كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري:
حفل الإصدار (26) عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت الشقيقة بندوة عن الفنان الراحل عوض دوخي بعنوان «صوت السهارى.. عوض دوخي» حاضر فيها د. فهد الفرس ود. يوسف الرشيد. وعبر الكتيب -الذي ضم 147 صفحة- نتعرف على تاريخ ونشأة دوخي وأبرز محطات حياته وأقوال معاصريه ومحبيه.
عوض فرحان بن محمد بن فرحان دوخي الدوسري له من الإخوة خمسة إخوة وثلاثة أخوات والده متزوج من أربع نساء، شقيقه هو الفنان د. يوسف الدوخي، أخوه الأكبر هو عبد اللطيف الدوخي وهو من تعلم على يديه أصول العزف على العود، وله من الإخوة أيضاً دوخي ومحمد وخليفة هو من حببه في ركوب البحر وعرف عن عوض دوخي طيبة قلبه وبكائه عند سماع القرآن وعطفه على الفقراء وتربطه صداقة بالشيخ جابر العلي وأيضاً الفنان عبد الحليم حافظ والشيخ الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة، وقد تزوج الفنان عوض دوخي عام 56 وأثمر الزواج عن خمسة أولاد وبنت.
يتيم منذ الخامسة
توفي والد عوض وهو في عمر الخامسة، وتلقى دروسه الأولى عند الملا بلال والملا زكريا حيث تعلم أصول القراءة والكتابة والقرآن الكريم، وبعد ذلك انتقل إلى مدرسة النجاح ودرس معه في تلك المرحلة شقيقة يوسف الدوخي ، لعوض العديد من الأعمال الغنائية وقد سجل لإذاعة الكويت ما يقارب 197 أغنية، فيما بلغت الأغاني التي سجلها لإذاعة البحرين 175 أغنية ما يدل على حبه وتعلقه وتردده الدائم على أهله ومحبيه في البحرين. ما بين العامين 1945 و1946 التقى بالفنان أحمد الزنجباري، والذي كان منزله ملتقى للفنانين والمهتمين بالفن، حيث تعلم منه الكثير من أسرار العزف على آلة العود والمقامات الموسيقية، وذلك لكون الفنان الزنجباري لديه إلمام بالقوالب الغنائية القديمة والمقامات الموسيقية حيث يذكر الفنان عوض في أحد لقاءاته أنه تعلم منه الكثير.
مسيرته الغنائية
عندما كان عوض في عمر الثانية عشر بدأت خطواته الأولى مع الغناء حيث كان يؤدي أغاني المطرب محمد بن فارس ، فقد تأثر بالمطرب محمد بن فارس لدرجه كبيرة وكذلك زميله ضاحي بن وليد الذين تميزا بغناء الصوت كلاً على طريقته وأسلوبه الخاص به، فأخذ منهما أساليب الأداء في غناء الأصوات البحرينية، حتى إنه قال «بعد رحيل محمد بن فارس وضاحي بن وليد ومن بعدهم محمد زويد لم يكن للصوت في البحرين من يحافظ على بقائه»، كذلك كان يقلد أصوات مقرئي القرآن مثل العراقي محمود عبد الوهاب، وعندما بلغ الرابعة عشر من عمره انتقل مع والدته إلى فريج الشيوخ، والتقى هناك بأحد أفراد عائلة الخليفة وهو سلطان أحمد الذي كان يعزف على العود، وكانوا يلتقون بجلسات فنية كل يوم اثنين واشتركوا بشراء العود، وقد تمكن من عزف يا حبيبي من كثر جفاك للموسيقار محمد عبدالوهاب، وفي نفس المرحلة من العمر سافر مع عبد الرحمن بن عثمان وعمل تباباً (يطرب البحارة في الغوص)، وتوالت سفراته حتى عام 1948، وقد طلب منه النوخذة يوسف بن يعقوب السفر معه كبحار، وقال له بأنه ليس بحاراً بل مطرباً وأسمعه أغنية «يا غصين البان».
نهام السفينة
بدأ عوض حياته الفنية العام 1941 عندما كان يعمل نهاماً على ظهر سفن الغوص، وظهر بالإذاعة العام 1958، وكانت الفنانة عوده المهنا هي من قدمته للإذاعة، وكانت أغنية:
«يا من هواه أعزه وأذلني»
كيف السبيل إلى وصالك دلني
أنت الذي حلفتني وحلفت لي
وحلفت أنك لا تخون وخنتني
والأغنية قصيدة للشاعر سعيد بن أحمد بن سعيد البوسعيدي لحنها له شقيقه يوسف دوخي وبعد أن قدم هذا الصوت في إذاعة الكويت بدأت شهرته وانطلق إعلامياً حيث كان في السابق معروفاً على مستوى الجلسات الخاصة وعند الأصدقاء وقدم بعد ذلك العديد من الألحان الجميلة مثل طال الصدود، كما سجل آنذاك بعض الأصوات البحرينية التي غناها محمد بن فارس مثل مال غصن الذهب وقد تأثر كثيراً بهذا الفنان الكبير ويشير المطرب المعتزل حمد خليفة في لقاء أجرته جريدة الرأي العام في عددها الصادر في 27 يونيو 1997 أن عبدالرحمن بن فارس آل خليفة ابن عم المطرب محمد بن فارس هو الذي علم ولقن عوض دوخي طريقة محمد بن فارس في غناء الأصوات وقد عرف عوض دوخي بفطنته وذكائه واستطاع أن يقلد ويؤدي الصوت بطريقة محمد بن فارس نفسها ، وبالفعل أجاد الأداء، ويؤكد د فهد الفرس في مقال له نشرته القبس في 17 ديسمبر 1997 أن عوض دوخي استطاع بموهبته الفنية أن يستفيد من طريقة أداء وعزف محمد بن فارس واتبع طريقته نفسها وهي استعمال مرواس واحد أو اثنين فقط وكمنجة واحدة وقانون لكي يوصل للمستمع ما يغني حتى لا يضيع جمال الكلمة واللحن وبهذا التأثير حاز عوض دوخي إعجاب الكثيرين واشتهر بنجاحه في أداء الأصوات البحرينية.
تنوع في الأداء
لم يقتصر عوض دوخي على لون واحد من الغناء لكنه غنى العديد من الألوان الموسيقية مثل أغاني الصوت والبحر والنهمة والأغاني العاطفية وفن الطنبورة والأغاني الوطنية، وكانت أول أغنية وطنية سجلها «الفجر نور يا سلام» في الستينات من القرن العشرين التي وأذيعت يوم إعلان استقلال الكويت في 19 يونيو 1961 ، كما إنه غنى هاتين الأعنيتين «وسط القلوب يا كويتنا» اللتين ظلتا تقدمان من الإذاعة بشكل شبه يومي لمدة أربع سنوات بناء على طلب الشيخ عبد الله السالم الصباح، وله أيضاً «أبدي باسمك يا كويت» و«رايات الفرح» و«عادت الأفراح» و«قصر دسمان»، وقد غنى أغنية عن الشيخ عبدالله السالم الصباح وهي «عبد الله السالم أميرنا».
تأثره بأم كلثوم
عوض الدوخي الذي أشعل الساحات الفنية في زمن مضى وغنى لأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب أغانٍ عديدة وخلجن هذه الأغاني المصرية التي اقتنعت أم كلثوم بصوته حيث قالت عنه لم يشوه أغانيي بل قدمها بخليجيته ولم يكن مقلداً لي في كل أعمالي، ومن العلامات البارزة في حياة هذا الفنان تأثره الشديد بالراحلة أم كلثوم حيث غنى لها أنا في انتظارك وعودت عيني والأمل وشمس الأصيل وحسيبك للزمن وغيرها إلى جانب إلمامه بغناء عدد من الكبار أمثال محمد عبدالوهاب فتحية أحمد زكريا أحمد وسواهم. وتحسب لعوض الدوخي أنه أول من غنى في استقلال الكويت وأول من قام بخلجنة الأغاني العربية لكوكب الشرق أم كلثوم حتى أطلق عليه الكتاب الكبار كلثوم الخليج، كما إنه سجل العديد من الأغاني للتلفزيون والتي غنى فيها لكوكب الشرق الذي كان متيماً بها إلى درجة جنونية.
كما إن الراحل عوض دوخي هو أول من أدخل الكورس النسائي على الصوت العربي في أغنية « قل للمليحة في الخمار الأحمر» كما إنه غنى لأحمد الزنجباري إحدى أجمل أغانيه «ألا يا صبا نجد» من كلمات قيس بن الملوح التي يقول في مطلعها:
«ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد
لقد زادني مسراك وجداً على وجد
سقى الله نجدا والمقيم بأرضها
سحاباً طوالاً خاليات من الرعد»
أغنيات خالدة
عوض دوخي قدم للأغنية الكويتية عشرات الأعمال الرائعة التي مازال الجمهور يرددها حتى الآن وإذا كانت أغنية صوت السهارى هي إحدى أعماله التي مازالت تعيش معنا فإن هناك أعمالاً أخرى مازالت في الذاكرة ولعل أغنية رد قلبي أحدها حيث جمال الكلمة وصدق التعبير الأغنية من كلمات وألحان يوسف دوخي وتقول كلماتها:
«لا تخاصمني يا آسرني في هواك
نظرة وحدة تكفي عن طولة جفاك
أنا أشقى وأنت ما تدري بعذابي
رد قلبي لا تخاصمني
مرة شفتك في حياتي وابتليت
مرة ثانية في الخيال شفتك بكيت
من دموعي زهرة العمر جنيت
وأنت مشغول بدلالك ما دريت»
وقدم أيضاً جملة من الأعمال الفنية وحصل على شهادات تقدير وأوسمة والكثير من الدروع من مختلف أنحاء الوطن العربي كذلك غنى من كلمات محمد الفايز «كنت لي»، كما تعاون مع العديد من الكتاب مثل خالد العياف يوسف ناصر عبدالمحسن الرفاعي، وغنى من كلمات سلمان الظفيري «إشاعة».
المغني الملحن
ولم تقتصر ألحان عوض دوخي على الأعمال التي غناها وحسب بل لحن لعدد من المطربين مثل فرج الفرج وديع الصافي وسواهما.
ويقول خالد الزايد عن عوض دوخي لقد كان الفنان الكبير عوض دوخي قدوة فنية يحتذى بها في كل شيء كنا نقتدي به في أعمالنا وقد عرفناه قد عايش كل الألوان عن قرب وهو أحد أعمدة الصوت في الكويت وغنى أيضاً من ألحان نجيب رزق الله ورضا غنيمة وأحمد باقر وكمال الطويل ومرسي الحريري وسعيد البنا إلى جانب ألحان يوسف دوخي.
ويقول د فهد الفرس الفنان عوض دوخي أحد المبدعين والرواد في مجال الغناء والتلحين وله بصمة واضحة في تاريخ الأغنية الكويتية فنان مخضرم عاصر الغناء الكويتي القديم والحديث تأقلم مع التطور فأظهر لنا أعذب وأرق الألحان الكويتية في الستينات فنان عشق التراث وغناه بطريقته وأسلوبه فأضاف إليه القيمة الفنية فنان مجدد أدخل أساليب حديثة من حيث المقدمة والجملة اللحنية.
أقوال في دوخي
أم كلثوم قالت عنه لم يشوه أغانيي بل قدمها بخليجيته ولم يكن مقلداً لي في كل أعمالي، أما الموسيقار عبدالوهاب فقال عنه عندما أستمع لعوض الدوخي فإنني أتخيل كأنني أسبح في مياه الخليج الدافئة.
وتقول الفنانة عودة المهنا في عوض دوخي أنا أحب فن وأغاني عوض دوخي فهو فنان أصيل مرتبط بتناوله أغاني فيها روح الأصالة والتراث ولهذا فنحن ننتظر سماع فنه وأغانيه، أما بدر الجويهل فيقول عن عوض دوخي «إنه فنان كبير وله مكانة كبيرة في الغناء الكويتي وأذكر أنه قام بغناء أغنية الفجر نور بعد أن قال حمد المؤمن ليوسف دوخي إن الكويت سوف يعلن استقلالها فقام بتأليف الأغنية وبتلحينها فوراً وغناها عوض دوخي وقد أحبها الشيخ عبد الله السالم كثيراً، ويقول عنه د بندر عبيد الفنان الراحل عوض دوخي شمعة من شموع الفن الكويتي التي مازالت تضيء سماءه حيث يكشف للمستمعين في أغانيه وصوته وترنيماته وأحاسيسه الجميلة المعبرة عن الأصالة الفنية الكويتية ويذكرنا بالتاريخ العريق لأبنائنا وأجدادنا أيام الغوص والسفر والترحال وشقاء الحياة، ويقول د فهد الفرس الفنان عوض دوخي أحد المبدعين والرواد في مجال الغناء والتلحين وله بصمة واضحة في تاريخ الأغنية الكويتية فنان مخضرم عاصر الغناء الكويتي القديم والحديث تأقلم مع التطور فأظهر لنا أعذب وأرق الألحان الكويتية في الستينات فنان عشق التراث وغناه بطريقته وأسلوبه فأضاف إليه القيمة الفنية فنان مجدد أدخل أساليب حديثة من حيث المقدمة والجملة اللحنية، أما سعيد البنا فيقول هو فنان مرهف الحس وصوته جميل كما إن عزفه على العود رائع لكنه مزاجي وعندما نعمل بروفات للحن فجأة يتوقف ويقول كفاية وكما تعلم فإنه كان يعشق أم كلثوم لذلك كان الملحن نجيب رزق الله يلحن له أغاني قريبة في الجو العام من ألحان أم كلثوم وكان يجلس مع السنباطي عندما يسافر إلى مصر، أما سعود الراشد فيقول يكفي فخراً لعوض دوخي أغنية صوت السهارى كما إنه الفنان الكبير الذي لا يقارن بالآخرين من أبناء جيله.
رحلة المرض
دخل الفنان الكبير عوض دوخي مرحلة المرض والمعاناة يوليو 1974 عندما ألمت به وعكة صحية اضطر معها إلى ملازمة الفراش في مستشفى الصباح لكن حالته الصحية تحسنت لفترة بسيطة ثم عاودته الآلام الشديدة وتدهورت حالته وتقرر علاجه في لندن وقد تكررت بعد ذلك رحلاته للعلاج فقد رافقه في الرحلة الثانية بدر بورسلي وعاد إلى الكويت 8 نوفمبر 1974 بعد علاج طويل في لندن استمر لشهور موفداً بأمر من حضرة صاحب السمو أمير البلاد وكانت مجموعة من الفنانين والمعجبين والمحبين في انتظار عودته ، وبعد أن منّ الله عليه بالشفاء عاد مرة أخرى إلى مزاولة فنه وعاد إلى عشاق فنه الرفيع إذ إن الراحل لم يفكر قط في ترك الفن والغناء حتى وهو في قمة الألم وقدم بعد رحلة العلاج ثلاث أغنيات وهي إشاعة كلمات سلمان الظفيري وألحان عوض دوخي وعاكسني الهوى كلمات عبدالعزيز البصري وألحان عوض دوخي وصوت يا جزيل العطا من كلمات أحمد الآسي وألحان محمد فارس.
وبتوجيه من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الإعلام آنذاك الشيخ جابر العلي سجل تلفزيون الكويت سهرة مع الفنان عوض دوخي مدتها ثلاث ساعات اشترك فيها معه محمود الكويتي فرقة الفنطاس فرقة عودة المهنا وقدمها رضا الفيلي وأخرجها فيصل الضاحي.
الكويت تودع عوض
في 26 نوفمبر 1979 كانت جموع الفنانين من شتى المجالات ومئات الجماهير والمواطنين تنتظر عودة «أبو فهمي» من رحلة العلاج وبعد قرابة الشهر وتحديداً في 17 ديسمبر 1979 ودعت الكويت الفنان عوض دوخي حيث اشتد عليه المرض وقد شيعت جنازته في ذلك اليوم وسارت الجموع وهي تحمل نعشه إلى مثواه الأخير حيث قدم هذا الفنان وطوال ثلاثين عاماً رصيداً كبيراً من الأغاني وأثرى المكتبة بأعماله الرائعة، فقد رحل الفنان عوض الدوخي عن عمر يناهز الخامسة والأربعين عاماً وافتقد الجميع هذا الفنان الذي شيعه مئات الفنانين والمحبين من الخليج والعالم العربي.
وقبيل رحيله قال شقيقه د.يوسف دوخي كان أخي يعيش مرحلة صعبة قاربت الموت فقد كان يقول كلمات غير مفهومة وكان يشعر أنه سيموت لا محالة وهذا الإحساس نقله إلى أخته وكأنه يريد أن يقول شيئاً ويعتبر صوت «جزيل العطاء» من كلمات أحمد الآسي ومن ألحان محمد بن فارس من أجمل ما غنى ويقول مطلعه:
«يا جزيل العطا نسألك حسن الختام
فرج الهم واكشف مضيقه
واجعل المصطفى شافعي يوم الزحام
يوم يفر الشقيق من شقيقه»
ذكرياته في البحرين
يقول عن ذكريات عوض في البحرين الشاعر الراحل أحمد محمد آل خليفة «رحمك الله يا عوض الدوخي فقد كنت فناناً لم يجد الزمان بمثله كان وفياً رحمة الله عليه توفي العام 1979 تولع معانا ولع»وكنا نتبادل المحبة والاحترام، ويتذكر رحنا الكويت سنة 1977 وكانت الكويت من الجو خضراء الربيع عندكم يا سلام وكان في استقبالنا في المطار الإخوان منهم رحمة الله عليه الشيخ عبدالله الناصر ، كنا في ضيافته لمدة ثلاثة أيام وبعدين رحنا معاه العراق في ذلك الوقت كان السفر لها عادياً وكان له خيام لأنه كان يمارس هواية صيد الصقور والحباري وأشياء أخرى وأتذكر كان الفقع في العراق يباع في خيشة كبيرة في سيارات متجولة وبسعر ثمانية دنانير أخذنا نشتري الخيشة نأذ منها الحجم الكبير من الفقع ونترك الصغير وعندما عدنا للكويت قالوا إذا تبون زيادة تحصلون عليه من سوق الغنم والله « وجبنا» كميات منه.
أول زيارة للبحرين
أول زيارة لعوض للبحرين كانت في الستينات في الستين ثلاث وستين كنت أعرفه بالاصوات التي كان يغنيها.. حيث كان إبراهيم كانو مدير الإذاعة صديقي يعطيني الألحان الكويتية كلما ظهر لحن جديد العام 1961 حدثت ثورة فنية رائعة في الكويت بظهور شادي الخليج، غريد الشاطئ وكوكبة من الملحنين والمطربين، وفي الخمسينات كنا نسمع أغاني لعوض وحدة أو اثنتين في السنة كان عوض مولعاً بألحان محمد بن فارس رحمة الله عليه.
وفي يوم قالوا لي «عوض دوخي بالبحرين يبي يشوفك قلت ما يخالف أنا بروح السوق العصر أشوفه هناك، وعندما رحت سوق المضموم التقيت بالصديق إبراهيم كانو ومعاه رجل يلبس بشت و«ذرب» كان عوض الدوخي تسالمنا ورحنا وجلسنا في مقهى السلمانية عوض زارنا أربع مرات كلها في الستينات والسبعينات».
ويتذكر من سوالفه قال أنا عندي أسطوانة وكنا ندور أسطوانة «الحيران» قال عندي أسطوانة واحدة ووعدني بأن يعطيني نسخة منها، وفي الليل عزمته على العشاء مع إبراهيم كانو مدير الإذاعة، كانت الحفلة عندي حيث دق الألحان التي يعرفها الأصوات التي يدقها عوض كانت معروفة حيث إنه في ذلك الوقت لم تظهر له أغان خاصة عقب ما راح الكويت ظهرت له الأغاني والسامريات والأشياء العجيبة. دق «على دمع عيني» و «يا واحد الحسن» و «يا غصين البان» ، صارت بيني وبين عوض صداقة من الطراز الأول حتى عندما كنت أودعه كان «يصيح» ، ويقول يا ليت ما عرفتكم، رحمة الله عليه عندما يأتي إلى البحرين إما أن يأتي للإذاعة أو عندي وأنا أعرف مزاجه هو رجل غير اجتماعي وطبعه حاد أحياناً يطلب طبخه «المموّش». نطبخها له في البيت ونرسلها له في الفندق .
وبعد سنتين العام 1963 أنا أعرف التاريخ من سيارتي كانت سيارتي دودج 63 أول سيارة مكيفة كبيرة «فول أوتوماتيك» ،ثم جاء بعد ذلك العام 1966 تقريباً وكان عندي كذلك دودج وسكن في فندق «النخيل» وكان صاحبه من أهل البحرين وكنا نسمر عنده ويأتينا البيت.
عوض فنان لا يجود الزمان بمثله يعني تشوفه نسيجاً واحداً تلقاه نبيلاً وعطوفاً في أخلاقه ما يحب الناس (وايد). أخذناه إلى بستان مع بعض الإخوان في الرفاع فكان كل واحد يحضر معاه صديقه شاف اثنين إنجليز جالسين فقال إذا ما ظهروا «ما طق العود»، ما كان يحب الأجانب وبعدين «ظهرناهم)» لأننا نبي نستانس معاه كان يقعد بالأسبوع في البحرين، وكان في زياراته يتذكر ربعه ويسمر في أول زيارة له كان معاه نجم العميري وهو «مروس»من الطراز الأول ومن ثم بدر الجويهل.
سجل له إبراهيم كانو مدير إذاعة البحرين آنذاك صوتين «قال المعنى و«يا واحد الحسن»، بعد ذلك زارنا عندما مرض حتى إننا «جبنا» له الطبيب في الفندق وقد واعدناه على العشاء كنا نبيه لكن ما قدر، عوض أول ما غنى «مال غصن الذهب» سمعني إياها إبراهيم كانو أعطيته مجموعة من أسطوانات أغاني محمد بن فارس أنا عندي مكتبة فيها من كل نوع أسطوانتين أغاني محمد بن فارس عطيته اللي ما أقدر أكتبها له مفردات كان ما يعرف يلفظها وبعض الأصوات غير واضحة فصلحت له أشيا كثيرة.
في الجلسات الغنائية عندي كان يقعدوا معانا أهل الطرب، هو ما يروح عند أحد غيري. في آخر مرة أخذته «دار محمد بن حربان» وعند الشيخ دعيج علي الخليفة وعند يوسف بن رحمة رئيس الديوان الأميري كان يحب الفن ويذهب إلى الإذاعة.
وقد أعطيته قصيدة سامرية مطلعها يقول:
يا حبيب القلب طولت الغياب
ليش ما ترحم فؤاد المستصيب
كنت لي في طول عمري كالسراب
مو بعيداً ويتراوالي جريب
ومن شعراء البحرين غنى صوتين من تأليف المرحوم عتيق سعيد.