عواصم - (وكالات): كشفت معلومات لأول مرة أن إيران جندت ما بين 12 ألفاً و14 ألف مرتزق أفغاني في صفوف ما تسمى بميليشيات «فاطميون»، منذ اندلاع الثورة السورية وأنفقت عليهم مبلغ 260 مليار تومان سنوياً، أي ما يعادل 77 مليون دولار سنوياً، وهذا ما يعني أن طهران أنفقت أكثر من 4 مليارات دولار خلال 5 سنوات، لتجنيد وتدريب وتسليح وإرسال هؤلاء الميليشيات للقتال إلى جانب نظام بشار الأسد ضد المعارضة السورية وقمع ثورة الشعب السوري، فيما شنت طائرات حربية روسية وسورية غارات كثيفة على المدنيين في مدينة حلب والمناطق الواقعة إلى الشمال منها دعماً لقوات النظام التي تسعى لمحاصرة الفصائل المعارضة في الأحياء الشرقية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفي تطور آخر، حققت قوات سوريا الديمقراطية تقدماً استراتيجياً في مدينة منبج وسط اشتباكات عنيفة مع متشددي تنظيم الدولة «داعش»، الذين يدافعون عن أحد أبرز معاقلهم في حلب شمالاً وصلة الوصل بينهم وبين الخارج.
ونشرت أسبوعية «رمز عبور»، المقربة من الجناح المحافظ في النظام الإيراني والتي تسرب بعض الأخبار الأمنية الهامة، في عددها رقم 20، دراسة عن قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، كشفت فيها لأول مرة عن كيفية تجنيد الشيعة الأفغان للقتال في سوريا، وأجرت لقاء مع قائد الكتيبة الثانية في فيلق «فاطميون» المدعو محمد حسن حسيني الذي لقي مصرعه قبل 3 أسابيع في معارك من القرب من تدمر، بريف حمص.
وكان حسيني من أقدم من ذهبوا للقتال في سوريا ضمن مجموعة مكونة من 60 مقاتلاً أفغانياً جندهم الحرس الثوري للقتال في جبال اللاذقية.
وكشف حسيني في هذا المقابلة التي تمت قبيل مصرعه، أن عدد الأفغان الذين تم تجنيدهم والمتواجدين في سوريا حالياً يتراوح ما بين 12 ألفاً و14 ألف عنصر يتقاضون راتباً شهرياً مقداره 500 دولار، وهذا ما يعني مبلغ 76 مليون ونصف المليون دولار سنوياً، أي 4 مليارات خلال 5 سنوات خصصتها إيران لهذه الميليشيات الأفغانية فقط.
وتدل المبالغ على أن إيران أنفقت أضعاف المليارات خلال 5 سنوات من تدخلها العسكري في سوريا لتجنيد الميليشيات العراقية أيضاً والتي يفوق تعدادها تعداد الميليشيات الأفغانية والباكستانية وميليشيات حزب الله اللبناني. يذكر أن المرشد الإيراني، علي خامنئي، استقبل في أيام عيد النوروز الماضي، في مارس 2016، عائلات المقاتلين الأفغان الذين لقوا حتفهم أثناء القتال إلى جانب قوات الأسد في سوريا، وظهر اللقاء في شريط بث على صفحة المرشد الرسمية لتشجيع مزيد من المقاتلين الأفغان للانضمام إلى الحرس الثوري الإيراني والميليشيات اللبنانية والعراقية المقاتلة في سوريا. وفي مايو الماضي، صادق مجلس الشورى الإيراني على مشروع قرار منح الجنسية لذوي قتلى الميليشيات الشيعية، وأغلبهم من اللاجئين الأفغان والباكستانيين، بعد تصاعد الانتقادات عقب مقتل الآلاف منهم في سوريا.
يذكر أن الحرس الثوري رفع عدد المقاتلين الأفغان في لواء «فاطميون» ليصبح فيلقاً جاهزاً لمواصلة القتال إلى جانب قوات النظام السوري وسائر الميليشيات التابعة لإيران في سوريا منذ مايو 2015.
وكان قائد اللواء الأفغاني، علي رضا توسلي، والذي كان يعرف برجل قاسم سليماني في سوريا، قتل في أواخر فبراير 2015، أثناء معارك درعا.
وبرز اسم ميليشيات «فاطميون» أواخر عام 2012، والتي تضم عناصر من الشيعة من قومية الهزارة القريبة من الفرس بأفغانستان، وتم تدريبهم وتسليحهم من قبل فيلق القدس، ذراع الحرس الثوري الإيراني للتدخل في المنطقة.
وتقوم إيران بتجنيد اللاجئين الأفغان المتواجدين على أراضيها عبر إغراءات مالية ومنح إقامات لهم ولأسرهم، مستغلة بذلك فقرهم وظروفهم المعيشية الصعبة لتزج بهم في معارك سوريا لحماية نظام بشار الأسد.
وكانت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان، جمعت في تقرير لها في يناير الماضي، شهادات تفيد بأن الحرس الثوري الإيراني جند منذ نوفمبر 2013 آلاف اللاجئين الأفغان في إيران، وتحدثت عن تجنيد قسري للبعض منهم.
وشيعت إيران في أبريل الماضي، 20 قتيلاً من ميليشيات «فاطميون» الأفغانية لقوا مصرعهم خلال المعارك في سوريا، كان من بينهم 4 أطفال تحت السن القانونية وتتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاماً، مما يدل على أن الحرس الثوري لا يستثني حتى الأطفال من التجنيد للحرب.
وكان الجنرال سعيد قاسمي، قائد مجموعة «أنصار حزب الله» وهي من جماعات الضغط المقربة من المرشد الإيراني، انتقد الشهر الماضي، دفن العشرات من قتلى الميليشيات الأفغانية «فاطميون» والباكستانية «زينبيون» في الحرب بسوريا، في مقبرة مدينة قم، بالقرب من طهران، على أنهم «مجهولو الهوية».
وقال قاسمي إن السلطات تتعامل بتمييز واضح بين قتلى الحرس الثوري وبين قتلى الميليشيات، حيث تقام للإيرانيين مراسم جنائز عسكرية مهيبة، بينما لم تقم جنائز للأفغان والباكستانيين، ويتم دفنهم بخفاء ودون اهتمام رسمي أو إعلامي وحتى عدم القيام بتسجيل أسمائهم «بقوائم الشهداء»، على حد تعبيره.
من ناحية أخرى، حققت قوات سوريا الديمقراطية تقدماً استراتيجياً في مدينة منبج وسط اشتباكات عنيفة مع متطرفي «داعش» الذين يدافعون عن احد ابرز معاقلهم في محافظة حلب شمالاً وصلة الوصل بينهم وبين الخارج.
وتعد منبج إلى جانب مدينتي الباب وجرابلس الحدودية مع تركيا معاقل للتنظيم في محافظة حلب. ولمنبج تحديداً أهمية استراتيجية كونها تقع على خط الإمداد الرئيس للتنظيم بين الرقة معقله في سوريا، والخارج عبر الحدود التركية.
وفي المعركة التي من المتوقع أن تشكل تحولاً كبيراً في الحرب ضد «داعش»، قتل حتى الآن 89 مقاتلاً من قوات سوريا الديمقراطية و463 عنصراً من التنظيم المتطرف.