أكدت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري أن الاستراتيجية الوطنية لحماية المرأة من العنف الأسري تتميز بإفراد فصل خاص بالوقاية بمختلف أنواعها بقصد تقليل الكلفة المالية والبشرية التي تتحملها الدولة من خلال توفير خدمات الحماية والمعالجة وإعادة التأهيل والكلفة النفسية والمعنوية التي تتحملها الأسرة البحرينية والتي تمر بظروف عنف.
وشددت على أن المجلس مستمر بالعمل مع الشركاء المعنيين لتكون الاستراتيجية بمثابة السند التطبيقي للقانون رقم 17 لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري، الأداة الراصدة لممارسات تصنف تحت بند التعنيف الذي قد يمارس ضد المرأة في محيطها الأسري، من أجل تجويد الخدمات المقدمة من رعاية وتأهيل، وتنويع وسائل الحماية، وحصر وتثبيت الإحصائيات الواقعية لحالات العنف، وتوحيد مصادرها لتوفير أوجه المعالجة الصحيحة، كما وتتيح الاستراتيجية المجال لرصد ومتابعة تفاعل الرأي العام مع ظواهر العنف والتعمق في دراسة مسبباته وآثاره المكلفة.
وأشارت إلى أن المجلس الأعلى للمرأة يواصل جهوده بالتعاون مع العديد من المؤسسات المعنية باستقرار الأسرة وحمايتها لمتابعة تكامل التشريعات اللازمة لحماية المرأة من العنف، وتنفيذ برامج التوعية والتثقيف والتدريب، وتوفير بعض الخدمات الإرشادية والقضائية، وإنشاء قواعد البيانات، وإصدار الدراسات، جنباً إلى جنب مع ما يقدمه مركز دعم المرأة بالمجلس الأعلى للمرأة من خدمات نوعية تساند عمل المؤسسات الرسمية والأهلية في مجال التمكين الأسري والاقتصادي، والتي ستكون الاستراتيجية بمثابة الأداة التي سيتم من خلالها تجويد دور الأمانة العامة في مساندة ومتابعة جهود أجهزة الدولة في هذا المجال.
وأكدت أن حماية المرأة من العنف الأسري يتطلب التزاما جديّا من جميع المؤسسات الرسمية التشريعية والقضائية والتنفيذية، مع ضرورة التنسيق الكامل مع مؤسسات المجتمع المدني، وجددت في هذا السياق تأكيد المجلس الأعلى للمرأة على قيامه بمتابعة الخطوات الإجرائية لتفعيل هذه الاستراتيجية من خلال تشكيل فريق وطني معني بالقياس وبناء والتنفيذ يتضمن كافة الشركاء المعنيين في وضع الاستراتيجية وتنفيذها، وذلك لوضع الإجراءات والخطط التنفيذية للاستراتيجية، ومعاونة المجلس في متابعة التنفيذ بناء على مؤشرات القياس المرصودة والقابلة للقياس وميزانية تفي بمتطلبات العمل مع قطاعات واسعة في المجتمع.
وأوضحت أن الاستراتيجية ولدت نتيجة تضافر جهود فريق وطني عكف على صياغتها طيلة عام كامل، وشارك فيها جهات رسمية وخاصة وأهلية مختلفة، وضم هذا الفريق على وجه الخصوص الاتحاد النسائي البحريني ممثلاً عن الجمعيات المنضوية تحت مظلته، وممثلين عن المراكز الأهلية التي تختص بالحماية من العنف، وعدد من الخبراء المختصين في المجال الشرعي والاجتماعي والنفسي، وغيرهم من الجهات الساعية لتحقيق استقرار أسري واقعي يمتد إلى المجتمع ويحفظ أمنه وأمانه وتقدمه.
وقالت شكل العمل على صياغة هذه الاستراتيجية تجربة وطنية خالصة ونموذج نعتز به لقدرة الخبرة البحرينية، ومثال عملي يؤكد على التزام المجلس في تفعيل أوجه الشراكة المجتمعية والتعاون الفعلي مع كافة الجهات المعنية، وتقديره لكافة الخبرات والكفاءات الوطنية.
وأضافت أن الجهود تأتي متسقة أيضاً مع روح ميثاق العمل الوطني، ودستور البحرين الذي تنص المادة الخامسة منه على أن «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها الشرعي، ويقوي أواصرها وقيمها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة، ويرعى النشء، ويحميه من الاستغلال، ويقيه من الإهمال الأدبي والجسمي والروحاني»، فيما نصت المادة «18» على أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة»، كما تأتي هذه الجهود أيضاً متسقة مع التزامات مملكة البحرين الدولية ذات الصلة، ومن بينها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «السيداو» التي انضمت إليها البحرين بتاريخ 2 مارس 2002.
وأوضحت أن توجه المجلس الأعلى للمرأة نحو وضع وإعداد استراتيجية تختص بالوقاية من العنف الأسري وحماية المرأة منه وبالتالي الأطفال يأتي امتدادا لمحور «استقرار الأسرة» في الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية، ويعتمد رؤية قائمة على حفظ أمن المرأة الأسري من أجل مجتمع مستقر تتمتع به المرأة البحرينية بجميع حقوقها بما يعزز سلامتها الصحية والنفسية في إطار الترابط العائلي، ويضمن لها أداء دورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بشكل فعال وتنافسي.
ولفتت إلى أن استقرار الأسرة يشكل أحد مجالات عمل الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية، ويتناول هذا محور استقرار الأسرة العديد من الخطط والبرامج الموجهة لحماية المرأة من كافة أشكال العنف الأسري ومن بينها اتخاذ التدابير التشريعية والتنفيذية المتعلقة بالاستقرار الأسري والخدمات والاستشارات المقدمة واستمرار العمل على مراجعتها وتطويرها وتفعيلها، إلى جانب توحيد ربط مصادر المعرفة المتعلقة بالنواحي الأسرية مع التركيز على العنف الأسري، والتكامل مع الجهات المعنية في تنفيذ برامج التوعية والتدريب فيما يتعلق بالعنف الأسري.
وتتخلص رؤية الاستراتيجية الوطنية لحماية المرأة من العنف في «امرأة آمنة و مجتمع مستقر»، أما رسالتها فتنص على «نحو مجتمع آمن ومستقر تتمتع فيه المرأة بجميع حقوقها بما يعزز سلامتها الصحية والنفسية في إطار الترابط العائلي، ويضمن لها أداء دورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بشكل فعال وتنافسي».
وتضمنت وثيقة حماية المرأة من العنف الأسري ستة أهداف استراتيجية، الهدف الأول هو «الوقاية»، وتعمل على الوقاية الأولية من العنف الأسري قبل حدوثه، والوقاية الثانوية من العنف الأسري عبر التصدي لعوامل الخطورة، وجاء الهدف الثاني تحت بند الحماية والخدمات ويتضمن التكفل بضحايا العنف الأسري وتقديم الخدمات المؤسسية الشاملة، فيما يتعلق الهدف الثالث بالتشريعات والقوانين ويتضمن متابعة تنفيذ القانون رقم 17 لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري وتقييم دوره في حماية المرأة لضمان انسجامها مع روح الدستور، والاتفاقيات الدولية المناهضة للعنف القائم على أساس النوع.
فيما جاء الهدف الرابع حول التوعية والدعم الإعلامي من خلال تنفيذ البرامج التوعوية بمبادئ الوقاية والحماية والخدمات من خلال تعزيز الدور الإعلامي عبر نشر ثقافة حماية المرأة من العنف الأسري واستثمار وسائل التواصل الاجتماعي في نشر هذه الثقافة، ويتمحور الهدف الخامس الخاص بالدراسات والبحوث بإجراء دراسات عملية رصينة حول العنف الأسري وإنشاء قاعدة بيانات خاصة برصد هذه الحالات، فيما يختص الهدف السادس «بالتقييم والمتابعة» من خلال وضع آلية واضحة لتقييم خدمات الوقاية والتصدي للعنف ضد المرأة.