظرة بين المعسكرين على قضيتين هما الاقتصاد والهجرة.
ودعمت مدينة لندن وصندوق النقد الدولي وغالبية رجال الأعمال كاميرون ومعسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي الذي يرى أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيؤدي لدخول بريطانيا حالة من الركود وخسارة الوظائف ورفع الأسعار.
وصادف داعمو «الخروج» من بريطانيا هوى في نفس العديد من الناخبين بالقول إن بريطانيا ستستعيد سيطرتها على الهجرة إذا خرجت من اتحاد يرونه مستبداً وغير مواكب للأحداث. وفي واحدة من المناظرات الأخيرة اتهم صادق خان رئيس بلدية لندن المنتخب في الآونة الأخيرة بوريس جونسون الزعيم الرئيسي لحملة الخروج من الاتحاد باستغلال المخاوف من الهجرة لحشد الآراء المناهضة للاتحاد الأوروبي. وقال جونسون -المفضل لدى المراهنين ليحل محل كاميرون في حال التصويت بالخروج- لمؤيديه «اليوم يمكن أن يصبح عيد استقلالنا».
ومصير رئيس الوزراء معلق على نتيجة الاستفتاء. وسيؤدي التصويت بالخروج قطعاً لمغادرته منصبه على الرغم من أنه قال إنه سيبقى. لكن حتى التصويت بالبقاء في الاتحاد بهامش ضيق سيؤثر على نفوذه وسيختصر مدته.
ووقع رؤساء 51 شركة من 100 شركة مدرجة على مؤشر «فايننشال تايمز» و1285 من رجال الأعمال يعمل لديهم 1.75 مليون موظف خطاباً مشتركاً أرسلوه إلى صحيفة «التايمز» حثوا فيه البريطانيين على التصويت بالبقاء في الاتحاد. وفي إطار ردود الفعل، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن «مستقبل الاتحاد الأوروبي» سيكون «على المحك» حين يقرر البريطانيون في استفتاء بقاء بلادهم في الاتحاد الأوروبي أو مغادرته.
وأعلنت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل أنها تأمل «بالطبع في أن تبقى بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي»، وذلك أثناء لقاء إعلامي مشترك مع رئيسة الوزراء البولندية بياتا زيدلو.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو أن بلاده تريد بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي «بأي ثمن».
وحذر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر من أنه لن يكون هناك «أي نوع من المفاوضات الجديدة» مع لندن إثر الاستفتاء.