حسن الستري
اتفق سياسيون على أن كثيراً من الجمعيات السياسية بات لا تلبي طموحات المواطنين، الأمر الذي أدى لعزوف المواطنين عن الانخراط فيها، موضحين أن تطورات الإقليم وهموم المواطنين جعلتا المواطن يلتفت إلى همه دون أي شيء آخر.
وقال رئيس جمعية الوسط العربي الإسلامي جاسم المهزع، إن الشارع في البحرين لم يعد متحركاً مثلما كان قبل 30 عاماً، فقد أصبح الشارع يميل للتيارات الدينية والإسلام السياسي، نظراً لغياب التيارات القومية والديمقراطية في السبعينات.
وأكد أن المزاج العام تغير لدى الشباب، وأصبحت اهتماماتهم مختلفة كوسائل التواصل الاجتماعي والرياضة والترفيه والبحث عن وظيفة، تغير المزاج العام في الإقليم والخليج العربي، وقال «سألت طلابي متى استقلت البحرين لم يعرفوا التاريخ وما هي النكبة فتباينت الإجابات».
وأضاف المهزع «في الستينات والسبعينات لا توجد وسيلة تسلية إلا القراءة وكان المزاج العام متحركاً، كان هناك اهتمام بقضية فلسطين وهذه كلها لم تعد مطروحة الآن، كما أن جمعيات الإسلام السياسي ليسوا بالضرورة من النوع الذي يستطيع أن يحرك شارعاً لأن أجنداتهم مختلفة.
وأضاف: «إن الجمعيات السياسية لا تلبي طموحات المواطنين حيث لا بد للجمعيات من مخاطبة الناس، جرت هناك مقابلات لمعرفة اهتمامات الشارع البحريني لكي تكون عامل جذب، لكن جذورنا الفكرية طفت علينا».
فيما قال عضو جمعية المنبر الإسلامي محمود جناحي: «هناك عزوف كبير من المواطنين، حيث يتعلق السبب الأول بالإقليم، فالشعوب الخليجية لا تقبل على الموضوع السياسي بحماس ولكن التعددية الحزبية لا تجد رواجاً في الجو الخليجي».
وأضاف أن أداء الجمعيات السياسية ضعيف وغير جاذب للجمهور، إضافة إلى أن طبيعية الصراع السياسي في الدولة تغلب عليه المصالح الشخصية والطائفية، وهذا عامل غير مشجع للانخراط في الجمعيات السياسة.
وتابع: «أداء البرلمان ضعيف فلو كان أداء قوياً لرأينا المواطنين يشاركون بالجمعيات السياسية، إضافة إلى أن الحكومة بقوتها لا تترك مجالاً للجمعيات السياسية للعمل بحرية كما هو الحال في المجتمعات الأخرى».
وأشار إلى أن الجمعيات السياسية لا تلبي طموحات المواطنين، فالجمعية ضعيفة من الأساس، والوضع الطائفي معوق، لأن الأجندات الطائفية مقدمة في بعض الجمعيات على الأجندات الوطنية».
وزاد: «تراجعت الجمعيات في الوصول إلى البرلمان، وهناك بعض الدوائر هيمنت الجمعيات لأسباب دينية بفتاوى من هذا المرجع أو ذلك، فأصبح موضوع فوز المرشح تحصيل حاصل لكن ماذا يحقق بالبرلمان مسالة أخرى؟، فقوة الدولة بارزة وقد شجعت التصويت للمستقلين، ولا توجد دولة في العالم التي بها تعددية سياسية تشجع التصويت للمستقلين».
وحول أداء كتلة المنبر، قال جناحي: «أداؤنا كان جيداً في 2002 و2006، أداء كتلة المنبر نشط ولكن طموح شعب البحرين أكبر من ذلك، ونحن 7 نواب وسط 40 نائباً، وانعكاس أدائنا على شعب البحرين ناتج من أداء المجلس ككل..طرحنا أموراً ولم نحصل على الأغلبية اللازمة لتمريرها في المجلس وهي 21 صوتاً.. نأمل الاستفادة من التجربة وألا يكون الصوت الطائفي غالباً وتنائ الدولة عن دعم المستقلين، فوجود برلمان منتج دعاية طيبة للقيادة وإلى المواطنين.
أما رئيس جمعية ميثاق العمل الوطني أحمد جمعة قال: «لا شك أن عزوف المواطنين وخاصة الشباب منهم عن العمل من خلال الجمعيات السياسة أصبح ظاهرة، تعاني منها كل الجمعيات ومنذ فترة طويلة، ناقشنا وبحثنا في الجمعية هذه الظاهرة، ووجدنا لها أكثر من بعد».
وأكد أن هناك عوامل وأسباب ذاتية تتعلق بالجمعيات نفسها إلى جانب عوامل موضوعية تتعلق بواقع العمل السياسي في البلاد، لكن الأكثر بروزاً هو أن هناك دعاية وحملة منظمة ساهمت فيها أكثر من جهة عملت على التقليل من شأن الجمعيات السياسة بهدف إبعاد الجمعيات السياسية عن التأثير في الحراك السياسي».
وأضاف جمعة أن بعض المرشحين المستقلين عمدوا أثناء الحملات الانتخابية إلى تشويه سمعة الجمعيات بهدف إفساح المجال لهم، حيث رأينا نتيجة خروج الجمعيات من برلمان 2014 ما هو مستوى المجلس.
وزاد «صحيح أن الجمعيات خلال الدورات السابقة لم تكن بتلك الصورة المطلوبة ولم يكن الأداء المثالي لكن على الأقل كان هناك عمل وحراك ولم يقتصر الأمر على الخناقات الداخلية».
وأوضح أن المواطن نفسه لو كان مهتماً بالشأن السياسي وانضم إلى الجمعيات وعمل من خلالها وفرض نفسه داخلها لكان هو الفاعل الحقيقي داخل الجمعيات.. المشكلة أن المواطن البحريني غير معني بالشأن السياسي من خلال العمل المؤسسي أو كما يقال العمل الحزبي، وهذه ظاهرة لا بد من دراستها مع أنها لا تلغي أن الجمعيات ذاتها مسؤولة بدرجة كبيرة عن نشوء هذه الظاهرة».
وأردف «هناك جفاء في العمل التطوعي وهناك أيضاً قلة وعي في دور المواطن السياسي، بالإضافة إلى أن كثيراً من المسؤولين للأسف في الجمعيات السياسة معنيون بالزعامات السياسية أكثر من عنايتهم بالمواطن وهذا واضح في كثير من الممارسات وخاص في الجمعيات ذات الصبغة الدينية، فحتى تستطيع الجمعيات أن تعيد ثقة المواطن فيها عليها بتغيير خطابها وتوجهاتها لتكون أقرب لهموم المواطن، كما إن المواطن مطالب بتفعيل حقه السياسي في ممارسة دوره في الحراك السياسي العام.
وقال الأكاديمي أحمد العبيدلي إن «عزوف المواطنين له عدة أسباب أحدها عدم التواصل مع الناس من قبل الجمعية، فالتواصل مفقود رغم هذه التكنولوجيا الموجودة».
وأضاف: «في الدول الأخرى يوجد مجال للتواصل في القرارات المهمة، جمعياتنا لا تسمع الرأي، ولا يؤخذ رأي الأعضاء في الأمور المصيرية وغيرها مفقود».
وزاد بالقول «الجمعيات لا تمثل المطلب الحقيقي الحياتي، ماذا كان دور الجمعيات حين طرح موضوع تغيير معايير التقاعد؟ كما أن صعوبة الحياة في البحرين من الناحية المعيشية سبب آخر، فكل له همومه، وغير متفـــرغ للجمعيـــات السياسية».
وتابع: «تختفي الجمعيات بعد شهرين من الانتخابات، فمن يحاسب النواب، المواطن يرى أن الجمعيات أصبحت بعيدة عن الواقع وليس لها أي دور.. الوسطية لم تكن موجودة، ولذلك تأزمت الطائفية جمعياتنا السياسية بحاجة إلى تغيير، فالجمعيات السياسية رافد من روافد العمل الوطني، وهي جمعيات فاعلة وقادرة ولكن وصولها للمواطن به خلل وبحاجة.