أكد الكاتب والشاعر السوري إبراهيم الجبين في مقال نشرته صحيفة «العرب» اللندنية تحت عنوان «خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحريني الذي يثير غضب الإيرانيين»، أن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء لطالما كان الصخرة التي واجهت مخططات الوفاق وغيرها، فلم يتمكنوا من إزاحته بالاضطرابات، ولا بالاعتصامات، ولا بالعمليات الإرهابية، لأنه مثل كيان الدولة وهيبتها في تكوين النظام السياسي القائم في المملكة إضافة إلى مكانة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى التي تظلل جميع السلطات.
ولفت الجبين إلى تصريح سموه الذي حمل الإشارة لجمعية الوفاق ذاتها ومن خلفها إيران، وأكد سموه فيه «أنه لا يمكن السكوت على الذين ارتهنوا فكرياً وسياسياً للخارج».
وقال الكاتب: «سمو رئيس الوزراء رجل دولة مخضرم، يصدر عن رؤية استراتيجية ومشروع تنموي كبير، ينظر إلى المستقبل ويخطّط له، كان على رأس اهتماماته وضع السباق التكنولوجي في خدمة التنمية المستدامة. وهو الحاصل على جائزة التنمية المستدامة من الاتحاد الدولي للاتصالات في العام 2015، تقديراً لمساهماته في الاستفادة من التكنولوجيا».
وأضاف «لكن صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء يعتبر أن أمن البحرين يأتي أولاً، مشدداً على أننا دولة قانون ومؤسسات وأن شعب البحرين بكل طوائفه قد أرهقه الإرهاب وأعمال الحرق وتعطيل مصالح المواطنين وتهديد أمنهم واستقرارهم».
وتابع: «يعد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء حارس الدولة في الجزيرة الصغيرة، والحريص على النظام والسيادة، وحين انتقل الحكم إلى ابن شقيقه الملك حمد بن عيسى آل خليفة، واصل العمل معه رئيساً للوزراء قبل وبعد أن تتحول البحرين إلى مملكة».
وأشار الجبين، إلى حضور سموه مبكراً في الساحة السياسية للبلاد، حيث دخل مجلس المعارف، وتولى رئاسة بلدية العاصمة وصندوق النقد البحريني والمجلس الأعلى للهجرة، ومع بداية سبعينات القرن العشرين أُوكل إليه منصب رئيس مجلس الدولة المنوط به الإشراف على السلطة التنفيذية، ولم تمضِ سنة واحدة، حتى عيّن رئيساً للوزراء بمرسوم من حاكم البحرين آنذاك شقيقه صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وكتب عنه وقتها أنه قام بإعادة صياغة وتنظيم الوضع السياسي والإداري للبحرين.
وتابع: «كل تلك المسيرة أكسبت سموه عداوة المناوئين للدولة في البحرين، سواء كانوا من المعارضين المختلفين، أم من أولئك الذين ارتهنوا لإيران بحكم الولاء والمرجعية المذهبية، وحين حاولت إيران استغلال احتجاجات الربيع العربي، وصنع ثورة طائفية في البحرين».
وأكد الكاتب أن مملكة البحرين لم ترد أن تكون جزيرة صغيرة معزولة في البحر كما اختارت فئة لبريطانيا بعد الاستفتاء الأخير الذي أخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن البحرين تتحدر من تاريخ طويل جعل منها دولة ذات سيادة وحدود حضارية، قبل أن يسمع العالم بظهور الممالك الفارسية، وما دلمون والممالك التي كانت تحكم من جزيرة البحرين إلا دلائل على حضور قوي جعلها في قلب فضائها العربي والإٍسلامي والعالمي.
وأضاف أن قوة البحرين مخالفة لمفهوم القوة الهمجي السائد اليوم والذي تؤمن به دول مثل إيران وغيرها، محاولة اختراق المجتمعات بهويات غير وطنية، ومكرسة التقسيم الطائفي والعرقي لبسط نفوذها بأيّ وسيلة كانت، فالبحرين أرادت لنفسها أن تكون ملتقى للثقافات، تتجاور الحضارات في السوق والمكتبة والديوان والحارة».
وتابع: «غير أن العدو الذي سبق له وأن بلغ باحتقانه حدود احتلال الجزيرة، لا يريد لها أن تكون مستقرة، وهو ما صرح به علانية قاسم سليماني مدير العمليات الإجرامية في المشرق العربي من العراق إلى سوريا وغيرها، حين اعتبر أن قرار السلطات البحرينية بإسقاط الجنسية عن عيسى قاسم، يؤسس لقيام حركة مدمرة للنظام الحاكم في البحرين، وكذلك مضاعفة حكم بالسجن لمدة 4 سنوات كان صدر بحق زعيم جمعية الوفاق علي سلمان بتهمة التحريض على العنف، وأصدر الحرس الثوري بياناً واضحاً قال فيه إن القرار سيؤدي إلى إشعال ما أسماه «ثورة إسلامية».
وأشار الكاتب إلى أن البحرين ردت بالمزيد من الإجراءات بحلّ جمعية الوفاق، وإسقاط الجنسية ليس فقط عن عناصر تخريبية، بل أيضاً عن العشرات من المنتمين إلى تنظيم داعش، حيث أكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، أن المنامة تواجه التهديد الإرهابي باستمرار، وأن المملكة بحاجة إلى أن تدعم جهودها الأمنية جهودٌ دبلوماسية وإعلامية لتطويق ما تحاول إيران ترسيخه من تشويه لسمعة البحرين واتهامها بالطائفية والتمييز بين مواطنيها.
ونوه إلى أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إيران عن أهدافها ومطامعها العلنية الصريحة في البحرين، فقبل ذلك كان مندوب المرشد علي سعيدي قال «إن العمق الاستراتيجي لإيران يمتد من البحرين والعراق وحتى اليمن ولبنان وشواطئ المتوسط»، لكن سياسة البحرين اعتمدت على الدبلوماسية من جهة، وعلى الضبط الأمني وبسط سلطة الدولة، وتعزيز مكانتها لدى الجوار العربي وفي التحالفات العالمية من جهة ثانية، وهذا لم يكن سهلاً، فقد تطلب الأمر عمليات تطوير كبرى شملت كل المرافق، لاسيما التعليم.
ولفت الكاتب إلى أنه تم تكريم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء من قبل اليونسكو لدوره في العملية التعليمية في البحرين، واعتبرتها المنظمة الدولية البلد العربي الوحيد الذي حقق أهداف التعليم للجميع دون أيّ تمييز أو فوارق بين الجنسين.
وأضاف: «علاوة على تحويل الجزيرة الصغيرة إلى قبلة مصرفية واقتصادية خلال فترات طويلة سابقة، ويستمر هذا حتى اليوم، بأكثر من 400 مؤسسة مصرفية تعمل على الأراضي البحرينية، ورغم أن التجارة الخارجية على درجة من الأهمية بالنسبة إلى البحرينيين، إلا أن اقتصاد البحرين يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط التي تشكل النسبة الكبرى من واردات الحكومة، إضافة إلى السياحة وموارد أخرى، كالعقار الذي شهد نمواً سنوياً خلال العام 2015 تجاوز الـ3.6% ليصل إلى 12.3%. وأشار إلى أن مجلس التنمية الاقتصادية كان توقع في تقريره الفصلي، أنه من المرجح أن يفوق نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نسبة 4%، حيث تشير التوقعات إلى نمو بمعدل 4.2% للاقتصاد ككل و4.6% للاقتصاد غير النفطي و2.9% للاقتصاد النفطي.
وأكد الكاتب أن البحرين اتخذت القرار بالتخلص نهائياً من كل ما كان يتسبب بزعزعة استقرارها بعد صبر طويل، فالمناخ في المنطقة لايزال متوتراً ملبداً بالغيوم الطائفية التي تمطر عنفاً ودماراً وحروباً لا نهاية لها، وترك الحبل على الغارب لكل من ارتبط بإرادة خارجية، لم يعد مقبولاً بعد، حيث باشرت المحكمة الكبرى في البحرين قبل أيام قليلة النظر في حلّ جمعية الوفاق بعد أن أصدرت حكمها بإغلاق مقراتها والتحفظ على حساباتها البنكية وأملاكها، حتى البت في قانونية نشاطها ومصادر تمويلها. ورأى أن جمعية الوفاق التي تسير على الخط الإسلامي السياسي تمكنت من التسلل إلى صناديق الاقتراع ودخول البرلمان ليس لمواصلة اللعبة الديمقراطية ولكن لتطبيق مبدأ ولاية الفقيه في البلاد وجعلها فرعاً من إيران، إذ كانت جمعية الوفاق نشأت بعد فشل مشروع حزب الدعوة البحريني، النسخة الأخرى عن حزب الدعوة العراقي، ويديرها المجلس العلمائي «غير المرخص» الذي يقوده عيسى قاسم ممثلاً لمرجعية خامنئي.
ونوه الجبين إلى أن «الوفاق» شكلت في البرلمان كتلة كبيرة، لكن نوابها استقالوا جماعياً عام 2011 مطالبين بحكومة يجري انتخابها لا تعيينها من قبل جلالة الملك المفدى، وكان من بين المطالبات التي رفعت حينها، وضع البحرين تحت الوصاية الدولية.
واستشهد الكاتب بما أورده د.نبيل العسومي في إحدى مقالاته حين تساءل عن «أي حكومة منتخبة في ظل قداسة الولي الفقيه؟»، مضيفاً أنه «إذا كانت جمعية الوفاق تركز في مطالبها فيما تسميه المملكة الدستورية والحكومة المنتخبة معلنة بذلك بالادعاء، بأنها مع بناء دولة مدنية، فإن المتفحص لهذه المعادلة يكشف ما فيها من تناقض وتحايل سياسي على المجتمع، فالمملكة الدستورية لها صور وأشكال عديدة في العالم وقد اختارت السلطة في البحرين أن تكون مملكة دستورية منذ أكثر من عقد من الزمان، والمطالبة بالدستورية الملكية ستصطدم بفكر جمعية الوفاق ذاتها، الواقعة حسب العسومي تحت «تأثير الولي الفقيه وتحت التأثير الإيراني».