واشنطن - (رويترز): في الساعات التالية لإطلاق مسلح النار على 12 شرطياً في دالاس وقتله 5 منهم ألغى كل من المرشح الجمهوري المفترض في انتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون فعاليات في حملاتهما فجأة وخيم الصمت على حسابيهما على تويتر.
وشكل إطلاق النار حدثاً جللاً جديداً في الموسم السياسي لعام 2016 الذي شهد تخبطاً من كلينتون وترامب لتحديد رد الفعل المناسب على هجمات إرهابية في الخارج وإطلاق نار جماعي في الداخل وعلى احتجاجات على قتل أفراد من الشرطة لأمريكيين من أصل أفريقي.
وتظهر استطلاعات الرأي أن أحداث العنف التي صورتها الهواتف الذكية وبثتها المحطات الإخبارية التلفزيونية مراراً أذكت مخاوف الأمريكيين بشأن سلامتهم. وأعاد ذلك إلى الأذهان ذكريات عام 1968 عندما اغتيل زعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج والمرشح الرئاسي الديمقراطي روبرت كيندي في فترة مضطربة شهدت احتجاجات على حرب فيتنام والتفرقة العنصرية.
وقال المؤرخ دوجلاس برينكلي «نشهد أحداث عنف شرسة باستخدام الأسلحة النارية واستقطاباً في السياسة وفي المشهد العام، كل 48 ساعة تقع أحداث مروعة تهز وجداننا وتزلزله وتأخذنا لبعد جديد».
وتاريخياً تميل فترات الغموض والاضطرابات إلى التأثير على الخيارات السياسية بإقصاء الحزب المتولي السلطة عن موقعه مثلما حدث عندما تغلب الجمهوري رونالد ريجان على الديمقراطي جيمي كارتر في 1980 خلال أزمة الرهائن في إيران وحين تغلب الديمقراطي باراك أوباما على الجمهوري جون ماكين في 2008 أثناء الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة.
لكن الأمر قد لا يكون كذلك بالنسبة لترامب الذي لم يقنع بعد أغلبية الأمريكيين أنه سيقود دفة البلاد بحكمة.
ورد فعل ترامب المبدئي على أحداث دالاس يشير إلى أنه يدرك المخاطر. فقد أصدر بياناً رصيناً يتحدث عن ضرورة الوحدة بين الأمريكيين على خلاف الكثير من تصريحاته العلنية التي عادة ما يرى فيها منتقدوه مبالغة أو تحريضاً.
وقال ترامب «أمتنا أصبحت منقسمة بقوة، الكثير من الأمريكيين يشعرون أنهم فقدوا الأمل، الجريمة تضر بكثير من المواطنين، التوترات العرقية تتفاقم ولا تتحسن، هذا ليس الحلم الأمريكي الذي نريده جميعا لأبنائنا».
وأضاف «هذا وقت القيادة القوية والحب والتعاطف ربما أكثر من أي وقت مضى، سنتخطى هذه المآسي».
ومع تصدر العلاقات العرقية لقائمة القضايا محل الاهتمام على الساحة الأمريكية قال نيوت جينجريتش رئيس مجلس النواب السابق والمرشح البارز لمنصب نائب الرئيس على قائمة ترامب في حديث لقناة «فوكس نيوز» إن ترامب ونائبه يمكنهما اكتساب مزيد من الشعبية من خلال زيارة المدن التي يعيش فيها الكثير من الأمريكيين من أصل أفريقي.
أما كلينتون فقد دعت بعد نوبات العنف المسلح إلى فرض المزيد من القواعد على قطاع السلاح وأيدت حركة «بلاك لايفز ماتر» أو «حياة السود مهمة» التي أطلقت حملات ضد العنف الذي يتعرض له الأمريكيون من ذوي الأصول الأفريقية.
وفي سلسلة من المقابلات التلفزيونية قالت كلينتون إنها عملت طوال حياتها على محاولة تخطي الانقسام العرقي. وجاءت تصريحاتها بعد أن أطلقت الشرطة النار على رجلين من السود في واقعتين منفصلتين في لويزيانا ومينيسوتا. وقال المسلح في واقعة دالاس للشرطة إنه كان غاضباً من تلك الأحداث.
وقالت كلينتون لمحطة «سي إن إن» «سأدعو البيض مثلي لوضع أنفسهم مكان الأسر الأمريكية من أصل أفريقي، التي تخاف في كل مرة يخرج فيها أبناؤها. سأتحدث عن البيض».
وقال باد جاكسون الخبير الاستراتيجي الديمقراطي إن كلينتون تلعب على الوتر الصحيح.
وأضاف «لا أعتقد أن هذه قضية تحتاج كلينتون أن تستغلها، سيضرها على الأرجح أن يسود اعتقاد بأنها تستغل تلك القضية لصالحها».
لكن المطالبة بالتغيير تنتشر بين الناخبين. فوفقاً لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة «إبسوس» بالتعاون مع «رويترز» خلال الأسابيع الخمسة الأخيرة يشعر ما يقرب من ثلثي الأمريكيين بأن البلاد على المسار الخطأ بما يعكس عدم ارتياحهم العام بشأن الأوضاع الاقتصادية والتهديدات الإرهابية والعنف.
وقال المؤرخ الرئاسي توماس آلان شوارتز إن التحدي الذي تواجهه كلينتون «هو إظهار قدرتها على التعامل مع هذه القضايا وأنها ستأتي بالتغيير ولن تسير على نفس نهج الآخرين».
وقال ترامب إن فوز كلينتون في انتخابات 8 نوفمبر المقبل سيكون أشبه بحصول أوباما على ولاية ثالثة. وأيدت كلينتون الكثير من سياسات أوباما - منافسها السابق في الانتخابات الرئاسية عام 2008 - كما شاركها في حملتها الأسبوع الماضي.
وقال لانهي تشن الذي عمل مستشاراً للمرشح الجمهوري ميت رومني في 2012 والمرشح ماركو روبيو هذا العام إن إجراء المزيد من الحوارات المتحضرة في السياسة الأمريكية سيساعد على تهدئة مخاوف المواطنين.