بغداد - (وكالات): قتل 119 شخصاً وأصيب 180 في الاعتداء الانتحاري الذي تبناه تنظيم الدولة «داعش» في حي الكرادة المكتظ ببغداد قبل فجر أمس، في أعنف هجوم يضرب العاصمة خلال العام الحالي.
واستهدف التفجير شارعاً تجارياً مكتظاً بالمتسوقين استعداداً لعيد الفطر الأسبوع الحالي.
وتفقد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي موقع «التفجير الإرهابي» في منطقة الكرادة التي تعج بالحركة، وتوعد بـ «القصاص من الزمر الإرهابية التي قامت بالتفجير حيث إنها بعد أن تم سحقها في ساحة المعركة تقوم بالتفجيرات كمحاولة يائسة». وأعلن التنظيم المتطرف في بيان تبنيه للهجوم، مؤكداً أن أحد مقاتليه نفذه بسيارة مفخخة.
ويأتي التفجير بعد أسبوع من استعادة القوات العراقية السيطرة على كامل مدينة الفلوجة، معقل المتطرفين على بعد 50 كلم غرب بغداد. وقال العميد سعد معن المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد «الجهد مستمر للقبض على هؤلاء المجرمين الذين حاولوا قتل البسمة».
وأضاف أن «هذه الدماء الطاهرة لن تثنينا عن القضاء على «داعش» الإرهابي».
وانتزع التفجير الذي خلف أضراراً مادية لا يمكن حصرها فرحة الانتصار باستعادة الفلوجة والقضاء على مجموعة كبيرة من عناصر التنظيم المتشدد خلال فرارهم عبر صحراء الانبار. والقى عشرات الشبان في موقع الانفجار باللوم على رئيس الوزراء الذي تفقد المكان ورشقوا موكبه بالحجارة. وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي لقطات تظهر الشبان الغاضبين يهاجمون الموكب الذي تمكن من المغادرة. وقطعت السلطات الطريق المؤدية إلى موقع التفجير بحثاً عن مفقودين وبهدف إطفاء الحرائق.
وكانت الكرادة التي تقطنها غالبية شيعية منطقة سكن رئيس الوزراء قبل توليه المنصب من عامين. واحترق مبنيان كبيران يشكلان مركزاً للتسوق، إلى جانب عشرات المحلات التجارية الأخرى والمساكن المجاورة. وعملت فرق الإطفاء على إخماد الحرائق الهائلة التي اندلعت.
وأفادت مصادر بأن 14 سيارة إسعاف كانت لا تزال في موقع الاعتداء، إضافة إلى العشرات من سيارات الإطفاء.
وحاصرت النيران عشرات الشبان داخل المحال التجارية ونجا قسم منهم في حين قتل آخرون بحسب مصادر أمنية بسبب صعوبة الوصول إلى الضحايا. وقتل في الحادث 4 شبان من أسرة واحدة من بلدة العزيزية في محافظة واسط.
وقال حسين علي هادي بينما كان يحصي الذين فقدهم بالتفجير «فقدت ياسر وأكرم ومصطفى (...) ما أعرفه حتى الآن أن 7 من أصدقائي قتلوا في الاعتداء».
وأضاف الشاب الذي قضى ليلته محاولاً إنقاذ الضحايا «كل عيد تتكرر هذه المأساة، نريد أن نفرح بالعيد، لكن يبدو أن الفرحة انتزعت منا كعراقيين».
من جهته، قال حسين وهو جندي سابق أن 6 موظفين في مخزن تملكه عائلته قتلوا وتفحمت جثثهم. وأضاف «سألتحق مجدداً بالمعركة، هناك أعرف من هو العدو وأستطيع قتاله. لكنني هنا لا أعرف من ينبغي قتالهم».
وانتقد شخص آخر الإجراءات الأمنية التي تحيط بالمكان قائلاً «أقاموا حاجزاً للتفتيش مهمته فقط زيادة الازدحام». وأضاف «أما الحاجز الآخر فتديره مجموعة من الأكراد يرفعون علم غقليمهم» في إشارة إلى الحرس الرئاسي في منطقة الجادرية المجاورة.
وكان معدل التفجيرات في بغداد تراجع فور استيلاء التنظيم على مساحات شاسعة شمال وغرب البلاد في يونيو 2014 . وتفجير الأمس يثبت أن التنظيم المتطرف ما زال قادراً على ارتكاب اعتداءات رغم النكسات العسكرية التي لحقت به مؤخراً.
يذكر أن التنظيم سيطر في يونيو 2014 على مساحات شاسعة من أراضي العراق، غير أنه اضطر إلى التراجع أمام تقدم القوات الحكومية. وفي الخارج، ندد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بما وصفه بأنه «عمل مجرمين حقيرين»، مجدداً العزم على «قتالهم في كل مكان». ويعود آخر هجوم كبير للتنظيم المتطرف في بغداد إلى 17 مايو الماضي حين أدى اعتداء مزدوج إلى مقتل نحو 50 شخصاً وإصابة أكثر من مئة. وتعكس الهجمات فشل القدرة على تنفيذ تدابير أمنية فعالة في بغداد. ويبدي كثيرون شكوكاً في فعالية أجهزة الكشف عن المتفجرات، ووضع عوائق حول العاصمة والتفتيش الدقيق في أوراق الهوية والمركبات.