زهراء حبيبأنزلت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى المحكمة عقوبة السجن المؤبد لمنظر «داعش» وقائدها في البحرين تركي البنعلي، وعاقبت 23 متهماً آخرين بينهم شقيقي البنعلي بالسجن 15 سنة مع إسقاط جنسية 13 مداناً، علماً بأن المتبقين 11 متهماً أسقطت جنسياتهم يناير 2015، وبذلك يكون المتهمون الـ24 مسقطة جنسياتهم. وبدأ القضاء البحريني بمحاكمة 24 متهماً بالانضمام للتنظيم الإرهابي «داعش»، بعد إحالة ملف الدعوى من قبل نيابة الجرائم الإرهابية، وأن المحبوسين بالقضية 8 متهمين، بينما هناك 16 متهماً فاراً من وجهة العدالة، وهناك أنباء متناقلة بأن عدداً منهم توفي في معارك سوريا والعراق، والآخر مفقود. ويترأس الجماعة تركي البنعلي وهو من سعى لتجنيد العديد من الشباب البحريني لتلك الجماعة التكفيرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وغيره، وألحقهم في تدريبات بسوريا والعراق على استخدام السلاح والمتفجرات والمشاركة في القتال بسوريا. وذكرت المحكمة في تفاصيل الدعوى كيفية تشكيل التنظيم والمراحل التي مر بها، بأنه بعد احتلال العراق عام 2003 انتقل جزء من تنظيم القاعدة المتواجد في أفغانستان إلى العراق والشام ثم انبثق منه في عام 2004 تنظيم داعش في العراق وجبهة النصرة بالشام وأعلن تسميته بالدولة الإسلامية بالعراق في عام 2007 وتولى قيادته حازم داود الراوي المكنى بأبوعمر البغدادي الذي قتل في عام 2011.وتولى القيادة من بعده إبراهيم عواد البدري المكنى بأبوبكر البغدادي والذي أعلن نفسة أميراً لتنظيم داعش في 21 يونيو 2013، وفي 29 يونيو 2014 أعلن دولة الخلافة تمهيداً لتوسعها في دول مجلس التعاون الخليجي ودول شمال أفريقيا العربية واليمن. وأشارت إلى أن التنظيم ينتهج الفكر السلفي الجهادي القائم على تكفير من يخالفهم وتطبيق مبدأ الولاء والبراء وهو مولاة ولي أمر التنظيم أبوبكر البغدادي والبراءة من الكفار، وهم جميع من يخالفهم بالفكر ومنهم حكام المنطقة والمنتسبون للأجهزة الأمنية والقضاء وواضعو القانون ومن لا يوالي البغدادي. وتعد العمليات الإرهابية والتفجيرات وسيلتهم لنشر فكرهم لإقامة دولة الخلافة، ويستندون في أعمالهم الإرهابية على أساس تفسيرهم الخاطئ للدين الإسلامي السمح، ويزعمون كذباً أن أعمالهم الإرهابية هي الجهاد في سبيل الله وموتاهم شهداء، في حين أن أعمالهم التطرف والإرهاب بعينه ولذا قاموا بتأسيس جيش تابع لهم تم تدريبه عسكرياً على استخدام السلاح والمتفجرات وأعمال القتل لإثارة الفوضى بسوريا والعراق ودول الخليج العربي والمنطقة العربية لإحكام سيطرتهم.وانطلقوا من العراق وسوريا، ولم يقفوا عند ذلك الحد بل قاموا بعدة أعمال إرهابية بالخليج العربي منها تفجير المساجد للطائفة الشيعية في السعودية ومسجد لذات الطائفة في الكويت، وأعمال إرهابية في سيناء بجمهورية مصر وليبيا وتونس واليمن وقتلوا العديد من المدنيين والعسكريين بتلك الدول، ونتج عنه إثارة الرعب في نفوس هذا البلاد.وجاء في التفاصيل أن المتهم الأول هو أحد أفراد القاعدة ويعتنق الفكر التكفيري المتطرف وتلمذ على يد كبار مسؤولي التنظيم وأيد أبوبكر البغدادي أميراً للتنظيم وبايعه في الأول من أغسطس 2013 فنصبه البغدادي مسؤولاً أول في التنظيم وقائد في البحرين، وكلفه بتجنيد الشباب فتمكن من ضم المتهمين الثاني والثالث والعاشر والخامس عشر والحادي والعشرين، بغرض تكوين خلايا نائمة لاستقطاب الشباب البحريني بالتنظيم وتدريبهم على القتال واستعمال الأسلحة والمتفجرات والمشاركة في الاعمال القتالية بسوريا والعراق، ثم العودة إلى البحرين وتوجيه العمليات القتالية داخل البحرين والانطلاق منها إلى دول الخليج.وأصبح المتهم الأول منظر الشرعي لتنظيم داعش في 24 فبراير 2014 ليكون رأس الحربة الشرعية للتنظيم في تسويق العمليات الإرهابية، إذ يقوم بمناظرة ومناقشة أي شخص يشكك في نهجهم ويعطي الحجج والأدلة على صحة منهج التنظيم التكفيري مستغلاً قراءته السطحية للقرآن والأحاديث وتفسيره لهما على هوائه، وبما يناسب أهدافهم ودون الحاجة بأحكام التفسير والإفتاء. وكلف المتهم الأول المتهمين الثاني والثالث بضم مزيد من الشباب للتنظيم وتسهيل سفرهم لسوريا للتدريب العسكري والمشاركة في الأعمال القتالية وكان على تواصل معهم ومع من انضموا للتنظيم من خلال إنشاء مجموعات عبر ببرامج التواصل الاجتماعي. واستمرت سلسلة التجنيد من متهم لآخر حتى بلغ عددهم 24 متهماً، ومن ضمن المتورطون في الدعوى مدرس استغل وظيفته لحث والتغرير بالطلاب للانضمام لتنظيم «داعش» الإرهابي، والقتال على الأراضي السورية والعراق.وسافر المتهم الثاني المنضم للتنظيم إلى سوريا وانخرط في معسكراتهم وتلقى التدريبات اللازمة، وشارك في عدة عمليات قتالية ثم عاد إلى البحرين، ووقفت المال أمام رغبة المتهم الرابع عشر بالانضمام إلى التنظيم الإرهابي، ولعجزه عن السفر إلى سوريا، طلب من أعضائها السماح له بتنفيذ إحدى مخططاتها في البحرين، فعرض عليه التواصل مع شخص لتحقيق مبتغاه، إذ كان هناك مخطط لتفجير أحدى دور العبادة في عالي لقتل أكبر عدد من المصلين من الطائفة الشيعية تنفيذاً لأهداف الجماعة الإرهابية في البحرين، بيد أن الجهات الأمنية أعاقت تنفيذ مآربهم وتم إلقاء القبض على المتهمين من الثاني إلى التاسع.وبناء على ذلك ثبت لدى المحكمة صحة الواقعة والاتهامات المسندة للمتهمين، وهي أن أدين المتهم الأول، عن تهمة إنشاء وتأسيس فرع لمنظمة وجماعة إرهابية الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقانون ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحريات الشخصية والحقوق العامة التي يكلفها الدستور والقانون والإضرار بالوحدة الوطنية، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدم في تحقيق وتنفيذ هذه الأغراض، بأن قام بإنشاء وتأسيس فرع لتنظيم الدولة الإرهابي داخل البحرين وتمكن بواسطة شقيقة المتهم الثاني والمتهم الثالث من ضم وتجنيد باقي المتهمين إليه وإطلاعهم على كتابات له ولآخرين وتثقيفهم بما تحويه من تأويل يتوافق مع مبادئ التنظيم وأهدافه القائمة على تكفير نظام الحكم في البلاد وإسقاطه بالقوة. كما قام بترتيب أسفارهم إلى الخارج واستقبالهم وإلحاقهم بمقدار التنظيم ومعسكراته في سوريا والعراق وتدريبهم على استعمال الأسلحة والتفجيرات وإشراكهم في العمليات العسكرية والإرهابية ولإعدادهم للقيام بمثلها داخل البلاد تحقيقاً لأهداف التنظيم الرامية إلى إسقاط الدولة وسلطاتها ومؤسساتها الدستورية والقانونية ومهاجمة الأفراد في تجمعاتهم والاعتداء على الحريات وتأليب طوائف المجتمع إضراراً بوحدته الوطنية، باستخدام القوة والتهديد بها عبر مواقع التواصل الإلكترونية المتعددة ما من شأنه إيذاء الأشخاص وبث الرعب بينهم وترويعهم وتعريض حياتهم وأمنهم للخطر، وبغرض الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المملكة وأمنها وأمن المجتمع الدولي للخطر.وأسندت إلى المتهمين من الثاني إلى الرابع والعشرين أنهم انضموا لفرع المنظمة والجماعة الإرهابية المشار إليها في التهمة السابقة، وتولى المتهمان الثاني والثالث قيادة فيها وشاركوا جميعاً في أعمالها وهم يعلمون بأغراضها الإرهابية، بأن استكمل المتهمان الثاني والثالث دعوة باقي المتهمين لها، مبيناً لهم مبادئها وأهدافها، فانخرط باقي المتهمين فيها وسافروا عدا الثالث والحادي والعشرين إلى مقارها في سوريا والعراق وشاركوا في عملياتها العسكرية والإرهابية تمهيداً لارتكاب مثلها بمملكة البحرين.أما المتهمون الثاني والرابع ومن العاشر حتى الرابع والعشرين، فيواجهون تهمة التدرب على استعمال الأسلحة والمفرقعات وغيرها من بقصد ارتكاب جرائم إرهابية داخل البلاد.أما المتهمون الثاني عشر والثالث عشر والثامن عشر، فحرضوا علانية أفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام بالخروج عن الطاعة والتحول عن أداء واجباتهم العسكرية، بأن دعوهم إلى عدم القيام بمهامهم وواجباتهم المنوطة بهم قانوناً وترك وظائفهم، بدعوى كفرها ومخالفتها للشرع، وكان ذلك بالقول وبطريق النشر والكتابة وعبر شبكة المعلومات الدولية.وحاز المتهم الثاني وأحرز الأسلحة المبينة بالأوراق «سيف» بغير ترخيص من وزير الداخلية بقصد استعماله في نشاط يخل بالأمن والنظام العام وتنفيذاً لغرض إرهابي، وحاز وأحرز الذخائر بغير ترخيص من وزير الداخلية بقصد استخدامها في نشاط يخل بالأمن والنظام العام وذلك تنفيذاً لغرض إرهابي.وكان المتهمون جميعاً روجوا لقلب وتغيير النظام السياسي للدولة بالقوة والتهديد، بأن دعوا الغير إلى الخروج على نظام الحكم الدستوري القائم في البلاد ومقاتلته بدعوى كفره وبغرض إسقاطه، وكان ذلك بالقول وبطريق النشر والكتابة وعبر شبكة المعلومات الدولية. يذكر أن 11 متهماً بالدعوى سبق وأن أسقطت جنسياتهم البحرينية بعد أن ثبت ضررهم على أمن البلاد، بناء على المرسوم رقم 8 لسنة 2015 الذي صدر في 29 يناير 2015 الذي نص على إسقاط جنسية 72 شخصاً.وعقدت المحكمة برئاسة القاضي الشيخ حمد بن سلمان آل خليفة وعضوية القاضيين، ضياء هريدي وجمال عوض وأمانة سر أحمد السليمان.